لجريدة عمان:
2024-12-12@04:53:54 GMT

مجموعات شعرية نادرة لشعراء راحلين!

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

مجموعات شعرية نادرة لشعراء راحلين!

لا يهمل القدر أن يعيش بعض الشعراء طويلًا، فيرحلون عن الدنيا، مع بداية تشَكُّل تجربتهم الشعرية، بنشرهم لمجموعة واحدة، لا يذكرها أحد بعد رحيل الشاعر، إلا في القليل النادر، لتضيع في غياهب النسيان.

قبل أيام اتصل بي مشكورًا أحد المثقفين، باحثًا عن نسخة من المجموعة الشعرية الوحيدة التي صدرت للشاعر والكاتب الصَّحافي الرَّاحل: علي بن سهيل حاردان (ت: 2008م)، الموسومة بعنوان: "الإبحارُ إلى ضلكوت"، ذكَّرني اتصاله بهذا العمل الشعري المنسي والنادر، فمن أين للباحث نسخة منه؟، إذ يصعب الحصول على نسخة ورقية لكتاب صدر قديمًا، مع عدم وجود "مكتبة وطنية" في البلد، تحفظ الكنوز الأدبية والفكرية والعلمية، الصادرة خلال قرن من الزمان على أقل تقدير، لكتاب عمانيين أفنوا حياتهم في تأليف الكتب، فما إن صدرت بنسخها المعدودة، حتى أصبحت بعد سنين من النوادر، وبتقادم الأيام يُفقَد الكتاب، ويصبح نسْيًا منسيًا، إلا إن أعيد تقديمه من جديد للحياة الثقافية.

صدرت الطبعة الأولى من ديوان "الإبحارُ إلى ضلكوت"، في يونيو 1987م، رسمت الفنانة التشكيلية ياسمين محمد لوحة الغلاف، متضمنًا 21 نصًا بين تفعيلة وقافية، شحنه الشاعر بهواجسه الشعرية، المفعمة بحسِّه السياسي، من بينها نص كتبها في لبنان، وكأنه يتحدث عن حال لبنان اليوم، فالشعر يستعيد حضوره بتجدد الأحداث، وتماوج الحياة بين حَرْب وسِلْم، يقول الشاعر في قصيدته "مشهد من لبنان"، مُصوِّرًا طفلة تائهة بين الرُّكام والجثث:

تلك الطفلةُ الحَيرَى

تبحثُ في وحُولِ الدَّمِ

وقفتْ تتأملُ الأمواتَ

كأعمِدةٍ على الصَّحراءِ قد نُصِبَتْ

وَحفلُ الموتِ يتجلَّى

كعُرسِ الصَّفوةِ الأولى

وقفتْ تُخاطِبُ المَجهولَ

تخبرُه بما يُعقَل

عن "صَبْرا" و"شَاتِيلَّا".

وهناك مجموعات شعرية لشعراء راحلين، صدرت قديما، ثم نسيها القراء، أو يتذكرونها ولا يحتفظون بنسخة منها، أو ضاعت ضمن ما ضاع من كتب، مثلما أتذكر الآن المجموعة الشعرية الوحيدة "صَدى السنين"، الصادرة عام 1988م، للشاعر الراحل ربيع بن سالم العلوي (ت: 1989م)، متضمِّنًا ما يقرب من 30 قصيدة، بين مقطوعة قصيرة ونص طويل، أتذكر كم كنا فرحين بصدور هذا العمل للزميل الشاعر، ذي الضحكة المُجلجلة بين أقسام صالة التحرير في جريدة عُمان، وابتسامته العريضة التي يقابل بها كل من يلاقيه، وقلبه المحب للحياة، غير أنَّ الشاعر رحل باكرًا، وبقيت مجموعته الشعرية تُذكِّر به، صدى عذبًا لأمس لا يعود، وهو يُغني: (يوم أشوفك تِختِفي شمس الأصيل .. ويتراقص ليل عُمْري بالدَّلال).

وإن نفد ديوان الشاعر ورقيًا، وأصبح من النوادر، إلا أنه يمكن قراءته رقميًا من موقع "السلطنة الأدبية" الإلكتروني، وجزى الله القائمين عليه كل خير، وهذه نغمة شجية من "صَدى الأمس" للشاعر ربيع العلوي، صدىً لتلك الأيام الجميلة:

سامِحيني لو رَحل قلبي الوَفي،

اعذريني ما بَقى بالدُّنيا شَي،

كلُّ الأماني سافرتْ،

حتى طيُوري هاجَرتْ،

واتناثرتْ..

أوراق حبِّي بالربيع،

وراح الصَّبر..

لي كان هو كوني الوسيع،

سامحيني .. اعذريني.

وهل يخطر على البال مجموعة "محاولة شعرية"، لمؤلفها الراحل الدكتور اليقظان بن طالب الهنائي (ت: 2001م)، صدرت عن مطابع النهضة عام 2000م، ولم أكن أعرف عن هذه المجموعة شيئًا، لولا أني تعرَّفتُ عليها من نسخة وحيدة، لمحتها متوارية بين الكتب، في مكتبة "مركز نزوى الثقافي"، وكانت فرحتي بها كبيرة، لأني على معرفة بمؤلفها، حين كان رئيسًا للنادي الثقافي، أواخر النصف الثاني من عقد التسعينات، وأعرفه كذلك متحدِّثًا فصيحًا في المنابر، زيَّنَ محاولته الشعرية هذه بثماني لوحات فنية، رسمتها ريشة التشكيلية أمل عبدالله، ويقع في 185 صفحة من الحجم المتوسط، متضمنًا 41 قصيدة.

بحثت عن تعريف يليق بالدكتور اليقظان بن طالب الهنائي، في مصدر موثوق فيه كالموسوعة العمانية، باعتباره شخصية خدمت الساحة الثقافية في عُمان، تعريف يمازج بين خبرته الثقافية وعمله في الاقتصاد، فقد عمل مستشارًا اقتصاديًا بديوان البلاط السلطاني، وللأسف لم أجد في الموسوعة تعريفًا به، ولعله غاب عن بال كتَّاب مداخلها، كما غابت أسماء أخرى، ووجدت أنَّ حروف كلماته في محاولته الشعرية هذه تعرَّفُ به، وتقدِّم له أصدق تعريف، وتكشف عن رغبته في الإسهام بكتابة نصوص شعرية، تجمع في وزنها العَروضِي بين القافية والتفعيلة، وفي مضامينها نصوص مشحونة بهواجس الشاعر ونظرته للحياة، وقد تُكتَب فيه دراسة بحثية يوما ما، فتكبر الأسرة الأدبية للشاعر، والمبدع وإن تجاهلته الأيام ونسيه الإعلام، وغاب عن الذاكرة والمُذاكرة، سيعود من جديد من رُكام النسيان، وكم جدير بالنادي الثقافي أنْ يقدِّم فيه ندوة، تتناول سيرته الثقافية، وتقرأ نصوصه الشعرية، ويعاد إذكاء وهجه الخامد من جديد.

إن أبرز ما قدمه الشيخ اليقظان بن طالب الهنائي خلال فترة رئاسته للنادي، كان "مهرجان الخنساء"، واستضافته لشاعرات عربيات مشهورات، كالشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان (ت: 2003م)، فقد كان لحضورها في مسقط بهجة شعرية، غنَّت في قاعة النادي أنشودتها الرائعة: "كان حمزة"، هذه الأنشودة التي حفظناها في سنوات الطفولة من المنهج الدراسي، وفي تلك الليلة قرأ اليقظان قصيدة أمام الحضور، فاتحًا بها "مهرجان الخنساء"، في دورته الأولى عام 1999م: (رَأيتُ بعينيكِ وَمْضَ النُّجوم .. وفي جبهَتيكِ اكتمالُ القمَر)، و(كتبتُ مِنَ النثرِ فِيكِ سُطُورًا .. رَسائِلَ ترْقى ذُرَى العَربيَّة).

وكم يبدو الدكتور رقيقًا في محاولته الشعرية، وهو يصف أيام الهوى الأولى:

ولكم مشَيتُ الدَّرْبَ

دَرْبَ العُمْر أقتحِمُ السِّنينا

ومَشيتُ أَطوى الأرضَ

أخترِقُ السُّهُولا

وأتوقُ للبيداءِ

تعبُرُ بي سنينَ الأَمسِ والتاريخ

اختَصِرُ السَّبيلا

لكنني ما زلتُ - رَغمَ العُمْر -

أَخْطُو في مَسَارِ العِشْق،

أخطو خُطوَتي الأولى.

