بكين- في مؤتمر صحفي لمجلس الأمن حول العراق أمس الجمعة، قال غينغ شوانغ نائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة إن بكين تشعر بالقلق تجاه التأثير المحتمل للتطورات الأخيرة في سوريا على العراق، وتدعم حكومته المركزية وحكومة إقليم كردستان في مواصلتهما تعزيز الحوار والتشاور بشأن القضايا العالقة والبحث عن حلول مستدامة.

ونشرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، أمس الجمعة، دعوة صينية رسمية لرعايا بكين في سوريا لمغادرتها في أقرب فرصة ممكنة، وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان -في مؤتمر صحفي في اليوم نفسه- أن بلاده تراقب عن كثب التطورات في سوريا وتأمل أن يستعيد البلد استقراره قريبا.

من جانبها، أصدرت السفارة الصينية في دمشق تذكيرا عاجلا قبل يومين نصحت فيه مواطنيها بالعودة أو مغادرة البلاد سريعا، واصفة الوضع الميداني لعملية "ردع العدوان" بـ"المتوتر وأنه يزداد تدهورا".

ظروف استثنائية

ويحذر دبلوماسيون صينيون من أنه "نظرا لهذه الظروف الاستثنائية، فقد يواجه المواطنون الصينيون الذي يصرون على السفر إلى المناطق المتضررة أو البقاء فيها مخاطر أمنية عالية للغاية، مما قد يؤثر أيضا على إمكانية تلقيهم أي عون".

كما نشرت الصحيفة ذاتها، اليوم السبت، مقالا لأليساندرو أردوينو، محاضر بمعهد لاو الصيني في كلية الملك بلندن، قال فيه إن "سقوط مدينة حلب بيد قوات الثوار السوريين سيكون له آثار بعيدة على إستراتيجية الصين في الشرق الأوسط".

إعلان

وأضاف "في حين قد تظهر الصين اهتماما هامشيا بنظام الرئيس بشار الأسد، فإن تداعيات الأزمة السورية ستمتد بلا شك إلى ما هو أبعد من المنطقة المحيطة بشكل مباشر، ورغم دعوة دمشق الشركات الصينية لريادة أعمال إعادة الإعمار في البلاد، فإن تجدد عدم الاستقرار يجعل أي مشاركة كبيرة من قبل هذه الشركات المملوكة من قبل الدولة غير مرجحة في المستقبل القريب".

لكن الكاتب لم يذهب في تحليله بعيدا إلى إمكانية أن يتواصل الدور الصيني في القيام بمشاريع عمرانية وتبادل تجاري مع سوريا إذا ما حصل فيها تغيير سياسي، خاصة أن المعارضة السورية تؤكد في خطابها على تطلعها لبناء علاقات خارجية بناءة وتعاونية.

ويضيف أن بكين كانت قد أظهرت في السابق دعمها للأسد عبر استضافته في مدينة هانغتشو أثناء موسم الألعاب الآسيوية العام الماضي، داعية إلى تسوية سياسية "بقيادة سورية ومملوكة لسوريا"، كما أعلن الرئيس شي جين بينغ والأسد عن شراكة إستراتيجية بين بلديهما.

مخاوف

وأشار أليساندرو إلى "مخاوف الصين من انتفاضة تشبه الربيع العربي ومن انضمام الإيغور -المسلمين من سكان إقليم شنغيانغ– إلى الجماعات الجهادية في سوريا". وتحدث عن "ارتباط الأهداف المباشرة لاستثمارات بكين بأهمية مينائي طرطوس واللاذقية، وقيمتهما الإستراتيجية بسبب قربهما من محطات الحاويات الرئيسية، التي تشكل جزءا لا يتجزأ من مبادرة الحزام والطريق الصينية".

وقال "تؤدي سوريا دورا مهما في إستراتيجية الصين لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، فهي تسعى إلى ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة. لكن تجدد أعمال العنف والتقدم السريع لقوات الثوار وضع توقعاتها على المحك وقد يوقف الطموحات الإقليمية على المدى القريب والبعيد".

وبشأن تعامل بكين مع التوسع الجغرافي للمعارضة السورية المسلحة، يقول كاتب المقال إنها تتبنى نهج "الانتظار والترقب" متسائلا عن أي تواصل صيني تركي في الشأن السوري. ويرى أن الوضع السوري "يسلط الضوء على معادلة العلاقة المتوترة بين سياسة عدم التدخل التي تنتهجها الصين وبين دورها المتزايد في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط".

