حرب ١٥ ابريل والامبريالية (الجديدة) (3 من 6)
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
حرب ١٥ ابريل والامبريالية (الجديدة) (3 من 6)
12 أداة امبريالية… ها هنا الخرطوم
طارق بشري (شبين)
tarig.b.elamin@gmail.com
في الإمبريالية الجديدة
تطور النظام شبه الإمبريالي على ظهور مراكز تراكم رأس المال خارج المراكز التاريخية للنظام الرأسمالي، والذي اعتمد بدوره في كثير من الأحيان على خروج الطبقات الحاكمة في الدول الواقعة على ”أطراف“ النظام من النظام السياسي والاقتصادي الاستعماري الذي حصرها في دور منتجي المواد الخام والأسواق الأسيرة للسلع المصنعة في البلدان ”الأم“ الإمبريالية.
و بشكل من الأشكال تصنف دول البريكس (BRICS)و التي تتكون أساسا من البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا و انضمت لها مؤخرا الامارات والسعوديه و مصر ضمن دول أخرى بكونها تنتمي إلى الإمبريالية الجديدة.و دول البريكس كقوة ”شبه إمبريالية“، تتميز بالاستقلال الفائق طبقاتها العاملة، والعلاقات الافتراسية فيما يتعلق ومناطقها النائية، والتعاون (وإن كان متوتراً) مع الإمبريالية، خاصة كوسطاء في نقل كل من قيم فائض العمل و”هدايا الطبيعة المجانية“ (التبادل الإيكولوجي غير المتكافئ) من الجنوب إلى الشمال.و هي ليست معاديًا للإمبريالية بشكل جوهريا، بل تتسق مع ما أسماه إيمانويل والرشتاين تطلعات الاقتصادات ”شبه الطرفية“ إلى اتباع السوابق التوسعية الغربية، باستخدام أدوات القوة متعددة الأطراف ( https://shorturl.at/qUWJl).عرّف فرنانديز في كتابه (القوى شبه الإمبريالية: أستراليا في الساحة الدولي) القوى شبه الإمبريالية على النحو التالي: «تتسم القوى شبه الإمبريالية بكونها قوة تتبع الإمبريالية وتتمتع بقدرٍ من النفوذ في الوقت نفسه. إنها ليست دولة تابعة. وإنما هي تكرِّس جانباً معتبراً من سيادتها وقوتها العسكرية وسياستها الخارجية لخدمة النظام الإمبريالي، في الوقت الذي تنعم فيه بقدرٍ كبيرٍ من السلطة في مناطق نفوذها.في منطقة الشرق الوسط،يشار الي السعوديه و الامارات و تركيا و ايران و إسرائيل بكونها من الدول شبه الامبرياليه و نسميها هنا الامبرياليه الجديده
و القسم التالي من المقال سوف نلامس في مقاربات عامة دون الغوص في تفصيله القول ال١١ اداه او اليه او تمظهرات التداخل الامبريالي و الامبريالية الجديدة في الجيوسياسي و الجيواقتصادي للسودان.وما اشرنا من قبل كل قول في ال١١ اداه او اليه منها قد يحتاج في حد ذاته إلى مقال او مقالات مفردة إلا أننا هنا سوف نتقيد بالسمات العامة.
النيوليبرالية ١٩٩١-٢٠٢٤ و الامبريالية {١}
وفق تتريخه محددة صعدت النيوليبرالية(كنظام سياسي ايدولوجي اقتصادي)الى مشهد النظام الرأسمالي العالمي بعد اكسبها الرئيس الأمريكي ريغان ومارغريت تاتشر في بدايات ١٩٨٠ زخما و انتشارا في العالم.أن تبني النيوليبرالية من قبل نظام الجنرال نميري و من بعد مجيء الجبهة الإسلامية بانقلابها العسكري يونيو١٩٨٩ اخذت النيوليبرالية مسارا متوحشا و بالاستناد على الالة القمعية و القهرية للدولة.و في هذا تتصالح فيما تمارسه الإمبريالية النيوليبرالية من عنف و حروب من اجل تجاوز كل الاشتراطات التي تتعارض مع الصورة الايديولوجية التي ترغب في خلقها. فالقمع المنهجي والبنيوي الذي ولدته الإمبريالية النيوليبرالية يعيد إنتاج وتنفيذ اللصوصية الاستعمارية المسلحة على نطاق عالمي. الفرق بين الشكل القديم والشكل الجديد هو حجم الدمار والاستخدام العلني لأسلحة الدمار الشامل. ومن ثم فإن عسكرة الكرة الأرضية هي نتيجة طبيعية. في هذا الكتاب، يجادل البروفيسور تاتا منتان بأن شركة الفاكهة المتحدة على سبيل المثال ما كان لها أن تزدهر لولا الدعم القوي من المارينز ووزارة الخارجية الأمريكية وكل مواردها.
