الطريق إلى البيت الأبيض.. كيف تشكل الكنائس الأمريكية مستقبل سياسة الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يمر الطريق إلى البيت الأبيض عبر مقاعد الكنيسة في الولايات المتحدة، وقد زاد ترامب من حصته بين الناخبين الكاثوليك والإنجيليين حتى اليهود، وشهد التصويت الكاثوليكي على وجه الخصوص زيادة ملحوظة في دعم ترامب خلال عام ٢٠٢٠، فهناك ضجيج لرؤية عالمية توراتية أكثر محافظة تشق طريقها عبر مقاعد الكنيسة في أمريكا التي وجدت طريقها إلى صناديق الاقتراع.
وهناك الملايين من الأمريكيين الذين يعتقدون أن دونالد ترامب هو الخيار الخاطئ للبيت الأبيض ولكن هذا لا يغير من مكانته كرئيس منتخب، والذي يؤثر على العديد من المجتمعات الإنجيلية في مختلف أنحاء العالم فيما يتصل بالسياسة الخارجية، والمساعدات الخارجية، والحرية الدينية، والاتجاهات الثقافية. ومع ذلك، أشار زعماء مسيحيون في بعض البلدان إلى أن من سيصبح الرئيس المقبل للولايات المتحدة لا يشكل أي فارق، بل يجعل الأمر يبدو وكأن الإيمان بالكتاب المقدس يعني دعم ترامب، ويعطي تأييدهم الانطباع بأن المحافظة اللاهوتية تتطلب وتؤدي إلى وجهة نظر سياسية يمينية دكتاتورية، وتعارض العدالة المناخية، وتؤيد الإبادة الجماعية في الأرض المقدسة.
أدت سياسات ترامب، التي أظهرت ميلًا قويًا لدعم الحريات الدينية والقضايا المسيحية العالمية، إلى اكتسابه شعبية بين المسيحيين النيباليين، ويأمل الكثير أن يستمر في دعم المسيحيين في جميع أنحاء العالم وأن يقدم علي ممارسة الإيمان الصحيح من وجهه نظر المجتمع الانجيلي، وتعميق التضامن بينهم على مستوى العالم، مما يلهم المسيحيين للشعور بارتباط أكبر بحركة مشتركة، وفي الوقت نفسه، لابد من النظر في الديناميكيات الجيوسياسية الأوسع نطاقا، والتي تستخدم في أغراض الإستيطان.
ويواصل ترامب تشكيل حكومته بما في ذلك أولئك الذين سيساعدون في تشكيل السياسة الأمريكية في الخارج.. في الأسبوع الماضي، رشح ترامب حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي لشغل منصب السفير الأمريكي لدى إسرائيل. ويتبنى هاكابي لسنوات عدّة موقفًا قويًا مؤيدًا لإسرائيل، وهو موقف متجذر بعمق في إيمانه المسيحي الإنجيلي. والآن، قد يكون هذا القس المعمداني السابق جزءًا لا يتجزأ من تشكيل الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط، وَفْقًا لما وصفه المؤرخ دانييل هامل الذي تناول العلاقة بين الإنجيليين ودعمهم لإسرائيل.
أما عن دانييل هامل، وهو باحث فخري في قسم التاريخ بجامعة ويسكونسن في ماديسون، له دور فعال في شرح العلاقة العميقة بين المسيحيين الإنجيليين ودعمهم لإسرائيل، ووصف مايك هاكابي الإنجيلي، الذي كان قسًا معمدانيًا جنوبيًا، وفيما يتعلق بعلاقته بإسرائيل، فقد قاد منذ الثمانينيات نحو ١٠٠ جولة في الأراضي المقدسة، وبالتالي فهو يتمتع بتاريخ عميق للأرض يعرفه أي شخص ينتبه إلى مسيرته المهنية، وهذا يعني أنه يتمتع بالعديد من الصلات في إسرائيل أيضًا مع القيادة هناك، القيادة السياسية، والقيادة الدينية، لقد عبر هاكابي عن وجهة نظر متماسكة إلى حد كبير فيما يتصل بإسرائيل منذ الثمانينيات، ولهذا السبب سوف يتحدث عن كيفية منح أرض إسرائيل للشعب اليهودي استنادًا إلى قراءته للكتاب المقدس الخاطئه، إن الاهتمام الديني بإسرائيل يرتبط بالنبوة، وهذا هو غالبًا ما يتم الحديث عنه عندما نتحدث عن الإنجيليين في إسرائيل.
