سوريا... المعارضة المسلحة تواصل تقدمها من الشمال والنظام يفقد سيطرته على درعا جنوبا
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
أكدت فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، اليوم السبت، أن نظام بشار الأسد قد فقد سيطرته على كامل محافظة درعا في جنوب البلاد، في حين يتواصل زحف القوات المعارضة من الشمال نحو الجنوب، في محاولة للوصول إلى العاصمة دمشق.
وتواصل فصائل المعارضة، بشكل أساسي، تقدمها نحو مركز مدينة حمص وسط البلاد، ذات الأهمية الاستراتيجية على الطريق المؤدي إلى العاصمة دمشق.
وبحسب الأناضول، تستمر فصائل المعارضة وعلى رأسها « هيئة تحرير الشام » في تقدمها، بعد سيطرتها على حماة، الخميس، وعلى كل من الرستن وتلبيسة التابعتين لمحافظة حمص.
من جهة أخرى وجهت الفصائل المعارضة، السبت، إشارات طمأنة إلى الأقليات الدينية التي تقطن في مناطق باتت مؤخرا تحت سيطرتها أو تحاول التقدم إليها، مع تلقي السلطات السورية ضربات موجعة.
وقال القيادي العسكري في صفوف الفصائل حسن عبد الغني في منشور على تطبيق تلغرام السبت « بات من الواضح للجميع أن قواتنا أثبتت انضباطها الميداني بتوجيهات وأوامر القيادة، وبات تأمين قرى وبلدات أهلنا في المناطق المحررة حديثا وخاصة من الطوائف المختلفة والأقليات حقيقة وواقعا ».
وأضاف « نوصي جميع الطوائف بالاطمئنان ومساندة تحركات الثوار، فإن عهد الطائفية والاستبداد قد زال إلى الأبد ».
ومنذ 27 نوفمبر، تشن فصائل مسلحة تقودها هيئة تحرير الشام هجوما غير مسبوق ضد الجيش السوري، بدأته في شمال سوريا. وتمكنت تلك الفصائل من التقدم في محافظتين والسيطرة على مدينتي حلب وحماة وتحاول حاليا التقدم باتجاه مدينة حمص.
وتعيش في المناطق التي تقدمت إليها الفصائل أقليات، على غرار طوائف مسيحية في مدينة حلب، واسماعيلية في بلدات في ريف حماة الشرقي. وتضم مدينة حمص أحياء عدة ذات غالبية علوية، نزح عشرات الآلاف من سكانها وفق المرصد مع تقدم الفصائل في ريف حمص.
وأثار دخول هيئة تحرير الشام، الفصيل الإسلامي المتشدد، مع حلفائه إلى مدينة حلب قبل أيام قلقا بين المسيحيين.
وسارع زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني إلى طمأنة المسيحيين في المدن والبلدات التي تتقدم قواته إليها. وخاطب في بيان نشره حساب قيادة الفصائل على منصة « تلغرام »، المقاتلين بالقول « هدئوا من روع أهلنا من كافة الطوائف ».
وخلال سنوات النزاع، قدم الرئيس بشار الأسد نفسه حاميا للأقليات. وتدين شريحة واسعة من الأقليات في سوريا بالولاء لدمشق، وقد طردوا أوهجروا على أيدي مجموعات إسلامية متطرفة خصوصا من مناطق عدة خلال سنوات النزاع الأولى.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: هیئة تحریر الشام فصائل المعارضة
إقرأ أيضاً:
توحيد السلاح في سوريا: رغبة السلطة وتناقضات الواقع
تتكشف معضلات الحكم الجديد في سوريا بشكل أوضح. فبينما تبدو الرغبة جلية بفرض تسليم الفصائل سلاحها، تكثر التساؤلات حول استثناءات غير مبررة. وبينما تُرفع القيادة الجديدة شعار ضبط الأمن، تبقى مناطق واسعة عرضة للانقسامات المسلحة.
منذ تسلمه السلطة في دمشق، لم يتوقف رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، عن تأكيد ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وإخضاع كافة الفصائل المسلحة لسلطة وزارة الدفاع. في مقابلة تلفزيونية منتصف يناير 2025، شدد على أن جميع الجماعات العسكرية خارج إطار الدولة ستُحلّ، وأنه لن يُسمح بأي تشكيلات مسلحة تعمل خارج سيادة الدولة، وذلك بهدف ضمان الاستقرار ووضع حد للفوضى التي عصفت بالبلاد.
غير أن المشهد الفعلي يعكس واقعًا مغايرًا يثير تساؤلات متزايدة حول قدرة السلطة الجديدة على تنفيذ تعهداتها. فالتوترات مستمرة على أكثر من جبهة: في الشمال، حيث تستمر الخلافات مع قوات سوريا الديمقراطية، وفي الغرب حيث تخوض "هيئة تحرير الشام" معارك ضارية ضد العشائر اللبنانية، وفي الجنوب حيث تظل مسألة "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة دون حل واضح. إضافة إلى ذلك، لا تزال الهجمات الإسرائيلية مستمرة، مصحوبة باحتلالها لمناطق جديدة في الجنوب السوري، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي.
