في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة وتحديات عالمية متزايدة، انعقدت في مدينة تشوهاي الصينية الدورة الثالثة للمنتدى الصيني العربي للسياسيين الشباب، حاملةً على عاتقها آمالاً عريضة في رسم ملامح مستقبل مشترك قائم على التعاون والتفاهم. 

ريهام سويلم نائباً لرئيس الاتحاد العربي للقوس والسهم

المنتدى الذي جمع نخبة من الشباب العربي والصيني، لم يكن مجرد منصة لتبادل الأفكار والخبرات، بل جسراً للتواصل الحضاري ونافذةً على مستقبل العلاقات العربية الصينية.

وسط أجواء من الحوار البناء، ناقش المشاركون سبل تعزيز التعاون في مجالات متنوعة، من التنمية المستدامة مروراً بتعزيز السلام والأمن في المنطقة.  

أكدت كلمات المسؤولين الصينيين على أهمية دور الشباب كحراس للسلام وبناة للمستقبل، فيما شدد المشاركون العرب على عمق العلاقات العربية الصينية وتوافق الرؤى تجاه القضايا الإقليمية والدولية. "إعلان تشوهاي"، الذي تم اعتماده في ختام المنتدى، يمثل خارطة طريق للتعاون المستقبلي، ويعكس التزام الطرفين ببناء مجتمع مشترك قائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. يبقى السؤال الأهم: هل سينجح هذا الجيل الشاب في ترجمة الطموحات إلى واقع ملموس، وتحويل التحديات إلى فرص لبناء مستقبل أفضل؟

أشاد الممثلون المشاركون في الدورة الثالثة للمنتدى الصيني-العربي للسياسيين الشباب، بمبادرة الحضارة العالمية التي اقترحتها الصين. وأكد المشاركون على أهمية المنتدى في تعزيز ثقافة السلام، لا سيما في ظل احتدام الصراعات في مناطق مختلفة من العالم.

بعد عشرة أيام من الحوارات المكثفة والنقاشات البناءة حول سبل تعزيز التعاون بين الجانبين، اختتمت الصين فعاليات الدورة الثالثة للمنتدى الصيني العربي للسياسيين الشباب، وشارك في المنتدى، الذي نظمته الدائرة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ولجنة الحزب لمقاطعة قوانغدونغ، نحو 200 ممثل من 21 دولة عربية، بالإضافة إلى وفد صيني رفيع المستوى.

ركز المنتدى على تعزيز التبادل الثقافي والسياسي بين الشباب العربي والصيني، وتعميق الفهم المشترك للتحديات والفرص التي تواجه الطرفين في ظل المتغيرات العالمية الراهنة. وأكد المشاركون على أهمية المنتدى في ترسيخ ثقافة السلام، خاصة في ظل تصاعد الصراعات في مناطق مختلفة من العالم.

وفي كلمته الافتتاحية، دعا ليو جيان تشاو، رئيس الدائرة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، الشباب العربي والصيني إلى أن يكونوا "حراساً للسلام والأمن، ومعززين للمنفعة المتبادلة والتبادلات الحضارية". وأشار إلى التوافق الذي توصل إليه قادة الصين والدول العربية خلال الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي في مايو الماضي، والذي طرح فيه الرئيس الصيني شي جين بينغ "الأطر الخمسة للتعاون" لرسم مستقبل العلاقات الثنائية.

وأشاد المشاركون العرب بمبادرة الحضارة العالمية التي أطلقتها الصين، معبرين عن تقديرهم للسياسات الصينية الداعمة للقضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. كما أدانوا التدخل الخارجي في شؤون الدول العربية، مؤكدين على أهمية التعاون مع الصين من أجل إصلاح النظام العالمي وبناء عالم أكثر عدلاً.

وفي حديثه عن النزاعات وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، أعرب محمد اشتية، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، عن أهمية تعزيز الشراكة بين العرب والصين. وأكد أن العالم اليوم يحتاج إلى نظام عالمي أكثر عدلاً، بعيدًا عن الهيمنة والاستعمار. وشدد على ضرورة تكاتف الجهود العربية والصينية لإصلاح النظام العالمي، محذرًا من التدخلات الخارجية في الشؤون العربية التي تخلق عدم الاستقرار في المنطقة.