ومن هذا المنظور، كان تأسيس إسرائيل في عام ١٩٤٨ ذا أهمية نبوية مزيفه لنبوءة توراتية صدرتها للعالم، وكذلك كانت إسرائيل وحروبها على مر السنين، ثم هناك توقع بأن المجيء الثاني للسيد المسيح له علاقة بالأحداث في الشرق الأوسط، وخاصة حول إسرائيل، وهذا شيء لا يتحدث عنه هاكابي كثيرًا، ولكنه يعمل أيضًا في الخلفية، بل إنه يمثل معتقدات ملايين من الإنجيليين في الولايات المتحدة.
ويسرد دانييل هامل عن أستطلاعات الرأي أن أغلبية الإنجيليين يعتقدون أن الأرض كما هو موضح في النص التوراتي تنتمي إلى الشعب اليهودي، إن هاكابي يمثل أغلبية من الإنجيليين العاديين، ويمثل أكبر منظمة في هذا المجال هي منظمة "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل"، وهي جماعة ضغط في واشنطن العاصمة، وتزعم هذه الجماعة أن عدد أعضائها يتجاوز عشرة ملايين عضو، أغلبهم من المسيحيين الإنجيليين، ولكن هناك أيضًا الملايين من الإنجيليين الذين يرفضون الكثير من الحجج اللاهوتية، وقد يدعمون إسرائيل لأسباب أخرى، بما في ذلك أسباب تتعلق بالمصلحة الأمريكية في الشرق الأوسط أوالقيم المشتركة أو أشياء أخرى. ولكن هناك بالتأكيد شعور بأن هكابي يمثل في إدارة ترامب، إذا حصل على هذا المنصب، شريحة كبيرة من الناخبين الإنجيليين العاديين، كما أن ترشيح هكابي قد يُنظَر إليه من منظور ترامب باعتباره أمرًا مرضيًا للزعماء الإسرائيليين الحاليين، والحكومة الإسرائيلية المحافظة، فضلًا عن القاعدة الإنجيلية التي يؤيدها ترامب فى الولايات الأمريكية. وهو أمر يحقق هدفين في هذا السياق، ولديه الكثير من الصلات القائمة على عمله المكثف في إسرائيل مع القيادة الإسرائيلية الحالية، ولا سيما القيادة الأكثر يمينية. لذا فإن نتنياهو، الذي يمثل جزءًا من اليمين، ولكن هناك أيضًا أشخاص أبعد إلى اليمين في إسرائيل يعرفون هكابي جيدًا، ويعتقد أن الضفة الغربية لا ينبغي أن تكون أي شيء آخر غير الأراضي الإسرائيلية، وهو يرفض حتى إستخدام كلمة الضفة الغربية، ويسميها يهودا والسامرة، وهما التسميتان اللتان وردتا في التوراة، كما يبدى هاكابي تشككه الشديد في فكرة الشعب الفلسطيني، فهو يعتقد أن هذه فئة مختلقة إلى حد ما في القرن العشرين، وهذا رأي مثير للجدل إلى حد كبير داخل الأوساط الأمريكية، ولكن بين العديد من الزعماء الإسرائيليين الذين يتولون السلطة حاليًا في الحكومة، فإن هذا الرأي شائع إلى حد كبير، وعلى هذا فإن هكابي يتوافق تمامًا مع القيادة الإسرائيلية الحالية وأي حكومة إسرائيلية مستقبلية تخرج من الجناح اليميني في سياستها.
