هير.. التواصل مع الذكاء الاصطناعي حلم يتحقق بعد 10 سنوات من الخيال
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
بعد مرور 13 عاما على العرض الأول لفيلم "هي" (Her)، الذي قام ببطولته خواكين فينيكس بصوته المميز لسكارليت جوهانسون، ومن إخراج سبايك جونز، أصبحت الفكرة الرئيسية للفيلم أكثر واقعية من أي وقت مضى.
فبينما كان يُصنف فيلم خيال علمي عند صدوره، تحوّل اليوم إلى انعكاس لحياة الجميع، حيث أصبحت تطبيقات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي أكثر من مجرد أدوات معلوماتية.
ويروي الفيلم قصة ثيودور، الذي يجسد دوره خواكين فينيكس، وهو كاتب محترف يعمل على صياغة رسائل بالنيابة عن الآخرين، معبرا عن مشاعر وأفكار ليست ملكه. يعيش ثيودور في عزلة اجتماعية وعاطفية خانقة. ومع ظهور نظام ذكاء اصطناعي جديد ومبتكر، يندفع لاقتنائه على أمل الحصول على مساعدة تقنية. ولكن التجربة تتجاوز التوقعات. ويطلق النظام على نفسه اسم "سامنثا"، وتتحول تلك الآلة الصغيرة التي يحملها في جيبه إلى صديقة، ومعلمة، وحبيبة، لتصبح جزءا أساسيا من حياته اليومية.
منذ بداية الفيلم، بدا بطل القصة غارقا في رغبة دائمة للعزلة، بعيدا عن العلاقات الاجتماعية، مع إبراز واضح لنزعته الفريدة والغريبة من خلال اختيارات المخرج لتفاصيل ملابسه وألوانها وتصميماتها. وجسدت سامنثا دور المنقذ الذي انتشله من عزلته الطوعية.
ولكن بعد مرور سنوات على عرض الفيلم، لم يعد البطل استثناء، بل أصبح يمثل صورة نمطية لكل شخص يغرق في وهم العلاقات التي توفرها مواقع التواصل الاجتماعي. وأصبحت هذه المنصات جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سواء في التواصل أو العمل، وبات من الصعب الاستغناء عنها رغم أنها تعزز مفهوم العلاقات الوهمية، حيث يعتقد الفرد أنه محاط بمئات أو آلاف الأصدقاء، بينما هو في الواقع يعيش حالة من الوحدة المطلقة.
ويعمل ثيودور كاتب رسائل محترفا، يكتب لأشخاص لا يعرفهم، ويتقمص شخصياتهم، معايشا أفكارهم ومشاعرهم ومستحضرا ذكرياتهم. وتتسم حياته الشخصية بالروتين والانعزال، وكأنه فقد القدرة على الالتزام بواجبات الصداقة والحياة الاجتماعية بعد تجربة طلاق مؤلمة. ومع مرور الوقت، تتحول سامنثا بالنسبة له إلى عالم متكامل، تقدم له إشباعا عاطفيا واجتماعيا وإنسانيا، ليصبح وجودها محوريا في حياته
إعلان رسائل إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعييشبه جوهر الحكاية ما يحدث حاليا مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تتمتع بمستويات متطورة من الذكاء والاستقلالية وحس الدعابة، وتخفف الدردشة معهم من وطأة الوحدة التي تزايدت بعد وباء كورونا، بسبب اعتياد البشر على الانعزال وعدم التواصل البشري.
وتحولت العلاقات الافتراضية إلى بديل للعلاقات الاجتماعية وأصبحت التطبيقات أشبه برفاق الذكاء الاصطناعي، ويستثمر البشر في علاقاتهم بهذه التطبيقات بطريقة تتطلب مستوى كبير من الثقة والتوافق وحتى التكلفة المادية في بعض الأحوال.
تعزيز التواصل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعييكمن السبب في قدرة هذه التطبيقات على التعلم المستمر مع كل تفاعل جديد. فكلما زاد استخدامها، أصبحت أكثر فهما للإنسان واحتياجاته، مما يعزز شعور المستخدم بأنها رفيق مطيع، يستمع دون أن يفرض عليه عبء التواصل المتبادل. وفي فيلم "هير" تتطور العلاقة بين ثيودور وسامنثا بشكل يعكس هذا المفهوم، حيث يجد نفسه مرارا متسائلا عن طبيعة العلاقة بينهما. وفي أحد المشاهد المميزة، يظهر ثيودور وهو يحمل الجهاز وكأنه يراقص حبيبته، ليصطدم بواقع غريب: علاقته هذه ليست سوى ارتباط بصوت افتراضي ينبعث من جهاز.
يختتم الفيلم بانفصال ثيودور عن سامنثا، حيث تغادر جميع أنظمة التشغيل في مشهد يبعث على الغرابة، مما يجبره على مواجهة واقعه مجددا. وفي لحظة مؤثرة، تقول له صديقته إيمي: "لقد حان الوقت للخروج إلى العالم"، يُختتم العمل بمشهد يجمع ثيودور وإيمي وهما ينظران من أعلى إلى المدينة، ليؤكد أن التواصل البشري الحقيقي هو ما يبقى في نهاية المطاف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات سينما الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
مصطفى عيسى: الذكاء الاصطناعي غير مفيد على المستويين الفني والنقدي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الفنان والناقد الدكتور مصطفى عيسى، التشكيلي والباحث في جماليات الفن المعاصر، إن الذكاء الاصطناعي لا يزال مجالا مفتوحا على مستقبل غامض، موضحًا انه لم يصلنا منه سوى ما قد نقرنه بـ "الاسكتش" الذي يستحضر الفكرة فقط.
وأضاف عيسى، فى تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز"، ان الذكاء الاصطناعي حاليًا غير مفيد على كلا المستويين الفني والنقدي، ما يعني أننا سوف ننتظر لبعض الوقت حتى نتفهم الكيفية التي تصلح لتعامل الفنان والناقد مع هذا الفتح الجديد، بكلام يتصل بنفس الفهم فإن كل جديد قابل للتطور من داخله، مؤكدا انه سوف يأتي الوقت الذي نتعامل فيه مع الذكاء الاصطناعي باعتباره ركنا مهما ومادة جيدة تضيف للفنان ولا تخذله.
بسؤاله عن اذا كان النقد التشكيلى يقرب المسافة بين المبدع والمتلقى، أكد : "كل الطرفين المبدع والناقد يمثلان وجهين لعملة واحدة نظرا لهذا المعنى من خلال تفهمنا بأن النقد في حقيقته ممارسة إبداعية غير منغلقة على ذاتها، كونها موجهة بالأساس للمبدع."
وتابع عيسى : " لهذا فإننا نؤكد على ضرورة أن ينظر كل طرف للآخر باهتمام وأن يتبادلا الحوار الجاد وليس النظرة العابرة الانطباعية والتي تمتلئ أحيانا باستخفاف غير مقبول".