ضمن ندوات مبادرة "القاهرة النقدية.. ناقد ومشروع"، التي أطلقها الشاعر أحمد حسن، ويستضيفها بيت الشعر المصري، بإدارة الشاعر سامح محجوب، أقيم ثاني لقاءات المبادرة، والذي ناقش التجربة النقدية لدى الدكتور محمد عبدالباسط عيد.
قدم النقاد قراءات في مشروع عبدالباسط النقدي، وهم:
د. جمال العسكري، د.رشا صالح، د.سمير مندي، د.

محمد عليم، وقدم اللقاء الشاعر أحمد حسن.
شهدت الأمسية حضورا نوعيا وكبيرا من مبدعي ومثقفي مصر والوطن العربي.

دار اللقاء حول مناقشة عدد من كتب د. محمد عبدالباسط عيد، حيث يشمل مشروعه النقدي بعض الكتب الفارقة، وهي:
"النص والخطاب قراءة في علوم القرآن"، "بلاغة الخطاب قراءة في شعر المديح"، "في حجاج النص الشعري"، "مستويات الحجاج في النص الشعري"، "قراءة في معلقة امرئ القيس وشروحها"، "عمائم وطرابيش وكلمات.. قراءة في العلامة".

 

بداية تحدث الشاعر أحمد حسن، مؤكدا  أن الحلقة الثانية من المبادرة هي محاولة لفتح نافذة جديدة على مشروع الدكتور محمد عبدالباسط عيد، عبر أربعة منظورات نقدية تحتوي على رؤى خاصة ورصينة، قدمها كل من د.رشا صالح، د.جمال العسكري، د.سمير مندي، د.محمد علي.

متابعا: ولا شك أنهم سيعيدون تفكيك مشروع عبدالباسط ثم يعيدون بناءه عبر تصوراتهم الثرية،
وكان د.جابر عصفور أحد ملهمي محمد عبدالباسط عيد، فالاخير هو أحد النقاد الأصلاء أصحاب الهم النقدي في المشهد المصري المعاصر، فهو يسعى لتوسيع مساحة تحرك الناقد.

ويضيف حسن: يسعى عيد لأن يتجاوز الناقد مجرد نظره في النصوص، فهو لا ينظر للنص باعتباره بنية تحتاج للرؤية النقدية، لكنه ينظر للتراث كله باعتباره بنية مفتوحة، في مقابل بنية النص المغلقة، فهو مؤمن بفكرة العلاقات التاريخية والسياقات الاجتماعية، ويطبق التأويل وعلم العلامات، ومفاتيح النص، فهو يحاول أن يكون الناقد الحق ملمًا بالتراث باعتباره بناء كليا.

فيما بدأ د.جمال العسكري، قراءته التي قدمها في كتاب "بلاغة الاستمالة عند طه حسين" لمحمد عبدالباسط عيد، معربا عن إعجابه بذلك المنحى الذي اتخذه عيد في تحليل خطاب طه حسين، بتبيان ملامح خطاب الاستمالة عند طه حسين، مضيفا أن أفضل ما توصل إليه محمد في كتابه هذه القدرة الرائعة من طه حسين على التمسك بالسياق والمقام ليعرف ماذا يقول ولمن يقول وكيف يقول.

 


ويؤكد العسكري أن محمد يبدو منتشيا بفكرة المنهج وهو ما بدا جليا في مقدمة كتابه، باعتبار طه حسين العلامة الكبرى على المنهج في الثقافة العربية، ودرس طه حسين دراسة كلية وليست تفصيلية.

ثم عرج د.جمال العسكري إلى التوضيح أي طه حسين الذي يجب أن نقرأ، عبر تجلياته المختلفة التي تتنوع بين الشفاهي والكتابي.
 

بينما تناولت د.رشا صالح،  كتاب "التراث السردي.. قراءة في الرواية العربية الجديدة".
مؤكدة أن محمد عبدالباسط عيد يطرح في هذا الكتاب مفهوم الرواية الجديدة، وعلاقة الرواية الجديدة بالتراث. 
قائلة إن فكرة الكتاب تنطلق من إقامة جسر واصل بين التراث "الرواية الأم" والرواية العربية الجديدة، ففي البداية يتساءل عن مفهوم التراث ويرصد الاختلافات الكثيرة حول هذا المفهوم، فيستعرض كل ما قيل عن التراث ثم يحاول في النهاية أن يستخلص هذا المفهوم.


