سودانايل:
2025-01-13@05:15:54 GMT

المدنيّون في السودان ينتظرون “جدَّة”

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

زوايا

حمّور زيادة

بعد أن تجاوزت حرب السودان ستمائة يوم، وخلّفت أكثر من 150 ألف قتيل (بحسب تقديرات لجنة الإنقاذ الدولية)، بعضهم أُسرٌ كاملةٌ لم ينجُ منها أحدٌ، ونزح بسببها أكثر من 12 مليون مواطن، وهدّدت مجاعتها أكثر من 25 مليوناً آخرين، ما زال إعلان جُدَّة للالتزام بحماية المدنيين يبدو أكثر الاتفاقات ضرورةً للتنفيذ.



لم يهدف الاتفاق الموقّع بين الجيش والدعم السريع (11 مايو/ أيار 2023) إلى إنهاء الحرب، إنما إلى حماية المدنيين من آثارها. بدأ الوصول بمبادرة من الجيش من طريق قوى الحرّية والتغيير بقبول أيّ وساطة أميركية "معقولة" (إن وُجِدت) لوقف الحرب.

هذه المبادرة التي نتجت عنها الوساطة السعودية الأميركية، ثمّ منبر جَدَّة التفاوضي (قبل تكوين التحالف الدولي من أجل السلام وانقاذ الأرواح في السودان في أغسطس/ آب الماضي، وانضمام مصر والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي)، تُوِّجت بإعلان يُعرّف نفسه بأنه "لن يؤثّر في أيّ وضع قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقّعة عليه، ولن يرتبط بالانخراط في أيّ عملية سياسية"، إنما هو حسب نصّه جاء "استجابةً لمناشدات الدول الشقيقة والصديقة عبر مبادراتها العديدة وعلى رأسها المبادرة السعودية الأميركية". نصّ الإعلان على ضرورة تخفيف المعاناة عن المدنيين (لا سيّما في العاصمة الخرطوم، إذ لم تكن الحرب وقتها قد تمدّدت في أوّل شهر إلى أغلب مساحة البلاد)، واحترام القانونَين الدولي والإنساني.

لكنّ الإعلان لم ينفّذ حتى اللحظة. في الشهور التي تلت توقيعه ظلّ الإعلام الموالي للجيش، والآخر الموالي لقوات الدعم السريع، يهاجمان معاً الإعلان، ويعتبره كلّ طرف جزءاً من مؤامرة دولية لدعم الطرف الآخر، وتعزيز وضعه العسكري. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2023 انهار منبر جُدَّة 2، الذي عقد لمناقشة كيفية تنفيذ الإعلان وآليات حماية المدنيين. كانت الشهور من مايو/ أيار إلى ديسمبر/ كانون الأل كافيةً لزيادة درجة التعنّت عند الطرفَين، بعد الشحن الكبير الذي مورس ضدّ الإعلان. وبشكل ما، ذهب وفدا التفاوض إلى الجولة الثانية، وليس في نيّة أحدهما تنفيذ ما اتّفق عليه.

اختصر الجيش الإعلان في نقطة واحدة هي "خروج الدعم السريع من منازل المواطنين والمؤسّسات الحكومية". بينما اختصرته قوات الدعم السريع في "القبض على قيادات النظام السابق الفارّة من السجون"، في تحايل على نصوص الإعلان التي تتحدّث عن التزام الطرفَين الموقّعَين بـ"اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنّب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، ممّا يهدف إلى إخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين"، بينما لم يلزم إعلان جُدَّة أيَّ طرفٍ بالقبض على أيّ شخص، إنما جاء ذلك في اتفاق إجراءات بناء الثقة بين الطرفَين.

لم يهتمّ أيّ من المتقاتلين بعدم تعريض حياة المدنيين للخطر، أو "الامتناع عن أيّ هجوم من المتوقّع أن يتسبّب في أضرار مدنية عرضية"، أو "الالتزام بحماية الاحتياجات والضروريات التي لا غنى عنها لبقاء السكّان المدنيين على قيد الحياة، والتي يمكن أن تشمل المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والثروة الحيوانية"، أو حظر "النهب والسلب والإتلاف". لا تبدو هذه النقاط مهمّةً لطرفي الاتفاق وهما يرسلان الطائرات والمُسيَّرات ويقصفان الأسواق والمدنيين.

في "جدَّة 2" تمسّكت قوات الدعم السريع بأن الاتفاق لا يطالب إلا بإخلاء المنازل والمصالح الحكومية، فعليه يمكن إخلاء المنازل، مع الاحتفاظ بالسيطرة على المناطق التي احتلّها. بينما تمسّك الجيش بأن إخلاء المنازل يعني خروج الدعم السريع من المناطق كافّة إلى معسكراتٍ خارج المدن. وفضلّ الطرفان تعليق التفاوض والانخراط في القتال، بدل محاولة حلّ الخلاف حول تنفيذ الاتفاق. هكذا تاهت نصوص أخرى لا تقلّ أهميةً، لم يعد يطالب بتنفيذها أحدٌ مثل عدم تجنيد الأطفال، والامتناع عن أيّ شكل من التعذيب، أو غيرهما من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية، والامتناع عن الانخراط في عمليات الإخفاء القسري والاحتجاز التعسّفي للمدنيّين.

اتفق الطرفان في جُدَّة على السماح بدخول الإغاثة والمعونات الإنسانية من دون مضايقات، واعتماد إجراءات بسيطة وسريعة لجميع الترتيبات اللوجستية لعمليات الإغاثة، وهي العمليات التي ينظر إليها الجيش بريبة، ويعتبرها محاولاتٍ دوليةً لتمرير الأسلحة إلى "الدعم السريع"، وتنظر إليها "الدعم السريع" غنيمةً مستباحةً.

هذه بنود اتفق عليها الطرفان في مايو/ أيار 2023، قبل الانخراط في تفاوض المنامة في يناير/ كانون الثاني 2024. ربّما لو نُفِّذ بعضها لأمكن تجنّب الكارثة التي وصفتها تقاريرٌ دوليةٌ بـ"الكارثة الإنسانية الأكبر على مستوى العالم". لكن كيف يمكن تنفيذ اتفاق لا يرغب طرفاه فيه، إذ لا تُعتبَر قضية حماية المدنيين أولويةً لأيّ طرف، بل يعتبر قطاع كبير من المدنيين أنفسهم أن الانتصار العسكري هو السبيل الوحيد لتأمين هذه الحماية؟

نقلا عن العربي الجديد  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

مالك عقار: لن نقبل أي مبادرة تعيد متمردي الدعم السريع

قال مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إن "النصر قاب قوسين أو أدنى"، مشددا على عدم قبول أي مبادرة صلح تمس سيادة بلاده.

وفي خطاب لعقار بعد يوم من استعادة الجيش السوداني السيطرة على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة من قوات الدعم السريع، على اقتراب تحقيق "النصر"، مؤكدا أن الانتقال إلى الديمقراطية يتطلب استكمال استعادة تحرير جميع أنحاء الدولة.

وأكد عقار أنه "لن نقبل بأي مبادرة صلح تعيد المتمردين إلى المشهد السياسي"، مضيفا "لن نقبل بأي مبادرة صلح تمس سيادة السودان".

وهاجم نائب رئيس مجلس السيادة السوداني قوات الدعم السريع، واتهمها بالسعي لنهب ثروات السودان، ووجّه خطابه لمن وصفهم بـ"المتورطين في إراقة دم السودانيين"، قائلا "ستعاملون معاملة قائدكم المتمرد حميدتي"، في إشارة إلى قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو.

كما اتهم من وصفهم بـ"المتمردين" بالعمل على مخطط معد مسبقا في الخارج لتفتيت الدولة وتقسيم السودان، مشددا على أن مجلس السيادة لن يسمح لأي قوة داخلية أو خارجية بالعمل على بث الفتنة والفرقة بين السودانيين.

"سودان جديد"

وأضاف عقار أن السودان واجه مكائد من بعض من سماهم "صغار النفوس"، الذين انحرفوا عن مسار الثورة، مشيرا إلى أن هؤلاء رضوا بأن يخدموا أجندات خارجية لتدمير بلدهم.

إعلان

وفي حين أقرّ عقار بأن السودان لا يعيش حاليا حالة مساواة، فقد أكد العمل على معالجة ذلك، ودعا إلى بدء حوار يؤسس لسودان جديد، مشددا على أن "السودان الذي نحبه ونحلم به قادم لا محالة".

وقال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إن على الأحزاب القيام بدورها وتوفيق أوضاعها، كما دعا للبحث عن شرعية توافقية تنقل البلاد إلى شرعية دستورية، مؤكدا على عدم الانحراف عن مسار الانتقال السياسي الذي ضحى من أجله الثوار بدمائهم.

وكان الجيش السوداني استعاد السيطرة أمس على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد.

وأوضح مصدر بالجيش أن استعادة السيطرة على هذه المدينة جاءت بعد معارك محتدمة مع قوات الدعم السريع حول مقرّ الفرقة الأولى في المدينة.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل، وتسببت الحرب بأكبر أزمة نزوح في العالم وبأزمة إنسانية كبيرة وفق الأمم المتحدة التي تقدر أن أكثر من 30 مليون سوداني، أكثر من نصفهم من الأطفال، بحاجة إلى المساعدة بعد 20 شهرا من الحرب.

مقالات مشابهة

  • مالك عقار: لن نقبل أي مبادرة تعيد متمردي الدعم السريع
  • الدعم السريع يحاول استهداف قائد درع السودان بتمبول
  • فيديو صادم .. الجيش السوداني يحرر أسرى من احد معتقلات الدعم السريع في “مدني”
  • الجيش يسيطر على أكبر موقع لـ”قناصة الدعم السريع” في الخرطوم
  • هزيمة الدعم السريع.. ثاني أكبر مدن السودان تتحرر
  • العقوبات الأمريكية على الدعم السريع والإسلاميين بين الاحتفاء والحيادية
  • بعد عام من حرب السودان.. الجيش يدخل ود مدني عاصمة “الجزيرة”
  • الجيش السوداني: أحرزنا تقدما في استعادة مدينة ود مدني من ميليشيا الدعم السريع
  • الجيش السوداني ينجح في استعادة مدينة «ود مدني» من ميليشيا الدعم السريع
  • حكومة مدنيه في اراضي الدعم السريع هي الوحيدة التي ستحفظ وحدة السودان، فمم وًلماذا تخافون ؟