الكتاب: الاستلزام الحواري في التعبير القرآني لحوار الأنبياء مع أقوامهم.. دراسة تداولية.
الكاتبة: هبة عبد الرحمن سلام.
الناشر: مؤسسة حورس الدولية، 2024م.
عدد الصفحات: 374 صفحة.


نزل القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليكون للعالمين بشيراً ونذيراً، وجاء في ثنايا صفحاته الكثير من قصص الأنبياء، وأخبار الأمم السابقة فقال جل في علاه: "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ"، ومنها ما جاء لتثبيت قلب المصطفى عليه أفضل الصلوات والتسليم "وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ"، وآيات أخرى جاءت كعبرة وعظة لأمة الإسلام من الأمم السابقة التي جاءتها الرسائل الربانية لهداية قومهم.



ما ميز الذكر الحكيم أنه جاء ليحكي إرسال الله عز وجل أنبياءه إلى أقوامهم ودعواتهم إلى عبادة الله وحده، والتخلق بالأخلاق الحميدة وترك المنكرات، فقد جمع القرآن الكريم حوار الأنبياء مع أقوامهم، فبينت آياته أن معظم الأنبياء لم يؤمن بهم إلا فئة قليلة من أقوامهم، وهنا تتساءل الكاتبة هل يعد حوار الأنبياء مع أقوامهم حواراً ناجعاً من الناحية التداولية؟ وما مدى قناعة أقوامهم في تلك الحوارات بالابتعاد عن المنكر واتباع أوامره؟ عبر الاقتناع بالحجج التي قدمها القرآن الكريم على لسان أنبيائه؟ وما مدى استجابة الأقوام لرسلهم؟.

عن اختيار موضوع هذه الدراسة تقول الكاتبة: إنها سعت لدراسة ظاهرة الاستلزام الحواري عبر المبادئ التداولية اللازمة في التواصل الكلامي، ولبيان مدى اشتمال حوار الأنبياء مع أقوامهم على تلك المبادئ، وبيان مدى نجاعة حوار الأنبياء مع أقوامهم من الناحية التداولية، وتوضيح الكيفية التي قدم بها الأنبياء مقاصدهم إلى أقوامهم" (ص8).

الاستلزام الحواري أحد أهم دروس التداول الذي يسعى من خلال مبادئه إلى دراسة القواعد الضمنية اللازمة في التواصل الكلامي، ومن خلاله تستطيع الإجابة عن تساؤلات هي من صميم الدرس التداولي ومن قبيل من يتكلم؟ ولمن؟ ولماذا يتكلم على هذا النحو؟ وكيف يمكن أن يقول من يتكلم كلاما ويقصد غيره؟ وهذا ما أوضحته الكاتبة في ثنايا دراساتها العميقة في مضمونها، والغزيرة بتفاصيلها.

إن الطابع الإسلامي للحوار يبنى على رفض الجدل القائم على أساس كونه "فنا قائما بذاته، يتحول محترفه إلى شخص جدلي، لا هم له في المجال الفكري إلا أن يتغلب على خصمه، أو أن يلف ويدور لإشغال الفراغ بمجادلات تضيع الوقت، وتبتعد عن الهدف؛ لأنه يسهم في تشويه الكيان الفكري للإنسان.ركزت الكاتبة دراستها على حوار النبي نوح عليه السلام مع قومه، وهود عليه السلام مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وإبراهيم مع قومه، ولوط مع قومه، وشعيب مع قومه، وعيسى مع قومه أما حوار يوسف وموسى عليهما السلم فلم تتطرق لهما الكاتبة التي أخذت نصيبهم من الدراسة والتفسير، لذلك خصصت الكاتبة دراستها على (17) سورة من القرآن الكريم، وأصل هذه الدراسة رسالة دكتوراه حصلت عليها الكاتبة من قسم اللغة العربية وآدابها، فرع الدراسات اللغوية جامعة دمنهور.

دارت الدراسة في تمهيدها وأبوابها حول الأفعال الكلامية في بابها الأول، والمبادئ الحوارية في الباب الثاني، تداولية الحجاج، واتبعت الكاتبة المنهج الوصفي عبر استقراء مدونة الدراسة، وجمعت الشواهد، وصنفتها، ووضعت كل شاهد في بابه، ثم أحصت كل ظاهرة من ظواهر الاستلزام الحواري في جداول بيانية، وعقبت عليها بالتحليل واستخلاص النتائج، وفي المادة التطبيقية تناولت حوار الأنبياء مع أقوامهم كما حكاه القرآن الكريم، وقد قص القرآن الكريم بعض قصص الأنبياء وبعضهم لم يقصها قال تعالى: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ".