مضيفة أن التراث من وجهة نظره ليس ذلك البناء الذي يقبع هناك في الماضي، ولكنه الفعل الساكن فينا الذي يمكن أن نكونه قدر ما يكوننا.
كما حدد أشكال التعالق مع التراث، فحددها ب: التشابك معه، تداخل الشكل القديم من التراث مع الخطاب الروائي، مثل أشكال السرد على نحو ما نجد في المقامة والرحلة والرسالة.
النوع الثاني: أن يولد التعالق مع النص الجديد من خلال حواره مع النص التراثي القديم، مثل نصوص ألف ليلة وليلة وبدائع الزهور.
النوع الثالث: يتعالق النص السردي مع نص محدد، ولكن يتوسع هذا التعالق مع نصوص مروية والحكايات والتقاليد وأنماط التراث الشفهي المختلفة، تلك التي تتحول إلى نصوص فاعلة، وهذا الشكل يتسع ليشمل كل التراث المحلي بعاداته وتقاليده.
ثم تناولت د.رشا فصول الكتاب، موضحة أن أحد فصول الكتاب هو تعالق السرد الروائي مع ألف ليلة وليلة، فقد اشار د.محمد لوجود نصوص تعالقت مع ألف ليلة وليلة، واختار هنا مصطلح التعالق النصي، وتوضح رشا أن هذا المصطلح وجد اختلافا كبيرا في التسمية، فالبعض يسمون تلك العلاقة بالنص الغائب أو التوالد النصي أو التعالق. 
ثم تنتقل د.رشا لاستعراض باقي فصول الكتاب التي تدور حول تناول الكاتب لبعض الروايات الحديثة بالنقد، وتبيان تعالقها بالتراث.
 

وفي قراءته لكتاب "الخطاب النقدي.. التراث والتأويل"، أكد  د. سمير مندي هو كتاب يقع في القلب من مشروع محمد عبدالباسط عيد، فأوضح أن العنوان غير منفصل بما ورد بالكتاب، موضحا أنه ربما قصد الكاتب من وراء العنوان، قراءة الخطاب النقدي وتأويله، أم أن الخطاب النقدي هو الذي يدور حوله العنوان وتأويل النصوص، لأن الكتاب يحتمل المعنيين، متابعا أن الكتاب يتناول ما يسميه عيد أبيات المعاني، وهو ما ورد في تراثنا القديم، حول الأبيات المشكلة، وهو ما يدعو للتأويل.
ثم انتقل د.مندي إلى الحديث عن أزمة النسق، والتي تسمى في سياقات عيد بالبنية مرة والنسق مرة أخرى.
مؤكدا أن النسق يسيطر على الكتاب تماما وليس التأويل، رغم أن الكتاب يأخذنا منذ البداية في رحلة عبر التأويل ومنعطفاته، وينشغل بمسائل إشكالية، في كيفية دمج التراث العربي القديم مع اهتماماتنا المعاصرة، كما يشتبك مع الذين اهتموا مع تلك الفكرة مثل د.جابر عصفور وغيره، باحثا عن نظرية معاصرة.
معرفا النسق بأنه كل نظام رمزي يتناول أمرا من الأمور، وهو مفهوم قادم إلينا من تراث البنيوية الممتد.

موضحا أن النسق هو نظام لغوي مغلق يختلف تماما عن التأويل، فهو مسار معرفي مفتوح على الحوار مع النصوص والمجتمع والانشغالات اليومية، متسائلا كيف يمكن أن نضع هذا النسق داخل عملية تأويل كبرى ينشغل بها الكتاب، وكيف يمكن أن نضع هذا في إطار الخطاب النقدي، الذي أرى أنه كان يجب أن يتأخر ولا يكون في صدارة العنوان.

