استيقظ المنتصر بالله يوسف، من سكان منطقة البيرة شرق رام الله، من نومه في الثالثة بعد منتصف ليل (السبت - الأحد)، على صوت انفجارات في الشارع، وعندما خرج ليستكشف الأمر رفقة جيرانه، فوجئوا بمجموعة من المستوطنين يحرقون سياراتهم.

أجرى المنتصر، الذي يقطن في عمارة سكنية بمدينة البيرة، اتصالًا هاتفيًا بالدفاع المدني، وحاول رفقة الأهالي إطفاء النيران، قبل أن تمتد إلى المنازل، لحين قدوم عربات الإطفاء.

يشير المواطن الأربعيني، الذي يشغل وظيفة حكومية في هيئة تسوية الأراضي والمياه بمدينة رام الله، إلى أن المستوطنين أحرقوا حوالي 20 مركبة، بينهم سيارة أخيه وأخرى ملك لصديقه، بالإضافة إلى سيارته التي تفحمت تمامًا، مضيفًا أن «ألسنة اللهب امتدت إلى بعض المنازل، وأحدثت فيها أضرارًا جزئية، وكانت قريبة من تنك غاز، لكن ربنا لطف».

يرى المنتصر أن هدف الاحتلال من ذلك هو «إثناء الفلسطينيين عن الصمود على أرضهم، وتحقيق تطلعات العدو الاستيطانية في أراضي الضفة الغربية».

واستدرك خلال حديثه لـ«عُمان» : «لكننا واقفين في بلدنا نحميها، ومهما خسرنا من أرواح وممتلكات راح نكسب البلد بإذن الله».

ويعتبر المنتصر أن تضحيات المواطنين في مناطق الضفة لا تُقارن مع ما يقدمه إخوانهم في قطاع غزة، ويقول بتواضع: «نحن ذرة رمل مقارنة بما تبذله غزة، المال معوض فدى غزة ورمل غزة».

وبتحدٍ وجه المواطن الفلسطيني حديثه إلى الاحتلال: «أنا سعيد ومبتسم. هذا الشيء ما راح يخليني حزين. الحزن مش عندنا. رأينا الحزن ومعناه في غزة. وما راح نندحر عن هذه الأرض مهما كلفنا ذلك من ثمن».

الحقد الأسود

ولا يتوقف الحقد الاسرائيلي الأسود عن بث نيرانه بين المواطنين الفلسطينيين الآمنين في مناطق الضفة الغربية، متخذًا من الأطماع الاستيطانية والإرهاب العصبوي وسيلة لتحقيق غايته الكبرى في محو الهوية العربية من الأراضي الفلسطينية.

وبتحريض من سلطات الاحتلال وتحت حمايتها، هاجمت قطعان المستوطنين ممتلكات الفلسطينيين في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، منتصف الأسبوع الماضي.

ففي ليل السبت 7 ديسمبر 2024، أضرم مستوطنون النيران في حوالي 20 مركبة خاصة في مدينة البيرة ومنطقة دير دبوان، شرق رام الله.

هجوم همجي

ووصف روبين الخطيب، رئيس بلدية البيرة، هجوم المستوطنين على سيارات الفلسطينيين بـ«الهمجي»، وقال إن ما حدث يدق كافة نواقيس الخطر في ثالث أكبر مدينة في الضفة الغربية من حيث التعداد السكاني، والتي يُقدر عدد سكانها بحوالي 39 ألف نسمة.

وأوضح خلال حديثه لـ«عُمان» أن وصول اعتداءات المستوطنين للمدن الفلسطينية الكبرى يحتاج إلى وقفة جماعية من الأجهزة الأمنية الفلسطينية واللجان الشعبية لمخيمات الضفة الغربية والبلدية والمجتمع المدني، «لمنع المستوطنين من الوصول إلى وسط المدن أيضًا».

وفي تمام الساعة الثالثة فجرًا، كان تامر وهدان، 38 عامًا، مستيقظًا، حينما استشعر حركة غريبة خارج العمارة، حيث يسكن، يقول: «نظرت من النافذة فوجدت بين حوالي 10 مستوطنين يسكبون مادة حارقة على السيارات ويشعلون النيران فيها».

