صراع "الريموت كنترول"!
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
الطليعة الشحرية
الشام بوابة المُستقبل، ومن يُسيطر عليها يُسيطر على قلب الشرق الأوسط، من يستقرئ تاريخ بلاد الشام قبل وبعد الميلاد سيُدرك تمامًا أنها الباب الذهبي لعبور الحضارات ومن يُسيطر عليها سيتحكم بجميع الممرات والطرق التجارية.
كانت بلاد الشام ولا زالت مسرحًا لصراع حضاري، فقد شهدت أحداثًا جسامًا، شكَّلت نقطة ارتكاز فاصلة للعديد من الصراعات، ومركز التقاء أهم الحضارات؛ منها الفرعونية والآشورية والكلدانية والفارسية والكنعانية والفينيقية والبيزنطية واليونانية والبطالمة والرومانية، ثم ورثتها الحضارة الإسلامية.
ما أشبه تجدد الصراع في سوريا بجهاز الريموت كنترول وكأنَّ إصبعًا خارجية توجهه، فقد تزامن إعلان فصائل المعارضة السورية بدء عمليات عسكرية ضد الجيش السوري، مع إعلان الهدنة بين إسرائيل ولبنان، ومن الغريب أنَّ إسرائيل لا تخشى على أمنها القومي من وجود جماعات جهادية على حدودها!
ويتجدد انقسام الآراء والأقوال بين داعمين ومؤيدين للصراع، ويثير هذا الانقسام التساؤل حول مدى ضعف الولاء والتحيز الطائفي والقبلي، باعتباره شريكًا في أي جريمة تقسيم مُحتملة؟
سيُواجه الشرق الأوسط عملية تغيير شاملة وكاملة، وهذا ما صرح به نتنياهو بعد اغتيال زعيم «حزب الله» حين أدلى بتصريح قال فيه إنَّ مقتله سيُؤدي إلى بروز شرق أوسط جديد. وهذا ما تسعى له الولايات المتحدثة بقيادة دونالد ترامب من "صفقة قرن جديدة" وبحلة جديدة بعيدًا عن صهره جاريد كوشنر. ولا يجب التغافل عن الصراع الاقتصادي بين قطبي القوتين العالميتين أمريكا والصين، فعندما شرعت الصين في وضع مشروع "الحزام والطريق" طرحت الهند مشروع الممر التجاري الذي سيوازي مشروع "الحزام والطريق الصيني" في التجارة العالمية والإقليمية، ليتمتع بقدرة عالية على التأثير في التوازنات الاقتصادية العالمية، ويُغيّر معالمها، ومعيدًا تشكيل خارطة التنافس لمناهضة ومنافسة المشروع الصيني.
طُرح المشروع في قمة مجموعة العشرين التي عُقدت في الهند، وأعلنت الولايات المتحدة رسميًّا عنه، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين الهند والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ويعرف المشروع باسم "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا"، ويروّج داعموه بأنه سيكون أفضل ممر اقتصادي، ليكون بديلًا، أو يقلل من أهمية مشروع "الحزام والطريق" الصيني.
قَلَبَ "طوفان الأقصى" الطاولة، وذلك أثناء انهماك المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين بإعداد وثائق المرحلة النهائية لتنفيذ مشروع "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا". فقد تسببت حرب غزة في إيقاف مشروع الممر وتأجيل كل الاجتماعات، كما أصبح الرأي العام العربي مُلتهبًا بسبب الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، واضطرت بعض الدول العربية المشاركة في الممر إلى تأجيل محادثات التطبيع مع إسرائيل.
في ظل هذه التحوّلات في موازين القوى والتحرك المفاجئ للروموت كنترول لكل تلك الفصائل والجماعات في سوريا يثير العديد من التساؤلات، هل الباب مفتوح لإعادة تشكيل المنطقة وهندستها؟ أم هي مسألة تمهيد لإعادة مخطط تقسيم سوريا إلى ثلاث دول بعد هدم المؤسسات وتمزيق الجيش وذلك وفق سيناريوهات مُستنسخة لما حدث في العراق وليبيا.
وبعيدًا عن العواطف، سوريا القلب والشرق الجسد، وهي بوابة العالم نحو المستقبل، فقد كانت معبر الحضارات قديمًا ومسرح المتصارعين، اتفقت النوايا على التحرير، ولكنها غير صافية.
بالمختصر.. إننا نشهد عملية جراحية استئصال أعضاء حيَّة، الهدف منها فصل المشرق عن المغرب والشمال عن الجنوب، وقد كان ذلك بزراعة كائن لقيط، ولتأمين وضمان حماية هذا الكائن يجب توفير حماية روابط اقتصادية ويجب إضعاف ذلك الجسد، بانتزاع قلبه وتقسيمه إلى ثلاثة أقسام، ومن يقاوم ويعترض يُقتل بأيدي صديقِهِ!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الوطني الكردستاني يعلق على احتمالية دخوله في صراع سوريا إلى جانب قسد
بغداد اليوم - بغداد
علق القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي، اليوم الأربعاء (11 كانون الأول 2024)، على احتمالية دخول حزبه بالصراع الدائر في سوريا إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
وقال سورجي في حديث لـ "بغداد اليوم"، إن "ما يجري في سوريا هو شأن داخلي ولا نتدخل بشأن الدول الأخرى".
وأضاف أن "علاقتنا مع قسد هي في إطار التحالف الدولي باعتبارهم جزء من محاربة داعش، فضلا عن تعاطفنا القومي معهم ضد اي انتهاكات تركية تمارس بحق مناطق شمال شرق سوريا".
وأشار إلى أنه "بالعموم فإن الاتحاد الوطني يتمنى لسوريا الأمن والاستقرار وتشكيل دولة ديمقراطية"، مشددا على أننا "لا نتدخل بشأن أي دولة، وبالأساس فأن مناطق نفوذ الاتحاد الوطني هي بعيدة عن سوريا".
وعاشت سوريا تطورات متسارعة في الساعات الأولى من فجر يوم الأحد (8 كانون الأول 2024)، إذ أعلنت المعارضة المسلحة إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، الذي استمر حكمه 24 عاما.
إعلان جاء عبر بيان متلفز بثته المعارضة على شاشة التلفزيون الرسمي، معلنة تحرير دمشق وإطلاق سراح المعتقلين، في تطور يُعد الأبرز منذ بدء الأزمة السورية.