قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن الإعراض عن ذكر الله ورفض التذكرة يُعد من أسوأ السلوكيات التي يمكن أن يتبناها الإنسان في حياته. فقد جاء في كتاب الله الكريم العديد من الآيات التي تحذر من هذه الظاهرة وتبيّن عواقبها الوخيمة في الدنيا والآخرة، في سورة الفرقان، يقدم الله سبحانه وتعالى وصفًا دقيقًا لأولئك الذين يعرضون عن ذكره، فيقول: "وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًا وَعُمْيَانًا".

 

المعرضين عن الذكر

وتابع جمعة أن وفي هذا الوصف، نجد أن الله عز وجل قد صور هؤلاء المعرضين عن الذكر بطريقة بليغة للغاية، حيث شبههم بالحمر المستنفرة التي تهرب من قسورة الأسد، فهي لا تعرف إلى أين تذهب، ولا تفهم وجهتها، مجرد أن تفر بفزع وهلع. وهذا التشبيه يدل على حالة الارتباك والضياع التي يعيشها من يتنكرون لآيات الله وتذكرة رسله.

وأضاف جمعة أن الله تعالى قال في آياته أن من يعرض عن ذكره سيعيش حياة ضنكًا في الدنيا، وسيحشر أعمى يوم القيامة، فيقول سبحانه: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى". هذه العقوبة ليست جزاءً للجهل أو النسيان، بل هي نتيجة حتمية لإعراض الإنسان عن التذكرة وعن الحق الذي يعرضه الله عليه من خلال آياته الكريمة.

الآيات تحذر من الإعراض عن الذكر

وبين جمعة إن الآيات التي تحذر من الإعراض عن الذكر كثيرة، حيث جاء في القرآن: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ". وهنا نجد أن الله سبحانه وتعالى قد بيّن لنا أن الإعراض عن ذكر الله يعد ظلمًا عظيمًا، ليس فقط في حق الله، بل في حق أنفسنا أيضًا، حيث يفوتنا الهداية ويوقعنا في الظلمات.

واشار جمعة إلى أن  أمر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم، أن يعرض عن هؤلاء المعرضين عن الذكر جزاءً لهم على إعراضهم. قال تعالى: "فَأَعْرِضْ عَنْ مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الحَيَاةَ الدُّنْيَا"، كما أمره أن يظل ملازمًا للذاكرين الطائعين، قائلاً له: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ". في هذا إشارة واضحة إلى أن الإنسان يجب أن يبتعد عن الغافلين الذين لا يبالون بذكر الله، وأن يحرص على مصاحبة المؤمنين الطائعين الذين يذكرون الله في كل وقت وحين.

في الختام، قال الدكتور علي جمعة، يجب أن ندرك أن الإعراض عن ذكر الله ليس مجرد تصرف فردي، بل هو أمر يترتب عليه آثار خطيرة في الدنيا والآخرة. في الدنيا، يعيش الإنسان في ضيقٍ وقلق، وفي الآخرة يعاقب بحرمان النور والهدى. لذا علينا أن نحرص جميعًا على تذكر الله في كل وقت، وألا نغفل عن ذكره في زحمة الحياة اليومية. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الذاكرين، وأن يثبتنا على طريقه المستقيم.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جمعة صلى الله عليه وسلم ذكر ذكر الله الدكتور علي جمعة الله سبحانه وتعالى فی الدنیا

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهم فلا تيأس وثق فى الله

قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الثقة بالله سبحانه وتعالى دَيدَن المؤمنين، وهي ركن من أركان الإيمان، وصِلة واضحة جليّة بين العبد وربه. 

ونوه جمعة عبر صفحته الرسمية على فيس بوك أن الثقة بالله تجعلنا نؤمن بما عند الله أكثر من تصديقنا لما بين أيدينا، لأن الله سبحانه وتعالى فعالٌ لما يريد، وهو على كل شيء قدير، رب السماوات والأرض وما بينهما، وهو الذي خلقنا وأحيانا ويميتنا، وهو الذي رزقنا وهدانا إلى سواء الصراط المستقيم.