ناقشت الكاتبة في الفصل الأول مبدأ التعاون في حوار الأنبياء مع أقوامهم، ويهدف المبدأ إلى تحقيق التعاون بين المتكلم والمخاطب لتحقيق الهدف المرجو من الحوار؛ إذ يتغير المعنى الخفي بتغيير السياق الذي يرد فيه. تقول الكاتبة: "مقصد المتكلم يختلف حسب السياق الذي ترد فيه الجمل، فقد يكون استفهاماً، وقد يكون توبيخاً للتأخير، ومن ثم قد يقول المتكلم شيئاً، ويقصد شيئاً أخر، وقد يسمع المتلقي شيئاً، ويفهم شيئاً أخر"، وكل ذلك قائم على قواعد:

1 ـ قاعدة الكم: لتكن مساهمتك ذات كفاءة إعلامية بالقدر المطلوب من المعلومات.
2 ـ  قاعدة العلاقة: قل أشياء مفيدة الفاعل، أشياء لها علاقة بالمحادثة.
3 ـ  قاعدة القيمة: لا تؤكد ما تعتقد في كذبه، لا تؤكد ما تعوزك الحجج في شأنه.
4 ـ قاعدة الكيف: كن واضحاً تجنب الغموض، تجنب اللبس، أوجز، كن مرتباً.

الغرض من هذه القواعد هو تنظيم عملية الحوار، والتناوب على المحاورة، واتصالها، لكن قد يحدث خروج عن إحدى هذه القواعد مع الالتزام بالمبدأ العام، وهذا الخروج يسمى الخرق، ويهدف إلى اشتقاق دلالات جديدة من وراء المحتوى اللغوي؛ وهو المعنى الخفي الذي يقتضيه المقام وسياق المحادثة، ويعرف بالاستلزام الحواري، ومن ثم فإن مبدأ التعاون، والقواعد المتفرعة عنه يمثل عصب الاستلزام الحواري، فالاستلزام الحواري يتولد عن طريق الانتقال من المعنى الصريح إلى معنى غير مصرح به.

أما مبدأ التحليل القرآني فقائم على أن لكل حوار هدفا يسعى إليه المشاركون فيه، ولحوار الأنبياء مع أقوامهم في القرآن الكريم أهدافه التي يسعى أنبياء الله لتحقيقها، فما مدى تحقق الأهداف المرجوة من خطابهم؟ وما الوسائل التي يتبعها الأنبياء للوصول إلى الهدف من الحوار؟ وما مدى التعاون بين الأنبياء وأقوامهم لتحقيق الهدف من الحوار؟

جاء في الحوار الأول: لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (60).

مكث نوح عليه السلام يدعو قومه إلى عبادة الله عز وجل ألف سنة إلا خمسين عاماً، ولذلك جاء حوار نوح عليه السلام مع قومه في ست سور، فكان أولها حسب الترتيب حواره مع قومه في سورة الأعراف والآية فيها أمور أربعة:

1 ـ (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ) الإخبار عن إرسال نوح عليه السلام يستلزم الوحي بالرسالة.
2 ـ  (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) الأمر بالعبادة يستلزم إثبات التكليف.
3 ـ (ما لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ) الحكم بأنه لا إله إلا الله، يستلزم الإقرار بالتوحيد.
4 ـ (إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ): التعبير بالخوف والتحذير من عذاب يوم القيامة يستلزم الإيمان بالمعاد والبعث والحساب...إلخ .

هنا تحلل الكاتبة مضمون الآية، لما وجد نوح قومه منه ما سبق كانت إجابتهم مخالفة لما يقتضيه سياق الحوار الذي يطالبهم بالإيمان بنوح عليه السلام رسولا بالله إلها واحداً، وكان يفترض عليهم أن يكون ردهم على نوح عليه السلام في اتجاه المحاورة نفسه، وفق قاعدة العلاقة التي تفترض أن المتحاورين يكون كلامهم وثيق الصلة بموضوع الخطاب، فلما كان ما قاله القرآن عنهم: (قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ليس وثيق الصلة بموضوع المحاورة؛ لأن الحوار تحول من موضوع الخطاب إلى شخص المتكلم، استلزم أن قوم نوح عليه السلام ليس في استطاعتهم الاحتجاج عليه مما يستلزم صحة ما قاله، لكن الكفر والعناد جعلهم يتركون ما يطلبه منهم من التوحيد إلى اتهامه بالضلال، فذكر الرازي أنهم نسبوه إلى الضلال، فقد استبعدوا أن يكون لله رسول إلى خلقه؛ لأجل أنهم اعتقدوا أن المقصود من الإرسال، هو التكليفـ، والتكليف لا منفعة فيه للمعبود، لكونه متعاليا عن النفع والضرر، ولا منفعة فيه للعابد، لأنه في الحال يوجب المضرة العظيمة، وكل ما يرجى فيه في الثواب، ودفع العقاب، فالله قادر على تحصيله بدون واسطة التكليف عبثا، والله متعال عن العبث، وإذا بطل التكليف بطل القول بالنبوة.

