في حياة المسلم، يمر العديد من المواقف التي قد يشعر فيها بالخوف والرهبة من شخص ذي سلطة أو قوة، سواء كان ملكًا، حاكمًا، أو مسؤولًا قويًا. 
وقد يواجه الإنسان تحديات مع هؤلاء الأشخاص في مجالات مختلفة من الحياة، سواء في العمل أو السياسة أو حتى في مواقف حياتية عادية. وفي مثل هذه الحالات، يلجأ المسلم إلى التحصينات النبوية التي جاءت بها السنة الشريفة لرفع الخوف والقلق، وتأكيدًا على أن الحماية الحقيقية لا تكون إلا بتوفيق الله ورعايته.

 

التحصينات النبوية

من أبرز التحصينات النبوية في هذا المجال هو الذكر الذي ورد عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، الذي يعد من أروع الأدعية التي تُقال عند مواجهة السلطان المهيب أو المسؤول القوي، هذا الدعاء هو من التحصينات القوية التي يذكرها المسلم ليحمي نفسه من أي ضرر قد يتسبب به الشخص صاحب السلطان.

الحديث الشريف عن تحصين الخوف من ذي سلطان

قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما:
"إذا أتيت سلطانًا مهيبًا تخاف أن يسطو بك فقل: الله أكبر، الله أعز من خلقه جميعًا، الله أعز مما أخاف وأحذر، وأعوذ بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السماوات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه، من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه وأشياعه من الجن والإنس، اللهم كن جارا لي من شرهم، جل ثناؤك، وعز جارك، وتبارك اسمك، ولا إله غيرك."
ثم قال: "ثلاث مرات."

رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وقال محققاه: موقوف وإسناده صحيح. كما عزوه للطبراني في الكبير، وابن أبي شيبة، والحلية، وغيرهم.

شرح وتحليل الدعاء

هذا الدعاء النبوي يحتوي على العديد من الأبعاد الروحية التي تعزز الإيمان بالله وتعطي المسلم شعورًا بالأمان والطمأنينة. دعونا نتوقف عند بعض النقاط الرئيسية التي يشتمل عليها هذا الدعاء:

التأكيد على عظمة الله سبحانه وتعالى:


يبدأ الدعاء بتسبيح لله وتأكيد عظمته، حيث يُقال: "الله أكبر، الله أعز من خلقه جميعًا". هذا التصور يزيل من قلب المؤمن أي نوع من الخوف أو القلق من الأشخاص الذين يظنون أنهم يملكون قوة وسلطانًا. إذ يُذكِّره الدعاء بأن القوة الحقيقية بيد الله وحده، وهو أعظم من كل شيء وأعلى من أي مخلوق.

الاعتراف بأن الله هو صاحب السيطرة:


في الدعاء، يُؤكد المؤمن أن الله هو "الممسك السماوات السبع"، أي أن الله هو الذي يمسك الكون كله بقدرته ولا شيء يمكن أن يتحرك دون إرادته. هذه العبارة تزيل أي تصور من أن هناك قوة أخرى غير الله قادرة على التأثير في مصير الإنسان.

الاستعاذة من شر السلطان وأتباعه:


يتم هنا اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، طالبًا أن يقي المؤمن شر "عبدك فلان وجنوده وأتباعه". وهذا يشمل تحصين النفس من أي أذى قد يأتي من السلطان نفسه أو من مساعديه، سواء كانوا من الجن أو الإنس. وفي هذه الاستعاذة يظهر التوجه الكامل نحو الله في طلب الحماية، وهو ما يعزز التوكل على الله في الأوقات العصيبة.

الطلب من الله أن يكون "جارًا":


من أبرز وأجمل الألفاظ التي وردت في هذا الدعاء هي "اللهم كن جارا لي من شرهم". طلب المسلم من الله أن يكون له جارًا وحارسًا يمنع عنه أي ضرر من السلطان وأتباعه. والجار في هذا السياق ليس فقط من يُجيره، بل هو من يظلل عليه ويحميه من كل شر.

الختام بتسبيح لله وتأكيد على تفرد الله:


ينتهي الدعاء بتسبيح لله قائلاً: "جل ثناؤك، وعز جارك، وتبارك اسمك، ولا إله غيرك". هذا الختام يعكس التوحيد الكامل لله، وتأكيدًا على أن الله هو الوحيد الذي لا يُشركه في سلطانه أحد، وأنه لا يمكن لأحد أن يعترض إرادته.

الفوائد الروحية والتحصينية للدعاء

هذا الدعاء يعد من أعظم التحصينات التي يمكن أن يلجأ إليها المسلم عند الخوف من السلطان أو القوة أو أي شخص ذي سلطة قد يؤذيه. فهو لا يقتصر على كونه مجرد كلمات تُقال، بل هو عمل عميق يعكس التوكل على الله، ويُعزز الطمأنينة الروحية في قلب المؤمن. فيما يلي بعض

 الفوائد التي يحققها الدعاء:

 

الراحة النفسية والسكينة:


عند ترديد هذا الدعاء، يشعر المسلم بحماية الله ورعايته، ويزول عنه التوتر والقلق الناتج عن مواجهة الأشخاص ذوي القوة.