إعلان

ويختم بالقول إن سقوط حلب يسلط الضوء على مدى نفوذ الصين بالمنطقة المعتمد أولا على القوة الاقتصادية، ويطرح تساؤلات عن توازنات تطلعاتها لقيادة دول عالم الجنوب عبر مجموعات مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، مع ترددها في اتخاذ إجراءات حاسمة. وإن تجدد الفوضى في سوريا ينال من التوازن الإقليمي الهش، كما يقدم المشهد في الشرق الأوسط تحديا لقدرة بكين على الانتقال من الدبلوماسية الرمزية إلى العملية.

ورغم أهمية سوريا من حيث الجغرافيا الاقتصادية والسكانية والتجارية، فإن للصين حضورا في مرافئ ومدن دول عربية وأفريقية وآسيوية أخرى عديدة. ويمكن أن تؤدي الأوضاع في سوريا إلى تعزيز اعتماد بكين وشركاتها بصورة أكبر على بدائل في دول أخرى بالمنطقة لبعض الوقت، سواء كان ذلك لشهور أو سنوات إذا ما تأثرت -فرضا- العلاقات الصينية السورية في الأشهر المقبلة.

الشريك الأكبر

وتشير الأرقام الرسمية المنشورة في صحيفة الشعب اليومية، في مايو/أيار الماضي، إلى أن الصين هي الشريك التجاري الأكبر للدول العربية اليوم، وقد لا يؤثر تراجع حضورها في سوريا -لفترة وجيزة- كثيرا على ذلك التواصل التجاري والاستثماري ككل مع الدول العربية.

وارتفعت قيمة التبادل التجاري من 36.7 مليار دولار في عام 2004، إلى 398 مليار دولار في عام 2023، وهو صعود بنسبة تجاوزت الـ800%، خلال عقدين من الزمن، وتجاوز حجم الاستثمارات المباشرة بين الصين والعالم العربي أكثر من 30 مليار دولار العام الماضي، حسب هذه الصحيفة الرسمية.

ونقلت وكالة شينخوا للأنباء الرسمية، عن الإدارة العامة للجمارك الصينية في تقرير لها بمايو/أيار الماضي، أن التبادل التجاري بين بكين والدول العربية مثّل 7% من تجارتها الخارجية مطلع هذا العام، وفي مقدمة تلك الدول قطر والعراق وعمان والإمارات ومصر والسعودية، وتمثل حصتها 84.8% من مجموع التبادل التجاري الصيني مع كل الدول العربية، وفق المصدر نفسه.

إعلان

وبينما تُصدّر بكين كل ما تنتجه مصانعها التقنية والكهربائية والاستهلاكية والمنزلية، فإن الدول العربية تمثل 38% من استهلاكها من مصادر الطاقة كالنفط والغاز حسب أرقام الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام.

وقبل بضعة أيام، أبرمت مؤسسة "قطر للطاقة" وشركة شل اتفاقا جديدا طويل الأمد يتم بموجبه تزويد الصين بـ3 ملايين طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال. وحسب بيان المؤسسة، فإن عمليات تسليم هذا الغاز تبدأ اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2025، وهو ما يسلط الضوء على النمو المستمر لسوق هذه المادة في الصين، والتي يتوقع لها أن تكون الأكبر في العالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی الشرق الأوسط الدول العربیة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

اتصالات النواب: إتفاقية البحث عن البترول خطوة إستراتيجية نحو تعزيز قطاع الطاقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكدت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن تعديل اتفاقية الالتزام في منطقة شرق الأبيض بالصحراء الغربية يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز قطاع الطاقة ودعم الاقتصاد المصري، فهذا التعديل يتوقع أن يحقق عائدًا ماليًا جيدًا للدولة، مما يسهم في تعزيز الموارد المالية ودعم الاقتصاد الوطني.

وأضافت "نائبة التنسيقية" خلال كلمتها بالجلسة العامة لمجلس النواب برئاسة المستشار دكتور حنفى جبالى  اليوم الأحد، خلال مناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول، وشركة ايوك برودكشن بي في، وشركة ابكس انترناشيونال اينرجي هولدنجزII، لتعديل اتفاقية الالتزام الصادرة بالقانون رقم 171 لسنة 2005، للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة شرق الأبيض بالصحراء الغربية، أن الإتفاقية تشجع على جذب استثمارات جديدة في قطاع البترول، مما يعزز أنشطة البحث والتنقيب عن النفط، ويدعم التنمية في هذا القطاع الحيوي. وإيمانًا بالتنمية المستدامة، فإن التعديل يلزم المقاول بالالتزام بالمعايير البيئية، مما يضمن تنفيذ العمليات البترولية بطريقة مسؤولة تحافظ على البيئة وتحد من التأثيرات السلبية.

