الجزيرة:
2025-03-12@09:21:33 GMT

أفلام المسلمين الجدد في السينما الأوروبية

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

أفلام المسلمين الجدد في السينما الأوروبية

تقف الفتاة الرومانية ألكسندرا أمام المرآة تحاول ضبط الحجاب على رأسها، وهي تضعه لأول مرة. تتمكن أخيرا من ضبطه قبل الذهاب إلى المسجد، وفي جعبتها بعض الأسئلة عن الإسلام الذي لم تقرر اعتناقه بعد. جلست في الصف الأول، وتبدأ في طرح استفساراتها الدينية لتطمئن إلى خطوة الارتباط بالشاب الروماني دانيال الذي دخل الإسلام حديثا وجمع الحب بين قلبيهما.

وقررت أن تمضي قدما في الارتباط بدانيال، ولم يمض وقت طويل حتى اصطدمت أحلام كلا الزوجين بالواقع، فقد كان عليهما أن يخوضا معارك مع الآخرين من أجل الحفاظ على أسرتهما. من هذه المعارك مواجهة التمييز الديني في المجتمع، وقد قدما صورة لذلك في الفيلم الروماني "زوجي المسلم" للمخرجين دانيال إيوان بيرنوشي وألكسندرا ليزيتا بيرنوشي، إنتاج عام 2023.

ويقدم مهرجان سراييفو للأفلام العرض الأول لهذا الفيلم بدورته 29 لعام 2023، المقامة حاليا بالعاصمة البوسنية، ويعد نموذجا من الأفلام التي تعرض لحياة الأوروبيين الذين اعتنقوا الدين الإسلامي. وتنبع خصوصية الفيلم من أن الخيال فيه يتماهى مع الواقع بشكل كبير، لكونه قصة حقيقية بطلها بالفعل المخرج وزوجته المخرجة. كما أنه يقدم زاوية جديدة للتعاطي مع مسلمي أوروبا لأن معظم الاهتمام الإعلامي ينصب على تجربة المسلمين الجدد بدول أوروبا الغربية مثل فرنسا وهولندا وبريطانيا من دون الالتفات لمسلمي أوروبا الشرقية مثل رومانيا وبلغاريا وأوكرانيا.

يصور الفيلم معاناة حقيقة يمر بها المسلمون الجدد في القارة الأوروبية الذين كُتب عليهم العيش على تخوم ثقافتين؛ إحداهما ثقافتهم الأصلية المليئة بأمور تتناقض مع الإسلام ويصعب التعايش معها، والأخرى ثقافة الدول العربية والإسلامية التي تحملها مجتمعات المهاجرين إلى أوروبا، وهي ثقافة لم يتربوا عليها ومليئة بكثير من العادات التي لا تمت للدين بصلة. ولهذا يضطرون للعيش في أتون صراع للتكيف مع هذه وتلك، وتبلغ المعاناة أوجها حين يتعلق الأمر بزواج مختلط يحاولون فيه بناء أسرة وسط مجتمع غير متجانس.

وقد عالج المخرج البريطاني من أصول باكستانية عليم خان القضية نفسها في فيلمه الروائي الأول "بعد الحب" إنتاج عام 2020، والذي يعرض لقصة حياة زوجين أحدهما بريطاني من أصول إيرانية متزوج من سيدة بريطانية اعتنقت الإسلام. كان الزوجان يعيشان حياة هانئة جنوب البلاد على ضفاف بحر المانش حيث يعمل الزوج قبطانا بحريا قبل أن يوافيه الأجل فجأة وتكتشف الزوجة أن له حياة وأسرة ثانية في فرنسا. وتتنكر في هيئة عاملة نظافة لتتمكن من دخول بيته الثاني لتسبر أغوار هذه العلاقة التي لم تعلم عنها شيئا.

أقلية وسط الأقلية المسلمة

يعتبر المسلمون الجدد أو المتحولون الأوروبيون إلى الإسلام أقلية صغيرة داخل أقلية أكبر، وهي الجاليات الأوروبية المسلمة. وقد انعكس التهميش وغياب التمثيل الذي يعاني منه المسلمون الأوروبيون، سواء على صعيد وسائل الإعلام أو الأعمال الفنية والسينمائية، على هذه الأقلية.

وإذا كانت الدراما التلفزيونية في القنوات الأوروبية سباقة لتقديم أعمال مختلفة تتناول قضايا المسلمين من زوايا مختلفة، وخصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، فإن السينما الأوروبية لم تواكب هذه القضية بالشكل الكافي. والسبب يعود ربما إلى عدم الاعتراف الاجتماعي أو السياسي بخصوصية حالة المسلمين الجدد والمشاكل التي يواجهونها والتي تختلف عن بقية مشاكل المسلمين.

وأحد أوجه عدم الاعتراف بحالة المسلمين الجدد هو التعامل معهم ككتلة واحدة، جزء من الجالية المسلمة، وصبغهم بكل صفات وحتى مشاكل المسلمين في أوروبا. ففي فيلم "أربعة أسود" البريطاني إنتاج عام 2010، يصور المخرج كريس موريس وضعية 4 شباب مسلمين يقطنون مدينة شيفيلد ويقدمون على التخطيط لعمل انتحاري. ثلاثة من هؤلاء بريطانيون من أصول باكستانية، والرابع إنجليزي من المسلمين الجدد سيئ المزاج ومتسرع للغاية.

وينتمي هذا الفيلم إلى الكوميديا المأساوية السوداء، ويحسب له أنه قدم قضية شائكة للجمهور البريطاني في قالب إنساني وشبه فكاهي، ويُعرض حاليا على شبكة نتفليكس. ولم تختلف شخصية باري الذي دخل الإسلام حديثا عن بقية المسلمين بالفيلم سوى في لون البشرة الأشقر. وهو أمر مناف للحقيقة نتيجة الاختلافات الثقافية العميقة التي يحاول كثيرون القفز عليها.

ولم تتسرب معاناة التحول الديني، إلى السينما البريطانية، سوى في فيلم "الكافر" للمخرج جوش آبيغنانيسي إنتاج عام 2010، والذي يعرض في قالب كوميدي قصة مسلم بريطاني يكتشف فجأة أنه ليس ابنا لأبويه اللذين تربى في كنفهما، وأنهما تبنياه، وأن أبويه الحقيقيين من اليهود الأرثوذكس. ويخوض الممثل البريطاني من أصل إيراني أوميد جليلى مغامرة في محاولة الدخول وسط الجالية اليهودية في بريطانيا، والتعرف على عاداتها وطقوسها الخاصة.

ولا تعد ظاهرة المسلمين الجدد حديثة على المجتمعات الأوروبية لنلتمس العذر لغياب التجسيد السينمائي لها، لأنها حاضرة منذ نحو قرنين من الزمان بمعدلات مختلفة. ولهذا كان من اللافت غياب أي تجسيد سينمائي لحالات دخول الإسلام في العصر الفيكتوري، وهي فترة مهمة في التاريخ البريطاني. إذ لم تتجسد سينمائيا سوى في فيلم "فيكتوريا وعبدول" للمخرج البريطاني ستيفن فريرز وإنتاج عام 2017، ويحكي قصة علاقة غير تقليدية بين الملكة فكتوريا وبين خادمها الخاص محمد عبد الكريم القادم من الهند، إذ أصبح صديقا شخصيا لها ومدرسا للغة.

ولم تواكب السينما الأوروبية القصص المتعددة للمسلمين الجدد، وهي حالات تختلف في سماتها عن حالات التحول إلى الإسلام بالولايات المتحدة، ولا سيما من حيث ارتباطها بالتاريخ والطبقات الأرستقراطية، مثل تجربة أول بريطانية تذهب في رحلة للحج، الليدي إيفلين موراي، أو الليدي زينب المولودة بمدينة إدنبرة الأسكتلندية عام 1867 خلال العصر الفيكتوري، وهي تنتمي لعائلة أرستقراطية. وقد تعلمت العربية خلال رحلاتها مع والدها لكل من الجزائر ومصر.