الاستلزام الحواري تطلب أيضا وجود مبدأ التأدب الذي يتولد عن طريق مخالفة الحكم المحادثية، كما يتولد عن طريق موافقتها، إذ أن احترام الحكم ليس شرطاً ضروريا لتولد استلزام خطابي ما، إذ نجد في العديد من الحالات، توظيفاً لحكمة من خلال انتهاكها صراحة، أكملت الكاتبة تلك المبادئ بمبدأ التعاون من خلال تنظيم السلوكيات المحادثية للمشاركين في التواصل لضمان نجاح العملية التواصلية والوقوف على المعاني المتولدة نتيجة موافقة القول لهذه المبادئ أو مخالفتها ففي الحالتين ينتج الاستلزام ويتفرع عنه ثلاث حكم محادثية:

ـ قاعدة التعفف: التي تنص على ألا "تفرض نفسك على المخاطب"، وهذا ما يقلل المسافة بين المتكلم وبين المتلقي من خلال قاعدة التعفف.

ـ قاعدة التشكك: أنك "لتجعل المخاطب يختار نفسه" فلا تفرض عليه رأياً، ولا تجبره على مقصد، وتجنب الأمور التي لم تذكر في المحادثة.

ـ قاعدة التودد: أنك تظهر الود للمخاطب، وهي قاعدة توجب على المتكلم معاملة المخاطب معاملة المثل بالمثل، ويكون ذلك بين الأصدقاء، وعندما يكون المتكلم أعلى المرتبة (ص209).

الحجاج واستراتيجيات الإقناع

ارتبط مفهوم الحجاج بمفهوم الجدل منذ القدم، وفي سياقات متعددة تستعمل بعض المفاهيم، مثل المحاجة، والمجادلة والمناظرة، والمناقشة، والمساجلة، والمناقضة، والمطارحة.

الحجاج والجدل:

إن الطابع الإسلامي للحوار يبنى على رفض الجدل القائم على أساس كونه "فنا قائما بذاته، يتحول محترفه إلى شخص جدلي، لا هم له في المجال الفكري إلا أن يتغلب على خصمه، أو أن يلف ويدور لإشغال الفراغ بمجادلات تضيع الوقت، وتبتعد عن الهدف؛ لأنه يسهم في تشويه الكيان الفكري للإنسان.

الحجاج والإقناع:

الإقناع هو الأثر الناتج عن القول، وقد يكون هذا الأثر بحمل المتلقي على فعل الشيء أو ترك فعله، وكذلك الحجاج يهدف إلى إقناع المتلقي بفعل الشيء أو تركه، ومن ثم فإن الحجاج هدفه الإقناع، والإقناع هو هدف الحجاج، ولكن لا يعني ذلك أن كل حجاج ينتج عن إقناع المتلقي.

الجدل والمحاورة:

هدف حوار الأنبياء مع أقوامهم في القرآن الكريم معالجة قضايا العقيدة بالدعوة إلى عبادة الله وحده، وترك الشرك بالله، والنهي عن المنكر، وفعل الخيرات، وارتبطت دعوة الأنبياء لأقوامهم إلى عبادة الله عز وجل بوجود المعاندين، والمنكرين مما يبرز دور التفاعل الحواري، وتقديم الحجج والبراهين لإقناع المعاندين، ودحض حجج المنكرين، قال تعالى: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " ( ص251).

استراتيجيات الإقناع ووسائله:

تعددت وسائل الإقناع واستراتيجياته في حوار الأنبياء مع أقوامهم في القرآن الكريم، فعملية الاقناع تبدأ من الفكرة وطريقة التعبير عنها وأسلوب نقلها، والربط بين الفكرة، والتعبير وكيفية نقلها، ويشترط في كل منطوق:

ـ النطقية: تقوم على الحوار الطبيعي وفق القواعد العامة للخطاب وغير ذلك من القواعد النحوية، والصرفية والدلالية، والتداولية.

ـ الاجتماعية: تقوم على مبدأ التعاون مع الغير في طلب الحقائق والحلول وفي تحصيل المعارف والقرارات.

ـ الإقناعية: تقوم على قدرة المتكلم على إقناع المتلقي.