ويضيف تامر خلال حديثه لـ«عُمان»: «صرخت فيهم من الشُباك كي أرجعهم عما كانوا يفعلونه، لكنهم استمروا في إحراق السيارات، فنزلت من البيت، ووجدتهم يهربون ويطلقون أعيرة نارية في الهواء بعد أن أحرقوا جميع السيارات في محيط المنزل».

حرق أغصان الزيتون

ونهار الاثنين 2 ديسمبر 2024، أضرم مستوطنون النيران في أغصان الزيتون ومنازل مزارعين فلسطينيين في قرية برقة شرق رام الله، تحت حراسة من جيش الاحتلال.

وبحسب شهود عيان تحدثوا لـ«عُمان» فإن عشرات المسلحين من المستوطنين اقتحموا قرية برقة من ثلاث محاور هي؛ منطقة الحدب، ووادي الشام، والمنطقة القبلية، قبل أن يشعلوا النيران في أراضي المزارعين الفلسطينيين وثلاثة منازل.

وأفاد علاء دراغمة أن المستعمرين تجمعوا قرب المدرسة الأساسية للذكور، وحاولوا اقتحامها.

وقال صايل كنعان، رئيس مجلس قروي برقة، إن المستعمرين يرتكبون جرائمهم، وهم يعلمون ومطمئنون أن جيش الاحتلال يحميهم ويؤمنهم، تحت مرأى ومسمع العالم أجمع.

وأشار خلال حديثه لـ«عُمان» إلى أن هذا الاعتداء ليس الأول، «فقد سبقه الكثير والكثير من الاعتداءات على مزارعي الزيتون ومنازلهم وممتلكاتهم، حيث كانوا يتعرضون لسرقة أغنامهم، ويُمنعون من الرعي».

واعتقلت قوات الاحتلال صحفيًا واثنين من المواطنين، بالتزامن مع اقتحامات المستوطنين للمدن الفلسطينية، وفق تأكيدات شهود العيان.

ضرب جامعي الزيتون

كما اعتدى مستعمرون على جامعي الزيتون في منطقة بيرين، ومنع جيش الاحتلال المزارعين من قطف الزيتون في منطقة أم نير شرق بلدة يطا جنوب الخليل.

وقال راتب الجبور، منسق اللجان الشعبية والوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان، إن عصابات المستعمرين اعتدت بالضرب وإلقاء الحجارة على اثنين من عائلة برقان هم؛ فايز برقان، وبهجت برقان، وحاولوا سرقة مركبة المواطن سعود الفقير، في أثناء جمعهم لثمار الزيتون في منطقة بيرين، شرق يطا.

وأضاف خلال حديثه لـ«عُمان» أن قوات الاحتلال أجبرت بقوة السلاح المزارعين من عائلتي الجبارين، والحبور في منطقه أم نير، على ترك أراضيهم، ومنعتهم من قطف ثمار الزيتون.

ولفت الجبور إلى اعتداءات يومية من قبل المستعمرين وجيش الاحتلال على المزارعين وقاطفي الزيتون وممتلكاتهم في مسافر يطا، ترمي إلى «تطفيش المواطنين والاستيلاء على أراضيهم لصالح المشروع الاستيطاني».

امتداد لحرب الإبادة

ووصفت ليلى غنام، محافظ رام الله والبيرة، تصاعد إرهاب المستعمرين، واستباحتهم للمواطنين وممتلكاتهم وحرقهم للمنازل والمركبات في مدينة البيرة ودير دبوان وهجومهم على قاطفي الزيتون في مدن الضفة وقراها كافة، بـ«الإرهاب الدولي الصهيوني المنظم»، الذي تقوده حكومة المستعمرين الأكثر تطرفًا، ويتم بحماية كاملة من جيش الاحتلال.

ورأت محافظ رام الله خلال حديثها لـ«عُمان» أن ما يحدث هو «امتداد لحرب الإبادة التي تشنها منظومة الاحتلال بحق شعبنا في الضفة بما فيها القدس وغزة»، مناشدة المؤسسات الدولية والعالم، الذي وصفته بـ«الصامت»، اتخاذ موقف جاد «للجم هذه الاعتداءات ووقف الإبادة».

وأكدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الاعتداءات المتكررة على من قبل المستعمرين وقوات الاحتلال على مزارعي الضفة، في موسم قطف ثمار الزيتون هذا العام، موضحة أن هذه الاعتداءات وصلت إلى حد القتل، وحرق أشجار الزيتون وتقطيعها، وسرقة المحصول، ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.

ومنذ بدء موسم جني ثمار الزيتون هذا العام وحتى 29 أكتوبر 2024، نفذت قوات الاحتلال والمستعمرون 239 اعتداءً بحق قاطفي الزيتون، بينها 109 حالات حرمان من الوصول إلى الأراضي المزروعة، وذلك وفقًا لإحصائية أعدتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

وأشارت إحصائية هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في تصريح صحفي وصل «عُمان» نسخة عنه إلى أن الاعتداءات على جامعي الزيتون أسفرت عن استشهاد المواطنة حنان عبد الرحمن أبو سلامة، 60 عامًا، من قرية فقوعة شمال شرق جنين، وإصابة أكثر من 50 آخرين بجروح مختلفة، بالإضافة إلى حرق واقتلاع مئات أشجار الزيتون، والاستيلاء على ثمارها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الجدار والاستیطان الضفة الغربیة جیش الاحتلال النیران فی الزیتون فی رام الله

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي يواصل حربه على مخيمات الفلسطينيين شمال الضفة.. 40 ألف نازح

منذ 100 يوم يواصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية المحتلة التي انطلقت من مخيم جنين في 21 كانون الثاني/ يناير.

العملية العسكرية التي أطلق عليها الجيش اسم "السور الحديدي" حولت مخيم جنين بمحافظة جنين ومخيمي طولكرم ونور شمس بمحافظة طولكرم إلى مدن أشباح، وأسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيا منذ 21 كانون الثاني/ يناير، وفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.

ودمر الجيش منذ بدء العملية مئات المنازل وأجبر نحو 40 ألف فلسطيني على النزوح من منازلهم، وفق بيانات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".



ووفق "نادي الأسير الفلسطيني" فإن الجيش شن منذ 21 كانون الثاني/ يناير حملة اعتقالات واسعة بالمحافظتين أسفرت في جنين عن اعتقال 600 شخص، وفي طولكرم عن 260، يشمل ذلك من يُعتقل ويُفرج عنه لاحقا.

ويقول خبراء إن العدوان الإسرائيلي تسبب بتغيير جغرافية المخيمات عبر هدم منازل وشق طرقات فيها.

بداية العملية
بدأ العدوان ظهر 21 كانون الثاني/ يناير في مخيم جنين بقصف نفذه الجيش الإسرائيلي بمسيرات قتل خلالها 12 فلسطينيا خلال يومين وأصاب نحو 40 آخرين.

واصل الجيش عمليته التي شملت أحياء وبلدات مجاورة تزامنا مع فرض حصار بمنع دخول المخيم.

وبحسب بيانات وزارة الصحة، أسفرت العملية بمحافظة جنين حتى اليوم الأربعاء عن استشهاد 39 فلسطينيا وإصابة عشرات.

وتشير تقديرات رسمية أن جميع منازل ومنشآت المخيم تعرضت لضرر كامل أو جزئي جراء العدوان الإسرائيلي والتدمير والتجريف المتواصلين.

وقالت بلدية جنين إن 800 وحدة سكنية بالمدينة تعرضت لضرر جزئي، بالإضافة إلى هدم الجيش 15 مبنى في المدينة، وتركزت أغلبية الأضرار في المباني والمساكن على الحي الشرقي وحي الهدف.

في السياق، قال مراقبون إن "إسرائيل" تستنسخ تجربة الإبادة الجماعية التي تمارسها بقطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث شهد مخيم جنين في 21 شباط/ فبراير نسف 21 منزلا، وفق شهود عيان.

عمليات النسف هذه مارسها الجيش في غزة في عملية وصفها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بسياسة "إبادة المدن" لفرض التهجير القسري والدائم على الفلسطينيين ومنع عودتهم إلى أراضيهم ومنازلهم، وفق بيان نشره في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2024.

كما شق جيش الاحتلال الإسرائيلي طرقا واسعة في المخيم قسمته إلى مربعات، في عملية قال خبراء فلسطينيون للأناضول إنها تستنسخ شق محور "نتساريم" الذي فصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه.

