وكيل الأزهر: الواقع الذي تحياه الفلسفةُ الإسلامية مؤلمٌ ونعاني فيه من قراءات متعسفة وأحكام مُسبَّقة
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، خلال كلمته بمؤتمر الجمعية الفلسفية المصرية، الذي تستضيفه دار الإفتاء المصرية بعنوان: "الفلسفة الإسلامية حاضرها ومستقبلها في العالم": نتفق أن الغاية الكبرى من عَقد الملتقيات الفلسفية هي أن نكشف عن العقل المفكر الذي يُحسن استشراف المستقبل والحفاظ على التراث، ومن هنا أُهدى تحيةً خاصة لتعدُّد العقول التي اجتمعت في دار الإفتاء المباركة، واختيار هذا الموضوع المهم الذي يطوف حول مجال علمي يحتاج إلى بَسط وبيان.
وأضاف: أنقل لكم تحيات الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب -شيخ الأزهر الشريف- ودعواته لهذا المؤتمر أن يوفَّق فيما عُقد من أجله، متحدثًا عن عدد من الإشارات، حيث تحدَّث في إشارته الأولى عن الواقع الذي تحياه الفلسفة الإسلامية، والذي وصفه بالواقع المؤلم، حيث عانت فيه الفلسفة الإسلامية من قراءات متعسفة وأحكام مسبَّقة، خاصة من المستشرقين الذين أثاروا جملة من الشبهات تتعلق بأهميتها ومصدرها ووجودها بين الحقول المعرفية الإسلامية الكثيرة في رمز واضح أن الفلسفة الإسلامية خليط من الإغريقية واليونانية، وليست ككثير من العلوم التي تميَّزت بها الأمة الإسلامية.
وتابع: بغضِّ النظر عن منطلقات هؤلاء المشككين في وجود الفلسفة الإسلامية، فهم يتعصبون للجنس الآري على الجنس السامي، ولا يَرَوْنَ فضلًا للجنس العربي، بل رأَوْا أنَّ الدين الإسلامي أكبر عائق أمام الفكر والنظر، حيث لم تحظَ الفلسفة بالعناية والاهتمام الكافِيَيْنِ.
أمَّا الإشارة الثانية فقد تحدَّث فيها عن نموذج من العلماء الشيوخ الذين تركوا بصمة واضحة، مثل العالم الأزهري الشيخ مصطفى عبد الرازق، الذي استطاع أن يردَّ ردًّا عمليًّا على المتعسفين من الفلسفيين، ونحا منحًى جديدًا في دراسة الفلسفة الإسلامية، واستطاع أن يفنِّد ببراهين ساطعة آراء المستشرقين أصحاب النزعة العِرقية الضيقة، قائلًا: لا أقصد بإيراد هذا النموذج الراقي الرد على المستشرقين، وإنما قصدت وجود نظرة أزهرية للأمر.
وفي الإشارة الثالثة تحدَّث فضيلة الدكتور الضويني عن حقِّ العلم على العلماء أن يسألوا، وهنا نتساءل: هل الفلسفة الإسلامية علم مستقل بذاته؟ موضحًا: لكي نجيب جوابًا واضحًا، فنحن نحتاج إلى بحث عن الحقائق والوثائق التي أظن أنها تبيِّن أصالة هذه الفلسفة وقوتها الدافقة في تاريخ الفكر الإسلامي، كما تساءل: هل ما زلنا نحتاج إلى الفلسفة الإسلامية؟ وكيف تساهم في حل مشكلات الأمة؟ مؤكدًا أن الأمر يتطلَّب تواصلًا مستمرًّا مع الفلسفة ذاتها لما تقدِّمه من تعميق من جهة وتحليل لمَلكة النقل والكشف عن القضايا الكلية وامتلاك القدرة على الرد بين العلوم والمعارف، وتحويل هذا كله إلى مسارات عملية أخلاقية ترشد حركة الناس في حياتهم، مشيرًا إلى أن هذه الندوة تجيب إجابات ثرية عن هذه الأسئلة.
