الصراع العربي- الإسرائيلي والاقتصادات العالمية (1- 3)
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
عبيدلي العبيدلي
التداعيات الاقتصادية الدولية التي ولدتها حرب غزة والتوترات الأوسع في الشرق الأوسط
ساهمت الحروب التي ولدها الصراع العربي-الصهيوني منذ نكبة 1948 في تأكيد الأهمية الجيوسياسية الدائمة للشرق الأوسط. وقد أكدت المعارك الأخيرة التي شنتها القوات الإسرائيلية على غزة، والتوترات الإقليمية المتزامنة معها، على انعكاسات مسار ذلك الصراع على خارطة العلاقات الجيوسياسية العالمية.
ففي العام 2023، سجلت أكبر 100 شركة دفاعية في العالم زيادة بنسبة 4.2% في الإيرادات المتراكمة، كي تبلغ 632 مليار دولار، ولدها الطلب المتزايد بسبب الصراعات في أوكرانيا وغزة. ونعمت شركات الصناعات الحربية الأسلحة في الشرق الأوسط بزيادة بنسبة نسبتها 18% في الإيرادات، لتصل إلى 19.6 مليار دولار، ساهمت الشركات الإسرائيلية بـ 13.6 مليار دولار منها.
وهذا الرقم هو أعلى رقم مسجل لهم. وفي الوقت نفسه، واجهت اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تحديات في التنويع الاقتصادي وسط تقلبات أسعار النفط، والقلق الذي ساور هذه السوق. فعلى سبيل المثال، نما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 4% في الربع الأول من عام 2024، بينما توسع القطاع غير النفطي في البحرين بنسبة 3.3%، وهو ما يشكل 85.9% من إجمالي الناتج المحلي لها.
ولطالما كان الشرق الأوسط بمثابة حجر الزاوية في الجغرافيا السياسية العالمية، بموارده الطبيعية الهائلة، وطرق التجارة الاستراتيجية التي تعبر أراضيه، والديناميكيات السياسية المعقدة التي تشكل الشؤون الدولية. إن الاشتداد الأخير للصراع بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، الذي بدأ على خلفية التوترات المتزايدة في المنطقة، يؤكد الآثار البعيدة المدى لعدم الاستقرار في هذه المنطقة الحرجة. وبعيدا عن العواقب الإنسانية والسياسية المباشرة، تمتد الآثار الاقتصادية المتتالية لهذه الصراعات على نطاق واسع، وتؤثر على الأسواق العالمية والصناعات وكذلك مصائر الأمم.
فمن صناعة الأسلحة المزدهرة إلى أسواق الطاقة المتقلبة، يكشف عدم الاستقرار المستمر في منطقة الشرق الأوسط عن الطبيعة المزدوجة للتأثيرات الاقتصادية الناجمة عن الصراعات المندلعة على أراضيه. ففي حين نرى أن قطاعات معينة، مثل الصناعات الحربية، تشهد ازدهارًا ملحوظًا غير مسبوق، في ظل الطلب المتزايد على منتجاتها، نكتشف أن صناعات أخرى، بما فيها تلك التي تسيطر على الأسواق المالية العالمية واقتصادات الشرق الأوسط، تتحمل العبء الأكبر من اندلاع تلك الاضطرابات المتكررة، التي تزرع عدم اليقين في نفوس الشركات الاستثمارية.
أما بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فنجدها تجاهد كي تقلص تلك الانعكاسات السلبية من خلال تنويع مصادر إنعاش اقتصاداتها. ولا يمكن المبالغة في أهمية التنويع الاقتصادي وإمكاناته، في وقت تواجه سلاسل التوريد العالمية، وتدفقات الاستثمار، وطرق التجارة اضطرابات تؤثر على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم.
صناعة الأسلحة: المرونة والإيرادات القياسية
أثبتت ديناميكيات النمو التي تتمتع بها صناعة الأسلحة، وهي لاعب رئيسي، عند الحديث عن نسبة التحكم في الاستقرار العالمي، باستمرار قدرتها على التكيف والازدهار في الاضطرابات الجيوسياسية. فقد أحدثت زيادة الإنفاق العسكري على مستوى العالم آثارا مضاعفة خارج الشرق الأوسط. حيث شهدت الولايات المتحدة، أكبر مصدر للأسلحة في العالم، ارتفاعا بنسبة 2.5% في إيرادات شركات الدفاع، ليصل مجموعها إلى 317 مليار دولار في العام 2023. وفي الوقت نفسه، شهد مقاولو الدفاع الأوروبيون، لا سيما في فرنسا وألمانيا، زيادة في طلبيات أنظمة الصواريخ والمركبات المدرعة، مما يعكس المخاوف الأمنية المتزايدة في جميع أنحاء دول الناتو.
