تحديد طفرة جينية واحدة قد تحول إنفلونزا الطيور إلى جائحة بشرية
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
الولايات المتحدة – أصيب العشرات في الولايات المتحدة بإنفلونزا الطيور المنقولة من الحيوانات هذا العام، ولكن لا يوجد دليل على أن الفيروس قد انتقل من شخص لآخر.
ومع ذلك، تكشف دراسة جديدة أن طفرة جينية واحدة قد تجعل الانتقال بين البشر ممكنا، ما يثير القلق بشأن احتمال حدوث جائحة.
وستحسن هذه الطفرة قدرة الفيروس على الارتباط بالمستقبلات في مجرى الهواء البشري، ما يسهل على الفيروس إصابة خلايا البشر.
وفي الوقت الحالي، يستهدف فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 بشكل رئيسي مستقبلات الطيور، لكن الدراسة الجديدة تبحث في كيفية تحول هذا الفيروس ليتناسب مع خلايا البشر.
وحتى الرابع من ديسمبر، تم تأكيد 58 حالة إصابة بفيروس H5N1 في الولايات المتحدة، وقد ارتبطت معظم الإصابات البشرية المؤكدة، نحو 60%، بالتعرض للماشية المصابة، في حين ارتبطت 36% منها بالطيور. ولا يوجد مصدر معروف للعدوى المتبقية، ولكن يشتبه أيضا في أن أصلها يعود إلى الحيوانات.
ورغم أن معظم الإصابات البشرية كانت خفيفة، حيث تسببت في احمرار العين أو السعال على الأكثر، إلا أن هناك قلقا من أن الفيروس قد يتحور ليصبح أكثر فتكا وقدرة على الانتقال بسهولة أكبر بين البشر.
وركز الباحثون على بروتين الهيماغلوتينين(HA) الذي يسمح للفيروس بإصابة الخلايا. ووجدوا أن طفرة واحدة في بروتين الهيماغلوتينين، تسمى استبدال Gln226Leu، يمكن أن تغير تفضيل الفيروس من الطيور إلى البشر.
وهذه التغيرات، على الرغم من أنها ليست مثالية، تجعل الفيروس أكثر توافقا مع خلايا البشر. وتشير الدراسة إلى أن تتبع هذه الطفرة سيكون أمرا بالغ الأهمية لفهم إمكانية أن يتسبب فيروس H5N1 في جائحة بشرية.
وعلى الرغم من أن هذه الطفرة لم يتم الإبلاغ عنها بعد في أي قاعدة بيانات، فقد تظهر بشكل أكبر إذا حدثت المزيد من الإصابات البشرية، ما يزيد من احتمالية انتقال الفيروس بين البشر. ويراقب العلماء احتمال تبادل الجينات بين فيروس H5N1 وفيروسات الإنفلونزا الموسمية، ما قد يساعد الفيروس على التكيف مع البشر.
وتشدد الدراسة على ضرورة اليقظة في متابعة فيروس H5N1 ومراقبة إمكانية تحوره ليصبح سلالة قادرة على التسبب في جائحة.
المصدر: لايف ساينس
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: بین البشر فیروس H5N1
إقرأ أيضاً:
هل سنبقى نحن البشر سادة التقنية أم سنصبح أسرى لها؟
مؤيد الزعبي
عندما أطرح عليك- عزيزي القارئ- هذا التساؤل: "هل سنبقى نحن البشر سادة التقنية أم سنصبح أسرى لها؟"، قد يخطر ببالك أننا نتحدث عن الهواتف الذكية أو شبكات التواصل، أو ربما تستحضر أفلام الخيال العلمي التي تنبأت بتمرد الآلات، لكنِّي هنا أتناول جانبًا أعمق: هل أفقدتنا التقنية– أو ستفقدنا– جوهرنا البشري ومهاراتنا التي أبقتنا أحياء منذ بدء الخليقة؟ إلا تجد بأن كثرة اعتمادنا على التكنولوجيا والتقنية جعلتنا نفقد وسنفقد الكثير من مهاراتنا كبشر، مهارات فكرية وتخطيطية وأخرى حرفية وصولاً لمهارات استكشافية أو تنبؤية أو حتى مهارات التعايش.
