تحتفل سلطنة عُمان يوم الثلاثاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان بشعار: "ركيزة الوطن.. خطوات مستدامة لحماية وتعزيز حقوق كبار السن".

وتنفذ اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان احتفالًا بهذه المناسبة برعاية معالي الشيخ عبدالملك بن عبدالله الخليلي، رئيس مجلس الدولة، وبحضور ممثلين عن المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المختلفة، ويأتي الاحتفال هذا العام لتعزيز الاهتمام بفئة كبار السن، تقديرًا لدورهم المحوري في بناء الوطن وإسهامهم الفاعل في مختلف مجالات الحياة.

ويتضمن برنامج الاحتفال عددًا من الفعاليات المتنوعة، من بينها عرض فيلم وثائقي من إنتاج اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان يُسلط الضوء على كبار السن، ويوضح دورهم كركيزة أساسية في مسيرة التنمية الوطنية، كما يتضمن الحفل مشهدًا مسرحيًا يجسد التحديات التي يواجهها كبار السن، بهدف توعية المجتمع بأهمية احتواء كبار السن ومعالجة الصعوبات التي تعترض طريقهم.

ويلي ذلك عرض مرئي يتناول أهم البلاغات والشكاوى المتعلقة بحقوق كبار السن، وكيفية تعامل اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان معها، بالإضافة إلى إحصائيات وطنية تُسلط الضوء على واقع هذه الفئة في سلطنة عُمان.

وفي لفتة تقديرية للجهود الوطنية، يشهد الحفل الإعلان عن أبرز المبادرات والمشروعات التي قامت بها المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، وكان لها إسهام ملموس في مجال حماية وتعزيز حقوق كبار السن، ويهدف هذا الإعلان إلى تحفيز المؤسسات والأفراد على تبني مبادرات مستدامة تدعم حقوق هذه الفئة وتعزز مشاركتهم في المجتمع، كما يشهد الحفل أيضًا استعراضًا لتوصيات الجلسة الحوارية التي أقامتها اللجنة في الثاني من ديسمبر الجاري، بمشاركة ممثلين من وحدات الجهاز الإداري للدولة، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، وتهدف هذه التوصيات إلى تعزيز التعاون بين مختلف الجهات لضمان حقوق كبار السن وتطوير الخدمات المقدمة لهم بما يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية.

وقدمت الدكتورة رقية بنت إسماعيل الظاهرية، رئيسة قسم البحوث والدراسات القانونية وعضوة فريق الذكاء الاصطناعي في المستشفى السلطاني، ورقة عمل بحثية أوصت خلالها بتعزيز الوعي الرقمي لدى كبار السن، وإعداد حملات توعوية تركز على أهمية التكنولوجيا في تحسين حياتهم، وتصميم منصات رقمية ملائمة لتطوير تطبيقات ومواقع إلكترونية بواجهات بسيطة تراعي احتياجاتهم، بخطوط كبيرة وتصميمات سهلة الاستخدام.

وحثت الظاهرية، في ندوة حوارية لتعزيز حقوق كبار السن نظمتها اللجنة العمانية لحقوق الإنسان حول دور التكنولوجيا في حياة كبار السن، على توفير برامج تدريبية مخصصة، وإطلاق برامج تستهدف تعليم كبار السن كيفية استخدام الأجهزة الحديثة، وتوفير الأجهزة بأسعار مناسبة، كما دعت إلى دعمهم بأجهزة ذكية ميسورة التكلفة بالتعاون مع القطاع الخاص، وتعزيز الشراكة المجتمعية بإشراك المجتمع بأكمله في تقديم الدعم لهذه الفئة من خلال المبادرات التطوعية والمؤسسية.

واستعرضت الظاهرية في ورقتها التحديات التي تواجه هذه الفئة الأكثر هشاشة، مؤكدة أن تمكين كبار السن من التكنولوجيا يجب أن يُنظر إليه كحق أساسي للوصول إلى الخدمات، لا كوسيلة ترفيهية.

وحول الفجوة الرقمية وأبعادها الإنسانية، قالت الظاهرية: إن مفهوم الفجوة الرقمية، الذي يعني التفاوت في القدرة على الوصول إلى التكنولوجيا واستخدامها، يزداد وضوحًا مع التقدم في العمر نتيجة نقص المهارات التقنية، وقلة التدريب، وضعف التصميم المناسب لاحتياجاتهم. وأشارت إلى أن كبار السن في سلطنة عمان يعانون من معدلات استخدام منخفضة للتكنولوجيا مقارنة بالفئات العمرية الأصغر، وهي ظاهرة تتكرر عالميًا رغم تزايد الجهود الداعمة لهذه الفئة.