وعندما نفكر في الصراع العربي الإسرائيلي الأوسع نطاقًا، وقضية الدولة الفلسطينية، فمن المؤكد أن هاكابي يميل نحو المنظور الإسرائيلي في هذه الأمور، واستنادًا إلى إدارة ترامب الأولى، فإن هذا الميل أيضًا من جانب ترامب، ولكن هناك أيضًا بعض التوتر، على الرغم من أن ترامب هو صانع الصفقات. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيتمكن هكابي من التوفيق بين آرائه الشخصية والمصالح الأوسع للإدارة، وسواء كان ذلك بسبب آرائه المحافظة الأساسية أم لا، وإذا كان بوسع هذه الآراء أن تخلق نوعًا من الشعور بالثقة مع الجانب الإسرائيلي.
ولعل أبرز المصطلحات التي لمعت مؤخرا هي "القومية المسيحية" والتي كانت تستخدم في السابق اسم الوطنية المسيحية، ذلك المصطلح الذي بدأ في عام ٢٠٠٦، وكان مصطلحًا سياسيًا مهينًا، يتجذر في تاريخ البلاد وديناميكيات مجتمعها وقبل ذلك، كانت تشير إلى الوطنية المسيحية وكان كل رئيس يفضلها، بحسب ما تم توثيقه من المؤرخ ويليام فيدرر، استنادًا إلي ما قاله أبراهام لينكولن في خطاب تنصيبه إن "الذكاء والوطنية والمسيحية لا تزل قادرة على التكيف بأفضل طريقة مع كل الصعوبات التي نواجهها في الوقت الحاضر"، ونجد ذلك من خلال التطبيق العملي لدي شخصيات أمريكيه بارزة مثل فرانكلين ديلانوروزفلت السياسي الديمقراطي التي فاز في أربعة أنتخابات رئاسية متتالية وبرز كشخصية مركزية في الأحداث العالمية خلال منتصف القرن العشرين وقام بتوزيع نسخ من العهد الجديد وكتاب المزامير على جميع الجنود في الحرب العالمية الثانية، وتطلق وسائل الإعلام السائدة على فرانكلين روزفلت لقب القومي المسيحي.
إن ربط الهوية الأمريكية يتم بشكل وثيق بالمسيحية، حيث ازداد عدد المسيحيين الإنجيليين، ولا سيما في المناطق الريفية والضواحي، وأدى ألاستقطاب السياسي المتزايد إلى تعزيز هوية الحزب الجمهوري كحزب محافظ، مرتبط بالقيم المسيحية، وهذا الدعم الكبير من المسيحيين القوميين ساعد ترامب في تحقيق فوز كبير في الانتخابات، حيث صوت له ٨١% من الناخبين البروتستانت الإنجيليين البيض في انتخابات ٢٠٢٠، بينما تراجعت هذة النسبة إلى حوالي ٧٢%، أي أن التراجع ١١.١٪، وربما يؤيدون النظام الأبوي التوراتي، وهو أسلوب حياة يؤيده المسيحيون الأصوليون الذين يسعون إلى تشكيل الحياة في أمريكا بأسم الله، ربما يرجع الي تشكيلهم ١٤٪ فقط من البلاد، مقارنة بنحو الربع قبل ٢٠ عامًا. إن النظام الأبوي الأصولي مدفوع بالدين وهوالآن جزء من نفوذ في كل فرع من فروع الحكومة. يؤمنوا باللاهوت الدومينيوني أويرتبطون به، الذي يعلم أن المسيحيين يجب أن يكون لهم سيطرة عالمية. ولتحقيق ذلك، يحتاجون إلى عدد السكان المسيحيين البيض على وجه الخصوص، والقوة (الجيش والقيادة)، والوقود (العمال للاستفادة من الرسالة ونشرها). ووفقًا لمركز قانون الفقر الجنوبي، كانت الدومينيونية "محركًا للتطرف المناهض للحكومة في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تصدر إدارة ترامب وجهات نظرها القومية المسيحية بشأن الإجهاض وعدم المساواة بين الجنسين والحقوق الجنسية إلى جميع أنحاء العالم، في محاوله للأستنساخ الوثيق بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ونظام فلاديمير بوتن في روسيا إلى الأهمية المتزايدة للمسيحية الكاريزمية في أمريكا اللاتينية وأفريقيا، الا أن علي مدى السنوات الأربعين الماضية حدث نوع من الفرز العنصري حيث أصبحت المجموعات العرقية الإثنية متوافقة بشكل متزايد على أسس أيديولوجية حزبية.