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إنتاج عام

إقرأ أيضاً:

أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحلم ترامب بإمبراطورية ماجا، لكنه على الأرجح سيترك لنا جحيمًا نوويًا، ويمكن للإمبريالية الجديدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن تجعل العالم المروع الذى صوره صانعو أفلام الحرب الباردة حقيقة.. هكذا بدأ ألكسندر هيرست تحليله الشامل حول رؤية ترامب.

فى سعيه إلى الهيمنة العالمية، أصبحت رؤية ترامب لأمريكا الإمبريالية أكثر وضوحًا. ومع استعانة الإدارة الحالية بشكل كبير بدليل استبدادى وإظهار عداء متزايد تجاه الحلفاء السابقين، أصبحت خطط ترامب للتوسع الجيوسياسى واضحة. تصور الخرائط المتداولة بين أنصار ترامب، والمعروفة باسم "مجال الماجا"، استراتيجية جريئة لإعادة تشكيل العالم. كشف خطاب ترامب أن أمريكا الإمبريالية عازمة على ضم الأراضى المجاورة، بما فى ذلك كندا وجرينلاند وقناة بنما، مما يعكس طموحه المستمر لتعزيز السلطة على نصف الكرة الغربى.

تعكس هذه الرؤية لعبة الطاولة "المخاطرة" فى طموحاتها، مع فكرة السيطرة على أمريكا الشمالية فى قلب الأهداف الجيوسياسية لترامب. ومع ذلك، فإن هذه النظرة العالمية تضع الاتحاد الأوروبى أيضًا كهدف أساسى للعداء. إن ازدراء ترامب للتعددية وسيادة القانون والضوابط الحكومية على السلطة يشير إلى عصر من الهيمنة الأمريكية غير المقيدة، وهو العصر الذى قد تكون له عواقب عميقة وكارثية على الأمن العالمى.

مخاطر منتظرة

مع دفع ترامب إلى الأمام بهذه الطموحات الإمبريالية، يلوح شبح الصراع النووى فى الأفق. لقد شهدت فترة الحرب الباردة العديد من الحوادث التى كادت تؤدى إلى كارثة، مع حوادث مثل أزمة الصواريخ الكوبية فى عام ١٩٦٢ والإنذار النووى السوفيتى فى عام ١٩٨٣ الذى كاد يدفع العالم إلى الكارثة. واليوم، قد تؤدى تحولات السياسة الخارجية لترامب، وخاصة سحب الدعم الأمريكى من الاتفاقيات العالمية وموقفه من أوكرانيا، إلى إبطال عقود من جهود منع الانتشار النووى.

مع تحالف الولايات المتحدة بشكل متزايد مع روسيا، يصبح خطر سباق التسلح النووى الجديد أكثر واقعية. الواقع أن دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكندا، التى اعتمدت تاريخيًا على الضمانات الأمنية الأمريكية، قد تشعر قريبًا بالحاجة إلى السعى إلى امتلاك ترساناتها النووية الخاصة. وفى الوقت نفسه، قد تؤدى دول مثل إيران إلى إشعال سباق تسلح أوسع نطاقًا فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط، إذا تجاوزت العتبة النووية.

رد أوروبا

بدأ الزعماء الأوروبيون، وخاصة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى الاعتراف بمخاطر عالم قد لا تكون فيه الولايات المتحدة حليفًا موثوقًا به. وأكدت تعليقات ماكرون الأخيرة على الحاجة إلى استعداد أوروبا لمستقبل قد لا تتمسك فيه الولايات المتحدة بضماناتها الأمنية، وخاصة فى ضوء سياسات ترامب الأخيرة. فتحت فرنسا، الدولة الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى التى تمتلك أسلحة نووية، الباب أمام توسيع رادعها النووى فى مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبى. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا: حتى لو مدت فرنسا قدراتها النووية إلى أعضاء آخرين فى الاتحاد الأوروبى، فهل سيكون ذلك كافيًا لحماية أوروبا من التهديدات الوشيكة التى تشكلها كل من روسيا والدول المسلحة نوويًا الأخرى؟

إن التوترات المتصاعدة بين حلف شمال الأطلسى وروسيا بشأن غزو أوكرانيا والتهديدات النووية الروسية المتكررة تؤكد على الحاجة الملحة إلى أوروبا فى سعيها إلى رادع أكثر استقلالية وقوة. وإذا لم تتمكن أوروبا من الاعتماد على الولايات المتحدة، فقد تحتاج فى نهاية المطاف إلى إنشاء آلية دفاع نووى خاصة بها.