واعتبر اشتية أن التعاون مع الصين يمكن أن يسهم في دعم حقوق الفلسطينيين، مشيدًا بموقف الصين الثابت في دعم القضية الفلسطينية ومبدأ حل الدولتين. كما دعا إلى تعزيز التعاون العربي الصيني لمواجهة التحديات المشتركة.

ومن جهته أكد أحمد سعد الدين، وكيل أول مجلس النواب المصري، على عمق العلاقات العربية الصينية. وأشاد بمواقف الصين الداعمة للقضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وأشار إلى أن هذه السياسات تعكس التزام الصين بالمبادئ الإنسانية، وتعزز من فرص التعاون المستقبلي بين الجانبين.

وأكد سعد الدين أن الشباب العربي والصيني يجب أن يلعبوا دورًا رياديًا في تعزيز السلام والأمن، مشددًا على أهمية الاستفادة من التجارب المشتركة لبناء مستقبل مشترك.

ومن جانبه قال دينغ جيون، رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، إن العالم اليوم يمر بتغيرات غير مسبوقة، ولا تزال الهيمنة الثقافية والاستعمارية والعنصرية مترسخة، إذ ما زالت بعض القوى الكبرى تروج لنظريات "صراع الحضارات" و"تفوق الحضارة"، وتواصل بعض هذه القوى نشر مفاهيم مثلما يسمى بـ"التهديد الصيني" و"التوسع الصيني" و"الإسلاموفوبيا" وغيرها، بالإضافة إلى تضخيم صراعات الحضارات وتفوقها لإحداث الشقاق بينها، مضيفا أن بعض الدول تسعى لتشكيل "تحالفات قائمة على القيم" باستخدام روايات زائفة عن "الديمقراطية ضد الاستبداد"، مما يثير النزاعات الأيديولوجية بين الشعوب، وهذا انحراف خطير عن مسار التاريخ والتقدم الحضاري.

وشملت فعاليات المنتدي زيارات ميدانية لمواقع صناعية وتكنولوجية بارزة في تشوهاي، منها مصانع شركة جري الكتريك، وشركة ناينستار المحدودة، وشركة صناعة الطيران العام الصينية، بالإضافة إلى جسر هونغ كونغ-تشوهاي-ماكاو، الذي يُعتبر رمزاً للتكامل والتعاون الإقليمي.

واختتم المنتدى أعماله باعتماد "إعلان تشوهاي للدورة الثالثة للمنتدى الصيني-العربي للسياسيين الشباب من أجل تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية"، والذي يرسم ملامح التعاون المستقبلي بين الشباب العربي والصيني في مختلف المجالات.

تضمن برنامج المنتدى زيارات ميدانية إلى عدة مواقع بارزة في مدينة تشوهاي، منها مصانع شركة جري الكتريك، وشركة ناينستار المحدودة، وشركة صناعة الطيران العام الصينية، جسر هونغ كونغ-تشوهاي-ماكاو الكبير، الذي يُعد رمزاً للتكامل والتعاون بين المناطق الثلاث. كما شملت الزيارات جولات في منطقة خليج قوانغدونغ-هونغ كونغ-ماكاو الكبرى، التي تُعتبر نموذجاً مصغراً لجهود الصين المستمرة في الإصلاحات الشاملة والمعمقة.

يعد المنتدى الثالث الصيني العربي للشباب منصة هامة لتعزيز التعاون والتفاهم بين الشباب من الصين والدول العربية، مما يسهم في بناء مستقبل مشترك ومستدام للطرفين. من خلال تبادل الأفكار والخبرات، يمكن للشباب أن يلعبوا دوراً محورياً في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز السلام والأمن في المنطقة.