وتشكل المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي- باعتبارها جزء لا يتجزأ من النظام الرأسمالي العالمي و ايدولوجيته النيوليبرالية السائدة.( وفقا ل مايكل هودسون): للبنك الدولي هدف أساسي واحد، وهو جعل البلدان الأخرى تعتمد على الزراعة الأمريكية. وهذا مدمج في مواد اتفاقيته. ذلك لن يقدم البنك قروضًا بالعملة الأجنبية للبلدان من أجل التنمية الزراعية والطرقات إلا إذا كان ذلك لتعزيز الصادرات…..لذلك أصبح البنك الدولي، هي المنظمة الأكثر خطورة وأكثر شرًا من صندوق النقد الدولي. إنها القبضة الصلبة للإمبريالية الأمريكية (https://shorturl.at/Ztqkn)).
الدور المركزي لآلية السوق(النيوليبرالية) و التي ما جلبت لانسان السودان اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا سوى 10 نتائج كارثية:1- سيطرة الاحتكارات في الإنتاج والاستهلاك 2- تفاقم معدلات التفاوت الاجتماعي بين الأغنياء الجدد و الاغلبية الفقيرة 3-الخصخصة و تخفيض عدد المؤسسات العامة في الإنتاج و التجارة و التوزيع 4- حرب على قوى العمل و تهميش الحقوق النقابية و المهنية 5- تدني الأجور الحقيقية 6- زيادة التبعية وانكشاف الاقتصاد الوطني تجاه الاقتصادات الإقليمية و العالمية والمؤسسات الدولية (الصندوق والبنك الخ) 7- زيادة الديون الخارجية 8- صعود الاقتصاد الريعي و الاستخراجي و الطفيلي مقابل تدني مكانة الإنتاج الزراعي والصناعي 9-تدني رأس المال البشري (الخدمات الصحية والتعليمية) 10- زيادة الإنفاق العسكري والأمني لاستدامة وتأمين الاستبداد السياسي و الصرف على الحروب الداخلية و التمليش (صناعة النظام للميليشيات )على حساب الإنفاق على التنمية.تتر يخة تطبيق و ممارسة السياسات النيوليبرالية في السودان منذ السبعينات هي تتريخة لاحقة لسيادة وسيطرة النظام النيوليبرالي على المستوى العالمي و بشي اكثر تحديدا صعود النظام النيوليبرالي في امريكا بدا من فوز ريغان 1980 و تاتشر في بريطانيا 1979 و من بعد سيطرتها أي النيوليبرالية على مستوى المؤسسات الاقتصادية الدولية من مثل صندوق النقد والبنك الدولي و من بعد تطبيقها الواسع في بقية دول العالم.
و بعد اسقاط راس النظام الاسلاموي اثر ثورة ١٩ ديسمبر لم تتغير على المستوى البنيوي السياسات النيوليبرالية و لم تتغير التشكيلة الاجتماعية الطبقية و التي تتصالح مصالحا مع ذات السياسات و هذا ما شهدته حكومة الفترة الانتقالية بقيادة حمدوك.السياسات النيوليبرالية و منتوجها الذي اشرنا اليه اعلاه ظلت هي بغض النظر من التحول من النظام الاستبدادي الي نظام انتقالي نحو التحول الديمقراطي.
tarig.b.elamin@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: النظام الرأسمالی من النظام من جهة
إقرأ أيضاً:
سقوط النظام السوري وولادة سوريا الجديدة
#سقوط_النظا_ السوري وولادة #سوريا الجديدة
دوسلدورف/ #أحمد_سليمان_العمري
منذ عام 1970، عاش الشعب السوري تحت وطأة حكم عائلة الأسد الذي شكّل نظاما قائما على القمع والدم. بداية من حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة عبر انقلاب عسكري، وحتى عهد ابنه بشار، شهدت سوريا عقودا من الظلم والاستبداد، حيث حوّلت تلك العائلة البلاد إلى سجن كبير يحكمه الخوف والترهيب.
مع سقوط هذا النظام أخيرا، تفتح سوريا أبوابا جديدة لمستقبل طالما حلم به الشعب؛ تتسع فيه مساحة الحرية والعدالة، ويتلاشى شبح الطغيان.