ـ الاعتقادية: لكل حوار هدف ولكل متكلم مقصد يسعى إلى توصيله إلى المتلقي.

ومن ثم يقدم الحجج والبراهين التي تؤيد ما يعتقده صواباً، لذلك تقول الكاتبة: "التأثير من خلال المنطوق اللغوي يعتمد على الناطق، ووسائل استعماله للغة، وهذا الأمر أدى فيه العلماء العرب دوراً مهماً خاصة في كتابات الجاحظ في بيان هيئة الخطيب، وغير ذلك، كما يراعي المتكلم الثقافة الاجتماعية، ومحاولة تجاوز الخلافات، ويأخذ بمبادئ الحوار التي تضمن نجاحه، يراعي الحالة النفسية التي تضمن التأثير في سلوك المتلقي.

كذلك الدعوة إلى الله تقضي، رعاية المناسبة في مقتضيات الأحوال، والمقامات بالتليين، والتخفيف والتعريض في مقاماتها، والتغليظ، والتشديد، والتصريح في مقاماتها، ونحو ذلك المناسبات الحكيمة الجالية للمصالح والسالبة للمفاسد" (ً265)

لعل أهم استراتيجية للإقناع، الاستراتيجية الدينامية النفسية التي تقوم على الافتراضات الأساسية في علم النفس التي تعتمد على توصيل الرسالة على المؤثر والأثر أي الاستجابة عند الفرد.

أما عن مفهوم السلم الحجاجي فهو ترتيب الحجج في اتجاه نتيجة معينة، سواء أذكرت النتيجة صريحة أم ضمنية، وتلك الحجج تربطها علاقة درجية بحيث تنتقل من الحجة الأضعف إلى الحجة الأقوى في اتجاه النتيجة ويشترط فيه:

ـ كل قول يقع في مرتبة ما من السلم يلزم عنه ما يقع تحته، بحيث يلزم القول الموجود في الطرف الأعلى جميع الأقوال التي دونه.

آليات السلم الحجاجي:

التدرج في دعوة الأنبياء لأقوامهم، وجاء الأمر بعبادة الله في القرآن الكريم بسبع عشرة آية: قال تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا". كما قال في محكم كتابه "مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ".

الإيقاعيات في القرآن الكريم:

هي الأفعال الكلامية المتعلقة بالتعهد الذي ينشأ بمجرد التصريح بها تغيير في الوضع القائم، فنجاح إنجاز هذه الأفعال يحدث تطابقاً بين المحتوى القضوي، والحقيقة أي الوجود الخارجي، وهذه الأفعال غالباً تتصل بالأفعال الكلامية المنجزة في إطار العرف غير اللغوي المؤسساتي أفعال القرارات والأحكام، وأفعال التصرفات (المنع، والجواز)، وأفعال العقود، والبيع والشهادة.

اتخذ القرآن من الخبر وسيلة لنقل مقاصد المولى عز وجل ونقل الأخبار، ووصف الحوادث، وتقرير الحقائق.الغرض الإنجازي لهذه الأفعال أنها تحدث تغييراً في الواقع، واتجاه المطابقة في أفعال هذا الصنف قد يكون من الكلمات إلى العالم، ولا يحتاج إلى الإخلاص.

وضعت الكاتبة أمثلة عديدة على هذا النموذج من سورة الأعراف: "قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" آية رقم 71 التي جاءت كفعل قولي، أما مؤشر القوة الإنجازية فهو (قَدْ)، والمتكلم هود عليه السلام، المخاطب قومه، في حين جاء الغرض الإنجازي للتنبيه على تحقق الوقوع ووجب الرجس والعذاب والسخط والرين على القلب...إلخ

أما في سورة مريم فقال عز وجل: "وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا"، مؤشر القوة الإنجازية الوصية، المتكلم في الآية عيسى عليه السلام، يخاطب بها قومه، الغرض الإنجازي الأمر بالصلاة والزكاة (ص 94).

لاحظت الكاتبة من الصياغات السابقة التحقق بصيغ معينة في سياق معين، فالشهادة لا تصح إلا بصيغة المضارعة، والبيع لا يصح إلا  بصيغة الماضي، والطلاق لا يصح إلا بصيغة الماضي أو اسم الفاعل، قال الفراقي: "الشهادة تصح بالمضارع دون الماضي، واسم الفاعل فيقول الشاهد، أشهد بكذا عندك أيدك الله، ولو قال: شهدت بكذا أو أنا شاهد بكذا لم يقبل منه، والبيع يصح بالماضي دون المضارع عكس الشهادة فلو قال أبيعك بكذا، أو قال أبايعك بكذا لم ينعقد البيع، ومن لا يعتبرها لا كلام معه، وانشاء الطلاق يقع بالماضي نحو طلقتك ثلاثاً، واسم الفاعل نحو أنت طالق ثلاثاً دون المضارع نحو أطلقك ثلاثاً".