عالم منقسم

قد تكون تداعيات رؤية ترامب كارثية. فمع إعادة تسليح العالم بسرعة، ترتفع مخزونات الدفاع، ويرتفع الإنفاق العسكرى إلى مستويات غير مسبوقة. ويتم توجيه الموارد التى ينبغى استثمارها فى الرعاية الصحية والتعليم وحماية البيئة واستكشاف الفضاء بدلًا من ذلك إلى ميزانيات الدفاع. وإذا سُمح لسياسات ترامب بالاستمرار، فقد تؤدى إلى عالم حيث تصبح الحرب حتمية، أو على الأقل، حيث يتحول توازن القوى العالمى بشكل كبير. مع ارتفاع الإنفاق الدفاعى العالمى، هناك إدراك قاتم بأن البشرية تتراجع إلى نظام عالمى خطير ومتقلب، حيث يتم التركيز بدلًا من ذلك على العسكرة والصراع.

ضرورة التأمل

ويمضى ألكسندر هيرست قائلًا: فى مواجهة هذه التحولات الجيوسياسية، أجد نفسى أفكر فى التباين بين العالم الذى حلمت به ذات يوم والعالم الذى يتكشف أمامنا. عندما كنت طفلًا، كنت أحلم بالذهاب إلى الفضاء، ورؤية الأرض من مدارها. اليوم، أود أن أستبدل هذا الحلم بالأمل فى أن يضطر أصحاب السلطة إلى النظر إلى الكوكب الذى يهددونه من الأعلى. ولعل رؤية الأرض من الفضاء، كما ذكر العديد من رواد الفضاء، تقدم لهم منظورًا متواضعًا، قد يغير وجهات نظرهم الضيقة المهووسة بالسلطة.

إن رواية سامانثا هارفى "أوربيتال" التى تدور أحداثها حول رواد الفضاء، تلخص هذه الفكرة بشكل مؤثر: "بعض المعادن تفصلنا عن الفراغ؛ الموت قريب للغاية. الحياة فى كل مكان، فى كل مكان". يبدو أن هذا الدرس المتعلق بالترابط والاعتراف بالجمال الهش للحياة على الأرض قد ضاع على أولئك الذين يمسكون الآن بزمام السلطة. وقد يعتمد مستقبل كوكبنا على ما إذا كان هؤلاء القادة سيتعلمون يومًا ما النظر إلى ما هو أبعد من طموحاتهم الإمبراطورية والاعتراف بقيمة العالم الذى نتقاسمه جميعًا.

*الجارديان

مقالات مشابهة

  • خطة في عكار بشأن النازحين الجدد
  • جيهان فاضل تحتفل بعيد ميلادها.. من نجومية السينما إلى إدارة متجرها في كندا
  • ارتفاع قياسي في حوادث معاداة المسلمين بأمريكا
  • هذا ما ينقص المسلمين الجدد في إسبانيا
  • وزير الدفاع البريطاني الأسبق: ترامب قد يقدم تنازلات كبيرة جدا في مفاوضات أوكرانيا
  • رانيا المشاط: تعزيز التعاون المصري البريطاني لدعم القطاع الخاص
  • بعد وفاته.. أبرز أعمال الممثل البريطاني سيمون فيشر بيكر
  • مهرجان أفلام السعودية الحادي عشر ينطلق في أبريل بمشاركة اليمن
  • هل تفقد أفلام جيمس بوند هويتها البريطانية؟ بروسنان يعلق على استحواذ أمازون
  • أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة