هل تغلق الأونروا أبوابها في غزة؟
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
أثار القرار الصهيوني المدعوم بتشريع سنّه الكنيست يوم 28 أكتوبر الماضي/ تشرين الأول، بحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) استياءً كبيرًا في الأوساط السياسيّة والقانونية المعنية بالصراع العربي الصهيوني.
يمثل هذا القرار سابقة خطيرة، كونها أوّل مرة تسعى فيها دولة عضو في الأمم المتحدة لإلغاء اتفاقية مع هيئة أممية، في ظلّ سوابق تشير إلى تنازل المنظمة الدولية عن قراراتها بضغط من القوى الكبرى، كما حدث في 1991 عندما ألغت – بضغط أميركي – قرارًا سابقًا يساوي الصهيونية بالعنصرية كانت قد أصدرته عام 1975.
نشأت وكالة الأونروا عقب نكبة 1948، ووسعت نطاق عملها بعد حرب 1967 لتشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. وقد اضطرت الوكالة مؤخرًا لفصل 10 موظفين من طاقمها؛ لتجنب أزمة مع إسرائيل التي اتهمت الوكالة بدعم الإرهاب، وأن هؤلاء الموظفين العشرة شاركوا أو ساعدوا في عملية "طوفان الأقصى".
إثر ذلك، سارعت 18 دولة بإيقاف تمويلها للوكالة، لكن 17 دولة منها عادت عن قرارها، بعد أن كشف التحقيق أن الاتهامات لم تكن صحيحة، وأن الأمر لم يعدُ واقعة فردية اتخذت الوكالة إجراء مناسبًا. ومع ذلك، مضت إسرائيل قُدمًا في منع المساعدات للاجئين من خلال التشريع الذي أقرّه الكنيست، مستمرة في نهج العقاب الجماعي.
إعلانلا يقتصر هدف القرار الصهيوني على الضغط على الفلسطينيين عبر حرمانهم من الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية التي تقدمها الأونروا، بل يتجاوز ذلك نحو إنهاء قضية اللاجئين برمتها، وخاصة القرار الأممي رقم 194 الصادر في 11 ديسمبر/ كانون الأول 1948 الذي ينصّ على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتعويضهم واستعادة ممتلكاتهم. وهو القرار الذي يمسّ حقوق أكثر من 900 ألف لاجئ فلسطيني.
تسعى إسرائيل بطريقتها هذه إلى إنهاء أزمة اللاجئين الفلسطينيين التي استفحلت بعد حرب يونيو/ حزيران 1967، ليصل عدد اللاجئين إلى أكثر من 6 ملايين لاجئ، موزعين حول العالم، أغلبهم في دول الطوق العربي.
لكن الناظر إلى خريطة مواقع عمل الأونروا يدرك للوهلة الأولى أن الهدف الإسرائيلي يستحيل تحقيقه، فالأونروا تعمل في جميع المخيمات الفلسطينية، التي يبلغ عددها 58، بينها 12 في لبنان، و9 في سوريا، و19 في الضفة الغربية والقدس الشرقية، و8 في قطاع غزة، و10 في الأردن.
في قطاع غزة وحده، يعيش 1.6 مليون لاجئ، وتدير الأونروا هناك 706 مدارس تضم حوالي 300 ألف طالب، و22 مركزًا صحيًا كبيرًا، ويعمل بها نحو 134 ألف موظف أممي.
إسرائيل لن تتمكن من البقاء طويلًا في قطاع غزة، ولو كانت قادرة على ذلك لنجح أرييل شارون في فعله. وجميع خططها التي وضعتها لليوم التالي لانتهاء الحرب، لا تشمل الاحتفاظ بغزة مرة أخرى، لأسباب لا تقتصر على تكلفة الاحتلال المادية والتبعات السياسية والإنسانية المترتبة عليه، بل لإدراكها أن المقاومة وحرب الاستنزاف ضد جيشها المنهك لن تتوقفا ما دام بقي هناك، وأن هناك تذمرًا بالفعل بين أفراده من البقاء هناك. ولذلك، لن يكون وقف عمل الأونروا (في غزة) إلا وضعًا مؤقتًا سيتم التراجع عنه فور خروج الجيش الإسرائيلي من هناك.
