دار الإسلام: مسجد صممه معماري مصري في قلب نيو مكسيكو
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
على هضبة تلال في منطقة نائية من نيو مكسيكو، يبرز مسجد لامع مصنوع من الطين اللبن كمعلم مركزي لمجتمع إسلامي مخطط له تعود جذوره إلى نصف قرن مضى.
قد لا يكون منظر جبال روكي الجنوبية المنحدرة هو المكان الأكثر وضوحًا لوجود مسجد ومركز إسلامي، إذ يُشكل المسلمون أقل من 1% من سكان نيو مكسيكو الذين يبلغ عددهم 2.1 مليون نسمة، ولكن في عام 1979، أسس أمريكي اعتنق الإسلام هذا المجتمع، بمساعدة اثنين من الداعمين السعوديين، بالقرب من بلدة تاريخية نوبية تسمى أبيكيو، كان بنيامين فان هاتوم، وهو نجار هولندي يقوم بصنع ونحت الأبواب الرائعة ويعيش على فلسفة أن الأبواب يجب أن تظل مفتوحة، من بين أوائل المستوطنين الذين جاؤوا إلى هنا، برفقة زوجته رابعة،ومنزلهم الصغير بجانب النهر يحمل لافتات مثل "اصنع الشاي، لا الحرب" و"احذر من الأنا".
نقلًا عن موقع "THE NATIONAL"، صُمم المسجد الذي يقع في قلب المجتمع من قبل المعماري المصري حسن فتحي، الذي جلب حرفيين من إفريقيا لبناء مجمع على الطراز النوبي. وكان المشروع طموحًا: إذ كان يُتصور أن يضم المجتمع 1000 شخص يعيشون حول المسجد والمدرسة الدينية.
لكن هذا الحلم لم يستمر طويلًا. فبعد افتتاحه في عام 1982، واجه دار الإسلام أزمة تمويل في عام 1989. كان جزء كبير من التمويل للمركز التعليمي والمسجد يأتي من بنات الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود، ولكن بعد وفاته في عام 1982، انقطع التمويل. كان لابد من إغلاق المدرسة، وبيع أجزاء كبيرة من الأراضي التي تم الاستحواذ عليها للحفاظ على المسجد في وضع البقاء على قيد الحياة. غادر معظم المستوطنين الأوائل بعد أن فقدوا سبل عيشهم.
لكن عائلة فان هاتوم بقيت واستمرت في بناء مسجد أصغر بكثير بجانب منزلهم، استمر دار الإسلام في عمله، حيث كان ينظم غالبًا برامج تدريبية على اليقظة الذهنية، ورش عمل للمعلمين، وبرامج مشابهة التي تجذب الناس من جميع أنحاء أمريكا.
زيارة حديثة لدار الإسلامفي زيارة حديثة لدار الإسلام، بدأ الحديث لا محالة عن انتخاب دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق والمستقبلي، الذي بدأ في فترته الأولى ما يُعرف بـ "حظر المسلمين" الذي منع المهاجرين من عدة دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة.
تقول فاطمة فان هاتوم، ابنة بنيامين والباحثة التي تعمل على تاريخ المجتمع: "كنا مستعدين لفوزه لأن خطابه كان يبدو أنه يلقى صدى لدى الناخبين، ولكن ليس إلى الدرجة التي وصل إليها في النهاية."
العديد من العرب والمسلمين الأمريكيين الذين عادة ما يصوتون للحزب الديمقراطي لم يدعموا نائبة الرئيس كامالا هاريس هذا العام بسبب رفضها التحول عن دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل أثناء قصفها لغزة.
تقول فاطمة إن بعض العائلات في المجتمع تشعر بأنها في "مساحة فاصلة" - ما زالت تستوعب ما حدث للتو، وتقف بتردد على عتبة الإدارة الجديدة لترامب، منتظرة لترى ما إذا كان سيتبنى خطابًا معاديًا للمسلمين.