واضاف: لا ينبغي أن يدخل الشك إلى قلب أحدٍ من المؤمنين في ربه، فإن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن هدايةً للعالمين إلى يوم الدين، وبيّن لنا فيه سننًا إلهيةً جرت عبر التاريخ، لا لمجرد الاستماع إلى القصص، بل للاهتداء بها، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ﴾، وقال: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾.

وبين ان القرآن الكريم نزل هدىً للمتقين، وعمىً على الكافرين. وقد خصّ الله قصة موسى عليه السلام بذكرها في مواضع كثيرة من القرآن، حتى شغلت جزءًا كبيرًا من قصص الأنبياء، لما فيها من عبرٍ وحكم وهداية تُصلح حياة الأفراد والأمم.

ماذا يحدث عند قراءة يس 7 مرات يوميا؟.. علي جمعة: اغتنموها لهذا السببحكم الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل.. الإفتاء توضحساعة الإجابة يوم الجمعة.. اعرف وقتها وفضلها

ولفت الى ان من هذه الهداية: أن الله تعالى وصف موسى عليه السلام بالقوة؛ فقد كان قويّ البنية، كما قال تعالى: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾، ضربة واحدة أنهت حياة عدوه، وهي ليست ضربة بل "وكزة"! مما يدل على شدة قوته.

ولم يكن موسى قويّ الجسد فقط، بل كانت له نفسية قوية، وهيبة في الناس، فقد احتمى به الناس { فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ}. ولما ذهب إلى مدين سَقَى لبنات شعيب مع رعاء الناس في وسط الزحام.

ومع هذه القوة الظاهرة والباطنة، كان موسى عليه السلام يخاف، فقد ورد الخوف في كل مراحله:

• بعد القتل: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾

• بعد التحذير وعند الخروج: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾

• عندما أمره الله بالذهاب إلى فرعون: ﴿ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾، ﴿ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾

• وعند مواجهة السحرة: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى﴾، فقال له ربه: ﴿ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى﴾

وبين ان موسى، رغم قوته الجسدية والنفسية والإيمانية، كان خائفًا، لأن العدو (فرعون) كان طاغية فاجرًا، يحكى عنه أنه كان يقتل بالنظرة، ويقول: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾، فقال الله فيه وفي من كان مثله من الجبابرة الطغاة على مر التاريخ: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى﴾.

وقد قرر القرآن قاعدة عظيمة تُورث الثقة بنصره في قلوب المؤمنين، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ﴾

فالخطاب تحول من الغائب ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ﴾ إلى الخطاب المباشر ﴿مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ﴾، ليخاطب المؤمنين إلى يوم الدين.

هذه الآية تؤكد أن التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهم، فهو القادر على إزالتهم في لحظة، ويخاطبك ربك قائلاً: "لا تخف".

وإن وقع الخوف في قلبك، فلا تيأس، فقد خاف موسى وهو كليم الله.

فكن ككليم الله موسى في الثقة والتصديق بأمر الله ولا تخف، واجعل حياتك لله: اجعله هو مقصودك.. وناصرك.. واعتمادك.. وذكرك.. وتوجهك، حتى لو لم يكن معك أحد.

فالنبي يأتي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان، وربما ليس معه أحد، فعامل لله، وثق بالله، ترى من عجائب قدرته ما يدهشك.

مقالات مشابهة

  • لعله خير
  • علي جمعة يكشف عن اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب
  • أسرار الرزق.. 20 حقيقة تكن واحدا من الأغنياء
  • من ضاقت به الدنيا ماذا يفعل؟.. الإفتاء: هذا الذكر يفرِج كل ضيق
  • رمضان عبد المعز: الأخوّة نعمة إلهية وأعظم سند وشفيع في الآخرة.. فيديو
  • رمضان عبد المعز: الأخوّة نعمة إلهية.. وهي أعظم سند في الدنيا وشفيع بالآخرة
  • كيف يعلمنا الابتلاء الصبر ويقودنا إلى الله؟.. علي جمعة يرد
  • ماذا قال الرسول عن البلاء؟ علي جمعة يكشف عن طريقة التعامل معه
  • علي جمعة: التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهم فلا تيأس وثق فى الله
  • انطلاق قافلة دعوية للواعظات إلى إدارة بندر أول بالفيوم بعنوان" فضل عمارة الدين وعمارة الكون “