بينما قدم د.محمد عليم، قراءة في كتاب "النص والخطاب دراسة في علوم القران"، حيث بدأ حديثه مؤكدا أن الناقد محمد عبدالباسط عيد هو ظاهرة تستحق الدراسة.
حملت ورقته عنوان "الشخصية النقدية عند عبدالباسط عيد.. مناهج ومفاهيم وإجراءات"، 
مؤكدا أن تجربة عيد هي تجربة نامية ومتشعبة وتضم حلقات تسلم كل حلقة فيها الأخرى.
واستعرض عناوين كتب عيد، مؤكدا أن تلك الكتب تمثل الجانب الأكاديمي الصريح لمحمد عبدالباسط عيد في خطابه النقدي، وقد مزق عيد هذا الجانب الأكاديمي مع الاحتفاظ بثوابته الجوهرية.
متابعا: في ظني أن عيد في كتابه الموشك على الصدور "عمائم وطرابيش وكلمات.. قراءة في العلامة"، لم يعد أكاديميا محضا، بل صار شيئا آخر، وراح د.عليم يشير إلى ذلك الشيء الآخر الذي عنيه محمد.
مؤكدا أن كتب عيد تحمل الكثير من الإلماحات التي تؤكد أنه يقول شيئا مختلفا سواء بأسلوبه أو عبر التأويل، أو كونه لا يركن لما يسمى اليقين فيما توصل إليه.

مؤكدا أنه في كتابه هذا يعنى بالتواصل مع قارئه في حيزه الثقافي العام، فهو يستهدف المثقف العام في خطابه النقدي في كتابه هذا، فهو يتناول طربوش العقاد وعمامة الشعراوي، العين، الرقبة، الباب.. وعلامات كثيرة توجد في حياتنا ممتزجة بالاجتماعي والثقافي، وكأنه يستجيب لتساؤلات الراحل مصطفى ناصف عندما تحدث عن الوقائع اليومية موجها خطابه للنقاد، 
فلم يتحدث أحد من النقاد عن وقائعنا الحياتية مثلما كان يرجو ناصف، مؤكدا أن عيد سيقدم إجابات شافية في هذا الصدد في كتاب عمائم وطرابيش.

وعن إجراءات التأويل لدى عيد أكد عليم أنها إجراءات كلية وليست جزئية، وهو ما يتسق مع السياق الاجتماعي والثقافي الذي يعنى به محمد عبدالباسط عيد.
مختتما حديثه بأن طريقة عيد في كتابة خطابه النقدي قد نجحت في جذب المثقف العام، فهو يحارب استبداد النسق النقدي الذي أقام حواجز كثيرة بين القاريء وما يقرأ.
مؤكدا ضرورة التحرر من سيطرة المنهج وسطوة المصطلحات الجامدة، فلمن نكتب إذن إذا لم يصل كلامنا إلى المثقف والقارئ العام.

بينما علق د.عبدالباسط عيد، مؤكدا:
نحن نحتاج لعودة النقد إلى اهتمام المثقف العام، وما يحول دون ذلك هو استخدام النقاد لترسانة من المصطلحات الأكاديمية التي لا يفهمها سوى المتخصص، إذن نحن بحاجة لعودة المفهوم دون المصطلح، وقد يكون ذلك حلا مرضيا.
ضاربا المثل بأنه شخصيا منشغل بسيموطيقا الثقافة، لكنه لا يذكر ذلك صراحة.
مؤكدا أن كتابه حول امرئ القيس هو بداية التحول لديه، متابعا أن ذلك التحول ولد على الفيس بوك حينما فوجئ بأن جزارا قد قرأ منشورا له عن امرئ القيس فأبدى الجزار إعجابه بالمنشور، فأدرك أن هذا الأسلوب السلس قد وصل للمثقفين ولعامة الناس فبدأ يفكر في تطوير تلك الفكرة وكتابتها بتلك الطريقة، التي أراد أن تكون شفاهية خطابية، وخطابية نظرا لتشبعه بأسلوب طه حسين وغيره،  موضحا أن كل الكتب التراثية قائمة على الأسلوب الخطابي حتى كتب عبدالقاهر الجرجاني، فالكاتب يخاطب القارئ قائلا مثلا واعلم يرحمك الله...