تكريم الأزهري
كما شهد مؤتمرُ "الفلسفة الإسلامية حاضرها ومستقبلها في العالم"، الذي تعقده الجمعية المصرية وتستضيفه دارُ الإفتاء المصرية، تكريمَ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، من قِبل الدكتور عبد الراضي رضوان، مُقرِّر المؤتمر، كما قام فضيلةُ الدكتور نظير عيَّاد -مُفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- بتكريم الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف.
وفي لفتة تقدير واعتزاز، تقدَّم الدكتور مصطفى النشار، رئيس الجمعية الفلسفية المصرية، بالشُّكر للإمام الأكبر، طالبًا منه رئاسة الجمعية الشرفية مدى الحياة.
يُذكر أنَّ دار الإفتاء المصرية تستضيف اليوم مؤتمر "الفلسفة الإسلامية: حاضرها ومستقبلها في العالم"، الذي يُعقد في الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر 2024 بالتعاون بين دار الإفتاء المصرية والجمعية الفلسفية المصرية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أسامة الأزهري الأزهر الشريف الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف اليونانية دار الإفتاء المصرية محمد الضويني محمد الضويني وكيل الازهر وكيل الأزهر الشريف وزير الاوقاف الفلسفة الإسلامیة الإفتاء المصریة دار الإفتاء فی العالم
إقرأ أيضاً:
سيرة الفلسفة الوضعية الحلقة (16) الأخيرة
د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي
المرحلة الثالثة - الفلسفة الوضعية
نقد الفلسفة الوضعية
يجد نموذج الفلسفة الوضعية المعارضة الشديدة والرفض التام ويواجه بالنقد من جهات عديدة ومن وجهات نظر مختلفة، ونستطيع تسليط بعض الأضواء على بعض نقاط النقد والمعارضة والرفض في السطور التاليات:
أولاً، فشل (نموذج الفلسفة الوضعية) في تمييز علوم الأفراد والعلوم الاجتماعية عن العلوم الطبيعية ويتعامل مع الانسان والإنسانية مثل أي مادة طبيعية أخرى (Bryman، 2008).
ثانياً، يسعى إلى اختزال المركب إلى أو في بسيط، من خلال تبسيط المتغيرات والتحكم فيها، ولهذا يبدو استخدامه صعباً في البحث التربوي.
ثالثاً، يفترض بأن التعميم مناسب في العلوم الاجتماعية والانسانية. ورغماً عن ذلك، يبدو أنه غير قابل للتطبيق بناءً على الاختلافات في الثقافة وفي المعتقد وفي التجربة الإنسانية.
أخيراً وليس آخراً، قام الوضعيين بتمزيق وتفريغ السياقات من المعاني أثناء تطوير مقاييس كمية للظواهر (جوبا ولينكولن، 1994) ولم يقدموا أي قيمة للبحث. فالبحث يعتبر نشاطاً ذا قيمة مع معناه الساكن في الإطار. لذلك، يمنح سياق الدراسة أهمية للبحث من خلال توضيح وتحديد أدوار المشاركين والمتغيرات المختلفة وتفسير النتائج.
اضافةً الي ذلك، ألقى العديد من العلماء باللوم على النظرية الوضعية. لأنهم يعتبرونها، في حين أن الأساليب الموضوعية والعلمية مناسبة لفحص ودراسة الطبيعة وأشيائها، غير ملائمة وتفشل ولا تنجح عندما يتم تطبيقها على الظواهر الاجتماعية.
إن تعقيد القوانين التي تحكم الأفراد، ومعالجاتها، وارتباطاتهم ببعضهم البعض، ومع المؤسسات والمجتمع، هي في تناقض بسيط وواضح مع النظام والانتظام الذي يحصل عليه المرء في العالم الطبيعي. ويستخدم الافتراض الوضعي طرقاً علمية للظواهر الاجتماعية التي ستوجه إلى اكتشاف القوانين التي تحكمها والتي اعتبرها ريتشاردز (Richards) "ساذجة وممعنة في السذاجة".