جاء الفصل الثالث حول الإخباريات، التي تعد القسم الخامس من الأفعال الكلامية، التي تتناول الوظائف التداولية للفعل الكلامي التقريري، الذي يخبر عن المواقف والأحداث التاريخية من خلال حوار الأنبياء مع أقوامهم، فالقرآن الكريم اتخذ في سياق حوار الأنبياء مع أقوامهم من الخبر وسيلة لنقل الأخبار، ووصف الأحداث وتقرير الحقائق، وتبليغ الدعوة.

الغرض الإخباري للإخباريات هو نقل الواقع نقلاً أميناً، فإذا تحققت الأمانة تحقق شرط الإخلاص، وإذا تحقق شرط الإخلاص، أنجزت الأفعال إنجازاً ناجحاً أو تاماً، ومن تلك الإخباريات ما ورد في سورة أل عمران (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ)  مؤشرة القوة الانجازية " أن+ قد" المتكلم عيسى عليه السلام حينما خاطب قومه، والغرض الإنجازي التقرير، وورد في سورة الأنعام "يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ" مؤشر القوة الإنجازية إن، النبي المخاطب إبراهيم عليه السلام خاصة بها قومه والغرض الإنجازي التقرير والغضب والتحسر(ص133).

ختمت الكاتبة دراستها بعدة نتائج أهمها:

ـ الإخباريات أكثر أقسام الأفعال الكلامية وروداً في سياق حوار الأنبياء مع أقوامهم في الآيات القرآنية بنسبة 43.75% يرجع السبب في ذلك إلى أن الاخباريات استراتيجية توضيحية تبين قوة إنجازية مباشرة بالوصف والأخبار والتقرير وقوة إنجازية غير مباشرة بالمدح والذم والتعظيم والثناء.

ـ اتخذ القرآن من الخبر وسيلة لنقل مقاصد المولى عز وجل ونقل الأخبار، ووصف الحوادث، وتقرير الحقائق.

ـ موضوع تبليغ الرسالة، وما يتعلق به من موضوعات فرعية يمثل النسبة الكبرى من موضوعات الأفعال الكلامية الإخباريات، وجاءت بنسبة 47.62 % من الدراسة التي هي من وظيفة الرسل.

ـ الطلبيات جاءت في المرحلة الثانية بعد الإخباريات بنسبة 42.8% إذ يتطلب الحوار بعد تقرير الحقائق الدعوة إلى الله عز وجل، والدعوة تتطلب توجيه المخاطب إلى الإذعان بما يطلب منه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب الحواري القرآن الكريم كتاب حوار عرض القرآن الكريم كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی القرآن الکریم نوح علیه السلام إلى عبادة الله مبدأ التعاون الله عز وجل تقوم على فی سیاق من خلال قد یکون ـ قاعدة فی سورة ومن ثم

إقرأ أيضاً:

جبل قاسيون مصعد الأنبياء المقدس وحارس دمشق

يشتهر جبل قاسيون عند السوريين باسم "الجبل المقدس"، ويمتاز بموقعه الإستراتيجي، إذ يطل على العاصمة السورية دمشق، وفيه معالم أثرية ومغارات، أبرزها "مغارة الدم"، التي تزعم بعض الروايات أن فيها دما يعود لهابيل ابن النبي آدم عليه السلام، الذي قتله أخوه قابيل، وتدور حوله أساطير ومرويات وموروثات شعبية كثيرة، وتغنّى به الشعراء والأدباء، وكان مصيفا يقصده الملوك والأمراء في العصر الأموي.

الموقع والجغرافيا

يقع جبل قاسيون شمالي مدينة دمشق، وتتصل به من الغرب سلسلة جبال لبنان، ومن الشمال والشرق سلسلة جبال القلمون، التي تمتد إلى مدينة حمص، ومن هناك يشرف على غوطة دمشق.

ويرتفع عن مستوى سطح البحر نحو 1150 مترا، فيما يمتد عرضه إلى 15 كيلومترا، وهو عبارة عن هضبة تشكّلت حسب الجيولوجيين في بداية العصر الطباشيري المتأخر.

وتفصله أنهار بردى السبعة عن جبل المزة المتصل بجبل الشيخ وجبال حوران، وتفصله مياه منين شرقا عن جبال القلمون. وله سفحان من الجهة الشرقية، يفصل بينهما نهر يزيد.