وآخر من أتذكَّرُهم في هذا العصف المقالي، "بلبل الشَّعراء" في مدينة صور، الشاعر ناصر بن علي البلال (ت: 2006م)، ترك الشاعر مجموعة شعرية وحيدة، بعنوان: "حوريَّة البحر"، وكأنه يناجي بأشجانه تلك المتهاديات في عرض البحر وبين الأمواج، سفائن صور التي تقطع العباب منذ فجر التاريخ، منذ "ماجان" وحتى "فتح الخير"، صدرت المجموعة في القاهرة، عن دار الشيخان للطباعة والنشر، بلوحة غلاف حروفية، تبدو وكأنها قوارب، رسمتها الريشة المبدعة للتشكيلي محمد الصايغ، وكتب لها الكاتب ناصر بن صالح الغيلاني توطئة تعريفية ونقدية، متضمنة 17 نصًا شعريَا بين القافية والتفعيلة، يمتاز شعر البلال بعذوبة لغته وكلماته النديَّة، المُغذَّاة بروحه المشرقة على الحياة، غير أن الأقدار لم تسعفه لاكتمال تجربته، فقد رحل وهو في أوج عطائه، تاركًا هذه المجموعة، ومعها كتاب بحثي قيِّم، في التاريخ القديم لمدينة صور، بعنوان: "قبائل الجنبة وميناؤهم التاريخي صور"، أما عن لسان الشاعر الفصيح فحدِّث ولا حرج، عن بيانه الرَّفيع الذي يبهر السامع، ينثره بين يديه كما يتناثر اللؤلؤ، وكان لرحيله خسارة أدبية لا تعوَّض.

من ديوان الشاعر نقتطف هذه الزهرة:

صَباحَ الخَيْرِ يا حُوريَّةَ البَحْرِ،

صَباحًا مِلؤهُ الأشْواقُ،

يا بَحْرِيَّةَ القسَمَاتِ والنَّشْرِ.

صَباحًا أشْرَقَتْ مِنْ زَهْوِهِ الأحْلامُ،

فِي عَينَيكِ أنْهارًا مِنَ السِّحْرِ.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي: مجموعات قتالية لا تزال منتشرة في سوريا

قال الجيش الإسرائيلي، يوم الأربعاء، إن أربع مجموعات قتالية تابعة له لا تزال منتشرة في جنوب سوريا. وأضاف أن فرقة قتالية تعاملت مع تهديدات على طول الحدود، وصادرت دبابات الجيش السوري غير المستخدمة.

وأوضح الجيش الإسرائيلي أن هدف العملية الإسرائيلية هو ضمان أمن السكان المدنيين في شمال إسرائيل.

وأشار إلى أن وحدات أخرى عثرت على ما يبدو على موقع للجيش السوري على الجانب السوري من جبل الشيخ داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا.

 وصادرت الوحدات ألغاماً ومتفجرات وصواريخ من مستودع أسلحة تم العثور عليه في الموقع.

 وقام الجيش الإسرائيلي بنقل قوات إلى المنطقة العازلة بين مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل وسوريا بعدما أطاح مقاتلو المعارضة المسلحة بالرئيس السوري بشار الأسد في نهاية الأسبوع.

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي: مجموعات قتالية لا تزال منتشرة في سوريا
  • العالم على موعد مع ظاهرة فلكية نادرة هذا الأحد
  • بتروجيت يستهل مشواره في كأس الرابطة بفوز على مودرن سبورت
  • أسماء الخلية الحوثية التي صدرت بحقها أحكام إعدام وسجن
  • خطبة ريم رؤوف بطلة مسلسل عملة نادرة
  • أوامر إجلاء بعد حريق غابات في كاليفورنيا
  • سيدات سلة الأهلي يواجهن بطل السنغال بختام مجموعات أبطال أفريقيا
  • كيف تحولت الإسماعيلية إلى محافظة خضراء؟.. أشجار نادرة تزين شوارع «باريس الصغرى»
  • لحظات مفتقدة.. صورة عائلية نادرة لـ عمرو دياب
  • مسابقة شعرية ورياضية بمركز شباب بني مزار في المنيا