تحسين جودة حياة كبار السن

وأكدت الورقة أن التكنولوجيا ليست خيارًا بل ضرورة لتحسين جودة حياة كبار السن، من خلال تسهيل الوصول إلى الخدمات الحكومية والصحية، وكسر العزلة الاجتماعية، وتعزيز الاستقلالية، وأشارت إلى أن الفجوة الرقمية تسهم في تهميش كبار السن، مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على صحتهم النفسية والاجتماعية.

التحديات

وبيّنت الظاهرية أن هناك عددًا من التحديات التي تواجه كبار السن، من بينها التحديات التقنية، التي تتمثل في نقص التدريب الملائم لاستخدام التطبيقات والأجهزة الذكية، وتصميم الأجهزة الرقمية بطريقة غير ملائمة لقدرات كبار السن، مما يزيد من صعوبة استخدامها.

إضافة إلى ذلك، هناك تحديات اجتماعية تتمثل في العزلة الرقمية التي يشعر بها كبار السن نتيجة صعوبة اندماجهم في العالم الرقمي، وقلة التوعية بأهمية التكنولوجيا ودورها في تحسين حياتهم اليومية.

كما أكدت الظاهرية في ورقتها وجود تحديات صحية، تتمثل في تأثير التقدم في العمر على القدرات الإدراكية والحركية، مما يجعل استخدام الأجهزة الحديثة تحديًا إضافيًا، فضلًا عن الإرهاق التكنولوجي الناتج عن سرعة التطورات التقنية.

"رؤية عُمان 2040"

وبيّنت الدكتورة رقية الظاهرية أن "رؤية عُمان 2040" تسعى لتحقيق تحول رقمي شامل يعزز من تمكين كبار السن كجزء من المجتمع الرقمي، وأشارت إلى أهمية السياسات الوطنية، مثل "السياسة الوطنية للنفاذ الرقمي"، التي تهدف إلى إزالة الحواجز التقنية وضمان وصول هذه الفئة إلى الخدمات الإلكترونية بسهولة ويسر.

تعزيز القيم الاجتماعية

أشارت الورقة إلى أن كبار السن يمثلون خزانة حية للقيم والتقاليد، وأن تمكينهم من التكنولوجيا يساعدهم على نقل تراثهم الثقافي وخبراتهم إلى الأجيال الشابة، كما أكدت الورقة على دورهم المحوري في استقرار المجتمع من خلال تقديم المشورة والمشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات.

الإحصائيات الوطنية والدولية

واستعرضت الورقة إحصائيات تعكس الواقع الرقمي لكبار السن في سلطنة عُمان مقارنة بالمعدلات العالمية، وبيّنت أن هناك حاجة ملحة لتعزيز الجهود المحلية لتقليص الفجوة الرقمية وضمان شمولية التحول الرقمي.

وقدمت الظاهرية في ورقتها رؤية شاملة للتحديات والحلول المرتبطة بتمكين كبار السن رقميًا، مؤكدة أن ضمان حقوقهم الرقمية هو مسؤولية مجتمعية وأولوية حقوقية.

وختمت بدعوة الحكومات والمؤسسات للعمل على سد الفجوة الرقمية وبناء مجتمع رقمي شامل يضمن لكبار السن حياة كريمة ومستقلة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الفجوة الرقمیة حقوق کبار السن لحقوق الإنسان هذه الفئة سلطنة ع

إقرأ أيضاً:

عُمان تحتفي بالمنجز لا بالزمن

لا يصنع الزمنُ الرجال، ولكن الرجال هم الذين يصنعون الزمن، وهم الذين يكتبون التاريخ وينقشون تفاصيله على الصخور الصلدة التي لا يقوى الزمن على تغييرها. ولا يُحسَب الزمن بعدد أيامه، ولكن بالإنجازات التي تحققت فيه، وبقدرته على تشكيل الواقع وصناعة المستقبل.

تحضر هذه الرؤية العميقة بقوة في هذه اللحظة التي تحتفل فيها سلطنة عمان بمناسبة مرور 5 أعوام على تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، مقاليد الحكم في سلطنة عمان.. فهذا الاحتفال ليس احتفالا بالزمن في معناه الخطي، خاصة وأن 5 سنوات فترة وجيزة جدا في مساره الذي لا يتوقف؛ ولكنها تحتفل بالفعل الذي تحقق في هذه البرهة من الزمن العماني، وبالإنجازات التي استطاعت أن تسابق خطواته.

مضت السنوات الخمس إذا وكأنها ومضة أو ارتدادة طرف، لكنها، في الحقيقة، كانت متخمة بالإنجازات الكبرى التي غيرت وجه عُمان وصنعت تحولات كبرى في البنى التي يقوم عليها العمل الحكومي وفي الاقتصاد وفي الهياكل الإدارية، وفي فلسفة الاقتصاد وفلسفة الإنفاق المالي وفلسفة المستقبل الذي تريده عُمان.. حتى وكأن الزمن بدا أمام كل هذه التحولات والإنجازات صغيرا، وهذا يثبت أن الإرادة الصادقة والعزيمة الراسخة قادرتان على تجاوز حدود المستحيل.

ومنذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة مقاليد الحكم بدأت عُمان رحلة نهضتها المتجددة مستندة إلى إرثها التاريخي ومُستلهمة رؤى المستقبل من «رؤية عمان 2040» التي صنعت على عين السلطان هيثم بن طارق وبمشاركة شعبية واسعة. وأرسى سلطان البلاد المفدى أسسا راسخة لسياسة حكيمة تتسم بالتوازن والاعتدال، مُعززا مكانة عُمان كواحة للسلام وملتقى للحوار والتفاهم بين الأمم. وفي ظل توجيهاته السديدة، استمرت عُمان في القيام بدور فاعل على الساحة الدولية، مُسهمة في تحقيق الاستقرار ونشر قيم التسامح والتعايش السلمي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، شهدت عُمان خلال السنوات الخمس الماضية نقلة نوعية من خلال تنفيذ خطط تنموية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستدامة الاقتصادية.. فقد تم إطلاق مشاريع استراتيجية كبرى في مجالات الطاقة المتجددة والصناعات التحويلية والسياحة، ما أسهم بتعزيز الوضع المالي في سلطنة عمان التي كانت تعيش أزمة مالية كبرى جراء انخفاض أسعار النفط وتوقف وتأثر قطاعات الإنتاج بسبب جائحة فيروس كورونا ما جعل سلطنة عمان تحقق فوائض مالية متجاوزة توقعات خطة التوازن المالي وتحسين التصنيف الائتماني إلى مستويات استثمارية. وبفضل رؤية جلالته الثاقبة، تم تعزيز بيئة الاستثمار وتطوير البنية الأساسية، لتصبح سلطنة عُمان وجهة جاذبة للمستثمرين من مختلف أنحاء العالم.

وفي مجال التنمية البشرية، أولى جلالة السلطان المعظم اهتماما خاصا بالتعليم والبحث العلمي، إيمانا منه بأن الإنسان هو محور التنمية وغايتها. فتم تحديث المناهج التعليمية لتواكب متطلبات سوق العمل عبر فتح مسارات للتعليم التقنية مع التركيز على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة. كما تم دعم الشباب وتشجيعهم على الإبداع والمشاركة الفاعلة في بناء الوطن، ليكونوا عماد المستقبل وحملة مشاعل النهضة المتجددة.

وكان اهتمام جلالة السلطان المعظم في بناء عُمان اهتماما أعمق بكثير من البناء اللحظي المباشر، فرؤيته وفلسفته ذات صبغة حضارية تهتم ببناء المؤسسات والاقتصاد والبنى الأساسية في الدولة ولكنها تبني الإنسان وتبني القيم والأخلاق؛ ولذلك نراه في كل مناسبة يركز على البناء الأخلاقي وبناء القيم وتربية النشء على القيم العمانية الأصيلة المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف. وخلال ذلك يتم بناء الهوية الوطنية والمحافظة على التراث العُماني الغني.

وفي التاريخ العماني رصيد كبير جدا يساعد ويسهل عملية البناء الحضاري وفق نظرية التراكم المعرفي وفيه ما يمكن الإنسان من التفاعل حضاريا مع الآخر.

إن ما تحقق في السنوات الخمس الماضية من عمر عُمان يكشف بشكل واضح جدا قدرة العمانيين على تغيير مسار الأحداث لصالح مشاريعهم ونهضتهم حتى لو كانت أحلامهم وطموحاتهم كبرى تطاول السماء.

وما دامت قيادة عُمان في يد رجل بحجم السلطان هيثم بن طارق المعظم فإن الفعل الحقيقي على أرض الواقع سيكون، على الدوام، أكبر بكثير من حجم الزمن، والطموح الإنساني أكثر حصيلة من المساحة التي يمتلكها الزمن رغم عظمته هو الآخر وقدرته على التغيير.

مقالات مشابهة

  • ملتقى مستقبل المهرجانات السينمائية: التكنولوجيا الرقمية تعيد تشكيل صناعة الأفلام الأفريقية
  • المرصد السوري: 157 ضحية في 80 جريمة قـ.تل بالساحل وحمص وحماة
  • عمان تحتفل بيوم تولى السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم
  • عُمان تحتفي بالمنجز لا بالزمن
  • 20 ألف زيارة منزلية لـ «كبار السن وذوي الهمم» بالشرقية
  • عُمان تحتفل: مهرجان التخفيضات والعروض ينطلق لتحفيز الاقتصاد وتنشيط التجارة في جميع المحافظات
  • ملتقى لدعم كبار السن بولاية سدح
  • لـ كبار السن والمرضى.. الجوازات تواصل إجراءات تسهيل الحصول على خدماتها
  • الصين تستعين بروبوتات بشرية لرعاية كبار السن
  • 11 يناير.. و5 سنوات من أجل عُمان