وأشار"محروس": يشمل التعديل كذلك بندًا هامًا لتطوير مهارات الكوادر الوطنية، حيث يُلزم المقاول بتدريب موظفي الهيئة المصرية العامة للبترول، مما يسهم في بناء قدرات وطنية مؤهلة لمواكبة التطورات الحديثة في هذا المجال. إضافةً إلى ذلك، يعزز التعديل التعاون الدولي من خلال شراكات مع شركات بترولية عالمية، مما يتيح تبادل الخبرات والتقنيات الحديثة في مجالات البحث والاستكشاف.

أما على مستوى استدامة الطاقة، فإن التعديل يسهم في ضمان استدامة إمدادات الطاقة من خلال زيادة عمليات البحث والاستكشاف، مما يساعد على تلبية احتياجات السوق المحلي ودعم التنمية الاقتصادية. كما أن له دورًا محوريًا في تنمية منطقة الصحراء الغربية، حيث يعزز استغلال الموارد الطبيعية في منطقة شرق الأبيض، مما يساهم في تطوير البنية التحتية وخلق فرص عمل جديدة.

وأكدت "نائبة التنسيقية" على الأهمية الاستراتيجية لهذا التعديل، وأدعو زملائي أعضاء المجلس إلى دعمه، لما له من انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري وتعزيز قدراته في مجال الطاقة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.

وأوضحت "محروس" أن الإتفاقية تهدف إلى زيادة العائدات المالية للدولة يتوقع ان يحقق هذا التعديل عائدا ماليا جيدا للدولة المصرية مما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الموارد المالية، وتعزيز الاستثمارات في قطاع البترول يشجع التعديل على جذب استثمارات جديدة في مجال البحث والتنقيب عن البترول مما يعزز من نشاط هذا القطاع الحيوي

بالإضافة إلى  الالتزام بالمعايير البيئية يلزم التعديل المقاول باتباع النظم واللوائح البيئية المعمول بها مما يضمن تنفيذ العمليات البترولية بطريقة تحافظ على البيئة وتقلل من التأثيرات السلبية.

كما تعمل على  تطوير مهارات الكوادر الوطنية يتضمن التعديل بندا يلزم المقاول بتدريب موظفي الهيئة المصرية العامة للبترول وتنمية مهاراتهم مما يسهم في بناء قدرات الكوادر الوطنية في هذا المجال ,وتعزيز التعاون الدولي يعزز التعديل التعاون مع شركات بترولية دولية مما يتيح تبادل الخبرات والتقنيات الحديثة في مجال البحث والتنقيب عن البترول ,بالإضافة إلى تحقيق الاستدامة في قطاع الطاقة من خلال زيادة عمليات البحث والاستكشاف يسهم التعديل في تحقيق استدامة امدادات الطاقة وتلبية احتياجات السوق المحلي.

وتعمل أيضا على  تنمية منطقة الصحراء الغربية يسهم التعديل في تنمية منطقة شرق الابيض بالصحراء الغربية من خلال استغلال مواردها الطبيعية مما قد يؤدي الى تطوير البنية التحتية وخلق فرص عمل جديدة

وتابعت"محروس" أن هذه البنود تبرز الاهمية الاستراتيجية لتعديل اتفاقية الالتزام في منطقة شرق الابيض ودورها في دعم الاقتصاد المصري وتعزيز قدراته في مجال الطاقة فى ظل التحديات الاقتصادية الهامة والاستراتيچية.

مقالات مشابهة

  • كيف تؤدي إستراتيجية ترامب إلى توحيد المعارضين لأميركا؟
  • علوش لـ سانا: تعمل كوادرنا في جميع المنافذ الحدودية للجمهورية العربية السورية بأقصى جهدها لضمان تقديم أفضل الخدمات لأهلنا السوريين العائدين إلى وطنهم، وكذلك لضيوفنا من الأشقاء العرب والأجانب الراغبين بزيارة سوريا
  • كرد سوريا يرحبون بحذف الشرع لكلمة العربية من اسم الدولة
  • السفيرة ندى العجيزي: إطلاق خارطة طريق للتحول الرقمي المستدام 2025-2030 بالمنطقة العربية
  • العراق يستعد لاستئناف التبادل التجاري مع سوريا
  • الصحف العربية.. هبّة عربية وإسلامية ضد تطرف نتنياهو.. تعزيزات عسكرية على جانبي الحدود اللبنانية ـــ السورية
  • اتصالات النواب: إتفاقية البحث عن البترول خطوة إستراتيجية نحو تعزيز قطاع الطاقة
  • زعيم المعارضة التركية يتهم أردوغان بالتخلي عن فلسطين.. ما علاقة سوريا؟
  • أحمد موسى: سنشهد واحدة من أهم القمم العربية بسبب الظروف الطارئة بالمنطقة
  • بكين تندد بـ"الإكراه" الأمريكي بعد رفض بنما تجديد اتفاقية البنية التحتية