ويتقدم ريتشاردز (2003) الي الأمام بعمق أعمق ليقول إن "الفلسفة الوضعية ماتت وشُيعت الي مثواها الأخير، وقد تلاشت وبدأت تفوح منها رائحة الفناء". وهنا يمكننا أن نقرأ بعض النقاط الأخرى لنقد هذه الفلسفة الوضعية:
• يعتبر "كونت" نفسه أباً للفلسفة الوضعية أو المنهج العلمي، لكنه لم يلتزم بها أو بهما.
• يعتقد البروفيسور تيماشيف (Prof. Timasheff) أن نظريات كونت الاجتماعية ترمز وتدعو إلى قفزة سابقة لأوانها وذلك من مستوى الملاحظة والاستدلالات إلى مستوى النظرية.
• ووفقاً لجون ستيوارت ميل، لا يصمد "دين كونت الجديد" أبداً أمام اختبار العقلانية، لأنه لا يمكن أن يحدث أو يمارس أبداً في الممارسة أو يعمل به عملياً. وكأن هذا الدين الكونتي قد ولد من "تسمم أخلاقي" أو "ثملة الأخلاق".
• تمشيا وتماشياً مع رولين تشامبليس (Rollin Chambliss)، تمنى وحاول "كونت" بناء علم يدرس الظواهر الاجتماعية أو أيجاد علم خاص بالظواهر الاجتماعية. لكنه، وبدلاً من تحقيق وانجاز ذلك، حاول تقديم مشاريعه لإعادة الهيكلة الاجتماعية. وقد أنجز مشروعاً للمدينة الفاضلة "اليتوبيا" بدلاً من تقديم مشروعاً للعلم.
ميلاد فلسفة ما بعد الفلسفة الوضعية
ونتيجة لنقد النموذج الوضعي الفلسفي، تطورت فلسفة ما بعد الفلسفة الوضعية. التي "تمتد وتتمدد على حد سواء بين النماذج الوضعية وتلك التفسيرية" (جريكس-Grix-، 2004، ص 86).
وتعتبر فلسفة ما بعد الفلسفة الوضعية بمثابة محاولة جادة للتخلص من أوجه القصور التي شابت وطرأت على النموذج الوضعي. ويعتبر الموقف الأنطولوجي لفلسفة ما بعد الفلسفة الوضعية هو موقف الواقعية النقدية. إنها ترى الواقعية التي تقدم بشكل مستقل عن المراقب، ولكن لا يمكن فهمها إلا بشكل سيئ بسبب تعقيد الظواهر الاجتماعية؛ كما يعرف أيضاً احتمالية تأثير معتقدات الباحث وقيمه على ما يمكن ملاحظته بالفعل.
ففلسفة ما بعد الوضعية، كما يعرّفها ويليس (Willis) (2007)، هي "شكل أكثر اعتدالًا من الفلسفة الوضعية" وهي تتبع المبادئ المتشابهة التي تتبعها الفلسفة الوضعية، ولكنها تسمح بمزيد من التفاعل بين الباحث والمشاركين في البحث. وتستخدم المزيد من التقنيات مثل البحث الاستقصائي والنهج أو المنهجية النوعية عطفاً على المنهجية الكمية، مثل إجراء المقابلات ومراقبة المشاركين في البحث (2008 (Creswell,.
وقد ألقى المفسرون والمنظرون النقديون اللوم الشديد، وعلى نطاق واسع على نموذج الفلسفة الوضعية. وواحدة من أكثر الانتقادات التي يتم إعادة بنائها عادة هي أن المناهج العلمية، على الرغم من أنها مناسبة لدراسة الظواهر الطبيعية، فإنها تقصر وتظل عاجزة عندما يتم توظيفها لدراسة الأفراد والأحداث الاجتماعية (ريتشاردز، 2003).