زيادة الإيمان والتقوى:


التوكل على الله في مثل هذه المواقف يعزز الإيمان بقدرة الله العظيمة في حماية عباده من كل شر.

تحقيق النصر والتمكين:


المسلم الذي يلجأ إلى الله في هذا الدعاء سيجد أن الله قادر على أن يمنحه الفرج ويجعله في مأمن من أي ضرر قد يأتيه من السلطان أو أي شخص آخر.

تحصين النفس من الأذى الروحي والجسدي:


الدعاء لا يقتصر على حماية المؤمن من الأذى الجسدي فقط، بل يشمل أيضًا الأذى الروحي والنفسي الذي قد يسببه الخوف من السلطة أو القوة.

واللجوء إلى الله وطلب الحماية منه في مواجهة أي نوع من المخاطر هو من أعظم أساليب التحصين في حياة المسلم. الدعاء الذي ذكره عبدالله بن عباس رضي الله عنهما يُعد من أبرز الأدعية النبوية التي يمكن أن يستعين بها المسلم عند الخوف من السلطان أو أي قوة. إن الصلاة والدعاء هما السبيل إلى الطمأنينة الداخلية والتوكل الكامل على الله سبحانه وتعالى، الذي هو وحده القادر على أن يجير عباده من كل سوء.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التحصينات النبوية الله عبدالله الدعاء هذا الدعاء من السلطان أن الله هو الخوف من على الله الله فی على أن فی هذا

إقرأ أيضاً:

أدعية تفتح الأبواب المغلقة وتحقق الأمنيات

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الدعاء يعد من أعظم العبادات التي تحقق الراحة للقلوب، وتزرع الثقة في قرب الله تعالى من عباده، فهو الباب المفتوح الذي لا يُغلق أبدًا أمام المحتاجين والتائبين والراجين.

أهمية الدعاء 

وفي سياق حديثها عن أهمية الدعاء، استشهدت دار الإفتاء بقول الله تعالى: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" (غافر: 60)، موضحةً أن الآية الكريمة تحمل وعدًا صريحًا من الله سبحانه وتعالى بأن يستجيب لدعاء عباده، مما يعزز الأمل في قلوبهم ويحفزهم على الإلحاح في الدعاء دون يأس.

روح الدعاء 

وأوضحت الدار أن الدعاء ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو عبادة عظيمة تعبر عن احتياج العبد لربه، واستشعاره عظمة الخالق القادر على تحقيق الأمنيات وإزالة الكربات.

وأضافت دار الإفتاء أن للدعاء أثرًا بالغًا في حياة المسلم؛ فهو وسيلة للتقرب إلى الله، وطريق لتحقيق الأمنيات وتخفيف الهموم. ودعت الدار الجميع إلى أن يرفعوا أيديهم إلى السماء بثقة ويقين في أن الله كريم لا يرد عباده خائبين، مشددة على أهمية الإخلاص في الدعاء، والإلحاح فيه مع حسن الظن بالله.

أدعية مأثورة أوصى بها الإسلام في السنة النبوية:

1. دعاء تفريج الكرب:
"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال."


2. دعاء قضاء الحوائج:
"اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك."


3. دعاء طلب المغفرة:
"اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عني."


4. دعاء الاستخارة:
"اللهم إني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب."


5. دعاء للرزق:
"اللهم ارزقني رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا فيه، واصرف عني كل شر."


6. دعاء للشفاء:
"اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا."

 

واختتمت دار الإفتاء حديثها بتشجيع المسلمين على الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات، سواء في السراء أو الضراء، لأن الدعاء هو الحبل الموصول بين العبد وربه، وهو عبادة يحبها الله، وفيها الخير الكثير.

مقالات مشابهة

  • هل الخصام يأخذ من ثواب الصلاة وسائر العبادات ؟.. الإفتاء توضح
  • كيف تكفر عن ذنوب لا تتذكرها.. الإفتاء: ردد هذا الدعاء
  • دعاء تيسير الأمور في الصباح ..ردده بعد صلاة الفجر وسترى العجب
  • كلمات شُكر واجبة لمَن علموني
  • الجيش السلطاني العُماني يحتفل بيوم قوات السلطان المسلحة
  • علي جمعة: من صفات الدعاء المستجاب الإلحاح
  • أفضل أوقات الحجامة النبوية لهذا الشهر
  • «الإفتاء»: الصلاة لا تسقط عن المسلم مهما كانت ظروفه الصحية
  • حديث قدسي عظيم لكل مبتلى ومكروب
  • أدعية تفتح الأبواب المغلقة وتحقق الأمنيات