أما مخيمات لبنان والأردن وسوريا، فلن تشهد حظرًا لأنشطة الوكالة، لأن أيًا من هذه البلدان ليس ملزمًا بالقرار الإسرائيلي. وبهذا يتبقى 19 مخيمًا في الضفة الغربية والقدس الشرقية يقطنها 901 ألف لاجئ يمثلون 15.3% من الفلسطينيين المشمولين برعاية الأونروا، و32.9% من المخيمات التي تعمل فيها الوكالة الأممية. يقوم على رعاية سكان تلك المخيمات نحو 3.850 موظفًا أمميًا، وتدير الوكالة 96 مدرسة ترعى 46 ألف طالب، و43 مركزًا صحيًا.
إعلانبعبارة أخرى، فمن ضمن 706 منشآت تعليمية تديرها الوكالة، ستتوقف 13.6% منها، مما سيؤثر على 8.4% من الطلبة والطالبات الذين ترعاهم الوكالة. وفي القطاع الصحي، سيطال التوقف 30.7% من منشآت الوكالة البالغ عددها 140 منشأة.
بالنظر إلى الأوضاع في الضفة الغربية، قد لا يكون هناك بديل سوى تحويل الدعم العيني الذي تقدمه الوكالة إلى دعم نقدي، بمعنى أن تقوم الوكالة بتثمين قيمة خدماتها، وإيصال قيمتها بصورة ما إلى الأطراف المستفيدة، والتي ستكون بأمسّ الحاجة لهذا الدعم عندما تتوقف الخدمات الصحية والتعليمية التي تديرها الوكالة في السابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2025 بفعل القانون الإسرائيلي.
الأشهر القليلة القادمة ستثبت أن القرار الإسرائيلي كان خطأً فادحًا. فالشعوب الواقعة تحت الاحتلال لها حقوق مكفولة يتحملها المحتل بموجب المواثيق الدولية، وكانت الأونروا تخفف الكثير من تلك الأعباء عن إسرائيل كسلطة احتلال. لذلك، ربما يسنّ الكنيست الإسرائيلي قانونًا مضادًا إذا ما وصل إلى سدة الحكم حكومة أقل تطرفًا.
سيدرك الكيان الصهيوني بعد فترة أن سياساته هي ما يفرّخ العنف، وتخلق أجيالًا لا يخضعها الظلم، ولا يركعها أو يذلها، وستظل مصرّة على مواجهة الاحتلال بشتى الوسائل لتحقيق التحرير واستعادة حقوقها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تعتدي على سوريا.. ما هي «المنطقة المعقمة »التي تسعى إلى إنشائها؟
يواصل الاحتلال الإسرائيلي شن غارات مكثفة ومستمرة على سوريا منذ التطورات الأخيرة، وبالتزامن مع الهجمات الإسرائيلية، بدأت القوات في التمركز بالمنطقة العازلة بين سوريا والجولان السوري المحتل، وإنشاء ما أطلق عليه «منطقة دفاعية معقمة»، فما هي؟.
350 غارة جوية إسرائيلية على سورياوكالة «رويترز»، نقلت عن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن القوات الإسرائيلية ستعمل على إنشاء منطقة دفاعية معقمة جنوبي سوريا، لمنع أي تهديد لإسرائيل، وفقًا لقوله، لكنه زعم أنه لكن يكون هناك أي وجود إسرائيلي دائم.
وشنت قوات الاحتلال الإسرائيلي نحو 350 غارة جوية خلال اليومين الماضيين، ركزت على طائرات ومستودعات ذخيرة وصواريخ وبطاريات دفاع جوي، إلى جانب ضرب بوارج وصواريخ متقدمة في سوريا.
ما هي المنطقة الدفاعية المعقمة؟وفي السطور التالية، معلومات عن المنطقة الدفاعية المعقمة، نقلًا عن صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية:
- تقع في المنطقة الفاصلة بين سوريا ومرتفعات الجولان السوري التي تحتلها إسرائيل.
- ستعمل على حماية إسرائيل، وفقًا لمزاعم نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس.
- تتطلب المنطقة مراقبة مستمرة وجمع معلومات دقيقة.
- يزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه بالرغم من النشاط الكبير في المنطقة العازلة، إلا أنه يتجنب الاحتكاك مع السكان المحليين في سوريا.
وزعم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه ليس لدينا أي نية للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، لكنه أضاف: «من الواضح أن لدينا نية القيام بما هو ضروري لضمان أمننا».