إن هؤلاء المسيحيين الذين يعتبر دعمهم لإسرائيل، بحسب ترامب، أقوى من دعم اليهود، وهم جزء من "الصهيونية المسيحية" التي ظهرت في البروتستانتية الأنجلوساكسونية حوالي عامي ١٨٤٠ أي قبل نصف قرن من الصهيونية اليهودية، حيث كانت الصهيونية المسيحية تهدف إلى بناء الشعب اليهودي كأمة في مواجهة معاداة السامية الأوروبية، وتطورت حول ما يسمى بالقراءة "الإنجيلية" للعهد القديم.
في هذه العقيدة، يعتمد خلاص المؤمنين المسيحيين على استعادة الشعب اليهودي إلى أرض إسرائيل كما يزعمون، ويبدو إن هذه "الاستعادة" شرط أساسي لإقامة ملكوت الله حتي علي جثث الأبرياء وتقسيم الشرق الأوسط كاملا قربانا لهذا المشروع، وتدمير الشعوب العربيه بما فيها كنائس الشرق مستخدمين سلاح الطائفيه وتوظيفها سياسيا للوصول للحكم، ولا بأس من أستخدام الجماعات الوظيفيه بنفس المفاهيم وتصديرها للشرق لأستنزاف مقدرات الأوطان والتحكم بقرارها لخدمه مشاريعهم التي لا تنتهي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ترامب هاكابى الكنائس الأمريكية الشرق الأوسط إسرائيل الشرق الأوسط فی إسرائیل ولکن هناک إلى حد
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: المخاطر في الشرق الأوسط هائلة مع سقوط بشار الأسد
يمن مونيتور/ترجمات
كانت الخريطة الاستراتيجية الأمريكية للشرق الأوسط تضع إيران في مركز القوة لما يُعرف بـ”الهلال الشيعي”، حيث كانت سوريا بمثابة القناة التي تمر من خلالها الأسلحة الإيرانية إلى الجماعات الإرهابية لاستخدامها في الهجمات ضد إسرائيل، وأيضًا موطنًا للوجود البحري والجوي الروسي في المنطقة.
ولكن فوجئ المسؤولون في الاستخبارات الأمريكية عندما سقطت الحكومة السورية بسرعة مذهلة خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد أكثر من نصف قرن من الحكم، مما أدى إلى تحطم عنصر أساسي آخر من الهلال.
كان المسؤولون الأمريكيون الكبار يعتقدون أن الرئيس بشار الأسد لديه فرصة متساوية تقريبًا للبقاء في الحكم حتى مساء الجمعة — حتى لو كان ذلك يعني اللجوء إلى استخدام الأسلحة الكيميائية التي سبق أن استخدمها ضد شعبه، واستيقظت واشنطن صباح الأحد على واقع جديد.
ربما يكون هذا التحول الأكثر أهمية حتى الآن خلال الأربعة عشر شهرًا التي أعقبت هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل، الذي أطلق موجة من الانتقام العنيف وغير التوازنات في ديناميكيات القوة في المنطقة.
الآن، مع إطاحة الأسد، هناك سؤالان ملحان ومترابطان يدوران في واشنطن، قبل ستة أسابيع فقط من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب لفترته الثانية — وهي فترة يبدو فيها العالم مختلفًا بشكل جذري عن ما كان عليه عندما غادر منصبه قبل أقل من أربع سنوات.