تغطيه الثلوج في الشتاء، وفي الصيف يكون ملاذا باردا للهاربين من حرارة الجو، ويمكن الوصول للجبل عبر التوجه نحو الشمال الغربي من سور مدينة دمشق باتجاه حي الصالحية، وهو من المناطق المعروفة بانتشار بيوت الصوفية التي كانت تستخدم قديما مكانا لراحة الحجاج، وكانت تعرف آنذاك بـ"الخانات".

وبعد الصالحية يستمر الطريق نحو ساحة شمدين، التي سميت على اسم أمير محمل الحج الشامي سعيد شمدين آغا، ومن هناك يمكن الصعود نحو قمة الجبل، عبر أدراج معبدة تصل نهايتها إلى سلسلة كهوف ومسجد، ومن هناك يمكن مشاهدة دمشق كلها.

التسمية

يعرف بـ"الجبل المقدس" لأهميته التاريخية والدينية وكثرة الأساطير المروية عنه، إذ قيل إنه كان مزارا للأنبياء والرسل، وإن أحداثا ذكرت في القرآن الكريم وكتب التاريخ الإسلامية قد وقعت فيه، منها أن سيدنا آدم عليه السلام سكن سفحه قرب التربة البدرية، وعليه قتل قابيل أخاه هابيل، وفي "كهف جبريل" جاءت الملائكة تعزي آدم في مقتل ابنه.

إعلان

ويعرف الجبل بتسميات أخرى، منها "جبل دمشق" و"جبل الشام" و"جبل التين" و"جبل الأيتام" و"جبل الأنبياء" و"مصعد الأنبياء" و"حارس دمشق"، وفي الآرامية القديمة ذكر باسم "قَيصون" وتعني نهائي وأقصى.

ويرى المؤرخ قتيبة الشهابي أن تسمية "قاسيون" ظهرت في المصادر العربية منذ القرن الأول الهجري، لكن بعض المصادر العربية ذكرتها بصيغ أخرى مثل " قَيْسُون " أو "قايسون"، كما تغنى بدمشق شعراء العرب قديما، إذ لقبوها بـ"بنت قيسون".

ويرجح أن الاسم تحور من "قيسون" إلى "قاسيون" في العصر الهلنستي، متأثرا باللسان اليوناني الذي يُشبع حروف العلة. ومن جانب آخر، قد يكون الاسم مشتقا من الجذر الآرامي "ق ش ا"، الذي يعني "القسوة"، وهو ما كتبه الكاهن الأرثوذكسي أيوب سميا، الذي قال "قاسيون أصلها الكلمة السريانية (قشيونو)، ومعناها القاسي الجاف، وهي صفة هذا الجبل الصخري الأجرد الذي لا عشب فيه ولا خضرة ولا ماء".

وقيل إن الجبل سمي قاسيون لقسوة حجارته وعصيانها وصعوبة صناعة الكفار منها الأصنام زمن النبي إبراهيم عليه السلام. وقيل الأصل كلمة قاسي، وألحقت بها الواو والنون تأثرا بالكنعانيين الذين كانت لهم عادة إلحاقهما، كما في كلمتي القلمون وميسلون.

ويصف الرحالة ابن بطوطة الجبل في كتاب "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" بأنه "شهير البركة فهو مصعد الأنبياء"، وقال عنه ياقوت الحموي إنه "جبل معظم ومقدس".

السوريوون تمكنوا من زيارة الجبل بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 (الفرنسية) محطات تاريخية

يذكر الرحالة ابن عساكر في كتابه "أخبار دمشق"، أن سيدنا إبراهيم ولد على سفح هذا الجبل، عند قرية تعرف ببَرزة، في غار ضيق بني عليه مسجد له غرف كثيرة، منه رأى عليه السلام الكوكب والقمر والشمس، كما ذكر الله تعالى في القرآن (سورة الأنعام 76-78)، وخلف هذا الغار يقع مقام إبراهيم، وشمال الجامع "مدفن لسبعين ألف شهيد، و700 نبي، وقيل 70 نبيا".

إعلان

ويذكر ابن جبير عند زيارته لدمشق وتأريخه لمرويات أهل المنطقة، أنه بقرب الربوة في النيرب قرب سفح قاسيون الغربي، سكنت حنَّة أم مريم العذراء، وفي تلك المنطقة نزل سيدنا يحيى بن زكريا عليه السلام مع أمه 40 عاما، واحتمى من قوم عاد داخل غار فيها.