 


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تشوهاي الصينية والخبرات جسرا تعزیز التعاون مستقبل مشترک على أهمیة

إقرأ أيضاً:

«قمة الحكومات» تطلق شراكة مع الرابطة العالمية لكبار العلماء

أطلقت مؤسسة القمة العالمية للحكومات، شراكة دولية جديدة مع «الرابطة العالمية لكبار العلماء»، لتعزيز التعاون، والمشاركة الفعالة للرابطة في فعاليات القمة، وتبادل المعرفة في الابتكارات العملية ودعم العلوم الأساسية، بما يسهم في تطوير المعرفة وتحقيق أعلى مستويات التقدم العلمي المستدام.
حضر إعلان إطلاق الشراكة الجديدة، عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، نائب رئيس مؤسسة القمة، وروجر كورنبرغ، رئيس الرابطة، وفق مذكرة التفاهم التي وقعها محمد يوسف الشرهان، مدير مؤسسة القمة، ووانغ هو، المدير التنفيذي والأمين العام للرابطة.
وتهدف الشراكة إلى تفعيل التواصل والتعاون في مجالات عدة، أبرزها تعزيز الحوار العالمي في دور العلوم والتكنولوجيا في تشكيل مستقبل المجتمعات، والإضاءة على التطورات العملية التي تُمهد الطريق للابتكارات التي تخدم الإنسان، ودعم العلوم الأساسية لتحقيق تقدم علمي شامل ومستدام.
وأكد عمر سلطان العلماء، أن تعزيز الشراكات مع الجهات والمنظمات والمنصات الدولية، هدف رئيسي للقمة، وعنصر داعم لجهودها في تعزيز التبادل المعرفي والحراك العلمي، الهادف إلى رفع مستوى جاهزية مرونة الحكومات للمستقبل، وتمكين القدرات وأصحاب العقول والمواهب القادرين على تقديم ابتكارات متقدمة وإضافات نوعية تسهم في تشكيل معالم مستقبل أفضل للمجتمعات.
وقال إن التحديات المستقبلية تتطلب التواصل والتكامل بين المؤسسات والأكاديميات والمنصات العلمية الرائدة، والشركات العالمية والمنظمات الدولية، وقادة الفكر والخبراء، لدعم الحكومات وتمكين القيادات من صناعة أفضل القرارات المدعومة بالأفكار والرؤى العلمية المستقبلية، التي تنعكس إيجاباً على حياة المجتمعات، وترفع مستوى أداء ودور الحكومات في مواكبة المتغيرات المتسارعة في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن القمة العالمية للحكومات تسعى لتوفير منصة لهذا الحراك الهادف لاستكشاف وابتكار الحلول المستقبلية للتحديات العالمية.
وأكد روجر كورنبرغ، أن الشراكة فريدة ومميزة، تستقطب نخبة العقول المبدعة من مختلف أنحاء العالم لتقديم حلول مبتكرة للتحديات الأساسية التي تُحدد ملامح مستقبل البشرية.
وقال إن القمة منصة عالمية استثنائية تجمع قادة العالم لمواجهة التحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجه البشرية، مع التركيز على دفع عجلة التنمية المستدامة وصياغة رؤى استراتيجية للمستقبل. مشيراً إلى أن التكامل بين القمة والرابطة يفتح آفاقاً جديدة لإحداث تأثير عالمي عميق، بتسخير التعاون بين القيادات السياسية والعلمية لرسم مستقبل أكثر إشراقاً واستدامة للجميع. (وام)

مقالات مشابهة

  • رئيس الاتحاد العربي لجمعيات بيوت الشباب في حوار لصدي البلد: قرار اختيار مدينة الإسماعيلية عاصمة بيوت الشباب العربية ليس وليد صدفة
  • «الشارقة التنفيذي للنشر» يستكشف مستقبل الصناعة العالمية
  • بمشاركة نخبة من الخبراء.. الجامعة المصرية الصينية تنظّم المنتدى العربي الصيني الدولي للطب التقليدي
  • من هي أبرز الشركات العالمية التي تصنّع في الصين؟
  • الرئيس السوري في تركيا.. تعزيز التعاون الدولي وسط التحديات الإقليمية
  • «قمة الحكومات» تطلق شراكة مع الرابطة العالمية لكبار العلماء
  • أمانة الشباب بحزب الشعب الجمهوري ترسم ملامح المستقبل باجتماع تنظيمي شامل
  • التعليم العالي: التحديات الوطنية وتأثيراتها العالمية والتنمية المستدامة للجامعات التكنولوجية
  • "تعليم اليوم من أجل وظائف الغد".. التحديات الوطنية وتأثيراتها العالمية والتنمية المستدامة للجامعات التكنولوجية على مائدة جلسات اليوم الثاني بالمؤتمر
  • «التحديات الوطنية وتأثيراتها العالمية» على مائدة المؤتمر الدولي للتعليم التكنولوجي