مقالات ذات صلة هل من أمل؟ 2024/12/09إرث القمع والدم
حين استلم حافظ الأسد الحكم، وعد ببناء سوريا قوية، لكن وعوده تحوّلت إلى كابوس طويل الأمد، فقد اعتمد حكمه على الترهيب، فكانت مجازر مثل حماة عام 1982 إحدى أبرز معالم فترة حكمه، حيث قُتل عشرات الآلاف ودُمّرت أحياء بأكملها بحجة قمع المعارضة. لم يكن أخوه رفعت الأسد بعيدا عن هذه الجرائم، فقد نفّذ عمليات إعدام جماعية، مثل ما حدث في سجن تدمر، حيث قُتل مئات السجناء السياسيين بدم بارد.
عندما ورث بشار الأسد الحكم عام 2000، ظنّ البعض أن سوريا قد تدخل عهدا جديدا أقل قمعا، لكن هذا الأمل سرعان ما تبدد، فمع اندلاع الثورة السورية عام 2011، قُوبلت الاحتجاجات السلمية برصاص القنّاصة والقمع الوحشي، حيث آلت الثورة إلى حرب مدمّرة، استخدم فيها النظام كل أنواع الأسلحة ضد شعبه، من البراميل المتفجّرة إلى الأسلحة الكيميائية، ليترك البلاد غارقة في الفوضى والدمار.
مأساة حلب: جريمة بشراكة روسية وإيرانية
من بين المدن السورية التي تعرّضت لوحشية النظام، تبرز حلب كرمز للمعاناة والدمار، ففي عامي 2015 و2016، كانت المدينة مسرحا لقصف عنيف شنّه النظام السوري بدعم من القوات الروسية والإيرانية. أسفرت هذه الحملة العسكرية عن تدمير حلب الشرقية بالكامل تقريبا، حيث قُصفت المستشفيات والمدارس والأسواق دون تمييز، فقد استُخدمت أسلحة محرّمة دوليا في الهجوم، وراح ضحية تلك الجرائم آلاف المدنيين، في حين نزح عشرات الآلاف من سكان المدينة بحثا عن مكان آمن.
أصبحت حلب، بأطلالها ودمارها، شاهدا على تحالف القمع بين النظام السوري وحلفائه، روسيا وإيران، في محاولة لإبقاء بشار الأسد على كرسي الحكم حتى لو كان الثمن دم الأبرياء.
الثمن الباهظ للحرب
طوال سنوات الصراع، دفع الشعب السوري ثمنا باهظا كان أثره عميقا على كل بيت وكل فرد، فقد خلّفت الحرب أكثر من 610,000 شهيد حتى عام 2022، وفق تقارير منظمات حقوق الإنسان، ومن بين هؤلاء، قُتل الكثيرون نتيجة القصف العشوائي والاشتباكات المسلّحة، بينما قضى آلاف آخرون تحت التعذيب في سجون النظام.
لم تقتصر المأساة على القتلى، فقد دمّرت الحرب أحلام الملايين وأجبرتهم على ترك منازلهم، حيث نزح أكثر من 6.9 مليون شخص داخليا، في حين هاجر 5.6 مليون سوري إلى دول الجوار ودول أخرى حول العالم، وحسب مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فقد وصل الرقم الإجمالي إلى 14 مليون؛ بين نازح ولاجئ ومُتشرّد، فضلا عن 100 ألف مفقود، حسب المصدر.
هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة التي عاشها الشعب السوري، الذي أصبح نصف سكانه بين مشرّد ولاجئ أو مفقود، أو فاقد للاستقرار والأمان.
فجر التحرير
مع سقوط النظام السوري ونهاية السلالة الوحشية، التي احتفل بها السوري واستقبلها بالفرحة والإحساس بالإنتصار، ورحّب بها أيضا الشارع العربي، بينما العالمي ينتظر التصريح الأمريكي بالقبول أو الرفض أو الحياد.
خرج السوريون، بكل أطيافهم، يحتفلون بنهاية عقود من القمع والظلم، فهذه الفرحة كانت امتدادا لأمل طالما تمسّك به السوريون رغم المعاناة، لأنّ سقوط النظام لم يكن مجرّد انتصار على الطغيان والطاغية فحسب، بل كان بداية لكتابة صفحة جديدة، تحمل بين سطورها وعدا بالحرية والكرامة.
لكن الفرح وحده لا يكفي، فأمام الشعب السوري مهمة صعبة تتمثّل في بناء دولة جديدة قائمة على التعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان، الأمر الذي يُلزم أن تكون المرحلة المقبلة فرصة لتجاوز الانقسامات التي زرعها النظام بين مكونات الشعب، والعمل على بناء وطن يجمع الجميع تحت راية واحدة، خالية من الطائفية والكراهية.
ضرورة الوعي ورفض الطائفية
من الدروس التي تعلّمها السوريون خلال سنوات الحرب، أن الانقسام والطائفية لا يجلبان سوى الدمار، هذا لأنّ النظام استغل هذه الانقسامات ليُطيل أمد حكمه، مما أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي في البلاد.
اليوم، مع ولادة سوريا الجديدة، يجب أن تكون الأولوية لترسيخ قيم التعايش المشترك، وتبنّي دستور يحمي حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن الدين أو العرق.
إن بناء سوريا المستقبل يتطلّب وعيا وطنيا يتجاوز أخطاء الماضي. يجب أن تتركّز الجهود على تحقيق المصالحة الوطنية، والعمل على محاسبة كل من تورّط في جرائم الحرب، مع ضمان ألّا يتحوّل الانتقام إلى سياسة الدولة، لأنّ استقلال القرار السوري هو الضمانة الوحيدة لتحقيق الاستقرار والازدهار في المستقبل.
الدرس المستفادة من دول الربيع العربي لتجنّب الهيمنة الخارجية
مع ولادة سوريا الجديدة، يبرز تحدٍّ كبير أمام الإئتلاف السوري والحكومة الحالية، التي ستعمل على تشكيل هيئة الحكومة الإنتقالية حتى الحكومة القادمة؛ من المفروض أن تُنتخب خلال 18 شهرا، والتي تبدأ بالإستفتاء على الدستور، الذي يضمن الحفاظ على كرامة الشعب وسيادة البلاد واستقلال قرارها الوطني.
لقد عانت سوريا لسنوات طويلة من تدخّلات خارجية زادت من تعقيد المشهد السياسي، حيث استغل العديد من القوى الدولية والإقليمية الصراع لتحقيق مصالحها الخاصّة.
كان التحالف مع روسيا وإيران من العوامل الرئيسية التي ساعدت النظام السوري في البقاء على قيد الحياة، مما زاد من تعقيد الصراع وأدى إلى تعميق المأساة السورية. لقد بات من الضرورة تجنّب الحكومة الجديدة الوقوع في فخ الهيمنة الخارجية، سواء كانت من قبل روسيا أو إيران، أو على الجبهة الأخرى الولايات المتحدة أو إسرائيل، أو غيرها من القوى التي قد تسعى لفرض أجندتها على مستقبل البلاد.
تاريخيا، شهدت دول أخرى من دول الربيع العربي إخفاقات كبيرة نتيجة السماح للقوى الخارجية بالسيطرة على مسارها السياسي والاقتصادي. تجربة تلك الدول يجب أن تكون درسا لسوريا، لتفادي تحويل الاستقلال الوطني إلى مجرّد شعار، لأنّ بناء سوريا الحرّة والديمقراطية يتطلّب أن يكون القرار السياسي نابعا من إرادة الشعب، لا خاضعا لضغوط خارجية، مهما كانت المغريات أو التحديات.
أمل في مستقبل مشرق
سقوط النظام السوري هو بداية لمرحلة جديدة في الشرق الأوسط عامّة، فهو يُعدّ مؤشّرا لتغيير ميزان القوى الإقليمي، مع الأخذ بالإعتبار اختلاط المُسلّمات والأوراق السياسية التي كان يتبنّاها العالم، والعالم العربي والمنطقة برُمّتها، وخاصّة بعد السابع من أكتوبر 2023.
أمّا على المستوى السوري فاللحظات الحالية تحتاج إلى عزم وتصميم من الشعب السوري بجميع أطيافه وأعراقه لتجاوز الألم، الذي استمر قرابة الـ 60 عاما من حكم عائلة الأسد، والعمل على بناء وطن يليق بتضحياتهم، ومع كل التحديات التي تنتظرهم، يبقى الأمل في أن تعود سوريا وطنا آمنا ومستقرّا، يحتضن أبناءه جميعا دون تمييز، ويعيد للاجئين كرامتهم وأملهم بالحياة.
سوريا الجديدة ليست مجرّد حلم، بل مشروع يمكن تحقيقه بإرادة السوريين وتكاتفهم، فهي الفرصة لصنع دولة حرّة وعادلة، تكون رمزا للصمود والانتصار على القتل المُمنهج والقمعية والبلوليسية، ونموذجا يحتذى به في العالم العربي.
سوريا تستحق مستقبلا أفضل، وشعبها يستحق حياة مليئة بالكرامة والحرية.
ahmad.omari11@yahoo.de