وحسب الموروثات الشعبية والتراث التاريخي المتناقل، فإن سيدنا عيسى عليه السلام وأمه مريم سكنا تلة قاسيون، وقيل إنها المكان الذي ذكره الله في سورة المؤمنون (الآية 50) في قوله تعالى "وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِين". وبعدها مر بها حواريو عيسى -وعددهم 40-، وضمّت تلك المنطقة مسجدا فيه 40 محرابا، وتعبيرا عن قدسية هذا الجبل قيل فيه "بين برزة وأَرْزَة أربعون ألف نبي".

ويذكر المؤرخ الدمشقي محمد أحمد دهمان أن سكان دمشق استوطنوا جبل قاسيون أجيالا عديدة قبل أن ينزلوا إلى السهل ويبنوا مدينتهم، وحتى قبل تأسيس دمشق في موقعها الحالي، مما يعني أن قاسيون كان بمثابة المدينة الأولى لهم.

ويروي أحمد بن طولون الأمر ذاته قائلا إن أهل دمشق سكنوا هذا الجبل قبل أن يسكنوا المدينة، و"عاشوا فيه أجيالا طويلة، حتى إذا تكاثروا وتناسلوا وارتقت معارفهم وتجاربهم هبطوا إلى السهل المنبسط أسفله فبنوا مدينتهم".

وقيل إن أول أسرة استقرت في حي الصالحية كانت عائلة نابلسية قادها أحمد قدامة المقدسي الحنبلي الذي هرب من الصليبيين عام 1156م، واستقرت بالقرب من جامع أبي صالح بدمشق، وأسهمت في ظهور الحنابلة في تلك المنطقة. وعندما انتقلت العائلة لاحقا إلى منطقة قاسيون أصبح اسمها (الحنابلة) مرتبطا بالحي الذي عُرف باسم "الصالحية".

واستقرت تلك الأسرة الفلسطينية بقيادة الشيخ قدامة وابنه أبي عمر في تلك المنطقة بدعم من الزنكيين الذين حكموا البلاد في القرن الـ12. وأسس نور الدين زنكي خانا في المنطقة على سفوح جبل قاسيون، مما عزز من وجود الحنابلة فيها.

إعلان

وبعد أقل من مئة عام، استقر الشيخ الصوفي محيي الدين بن عربي في دمشق عند عودته من الحج، واختار الصالحية مكانا لإقامته حتى وفاته ودفنه فيها، ومنح وجوده المدينة شهرة استمرت لقرون، حتى صارت مركزا للصوفية، ومزارا مقدسا للمتصوفة في دمشق.

وظلّ مقام ابن العربي يحظى بأهمية كبيرة بين الصوفية في العالم الإسلامي، وعام 1516م أمر السلطان العثماني سليم الأول عند فتحه الشام ببناء مسجد بجوار قبر ابن العربي.

وفي عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، أقيمت على أطراف جبل قاسيون قواعد عسكرية وثكنات، من بينها ثكنات ميليشيا سرايا الدفاع التي أسسها شقيقه رفعت الأسد.

جبل قاسيون يقع شمالي مدينة دمشق، وتتصل به من الغرب سلسلة جبال لبنان (غيتي)

ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تحوّل جبل قاسيون إلى قاعدة عسكرية إستراتيجية، وتمركزت عليه ألوية الحرس الجمهوري الذي تولى مسؤوليته ماهر الأسد، وكتائب المدفعية والصواريخ التابعة للفرقة الرابعة.

وأغلقت السلطات الطريق المؤدي الى أعالي جبل قاسيون أمام المدنيين، ووضعت نقاطا أمنية على امتداده لكونه يوفّر إشرافا إستراتيجيا على دمشق وعلى القصور الرئاسية فيها.

وأسفرت سيطرة النظام على مرتفعات قاسيون عن تمركز القوات بشكل أتاح لها استهداف مناطق الغوطة الثائرة وقصف قراها بشكل مكثف بالكيماوي والقنابل والصواريخ، مما أدى إلى تدمير واسع في بناها التحتية.

ومنذ ذلك الحين صار الجبل موقعا عسكريا محرما على المواطنين الاقتراب منه، إذ شكّل للنظام السابق ضمانا لتطويق العاصمة منعا لأي هجوم محتمل عليها، وضد أي محاولات انقلاب أو تمرد على نظام الأسد من داخل دمشق، وبقي عنصر حاسما لضمان تفوق الأسد على المعارضة التي لم تستطع السيطرة على جبل قاسيون بسبب ضعف تسليحها.

وبعد تمكّن المعارضة السورية المسلحة من الإطاحة بنظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، فتح الجبل ذراعيه لاستقبال السوريين من جديد، وبات مزارا مزدحما، وعلى قمته انتشر مقطع فيديو صور القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان وهما يحتسيان الشاي.