ما حدث في إسبانيا مؤخرًا من انقطاع في التيار الكهربائي وما تبعه من فوضى وخوف، يوضح مدى اعتمادنا المطلق على التقنية، وكأننا لم نعد نتوقع يومًا أن تخذلنا أو تتوقف عن العمل. لقد باتت عقولنا رهينة لهذه الأدوات، وفقدنا القدرة على التكيف مع الطوارئ، وكأننا نعيش في وهم الاستقرار الرقمي الأبدي، والمُفزع في الأمر بالنسبة لي ليس التطور؛ بل فقداننا القدرة على العيش دونه، فنحن اليوم حتى أبسط التقنيات لا نتخيل أن نعيش بدونها يوم واحد، وندخل في حالة من الهلع والخوف وحتى الخروج عن المعايير الأخلاقية والإنسانية لتعرضنا لفقدان عنصر تقني واحد في حياتنا.
الإنسان عبر التاريخ اخترع أدوات كثيرة من العجلة إلى الإنترنت لتخدمه وتسهل حياته، ولكن مع تقنيات الذكاء الاصطناعي بتنا لا نخترع أدوات تساندنا بالمعنى العملي أو الحركي، إنما نقوم باستبدال عقولنا بعقول اصطناعية نعتقد بأننا سادتها ومن يشغلها، وقد أتفق معك أنه حتى الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً مثل ChatGPT أو DeepMind، يعمل ضمن إطار برمجة وضعها بشر، ولكن ما الذي سيحدث غداً ونحن نتخلى عن عقولنا، وماذا لو أدركت البرمجيات أنها تسيطر علينا وأننا من غيرها لا يمكننا البقاء.
تأمل معي- عزيزي القارئ- السيناريو التالي: عندما نعتمد بالكامل على السيارات ذاتية القيادة، ثم تتعرض هذه الأنظمة لعطل أو اختراق، فحينها لن نكون قادرين على قيادة سياراتنا وستختفي وسائل تنقلنا، ولن نجد بدائل تقليدية؛ لا خيول ولا عربات، ولا حتى المعرفة بكيفية استخدامها، الأمر ذاته ينطبق على الروبوتات الطبية: إذا توقفت هذه الأنظمة، فقد لا نجد طبيبًا واحدًا يمتلك المهارة أو الحدس السريري لعلاج المرضى، وستتكرر المأساة في التعليم والهندسة والعدالة والفنون، فنحن من قررنا استبدال العقول البشرية بالبرمجيات، دون أن نحسب حساب يوم تتعطل فيه تلك الآلات ومرة أخرى لم نتوقع أن تخذلنا أو تتمرد علينا.
في الحقيقة أنا لا أتحدث عن جيلنا الحالي، فما زال فينا من يمتلك المهارات؛ مهارات حرفية وأخرى عقلية، ومازال البشر على كوكبنا هم من لديهم السلطة الفعلية للقيام بكل شيء، ولكن ماذا عن أجيال المستقبل؛ الأجيال الذين نسلبهم مهاراتهم يوماً بعد يوم، نحن نربي أجيالًا قد لا تعرف كيف ترسم، كيف تصنع، كيف تكتب، كيف تفكر، أو حتى تتعامل مع أدوات بدائية، ونذهب في رسم مستقبلًا مليئًا بالروبوتات والأنظمة دون أن نسأل: ما الذي سيحدث لو أصبحت هذه الأنظمة سجنًا لنا؟
قد يتساءل البعض: هل علينا أن نوقف التقدم؟ وأنا أقول حتى وإن أردنا ذلك فلن نستطيع، وأنا هنا لست ضد التقنية أو كيف نطورها في قادم الأيام إنما ما أنادي به هو ضرورة أن تكون عصمة التكنولوجيا في أيدينا نحن البشر وهذا أولاً أما ثانياً أن يكون دائما لدينا بديل قوي وجاهز وحاضر في كافة المجالات وعلى كافة المستويات، فمصدر قوتنا كبشرية كان ومازال وسيظل في قدراتنا على تحويل كل شيء من حولنا ليخدم مصالحنا، وها نحن اليوم نفقد ما ساعدنا في ذلك أمام التقنيات والذكاء الاصطناعي.
في النهاية.. يجب أن نعلم أن التاريخ يُكتب الآن، والخيار بين "السيادة" و"العبودية التقنية" بين أيدينا، والفرق بين أن نكون سادة أو أسرى التقنية يعتمد على وعينا وإصرارنا كبشر على الاحتفاظ بالسيطرة، وهنا يبرز تساؤل مهم جدًا: إذا كانت الآلات في طريقها للسيطرة، فهل سنسمح نحن لأنفسنا كبشر بأن نكون ضعفاء بما يكفي للاستسلام؟
هذا هو السؤال الجوهري، والذي سأتابع مناقشته معك في مقالي المقبل.
رابط مختصر