وقد دعم العديد من الأئمة والمسؤولين الأمريكيين المسلمين ترامب في الانتخابات، وهو قد عين حتى الآن اثنين من الأمريكيين العرب في إدارته، بما في ذلك رجل الأعمال اللبناني مسعد بولوس كمستشار للشرق الأوسط.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المسجد حسن فتحي المعمارى المصري دار الإسلام فی عام
إقرأ أيضاً:
أبو بكر سيسي... جريمة هزت عرش ديموقراطية فرنسا الهشة| تقرير
في مشهد صادم هزّ فرنسا، قُتل الشاب المسلم أبو بكر سيسي، البالغ من العمر عشرين عامًا، إثر تعرضه لطعنات غادرة داخل مسجد خديجة في بلدة "لاجرند كومب"، جنوب البلاد.
الجريمة التي وقعت يوم الجمعة 25 أبريل الماضي، لم تكن مجرد حادث فردي، بل تُجسّد تصاعد موجات الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، على خلفية مناخ سياسي وثقافي واجتماعي يزداد تطرفًا يوما بعد يوم.
على الرغم من إدانة الرئيس الفرنسي ووزير داخليته للجريمة، فإن المراقبين يرون أن ردود الفعل السياسية لم ترقَ إلى مستوى الاعتراف بطبيعة الجريمة كفعل إرهابي بدوافع عنصرية. توصيف الحادث كـ"جريمة فردية" أو مجرد "تطرّف" يتجاهل السياق الأوسع: تصاعد خطاب الإسلاموفوبيا في الإعلام والسياسة، وتنامي اليمين الشعبوي، وشيطنة الرموز الإسلامية في الفضاء العام.
يرى خبراء وباحثون في قضايا الفكر الإسلامي أن الجريمة تعبّر عن تحوّل التطرف الفكري إلى فعل عنيف منظم ضد المسلمين، ويجب أن تُصنف قانونيًا كعمل إرهابي، كما تُصنف أفعال أخرى ذات دوافع دينية أو عقائدية. الفارق أن هذا الإرهاب لا يأتي من "الآخر"، بل من داخل المجتمع الفرنسي ذاته، وتحديدًا من بيئة مشبعة بخطاب عدائي تجاه الإسلام.
ويُحمّل مراقبون السياسات الفرنسية مسؤولية جزئية في خلق بيئة مشجعة على مثل هذه الأفعال، من خلال تضييق الخناق على الرموز الدينية، وتجريم الحجاب في المدارس، وربط الإسلام بعدم التوافق مع "قيم الجمهورية".
في المقابل، برزت أصوات سياسية مثل زعيم حركة "فرنسا الأبية"، جان لوك ميلونشون، كمدافع عن حقوق المسلمين والمهاجرين. ميلونشون أدان الجريمة بشدة، ودعا إلى تظاهرة تندد بالإسلاموفوبيا، إلا أن وزير الداخلية هاجم الخطوة واعتبرها "استغلالًا سياسيًا"، مما أثار انتقادات واسعة.
هذا التوتر يكشف الصدع العميق داخل المشهد السياسي الفرنسي، بين قوى تؤمن بالتعددية الثقافية، وأخرى تقتات على الشعبوية والتخويف من الإسلام لتأمين مكاسب انتخابية قصيرة المدى.
تكشف الجريمة أيضًا أزمة الهوية العميقة التي تعاني منها الجمهورية الفرنسية، التي ما زالت تتعامل مع العلمانية بوصفها حاجزًا ضد الدين، لا إطارًا للتعايش. المسلمون الفرنسيون – أبناء هذا الوطن ثقافيًا وتعليميًا – ما زالوا يُنظر إليهم كـ"غرباء" بفعل تراث استعماري لم تُغلق جراحه بعد، وسياسات إقصائية عمّقت شعور التهميش لديهم.
تحذّر تقارير حقوقية وأكاديمية من أن الكراهية، عندما تُشرعن سياسيًا أو تُغذّى إعلاميًا، لا تبقى مجرد فكرة، بل تتحوّل إلى عنف مادي يستهدف حياة الأبرياء. حالة "أبو بكر سيسي" ليست استثناءً، بل واحدة من حلقات في سلسلة متنامية من العنف العنصري الذي بات يهدد السلم المجتمعي في فرنسا وأوروبا.