قراءة نقدية لواحدة من مجموعة أعمال حسن موسى
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
قراءة نقدية لواحدة من مجموعة أعمال حسن موسى
I Love You With My Ford
إبراهيم برسي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
تتسم هذه اللوحة للفنان حسن موسى بأنها عمل فني بالغ التعقيد والجرأة، لا يُقرأ سطحه دون التوغّل في طبقاته الغنية بالرمزية والمعاني المضمرة.
اللوحة، المستوحاة من عمل فنان البوب الأمريكي جيمس روزنكويست
(James Rosenquist)
I Love You with My Ford،
و هي تشكّل نافذة مشرعة على عوالمٍ من التوتر والتناقض، حيث تتقاطع أحلام البراءة مع واقعٍ سياسيٍ متوحش، وتتواجه الأمنيات الهشة مع عنفٍ لا ينفك يتسرب إلى كل زوايا حياتنا.
تبرز اللوحة قوة تعبيرية عميقة تتجاوز حدود العناصر البصرية الظاهرة إلى مستويات رمزية وفكرية معقدة.
يمكن قراءة العمل الفني من خلال منظورين متكاملين: البنية التشكيلية والمضمون الرمزي.
من الناحية التشكيلية
يستخدم الفنان تقنيات متعددة تجمع بين الرسم والكولاج (Collage)، ما يضفي بعدًا بصريًا حيويًا متعدد الطبقات.
تعزز الخلفية الداكنة حضور الشخصية المركزية التي تبدو كمحور للسرد البصري.
الألوان المتناثرة على هيئة فراشات تشبه الأحذية المزخرفة، وأسماك منسوجة من أقمشة ذات نقوش تقليدية، تخلق تباينًا ديناميكيًا يعكس التوتر بين المألوف والغريب، أو بين العنف والبراءة.
كذلك، توزيع العناصر على اللوحة ليس عشوائيًا، بل يعتمد على توازن مدروس يدفع العين للتنقل بين التفاصيل دون فقدان التركيز على الجوهر.
من الناحية الرمزية
تتقاطع في هذه اللوحة ثيمات الهوية، الثقافة، والعنف.
البندقية التي تحملها الشخصية تبدو في صراع بصري ووجودي مع الفراشات والأسماك الموزعة حولها.
هذا التناقض بين رمزية الحياة (الفراشات والأسماك) وأداة العنف (البندقية) يفتح مجالًا للتأمل في قضايا معاصرة مثل الاستعمار، الحروب، وتأثيرهما على الفرد والمجتمع.
الشخصية المركزية، التي تحمل ملامح إفريقية بارزة، تبدو وكأنها أيقونة تمثل صراع الهويات بين الأصالة والحداثة، أو بين الثقافات المحلية والعولمة.
البندقية في يده ليست فقط أداة للعنف، بل أيضًا عبء ثقيل وتذكير دائم بالحروب التي تُحاصر الهوية وتُعيد تشكيلها باستمرار.
يكشف العمل عن حساسية حسن موسى في استحضار التراث الإفريقي ليس بوصفه مجرد موروث، بل كمعطى ديناميكي يعاد تشكيله في ضوء تحولات الواقع المعاصر.
استخدام الأقمشة التقليدية في الكولاج هو تذكير بأهمية الحرفية والتقاليد وسط عالم يزداد تشظيًا وتكنولوجية.
تنجح اللوحة في المزج بين جمالية التكوين وتعقيد الرسالة الفكرية. ومع ذلك، يمكن القول إن ازدحام العناصر قد يشوش قليلاً على المشاهد غير المتمرس، مما يجعل التفسير الأولي صعب المنال.
لكن هذا الغموض ذاته يعزز من قيمة العمل، حيث يحفز المشاهد على التعمق واستكشاف طبقاته المختلفة.
تظل اللوحة شاهدًا على براعة دكتور حسن موسى كفنان خلاق يمتلك أدوات الإبداع التي تمكنه من المزج بين المحلي والعالمي، وبين الجمالي والسياسي، ليقدم تجربة بصرية وفكرية ثرية.
في
I Love You With My Ford،
يرتقي موسى بالفن من مجرد تمثيل بصري إلى منصة فلسفية تُلامس أعماق القضايا الإنسانية.
اللوحة ليست مجرد شهادة على العنف السياسي، بل هي أيضًا حلم دفين بعالم أكثر إنسانية، حيث تُزهر الأمنيات المستحيلة رغم القسوة.
بهذا التوتر بين الجمال والقبح، بين الفوضى والنظام، بين الحلم والواقع، تؤكد اللوحة قدرتها على أن تكون عملًا خالدًا يتجاوز الحدود المكانية والزمانية.
zoolsaay@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: حسن موسى
إقرأ أيضاً:
ترامب يستبدل صورة أوباما في البيت الأبيض بلوحة تظهر لحظة نجاته من الاغتيال
أزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صورة سابقة للرئيس باراك أوباما من مكانها البارز في البيت الأبيض، ليضع بدلاً منها لوحة كبيرة تجسده وهو يرفع قبضته في لحظة نجاته من محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في يوليو 2024.
ونشر البيت الأبيض عبر حسابه على منصة "إكس" مقطع فيديو يظهر اللوحة الجديدة معلقّة قرب السلم الرئيسي في البيت الأبيض، وهو الموقع ذاته الذي كانت فيه صورة أوباما سابقًا، والتي تم نقلها إلى الجهة المقابلة من المدخل.
اللوحة الجديدة تُظهر ترامب محاطًا برجال الأمن بينما يرفع قبضته الملطخة بالدماء، بعد أن تعرض لإطلاق نار من مسلح في ولاية بنسلفانيا، مما أصابه بإصابة طفيفة في أذنه.
وتوثق الصورة لحظة تحولت إلى رمز لحملته الانتخابية، حيث التقطها مصور من وكالة "أسوشيتد برس" وانتشرت عالميًا.
ورغم أن تغيير الصور داخل البيت الأبيض أمر معتاد مع تغير الإدارات، فإن هذه الخطوة اعتُبرت غير تقليدية، إذ يفضل الرؤساء عادة الانتظار حتى مغادرتهم المناصب.
وفي تعليق على الانتقادات، قال مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، عبر "إكس": "تم نقل صورة أوباما مسافة قليلة فقط"، وردّ على أحد منتقدي هذه الخطوة قائلاً: "اصمت أيها الأحمق".