وعلى الرغم من أن هذا النقد لا يخلو من الفوائد، ولكن يجب على المرء أن يتذكر أنه في بعض الأحيان وفي احايين كثيرة، قد يمتلك أولئك الذين يزنون هذا النقد في الفلسفة الوضعية وجهات نظر مختلفة للعالم وللوجود.
كما ذكر هيوز وشاروك (Hughes and Sharrock) (1997)، "إن منتقدي العلوم الاجتماعية الوضعية، مثل جميع النقاد يميلون إلى إظهار صورة واضحة ومثالية لجانب المعارضة، ودائماً هي صورة سالبة، وفي بعض الأحايين متحاملة وغير محايدة ولا موضوعية قط، وفي هذه الحالة، يتم عرضها أي الفلسفة الوضعية كما لو أنها ليست مجرد فلسفة سطحية ساذجة ولكنها كذلك بدون أي تمييز وتنوع".
ولكن، المناهضون للوضعية، وعلى الرغم من نقدهم اللاذع للوضعية، "لم يكونوا قادرين أبداً على رسم خريطة واضحة لمفهوم بديل، يقدم إجابات للأسئلة الأكثر أهمية، تلك التي حاولت الفلسفة الوضعية الاجابة عنها وقتلها بحثاً وتمحيصاً.
وبغض النظر عن وابل التعليقات من مناهضي الوضعية، لم يكن هناك ولم يطرأ أي انخفاض أو انحسار في البحث الإيجابي أو الوضعي في التعليم وانما تقدم الي الأمام بخطوات جريئة وبخطوات حره.
ويمكن التعرف على كاريزما النهج الذي يطارد الدقة والحرص على الدقة وقوة التنبؤ التي تضمنها العلوم الطبيعية. ويمكن أن تكون العلوم الإنسانية فوضوية جداً، والناس غير متأكدين، وقد تؤدي عناصرها إلى أحداث يُصعب توضيحها ويُفشل في شرحها وفي تفسيرها. وتسعى الفلسفة الوضعية للتغلب على هذه الفوضى من خلال اتباع القواعد والقوانين التي تجعل العالم الاجتماعي معروفاً ونوعاً ما واضحاً وشفافاً.
وبغض النظر عن الانتقادات، فإن إصراره على النهج الوضعي الإيجابي والموضوعي والموقف العلمي زاد من تطور العلوم الاجتماعية بشكل عام وبشكل كبير وعظيم.
وقبل أن نختم سلسلتنا ... يهمس أوشو (Osho)، ناصحاً..
لا تكشف عن تجاربك الروحية للناس العاديين..
لست بحاجة إلى إخبار الجميع بأسرارك الأعمق..
شارك أسرارك مع من يفهمها فقط..
عندما يسيء الناس العاديون فهمها، فقد يدمرون شيئاً ما بداخلك...
لأن سوء فهمهم يؤثر عليك...
عليك أن تكون حارس اسرارك...
تماماً مثل الأم التي تكبر طفلاً بداخلها لمدة تسعة أشهر حتى ينضج الطفل ويكون جاهزاً...
سيأتي يوم يفوق فيه قدرتك على إخفائه، لكنه لا يمثل مشكلة بعد ذلك..
لأنه لا يمكن لأحد أن يشوهها...
لكن قبل ذلك، حافظ على هدوئك تماماً..
لا يمكن للمجتمع أن يفهم فرحتك الإلهية والجنون...
قتلوا الحلاج على هذه الجريمة...
تنمو البذرة فقط في العزلة والظلام...
تضعه في أعماق الأرض حيث لا يصل ضوء الشمس...
ذات يوم فجأة رأيت برعماً أخضر...
تأتي لحظة تتفتح فيها تلك الزهرة وتصبح زهرة..
ولا يمكنك إخفاء الإله الذي يرقص في قلبك...
قم بإخفائها بقدر ما تستطيع..
أو عندما يصبح الأمر أكثر من اللازم، اذهب إلى مكان منعزل؛ اصرخ واضرب وغني وكن مجنوناً...
كن مجنوناً...
bakoor501@yahoo.com