الأول: هل سيطرد المتمردون الإيرانيين والروس من الأراضي السورية، كما هدد بعض قادتهم؟ أم أنهم، بدافع البراغماتية، سيبحثون عن نوع من التفاهم مع القوتين اللتين ساهمتا في قتلهم خلال حرب أهلية طويلة؟
والثاني: هل ستستنتج إيران — التي أضعفها فقدان حماس وحزب الله، والآن الأسد — أن أفضل طريق أمامها هو فتح مفاوضات جديدة مع ترامب، بعد أشهر فقط من إرسالها قتلة لمحاولة اغتياله؟ أم أنها ستسعى بدلاً من ذلك للحصول على قنبلة نووية، السلاح الذي يعتبره بعض الإيرانيين خط الدفاع الأخير في عصر جديد من الضعف؟
قد تمر أشهر قبل أن تتضح الإجابة عن أي من هذين السؤالين، ولكن أين ستتجه الأمور بعد ذلك قد يحدد ما إذا كان يوم الأحد يمثل يومًا للتحرر وبداية لإعادة البناء — أم مقدمة لمزيد من العمل العسكري.
قبل سقوط دمشق، قال زعيم هيئة تحرير الشام، المجموعة المتمردة التي كانت مرتبطة سابقًا بتنظيم القاعدة والتي قادت الهجمات الخاطفة على حكومة الأسد، في مقابلة مع CNN إن “الثورة قد انتقلت من الفوضى إلى نوع من النظام”.
لكن الزعيم، محمد الجولاني، الذي لا يزال مطلوبًا من قبل الولايات المتحدة كإرهابي، لم يوضح كيف قد تحاول الجماعة الحكم، وقال: “أهم شيء هو بناء مؤسسات”، مشيرًا إلى أنه يريد الآن مجتمعًا يرغب فيه السوريون النازحون في العودة وإعادة البناء، وأضاف: “ليس مجتمعًا يتخذ فيه حاكم واحد بقرارات تعسفية”.
وكما قال دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، والذي يشغل الآن منصبًا رفيعًا في وزارة الدفاع الأمريكية مع مسؤولية عن الشرق الأوسط: “لا ينبغي لأحد أن يذرف دموعًا على نظام الأسد”، لكن الاحتفال بإطاحة الأسد شيء، وإدارة الفراغ في السلطة الذي يليه شيء آخر — والتأكد من أن سوريا لا تتحول إلى دولة إرهابية من نوع مختلف أو إلى دولة فاشلة، كما حدث مع ليبيا بعد الإطاحة بمعمر القذافي وقتله قبل 13 عامًا.
اعترف الرئيس بايدن بذلك بعد إعلانه من غرفة روزفلت في البيت الأبيض يوم الأحد أن “لحظة الفرصة” التي تواجه العالم الآن “هي أيضًا لحظة خطر وعدم يقين، حيث نواجه جميعًا السؤال حول ما الذي سيأتي بعد ذلك”.
وأضاف: “لا تخطئوا، بعض الجماعات المتمردة التي أسقطت الأسد لها سجل مظلم خاص بها في الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان”، وأشار إلى أن قادة مثل الجولاني “يقولون الأشياء الصحيحة الآن، ولكن مع توليهم مسؤوليات أكبر، سنقيّم ليس فقط أقوالهم، ولكن أفعالهم”.
ومع ذلك، فإن هذا التقييم سيقع إلى حد كبير على عاتق إدارة ترامب، وسوف يُختبر معنى منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي التي تزعم أن أفضل استراتيجية هي أن تظل الولايات المتحدة بعيدة.
من غير المرجح أن يحظى ترامب بهذه الرفاهية.
تمتلك الولايات المتحدة بالفعل قوة عسكرية مكونة من 900 جندي في شرق سوريا، تصطاد وتضرب قوات تنظيم داعش. وبينما كانت غريزة ترامب في ولايته الأولى هي الانسحاب، فقد أقنعه مستشاروه العسكريون بأن الانسحاب الأمريكي من قاعدته في سوريا قد يعوق جهود احتواء وهزيمة داعش.
يوم الأحد، بينما كان الأسد يفر، استهدفت الولايات المتحدة تجمعات لمقاتلي داعش، وألقت قنابل وصواريخ في جهد لمكافحة الإرهاب قال مسؤولون إنه لا علاقة له بسقوط دمشق، وأبلغ مسؤول كبير في الإدارة الصحفيين يوم الأحد أن ذلك كان “ضربة كبيرة”.
وبغض النظر عما إذا كان ترامب يعترف بذلك أم لا، فإن للولايات المتحدة مصالح كبيرة فيما إذا كانت روسيا ستُطرد من منشأتها البحرية في طرطوس، الميناء الوحيد في البحر المتوسط الذي يمكنها فيه إصلاح ودعم سفنها الحربية.
وقالت ناتاشا هول، خبيرة سوريا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: “بالنسبة لروسيا، سوريا هي الجوهرة في تاج انطلاقتها لتصبح قوة عظمى في المنطقة، وهي منطقة كانت تقليديًا مجال نفوذ للولايات المتحدة”.
واستخدمت روسيا أيضًا قاعدة جوية سورية لقتل الآلاف من السوريين الذين عارضوا الأسد.
في عصر الحروب الباردة الجديدة، حيث تسعى روسيا إلى توسيع نفوذها، قد يكون فقدان موسكو بشكل دائم الوصول إلى سوريا ميزة استراتيجية كبيرة للولايات المتحدة، كما سيكون اختبارًا مبكرًا مثيرًا للاهتمام لكيفية تعامل ترامب مع الرئيس فلاديمير بوتين في لحظة قد تبدأ فيها مفاوضات حول مصير أوكرانيا.
لكن السؤال الأكبر هو كيف سيتعامل الرئيس المقبل مع إيران.
في الأسابيع الأخيرة، أبدى ترمب اهتمامًا بمفاوضة جديدة مع طهران، بعد ست سنوات من إنهاء اتفاقها النووي لعام 2015 وأظهرت إيران بعض الاهتمام بالمشاركة أيضًا — رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت مستعدة للتخلي عن البرنامج النووي الذي استثمرت فيه الكثير في السنوات الأخيرة.
الخطر هو أن القادة الإيرانيين قد يقررون أن البلاد ضعفت للغاية — حلفاؤها تضرروا، وطريقها لتمرير الأسلحة عبر سوريا مهدد، ودفاعاتها الجوية محطمة في الضربات الإسرائيلية الأخيرة — بحيث تحتاج إلى سلاح نووي أكثر من أي وقت مضى.
من الواضح أن الإيرانيين كانوا مذهولين في هذا الأسبوع كما كان الجميع، وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في ظهوره على التلفزيون الرسمي، إن طهران فوجئت بسرعة الأحداث. وأضاف: “لا أحد كان يصدق ذلك”.
إيران بالفعل أقرب إلى سلاح نووي أكثر من أي وقت مضى خلال العشرين عامًا من جهودها لبناء قدراتها النووية.
وقال رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، إن إيران شهدت “تسارعًا دراماتيكيًا” في إنتاج اليورانيوم القريب من درجة تصنيع القنابل ولديها بالفعل ما يكفي من المخزون لبناء أربع قنابل، رغم أن تشكيلها في رأس حربي قد يستغرق من سنة إلى 18 شهرًا، وأشار تصريح غروسي إلى أنها تتحرك الآن بوتيرة قد تمكنها من إنتاج المزيد بكثير.
قد يكون ذلك مجرد تكتيك تفاوضي، لكن من الواضح أن القيادة الإيرانية تحت ضغط، وسقوط حليف وشريك منذ زمن طويل مثل الأسد من المرجح أن يجعل بعض القادة الإيرانيين يتساءلون عما إذا كان المصير ذاته قد ينتظرهم
اما ما إذا كان هذا الشعور الجديد بعدم الأمان سيدفعهم للتفاوض للخروج من المأزق، أو للحصول على السلاح النهائي للبقاء، هو أحد الألغاز العديدة القادمة.