إعلان أبرز المعالم

يشتهر جبل قاسيون باحتضانه عددا من الأحياء السكنية الشهيرة، أهمها حي الصالحية ومنطقة المهاجرين وحي الأكراد ومنطقة الشيخ محيي الدين وأبو جرش والشركسية.

ويضم قاسيون عددا من الأديرة والمقامات التي تنسب للأولياء والصالحين، منها "دير مرّان"، وقبر النبي ذي الكفل عليه السلام، ومقام النبي يونس عليه السلام، وقبر ابن العربي، إضافة إلى مقام النبي إيليا.

ويضم أيضا "قصر الشعب" الذي بناه حافظ الأسد على إحدى قممه. ومن أبرز معالمه الأخرى:

مغارة الدم (مقام الأربعين)

تسمى أيضا مغارة آدم، ويعود تاريخها إلى أكثر من 4 آلاف عام، وكانت معبدا وثنيا للآراميين ثم كنيسة في عهد الروم، ويقول ابن جبير الأندلسي إنها سميت بمغارة الدم لأنها مكان موقعة مقتل هابيل، الذي تقول الروايات إن دمه لطخ سفح الجبل حتى منتصفه ولم ينته إلا عند تلك المغارة، وتقول رواية أخرى إنها المكان الذي جرّ إليه قابيل أخاه هابيل بعد قتله، فترك دمه أثرا لم تمحه القرون.

أحد أسواق حي الصالحية في دمشق (غيتي)

ووفقا للتراث المحلي، يروى أنه عند وقوع تلك الحادثة، اهتز جبل قاسيون من هولها وبدأ بالانهيار، إلا أن الملك جبريل عليه السلام تدخّل وأمسكه بيديه مانعا انهياره، ويُقال إن الدليل على تلك الحادثة هو بصمة يد ظاهرة على سقف المغارة، يعتقد الناس أنها تعود لجبريل.

وتذكر بعض الروايات أيضا أن أنبياء الله إبراهيم وموسى وعيسى ولوطا وأيوب صلّوا في تلك المغارة التي فيها محرابان. وقيل إنها سميت مغارة الأربعين لأن سيدنا يحيى سكنها مع أمه 40 عاما.

مقالع الحجارة الأثرية

تقع "مقالع الحجارة الأثرية" عند سفح الجبل، وهي التي كانت توفر لدمشق الحجر الكلسي الفاتح الذي استخدم في فن الأبلق البارز في المعمار الدمشقي القديم، وفيه تتناوب الحجارة بين اللونين الأبيض والأسود، وينتشر هذا المعمار في مساجد العاصمة ومدارسها وقصورها وبيوتها الشعبية.

إعلان مغارة الجوعية (الجوع)

وهي من المغارات الطبيعية في الجبل، وسميت كذلك لأسطورة تقول إن 40 نبيا لجؤا إليها هربا من الكفار، ولم يكن معهم سوى رغيف خبز واحد، فآثر كل واحد منهم رفيقه، حتى ماتوا جميعهم من الجوع.

قبتان تاريخيتان

يضم الموقع قبّتين تاريخيتين الأولى على قمة الجنك، وهي مبنى مرصد قاسيون المعروف باسم "قبة السيار الأثرية" نسبة إلى الأمير المملوكي سيار الشجاعي، وكان يُستخدم مرصدا فلكيا في عهد الخليفة المأمون لرصد النجوم والكواكب، والثانية هي "قبة النصر" لكنها اندثرت مع مرور الزمن.

مقالات مشابهة

  • فضل قراءة سورة الإخلاص 11 مرة بعد الفجر.. داوم عليها 3 أيام لترى العجب
  • التحول الواعي من العالم الديني إلى واقعنا الحديث يتطلب موقفاً نقدياً.. قراءة في كتاب
  • روايات لم ترو.. كتاب جديد لإبراهيم عبد المجيد في معرض الكتاب
  • دعاء يونس عليه السلام .. كلمات من القرآن تفرج الهموم
  • أفلام قديمة.. كتاب جديد يوثق أبرز كلاسيكات السينما المصرية
  • لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب..فهل من أدرك الإمام في الركوع صلاته باطلة؟
  • وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم يشهد اختبارات المتقدمين لفتح كتاب.. صور
  • جبل قاسيون مصعد الأنبياء المقدس وحارس دمشق
  • ليلى رستم أيقونة ماسبيرو التي حاورت المشاهير.. وصاحبة جملة "ياختي عليه"
  • سورة الاستجابة.. سر تحقيق الدعوات وفتح الأبواب المغلقة