متسائلا: لماذا نصر على كتابة كتبنا بالطريقة الغربية الجافة التي تغفل المؤلف وحضوره، مؤكدا أن هذا الحضور الذاتي المحسوب للكاتب وللمخاطب هو مطلوب ولسنا مضطرين للالتزام بالشكل الغربي الأكاديمي في الكتابة.
متابعا: وقد تخطيت وتخلصت من استخدام اللغة الأكاديمية في الكتابة.
مؤكدا أن المنهجية في الكتابة مطلوبة ولكن ما هي المنهجية، هي ليست عددا مرتبا من الإجراءات، لكنها مجموعة من المفاهيم التي يجب تحقيقها بما لا يحدث تعارض بينها، وفي مرحلة ما يتحول الكاتب من مرحلة تشغيل المفاهيم إلى النظر في المفاهيم نفسها، هنا نتحول إلى مرحلة الاضافة للنظرية نفسها.
فالناقد الجيد يجب عليه تخصيب النظرية التي يعمل بها لأن الممارسة التطبيقية هي عملية جدل بين تنزيل المفاهيم على النص وقدرة النص نفسه على الإضافة للمفاهيم، هنا ننتقل من مفهوم النقد إلى مفهوم الفكر.

شهدت الندوة مداخلات عدد من النقاد والمثقفين، منهم د.عادل ضرغام، د.محمد السيد إسماعيل، د.أحمد الصغير، د.سيد اسماعيل ضيف الله، ا. صبحي موسى، ا. محمود الشربيني، وغيرهم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القاهرة النقدية الشاعر أحمد حسن قراءات بيت الشعر المصري د جمال العسكري د سمير مندي

إقرأ أيضاً:

«مفهوم المخرج المسرحي لقراءة النص» حلقة النقاشية بمهرجان الكويت المسرحي الـ24

أقيمت حلقة نقاشية ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي في دروته الـ24، وتكونت الحلقة من محورين الأول بعنوان "مفهوم المخرج المسرحي لقراءة النص" قدمها كل من د.نعمان كدوه من المملكة العربية السعودية، وأ. نورة قريشي الأدريسي من المملكة المغربية، وعبد الكريم بن علي بن جواد من سلطنة عمان، أما المحور الثاني فحمل عنوان " أثر مسرح غروتوفسكي على العروض المشاركة بالمهرجانات النوعية في الكويت" وقدمها د.مدحت الكاشف من جمهورية مصر العربية، ود.سامي الجمعان من المملكة العربية السعودية، وأدار الحلقتين د.نورية الرومي.

في المحور الأول من الحلقة النقاشية استعرض د.كدوه في ورقته مفهوم قراءة المخرج للنصّ من منظور تقاطع إنتاج إبداعٍ فنّي موازٍ للنصّ المسرحي أو المُمَسْرح مع غايات (فكرية، أو وجدانية، أو رؤيوية فنيّة)، تتوسّط تلقي الإبداع - المتمثّل في العرض - جماهيريًّا أو نقديًّا. وقال د.كدوه " ومن الغايات التي ستبسط للنقاش في الحلقة غايات رؤيويةٌ فنية ترتبط بالإبداع التنظيري التأطيري المسرحي، وغايات آيديولوجية فكرية، وغايات وجدانية عاطفية"، موضحا أن جميع هذه الغايات تحدد منظور قراءة المخرج للنص، وتساعده في استشراف الحاجة إلى التعامل مع النص المؤلف ذاتيا أو غيريا أو المترجم أو المعرب أو المعد أو مع التحليل الفني أو الدراماتورغي للنص أو مع تحديد معززات الأساليب والمقومات الفنية للإبداع الموازي الذي يشتغل عليه بما يحقق البواعث الغائية المنطلق منها في القراءة والتي تكفل للمتلقى أو الناقد معايشة تجربة إبداعية فنية ناضجه ماتعه جديرة بالمشاهد وحفز النقاش.

أما في مداخلة بن جواد فقد قدم ورقة بعنوان " خمس خطوات لمفهوم المخرج المسرحي لقراءة النص"، وقال في المقدمة " قراءة النص من قبل المخرج قد تأخذ مسارات مختلفة بل ويمكن القول متباينة فلكل مخرج رؤيته وطريقته، ومن الصعوبة بمكان أ، نجمل منهجية ثابتة أو آليات ممارسة محددة فالمخرج المسرحي هو في الدرجة الأولى فنان مبدع، والفن في كل الأحوال مادة الإلهامية عصية على التوصيف والتقنين والقولبة".

وقال بن جواد إن مغامرة المخرج الأولى من وجهة نظره تكمن في قراءة النص قراءة واعية دقيقة متعددة تمكنه من استيعاب أبعاده وسبر أغواره والتسلل إلى إستشرافاته ومآلاته، تبدأ بما يعرف بالقراءة الاستكشافية ثم القراءة التأملية، القراءة الوصفية، القراءة التفصيلية، وفي الخطوة التالية بعد القراءات المتعددة لا بد للمخرج أن يحسم وجود، أو عدم وجود، البناء التوافقي بينه وبين النص على المستوى الفكري والمزاجي أي الجمالي قبل أن يصبح متبنيا له منغمسًا فيه.

وتابع، في يقيني لن يصل إلى ذلك إلا بعد عصف ذهني متعدد المراحل: عصف ذهني مع الذات، عصف ذهني مع الكاتب أو المؤلف إن وجد، عصف ذهني مع مجموعة العمل من مؤدين وفنيين، عصف ذهني مع الموثوقين من الأصدقاء النقاد والمثقفين. فإذا ما استقر الحال لدى المخرج على إن هذا النص هو المشروع الملهم القادر على شحذ الخيال لديه واستقرار القدرات الإبداعية الكامنة فيه، هنا تبدأ المرحلة الثانية من قراءة النص. والقراءة الثانية ما يمكن أن نسميها بالقراءة الاحترافية".

وتحدثت الإدريسي عن مفهوم النص المثقوب وهي نظرية للباحثة الفرنسية آن أوبر سفيلد في كتاب " مدرسة المتفرج" والتي تقول أي نص مسرحي مهما بلغ قوته، ومهما بلغت شهرة كاتبه فهو نص غير مكتمل، وعلى المخرج أن يكمل فراغته، لافته أن المخرج لا يكمل فراغته إلا بالنصات إلى بقية الفريق الفني ومنهم الممثلين، وكل من يساهم في هذا العرض. وأضافت الإدريسي " وبعد ذلك لا تكتمل كتابة النص الجديد لأن المخرج يكتب نصا فوق النص القديم، ولا تكتمل كتابة النص الجديد إلا بالتجريب مع الجمهور. وتطرقت الإدريسي على الأربع أسئلة التي ينبغي على كل مخرج أن يفكر فيها، وهي ماذا "أي نص سيختاره"، من " من هم الممثلون الذين سيقدمون هذا العمل"، أين " تعنى الصياغ العام الذي سيقدم فيه العمل"، لمن " تعنى للجمهور"، لافته أنه وبالإجابة على الأربع أسئلة يمكن للمخرج أن يختار النص الملائم لذلك الجمهور. وقالت الأدريسي أنها تكلمت على خيانة النص أن المخرج قد يضطر إلى خيانة النص وإلى كان الجمهور معلومات أخرى تذهب عكس النص الأصلي، وفي هذه الحالة يقوم المخرج بخيانة النص الأصلي إخلاصا للجمهور، لأن إذا حافظ على النص الذي لا يوافق تطلعات الجمهور فهو بذلك يخون الجمهور ويحكم على عرضه بالفشل.

وفي المحور الثاني من الحلقة النقاشية " أثر غروتو فسكي" على العروض المشاركة في المهرجانات النوعية في الكويت" يقول د.مدحت الكاشف في ملخص ورقته البحثية قائلا: جاء مسرح البولندي جروتوفسكي Grotowskiمركزا على الإنسان الفرد في إطار مسرح علاجي ذي طابع اجتماعي، حيث بدأ بالتمييز بين الأساطير المورثة والمستنبتة من الثقافة، وبين واقع الإنسان المعاصر، مستنداً على فكرة مؤداها أن الأساطير والصورة الفنية ظهرتا نتيجة للسعي إلى التوحيد بين البشر، ورأى أنه لابد أن يهاجم المسرح ما يطلق عليه "المشكلات الاجتماعية" التي يعيشها أفراد المجتمع، ومن ثم، قام "جروتوفسكي" بإقامة نوع من المواجهة مع هذه الأساطير (الجماعية) من أجل أن يزيد من وعى المتفرج بشخصيته من ناحية، وبعلاقته مع المجتمع من ناحية أخرى، وقد اهتم بتشجيع المتفرج - المشارك - في نقد هذه النماذج البدائية المتضمنة في الأساطير، من أجل إعادة تقويمها في ضوء خبراته الفردية أو الجماعية، ولذا فقد ركز على تكوين الممثل نفسيا بغرض تحرير القدرات النفسية الكامنة في المتفرجين، وذلك عن طريق عملية "تشتيت" لملكاتهم الفكرية والعقلية، عندما جعل ذهن المشاهد منشغلاً بأسلوب يسمح له باستيعاب العمليات المستترة التي يقوم بها المؤدي، مما أسفر عن عروض مسرحية شديدة الخصوصية يتشارك فيها المتفرجون مع المؤدين، وهي الصيغة المسرحية التي أصبحت منارة اهتدت بها مسارح العالم، ومنها بطبيعة الحال المسارح العربية، التي اهتمت خلال عقود سابقة بالاستفادة من أطروحات جروتوفسكي الفكرية والتقنية، وهو ما تجلى في عروض المسرح الكويتي التجريبية التي انتشرت في المهرجانات النوعية التي شكلت تيارا مهما في المسرح الكويتي.

أما د.سامي الجمعان فقال في ملخص ورقته البحثية: نتساءل دائما عن امتداد أثر النظريات المسرحية على العروض في أنحاء العالم، كنظرية البولندي ييجي ماريان غروتوفسكي، الذي أسس لنظرية في بناء العرض المسرحي شاع أثرها عالميا، ولاشك أن الكويت بمسرحها العريق أحد هذه المسارح المتأثرة بمثل هذه النظرية، يدعم ذلك الأثر وجود المعهد العالي للفنون المسرحية في الساحة الأكاديمية الكويتية، الأمر الذي صنع أجيالا متعلمة، درست النظريات المسرحية بشتى توجهاتها.

وتابع، هنا لابد من سؤال مباشر: حول الأثر الذي تركته هذه النظرية في العروض المسرحية الكويتية؟ وما هو انعكاس هذه الأثر على العروض الذي يقدمها مسرحيو الكويت في المهرجانات النوعية خاصة، على اعتبار أن هذه النظريات يلزمها مسرح من نوع خاص قائم على الوعي بالنظرية وفلسفتها.

واختتم بالقول، ما يمكن الوثوق فيه مبدئيا ـ وفقا للمعطيات السابقة ـ أن هذه النظرية وجدت لها صدى في عروض المسرح الكويتي خاصة الشبابية منها، مع اختلاف الوعي بالنظرية من مخرج إلى آخر، ومع تباين كيفيات التنفيذ، وقد تجلى ذلك بشكل واضح في مهرجانين: مهرجان الكويت المسرحي، والمهرجان الأكاديمي، وهو ما ستسعى هذه الورقة إلى طرحه منهجيا.

مقالات مشابهة

  • مؤكداً أن إسناد غزة اليوم واجب شرعي.. مفتي “خان يونس” يوجه رسالة إلى أبناء العالم الإسلامي
  • محمد هنو: نحتاج للعديد من الإصلاحات التشريعية والضريبية لجذب الاستثمارات
  • آداب أسيوط تُنظم جلسة حوارية تحت عنوان حقوق الإنسان بين المفهوم والتطبيق
  • خبير اقتصادي: نحتاج تطبيق الدعم النقدي في محافظتين كمرحلة تجريبية
  • محمد المهندس: نحتاج لتفعيل مبادرة تمويل الصناعة بفائدة 15%
  • اقتصاد الفضاء: المفهوم والفرص
  • دبلوماسية الدولار التي نحتاج إليها
  • واتساب يتيح ميزة مؤشر الكتابة الجديدة
  • «مفهوم المخرج المسرحي لقراءة النص» حلقة النقاشية بمهرجان الكويت المسرحي الـ24
  • ذات صفاء الوان تنبض وحركات تروي