الإعراض عن ذكر الله.. ضياع في الدنيا وعذاب في الآخرة
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن الإعراض عن ذكر الله ورفض التذكرة يُعد من أسوأ السلوكيات التي يمكن أن يتبناها الإنسان في حياته. فقد جاء في كتاب الله الكريم العديد من الآيات التي تحذر من هذه الظاهرة وتبيّن عواقبها الوخيمة في الدنيا والآخرة، في سورة الفرقان، يقدم الله سبحانه وتعالى وصفًا دقيقًا لأولئك الذين يعرضون عن ذكره، فيقول: "وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًا وَعُمْيَانًا".
المعرضين عن الذكر
وتابع جمعة أن وفي هذا الوصف، نجد أن الله عز وجل قد صور هؤلاء المعرضين عن الذكر بطريقة بليغة للغاية، حيث شبههم بالحمر المستنفرة التي تهرب من قسورة الأسد، فهي لا تعرف إلى أين تذهب، ولا تفهم وجهتها، مجرد أن تفر بفزع وهلع. وهذا التشبيه يدل على حالة الارتباك والضياع التي يعيشها من يتنكرون لآيات الله وتذكرة رسله.
وأضاف جمعة أن الله تعالى قال في آياته أن من يعرض عن ذكره سيعيش حياة ضنكًا في الدنيا، وسيحشر أعمى يوم القيامة، فيقول سبحانه: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى". هذه العقوبة ليست جزاءً للجهل أو النسيان، بل هي نتيجة حتمية لإعراض الإنسان عن التذكرة وعن الحق الذي يعرضه الله عليه من خلال آياته الكريمة.
الآيات تحذر من الإعراض عن الذكروبين جمعة إن الآيات التي تحذر من الإعراض عن الذكر كثيرة، حيث جاء في القرآن: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ". وهنا نجد أن الله سبحانه وتعالى قد بيّن لنا أن الإعراض عن ذكر الله يعد ظلمًا عظيمًا، ليس فقط في حق الله، بل في حق أنفسنا أيضًا، حيث يفوتنا الهداية ويوقعنا في الظلمات.
واشار جمعة إلى أن أمر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم، أن يعرض عن هؤلاء المعرضين عن الذكر جزاءً لهم على إعراضهم. قال تعالى: "فَأَعْرِضْ عَنْ مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الحَيَاةَ الدُّنْيَا"، كما أمره أن يظل ملازمًا للذاكرين الطائعين، قائلاً له: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ". في هذا إشارة واضحة إلى أن الإنسان يجب أن يبتعد عن الغافلين الذين لا يبالون بذكر الله، وأن يحرص على مصاحبة المؤمنين الطائعين الذين يذكرون الله في كل وقت وحين.
في الختام، قال الدكتور علي جمعة، يجب أن ندرك أن الإعراض عن ذكر الله ليس مجرد تصرف فردي، بل هو أمر يترتب عليه آثار خطيرة في الدنيا والآخرة. في الدنيا، يعيش الإنسان في ضيقٍ وقلق، وفي الآخرة يعاقب بحرمان النور والهدى. لذا علينا أن نحرص جميعًا على تذكر الله في كل وقت، وألا نغفل عن ذكره في زحمة الحياة اليومية. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الذاكرين، وأن يثبتنا على طريقه المستقيم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جمعة صلى الله عليه وسلم ذكر ذكر الله الدكتور علي جمعة الله سبحانه وتعالى فی الدنیا
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الدين والحياة تكامل لا تنافر والإسلام يدعو للإتقان والجمال
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان العَلاقة بين الدين والحياة هي علاقة تكامل وانسجام، وليست تضادًا أو تنافرًا، فالدين جاء لتستقر به أمور الحياة وتزدهر؛ قال تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه لذلك رأينا المسلمين الأوائل كانوا أشد الناس تمسكًا بدينهم ، وكانوا أصحاب حضارة ورقي وازدهار، مما يؤكد أنه كلما ازداد المسلم تمسكًا بدينه وتعاليمه ، كلما كان ذلك دافعًا له للعيش حياة كريمة عامرة بالخير والسعادة والصلاح.
واشار الى ان الدين يأمر المسلم أن يكون متقنًا في عمله فيزيد بذلك ربحه، ويطمئن خاطرُه، وتسعد حياته، ويتفرغ قلبُه للعبادة. كما يأمره أن يكون نظيفًا جميًلا في صورته وأخلاقه. فعن عبد الله بن مسعود، عن النبي ﷺ قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر». قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس».
أما عن النهي الوارد عن التعلق بالدنيا ، الذي يفهمه بعضهم خطأ، نحو حديث "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن". فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".
فالمقصود بذلك هو ألَّا تكون الدنيا هي الغاية والمقصد، فتكون مدعاة أن يسرق الإنسان ويكذب لتحصيل منافعها. هذا هو المنهي عنه ، والذي يتمسك بظاهره من لا يفهمون النصوص فهمًا صحيحًا. وقد علَّمَنا مشايخنا أن تكون الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا.