استعادت مدينة درعا، الواقعة في جنوب سوريا، اهتمام العالم مجددًا مع تطورات ميدانية أعادت رسم خريطة السيطرة عليها.

هذه المدينة، التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011، لطالما كانت بؤرة ساخنة في المشهد السوري، وها هي تعود اليوم إلى الواجهة بعد وقوع أجزاء منها في يد فصائل مسلحة، وسط تصاعد التوترات الإقليمية والمحلية.


تاريخ طويل من النضال

عرفت درعا، التي تُلقب بـ”مهد الثورة السورية”، بتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجي على الحدود مع الأردن.

لعبت دورًا محوريًا في رسم ملامح الحراك السوري منذ بداياته، حيث انطلقت منها أولى المظاهرات المطالبة بالإصلاحات السياسية ورفع الظلم عن المواطنين.

ومع تصاعد الأزمة السورية، باتت درعا رمزًا للمقاومة والصمود، لتكون ساحة لمعارك شديدة بين القوات الحكومية والفصائل المسلحة.

تعاني من تداعيات النزاع

عانت المدينة من ويلات الحرب على مدار أكثر من عقد.

تعرضت أحياؤها القديمة للقصف والتدمير، وشهدت نزوحًا جماعيًا لسكانها.

ورغم المصالحات التي أبرمت في السنوات الأخيرة بين القوات الحكومية ومجموعات المعارضة بوساطة روسية، بقيت الأوضاع هشة وغير مستقرة.

يعيش سكانها في ظروف إنسانية صعبة وسط نقص في الخدمات الأساسية وارتفاع معدلات البطالة.

 

اقتصاديًا، تعتمد درعا بشكل كبير على الزراعة، وهي من أكبر منتجي الطماطم والزيتون في سوريا، بالإضافة إلى زراعة العنب والمحاصيل الأخرى.

في الريف الغربي، تسهم المياه الوفيرة والأراضي الخصبة في جعلها مركزًا زراعيًا مهمًا، فيما يشكل الريف الشمالي مركزًا اقتصاديًا يعتمد على التجارة والعمل مع دمشق.

كما لعبت المدينة دورًا بارزًا كنقطة عبور تجارية بين سوريا والأردن، مما زاد من أهميتها الإستراتيجية 


تحافظ على مكانتها الجغرافية والاستراتيجية


تقع درعا في موقع استراتيجي على الحدود السورية-الأردنية، مما جعلها محور اهتمام إقليمي ودولي.

تعد بوابة للتجارة والعبور بين سوريا ودول الخليج، وهو ما أكسبها أهمية اقتصادية وسياسية.

السيطرة على درعا تعني التحكم في أحد المنافذ الحيوية لسوريا، ما يفسر احتدام المعارك حولها في مختلف المراحل.

ترسم ملامح مستقبلها من جديد

يترقب الجميع ما ستؤول إليه الأوضاع في درعا، حيث يشير الخبراء إلى أن السيطرة عليها تعكس التوازنات الجديدة بين الأطراف المتصارعة في سوريا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ارتفاع معدلات البطالة الاحتجاجات الشعبية الفصائل المسلحة جنوب سوريا زراعة العنب فصائل مسلحة وساطة روسية مدينة درعا

إقرأ أيضاً:

السلاح خارج السيطرة: خطر المليشيات على سيادة الدولة السودانية

تُعتبر قضية المليشيات المسلحة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة السودانية اليوم، لا سيما في ظل الحرب المستعرة التي تعصف بالبلاد وتعيد تشكيل موازين القوى داخلها. تُبرز تصريحات قائد "كتائب البراء بن مالك"، المحسوبة على التيارات الإسلامية والمقاتلة ضد قوات الدعم السريع، خطورة الوضع الراهن. هذا القائد، بإعلانه رفض التفاوض وتمسكه باستمرار القتال، يعكس ملامح أزمة أعمق تتعلق بدور المليشيات المسلحة في تحديد مصير البلاد، وهو دور يتجاوز في خطورته إطار المواجهات العسكرية، ليهدد بنية الدولة واستقرارها على المدى البعيد.
وجود المليشيات المسلحة خارج نطاق السيطرة المركزية للدولة يمثل تقويضاً مباشراً لسيادتها. فحينما تصبح هذه الجماعات قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية، مثل استمرار الحرب أو وقفها، فإن هذا يعكس ضعف الدولة وانقسامها أمام أطراف متعددة تملك السلاح والنفوذ. المليشيات في السودان ليست مجرد أدوات قتالية بل باتت جهات مستقلة تمتلك أجنداتها الخاصة، مدفوعة بحسابات سياسية وأيديولوجية واقتصادية. هذا الوضع يعزز استدامة الصراع ويحول دون تحقيق السلام، حيث يصبح لكل مليشيا مصالحها الخاصة التي تجعل من الصعب الوصول إلى حلول توافقية شاملة.
الخطورة الأكبر تتمثل في استدامة وجود هذه المليشيات حتى بعد انتهاء الحرب. التاريخ السوداني مليء بالأمثلة على اتفاقيات سلام تضمنت وعوداً بنزع السلاح ودمج أفراد المليشيات في الحياة المدنية. مع ذلك، غالباً ما ظلت هذه الوعود حبراً على ورق. فالسلاح بالنسبة للمليشيات ليس مجرد أداة للقتال، بل وسيلة للنفوذ والبقاء. وعليه، فإن أي حديث عن إنهاء الحرب دون معالجة حقيقية لهذه الأزمة سيكون ضرباً من الوهم. استمرار وجود المليشيات المسلحة يشكل تهديداً دائماً لاستقرار الدولة، إذ يمكن أن يعيد إشعال الصراعات في أي لحظة أو أن يُستخدم لفرض شروط سياسية بالقوة، وهو ما يعيد البلاد إلى دائرة العنف وعدم الاستقرار.
التصريحات الصادرة عن قادة المليشيات، مثل "كتائب البراء"، تُبرز حقيقة أن هذه الجماعات لا ترى نفسها مجرد أدوات عسكرية بل جهات فاعلة سياسياً، تسعى لضمان موقع لها في المشهد السوداني المستقبلي. هذا الدور المتنامي للمليشيات المسلحة يضعف سلطة الجيش النظامي ويؤسس لحالة من تعدد مراكز القوة العسكرية، وهو أمر يزيد من تعقيد المشهد السوداني. حتى في حال توقفت الحرب، سيظل وجود هذه المليشيات عقبة رئيسية أمام بناء دولة مدنية مستقرة، ما لم يتم نزع سلاحها بصورة منهجية ووضع حد لتأثيرها على القرارات الوطنية.
معالجة هذه الأزمة تتطلب خطة شاملة تتجاوز الحلول المؤقتة. يجب أن تبدأ بإصلاح الجيش ليصبح مؤسسة وطنية تمثل جميع السودانيين، بعيداً عن الولاءات السياسية أو الجهوية. كما أن هناك حاجة ملحة لعملية نزع سلاح منظمة وفعالة، تتضمن ضمانات للمقاتلين وبدائل اقتصادية تساعدهم على الاندماج في المجتمع. ولتحقيق ذلك، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية قوية تدعمها قوانين صارمة تمنع حمل السلاح خارج إطار الدولة، مع آليات واضحة للمساءلة. هذه الخطوات يجب أن تترافق مع جهود وطنية للمصالحة الشاملة، بحيث يشعر الجميع بأنهم جزء من مستقبل البلاد، وأن حمل السلاح لم يعد ضرورة لتحقيق الأمن أو النفوذ.
الدور الإقليمي والدولي سيكون حاسماً أيضاً في دعم السودان للتخلص من هذه الأزمة. المجتمع الدولي مطالب بتقديم المساعدة في نزع السلاح وإعادة الدمج، إلى جانب الضغط على الأطراف المختلفة لوقف الدعم الذي تتلقاه المليشيات من الخارج. كما أن تحقيق الاستقرار يتطلب تعاوناً إقليمياً لضمان عدم استخدام السودان كساحة لتصفية الحسابات أو لتمرير أجندات خارجية.
في نهاية المطاف، فإن استمرار المليشيات المسلحة كجهات مستقلة يعني بقاء السودان في دائرة الخطر. هذه الجماعات ليست فقط جزءاً من المشكلة الحالية، بل تمثل تهديداً مستقبلياً لأي أفق سلام واستقرار. إذا لم يتم التعامل مع هذه القضية بحزم، فإن السودان سيظل رهينة للصراعات المسلحة والفوضى. معالجة أزمة المليشيات تتطلب رؤية شاملة وإرادة وطنية حقيقية لضمان عودة الدولة إلى مسارها الطبيعي كجهة وحيدة محتكرة للسلاح والقوة، وهو ما يعد شرطاً أساسياً لأي سلام دائم ومستقبل أفضل للسودان.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الجيش يستعيد السيطرة على محلية أم القرى شرق مدينة ود مدني
  • الدفاع السورية تكشف لشفق نيوز خطوات إعادة بناء الجيش ومصير الفصائل المسلحة
  • هل اصطدم السوداني بـ “جدار الرفض الإيراني”؟
  • وزارة الدفاع السورية تواصل عقد جلسات دمج الفصائل بالجيش
  • أولها النجباء.. مصدر: بدء نقاشات دمج الفصائل المسلحة بالقوات الأمنية
  • خارطة حل الفصائل كما يراها ائتلاف النصر: وجود السلاح خارج نطاق الدولة يهدد الديمقراطية
  • وزير الدفاع السوري: نظام الأسد استعمل الجيش لقـ.تل الشعب وحماية نفسه
  • السلاح خارج السيطرة: خطر المليشيات على سيادة الدولة السودانية
  • صحيفة ايران الحكومية: السوداني سيبحث في طهران تقليص نشاط بعض الفصائل منها النجباء وكتائب حزب الله
  • السوداني في طهران: ملفات ساخنة أبرزها الفصائل المسلحة وسورية