إحدى أكثر المفارقات وضوحًا تتجلى في استمرار وجود "هيئة تحرير الشام"، الفصيل الذي سبق أن قاده الشرع (أبو محمد الجولاني حينها) تحت مسمى "جبهة النصرة". فعلى الرغم من إعلان تفكيك معظم الفصائل المسلحة أو ضمها إلى وزارة الدفاع، لا تزال الهيئة تحتفظ بوجود عسكري نشط، وتخوض مواجهات شرسة على الحدود مع لبنان. وتطرح هذه الاستثناءات غير المعلنة تساؤلات حول مدى التزام القيادة الانتقالية بمبدأ توحيد السلاح تحت سلطة الدولة.
في سياق موازٍ، يثير موقف الشرع من إسرائيل مزيدًا من الغموض. فبينما يؤكد رجل دمشق القوي تجنّب التصعيد في بداية حكمه، تبقى توغلات الجيش الإسرائيلي داخل سوريا والغارات الجوية المتكررة عنواناً يطرح التساؤلات حل الاستجابة المستقبلية لهذا التحدي. كما تطرح الاشتباكات مع العشائر تناقضاً جديداً مع تصريحات الشرع بعدم الرغبة بأي مواجهة مع دول الجوار، ما يثير شكوكا حول المستقبل، ويفتح الباب أمام التكهنات بشأن طبيعة استراتيجيته في المرحلة القادمة.
أما على مستوى الترتيبات العسكرية الداخلية، فالصورة لا تقل ضبابية. إذ لا يزال "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة مترددًا في الانضمام إلى وزارة الدفاع، رغم إعلان الوزارة أن معظم الفصائل قد وافقت على الاندماج. في المقابل، أكد العودة أن أبناء الجنوب كانوا من أوائل الداعين إلى تأسيس وزارة دفاع وطنية، لكن بشروط تضمن تمثيلًا عادلًا لجميع المكونات، وهو ما يسلط الضوء على انعدام الثقة بين القيادات المحلية والسلطة المركزية الجديدة.
على الضفة الأخرى، لا تبدو "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) أكثر استعدادًا لتسليم سلاحها، رغم إعلان الشرع أنها وافقت على ذلك "مع بعض الاختلافات" في التفاصيل. لكن على أرض الواقع، لم يحدث أي تقدم ملموس، ما يعكس صعوبة فرض سلطة الحكومة الانتقالية على كافة الفصائل، ويفتح المجال أمام استمرار الانقسامات العسكرية.
وفي ظل استمرار الاشتباكات العنيفة بين "هيئة تحرير الشام" والعشائر اللبنانية منذ 6 فبراير 2025، والتي امتدت آثارها إلى الداخل اللبناني، تتجلى صورة مفارقة أخرى: فبينما يعلن الشرع عن نيته ضبط السلاح، لا تزال بعض الفصائل تحتفظ بقدراتها العسكرية وتتحرك بحرية على الأرض، دون تدخل واضح من الدولة.
صورة ضبابية حول أفق الاستقراريواجه الوضع السياسي في سوريا تحديات أخرى على المستوى الإقليمي والدولي. فالتقارب مع الدول العربية ما زال بطيئًا، ولا تزال قوى إقليمية تنظر بعين الريبة إلى مدى استقرار النظام الجديد. كما أن استمرار العمليات العسكرية والانتهاكات على الحدود يزيد من تعقيد المساعي الدبلوماسية، مما يعزز من احتمالية استمرار العزلة السياسية.
في المحصلة، تتكشف معضلات الحكم الجديد في سوريا بشكل أوضح. فبينما يُفرض على بعض الفصائل تسليم سلاحها، تحظى أخرى باستثناء غير مبرر. وبينما تُرفع شعارات ضبط الأمن، تبقى مناطق واسعة عرضة للانقسامات المسلحة. هذه التناقضات المتشابكة لا تطرح تساؤلات حول مستقبل الاستقرار في سوريا فحسب، بل تضع شرعية النظام الجديد ذاته على المحك، خصوصاً أنه تولى الرئاسة بعد تطورات عسكرية استثنائية لايزال قسمٌ من أحداثها ملتبساً، بما يشمل مواقف القوى الإقليمية والدولية الفاعلة.
وفي ظل هذه الظروف، يبقى التساؤل الأكبر قائمًا: هل يستطيع أحمد الشرع تحقيق وعوده وتثبيت سلطته في ظل هذه الانقسامات والتناقضات؟ أم أن سوريا ستظل ساحة مفتوحة لصراعات داخلية وإقليمية تضعف فرص بناء دولة مستقرة؟
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أمريكا ولعنة سقوط الطائرات: مقتل شخص وإصابة آخرين إثر اصطدام طائرتين في مطار أريزونا قتلى وجرحى في تفجير انتحاري قرب أحد البنوك في ولاية قندوز شمال أفغانستان سوريا: تنصيب أحمد الشرع "الجولاني" رئيساً للمرحلة الانتقالية وحل الجيش وحزب البعث وإلغاء الدستور سورياأبو محمد الجولاني قسد - قوات سوريا الديمقراطيةهيئة تحرير الشام