الآثار الإقليمية على البلدان المستوردة للأسلحة
تعد دول الشرق الأوسط من بين أهم مستوردي الأسلحة، حيث تستحوذ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر أكثر من 15% من واردات الدفاع العالمية. وقد أفاد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) أن المملكة العربية السعودية أنفقت 68 مليار دولار على الدفاع في العام 2023، وهو ما يمثل 8.1% من ناتجها المحلي الإجمالي. هذا الاعتماد الشديد على المعدات العسكرية المستوردة له آثار مالية كبيرة، وغالبا ما يؤدي إلى مزاحمة الاستثمار في القطاعات الاجتماعية الحيوية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
المقايضات الأخلاقية والاقتصادية
في حين أن الفوائد الاقتصادية للدول المصدرة لا يمكن إنكارها، إلا أن الآثار الأخلاقية لتجارة الأسلحة والمقايضات الاقتصادية لا تزال مثيرة للجدل. ويمكن أن يؤدي انتشار الأسلحة المتقدمة إلى تصعيد الصراعات الإقليمية وإدامة دورات العنف. علاوة على ذلك، غالبا ما تؤدي مستويات الإنفاق الدفاعي المرتفعة في الدول المستوردة إلى نقص التمويل في المجالات الحاسمة للتنمية طويلة الأجل.
تقلبات سوق النفط
أدى عدم الاستقرار الجيوسياسي إلى تقلبات في أسعار النفط. على سبيل المثال، ارتفعت أسعار النفط بسبب البيانات الاقتصادية الإيجابية من الصين، وتجدد الهجمات الإسرائيلية على لبنان على الرغم من وقف إطلاق النار. فقد ارتفع سعر خام برنت إلى 72.18 دولار للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 68.32 دولار.
ومع ذلك، فإن تراجع مخاوف أخطار العرض، وتوقعات فائض العرض في العام 2025 تسبب أيضا في انخفاض أسعار النفط، وخاصة بالنسبة لنفوط الشرق الأوسط.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إطلاق النسخة العربية من معرض ومتحف “تيتانيك” في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمملكة
الرياض – هاني البشر
في حدث استثنائي يعكس التزام المملكة بتعزيز التبادل الثقافي وترسيخ مكانتها؛ كوجهة ثقافية عالمية، شهدت الرياض مساء اليوم حفل تدشين النسخة العربية من معرض ومتحف “تيتانيك” العالمي. الحدث، الذي أقيم في الرياض.
يأتي إطلاق النسخة العربية من المعرض ضمن إطار تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تعزيز الهوية الثقافية وتحفيز السياحة من خلال استضافة أبرز المبادرات والمعارض العالمية ويهدف المعرض إلى تقديم تجربة فريدة تُبرز قصة السفينة الأسطورية “تيتانيك”، التي أصبحت رمزًا للعزيمة والإبداع، بأسلوب يتماشى مع ثقافة المنطقة وتطلعات جمهورها.
بدأ الحفل بكلمة افتتاحية من عبدالإله الجنوبي الذي رحب بالضيوف وأكد على أهمية هذا المعرض كإضافة نوعية للمشهد الثقافي في المنطقة. وأشار إلى أن هذه المبادرة تعزز الروابط الثقافية وتقدم منصة للتواصل مع الإرث العالمي.
كما ألقى السيد قوتام تشاندان، كلمة استعرض فيها مسيرة معرض “تيتانيك” العالمي، الذي جاب القارات وجذب أكثر من 35 مليون زائر حول العالم. وتطرق إلى أبرز المحطات التي شهدها المعرض، مشيرًا إلى أن النسخة العربية ستقدم محتوى مبتكرًا يلبي تطلعات الجمهور العربي.
وتخلل الحفل عرض فيلم وثائقي يأخذ الحضور في رحلة بصرية توثق تاريخ “تيتانيك” ورحلة المعرض، قبل أن يشهد توقيع عقد إطلاق النسخة العربية من المعرض بحضور السيد أوزقر، والأستاذ عبدالإله الجنوبي، في لحظة احتفت بها جميع الجهات المشاركة.
واختُتم الحفل بدعوة الحضور لالتقاط صورة تذكارية توثق هذا الحدث الثقافي الهام، مع الإعلان عن سلسلة من الفعاليات وورش العمل والمعارض التي ستقام خلال عام 2025 كجزء من رحلة المعرض في المنطقة.
هذا، وتستعد المملكة لاستضافة المعرض في عدد من محطاتها الرئيسة خلال الفترة القادمة، ليكون نافذة تسلط الضوء على الإرث الإنساني المشترك وتعزز مكانة المملكة كمركز عالمي للثقافة والسياحة.