وصعد الجيش من عملياته العسكرية بمدينة جنين ومخيمها حيث اقتحمهما بدباباته في 23 شباط/ فبراير وذلك لأول مرة منذ عام 2002.

فيما نصب في 23 نيسان/ أبريل الجاري بوابات حديدية على كافة مداخل المخيم المغلقة بسواتر ترابية في خطوة يقول الفلسطينيون إنها تسعى لفصل المخيم عن المدينة.

وبسبب استمرار العملية، تواصل العائلات الفلسطينية نزوحها القسري من المخيم، وتشير تقديرات البلدية أن عدد النازحين من المخيم والمدينة تجاوز 22 ألفا.

توسيع العملية
وفي 27 كانون الثاني/ يناير وسّع الجيش الإسرائيلي عدوانه إلى محافظة طولكرم حيث قُتل 5 فلسطينيين في حينه، فيما وصل في 9 شباط/ فبراير لمخيم نور شمس شرق المدينة.

وأسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل حتى الأربعاء عن استشهاد 13 فلسطينيا بينهم طفل وسيدتان، إحداهما حامل، بالإضافة إلى إصابة واعتقال عشرات، وفق بيانات رسمية.

كما تسببت العملية بنزوح قسري لأكثر من 4200 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، تضم أكثر من 25 ألف مواطن، إلى جانب مئات المواطنين من الحي الشمالي والحي الشرقي للمدينة بعد الاستيلاء على منازلهم وتحويل عدد منها لثكنات عسكرية، بحسب محافظة طولكرم.

وخلف العدوان خلف دمارا كبيرا في البنى التحتية والمنازل والمحال التجارية والمركبات، التي تعرضت للهدم الكلي والجزئي والحرق والتخريب والسرقة من قوات الجيش.

وقال نهاد الشاويش، رئيس اللجنة الشعبية بمخيم نور شمس إن الجيش سرق مقتنيات النازحين التي بقيت في منازلهم وعجزوا عن اصطحابها معهم.

وتظهر الأرقام الرسمية أن الجيش الإسرائيلي دمر 396 منزلا بشكل كامل، و2573 بشكل جزئي في مخيمي طولكرم ونور شمس إضافة إلى إغلاق مداخلهما وأزقتهما بالسواتر الترابية.

وفي 21 شباط/ فبراير، اقتحم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أحد المنازل في مخيم طولكرم بعد ساعات من خطوة مماثلة أقدم عليها وزير الدفاع يسرائيل كاتس.

ونشرت هيئة البث العبرية الرسمية صورة لنتنياهو وعدد من ضباط الجيش الإسرائيلي وهم داخل منزل فلسطيني في مخيم مدينة طولكرم.



مخيما الفارعة وطمون
في 2 شباط/ فبراير، وسّع الجيش الإسرائيلي عدوانه ليصل بلدة طمون ومخيم الفارعة بمحافظة طوباس، لينسحب بعد 7 أيام من طمون، فيما انسحب من مخيم الفارعة بعد 10 أيام.

ولأول مرة استخدم الجيش الإسرائيلي مدرعات من نوع "إيتان" في عملياته البرية، حيث رصدت في بلدة طمون قبل أن تستخدم في عدة مواقع في شمال الضفة الغربية لاحقا.

وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية في غزة صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 958 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، إضافة إلى تسجيل 16 ألفا و400 حالة اعتقال، وفق معطيات فلسطينية.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل حربه على مخيمات الفلسطينيين شمال الضفة.. 40 ألف نازح
  • جيش الاحتلال يقتحم بلدة حجة شرق قلقيلية في الضفة الغربية
  • مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى وإضراب شامل في طولكرم
  • أحدثُه اعتقال السمودي .. الاحتلال يوسّع استهدافه للصحفيين في الضفة الغربية
  • مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى.. وقوات الاحتلال تهدم 4 منازل في الضفة
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدن الضفة الغربية
  • منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا
  • ضمن الاعتداءات.. قوات الاحتلال تنفذ عمليات هدم جنوب الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منازل الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية وتُشرّد سكانها
  • الخارجية تطالب بفرض عقوبات دولية رادعة على مجموعات المستوطنين