تصاعد الاحتجاجات في عدن وتحذيرات من النهج الحكومي العقيم في معالجة الأوضاع
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
تصاعدت الاحتجاجات في العاصمة المؤقتة عدن وعدد من المحافظات المحررة، للمطالبة بصرف الرواتب المتأخرة منذ شهرين، وتسوية أوضاعهم المعيشية بما يتناسب مع التدهور الاقتصادي المتفاقم في البلاد.
وبدأت عدة نقابات عمالية، منذ منتصف الأسبوع الماضي إضراباً شاملاً حيث أعلنت النقابة العامة للمهن الطبية والصحية بدء الإضراب في جميع المستشفيات والمرافق الصحية الحكومية، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد تفاقم معاناة العاملين نتيجة التأخير المستمر في صرف الرواتب.
وطالبت النقابة بسرعة صرف المستحقات المتأخرة، وتوفير بدل ملابس للكوادر الطبية أسوة بزملائهم في قطاع التعليم، مؤكدة على ضرورة إيجاد حلول جذرية لتحسين أوضاع العاملين وضمان استمرار الخدمات الصحية.
في السياق ذاته، واصلت النقابة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني إضرابها الذي بدأ منذ أيام، مؤكدةً في بيان لها أن الإضراب لن ينتهي إلا بتحقيق مطالبها، والتي تشمل صرف الرواتب بانتظام، تحسين هيكل الأجور لمواجهة غلاء المعيشة، وإطلاق التسويات الوظيفية المتأخرة منذ سنوات.
وأوضحت النقابة أن العاملين في قطاع التعليم الفني يعانون من ضغوط اقتصادية متزايدة بسبب انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار، ما أثر سلباً على أوضاعهم المعيشية.
إلى جانب ذلك، انضم معلمو المدارس الحكومية في عدن إلى موجة الإضرابات، حيث توقفوا عن العمل منذ يوم أمس الاثنين بالتزامن مع بدء الامتحانات الفصلية، ما أدى إلى شلل تام في الحركة التعليمية.
وجاءت هذه الإضرابات المتزامنة في القطاعات الصحية والتعليمية لتعكس حجم الأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب البلاد، في وقت تتزايد فيه الضغوط على الحكومة للاستجابة لمطالب النقابات وتحسين أوضاع العاملين.
وأصبحت الأوضاع في عدن وبقية مناطق الحكومة الشرعية متوترة للغاية بسبب تزايد الإضرابات والاعتصامات للعاملين في العديد من القطاعات تعبيرا عن غضبهم واستيائهم من تأخر صرف المرتبات، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب في البلاد.
وتواجه الحكومة صعوبة في الالتزام بصرف مرتبات الموظفين نتيجة النقص الحاد في الموارد مع ضعف في التحصيل، وتوقف تصدير النفط وحرمان الحكومة من قيمة مبيعاته والتي كانت ترفد الخزينة العامة للدولة بأكثر من 70 في المائة من الموازنة.
وأدى هذا النقص في الموارد خاصة موارد النقد الأجنبي في انهيار قيمة العملة الوطنية وتآكل القوة الشرائية للريال اليمني، مما جعل المرتبات في حال انتظامها في وضعها الحالي لا تفي بأدنى متطلبات والتزامات الموظفين تجاه أسرهم.
وعزا اقتصاديون هذا الانهيار إلى فشل ذريع للحكومة في وضع خطط اقتصادية تعتمد على الموارد الذاتية، واكتفاءها على الاعتماد على الدعم السعودي أو الاماراتي والذي توقف منذ أكثر من سنة بعد أن أصبح مشروطا بتنفيذ برنامج الاصلاحات الاقتصادية والمالية الموقع مع صندوق النقد العربي.
وفي وقت كان ينتظر أن تقوم حكومة أحمد عوض بن مبارك باستكمال تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي، يؤكد اقتصاديون أن الحكومة عجزت عن وضع موازنة عامة للدولة وتقديم أي خطط اقتصادية، ناهيك عن اسهامها في عرقلة خطة الانقاذ الاقتصادي.
وقبيل انتهاء لجنة وزارية من دراسة خطة الانقاذ الاقتصادي من اجل اعتمادها وتحويلها إلى برنامج عمل، خرج رئيس الوزراء بالاعلان عن خمسة مسارات للاصلاح والتي ليس من بينها رفع كفاءة تحصيل الموارد وترشيد النفقات وتعزيز الشفافية وجهود مكافحة الفساد والتي تعد جوهر المشكلة الاقتصادية التي تواجهها اليمن.
وحذر اقتصاديون الحكومة من خطورة الاستمرار بنفس النهج العقيم، والذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى فشل وانهيار اقتصادي متعدد المجالات سيؤثر على الأوضاع المعيشية للمواطنين، ويزيد من حالة السخط والتذمر الشعبي، وبالتالي الدخول في حالة عدم استقرار أمني شامل.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
الاحتجاجات الداعمة لفلسطين تدفع شركات الدفاع ببريطانيا للعدول عن المعارض الجامعية
كشفت صحيفة "التايمز" عن توقف شركات الدفاع في بريطانيا عن حضور معارض التوظيف الجامعية والنشاطات الأخرى بسبب المخاوف الأمنية بشأن المتظاهرين المناصرين لفلسطين، ما أثر على التوظيف في وقت من التهديدات العالمية المتزايدة.
وبحسب تقرير نشرته الصحيفة المشار إليها وترجمته "عربي21"، فإن جرى استبعاد الشركات التي تصنع الأسلحة لوزارة الدفاع وللتصدير بشكل فعال من حضور الأنشطة في الحرم الجامعي في بعض الجامعات، أو أجبرت على إلغائها بنفسها، مما أثار مخاوف من تعرض الأمن القومي للخطر نتيجة لنقص المهارات في الصناعات الحيوية.
وزعم المطلعون أن موظفي بعض الشركات، بما في ذلك الأعضاء الأصغر سنا من الموظفين الذين يعملون كسفراء للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، تعرضوا للترهيب والمضايقة من قبل المتظاهرين أثناء وجودهم في الحرم الجامعي.
وفي الأشهر الأخيرة، يعتقد أن نحو 20 شركة دفاعية نصحت إما بعدم حضور معارض التوظيف والفعاليات الجامعية بسبب مخاوف تتعلق بالأمن والسلامة أو قررت إلغائها وسط ضغوط، وفقا لكيفن كرافن، الرئيس التنفيذي لمجموعة ADS، التي تمثل شركات الدفاع والفضاء والأمن. وقال إن أولئك الذين حضروا واجهوا الترهيب والمضايقة.
واتهمت شركة ليوناردو البريطانية، وهي شركة دفاعية تزود وزارة الدفاع البريطانية بالمعدات، بعض الجامعات بـ "الرقابة الذاتية"، والتي حذر رئيسها التنفيذي من أنها قد تؤثر على أمن الأمة.
وقالت مصادر في الصناعة، بحسب الصحيفة، إن "هناك زيادة في العداء منذ بدء حرب إسرائيل وغزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وكانت الشركات تستثمر عشرات الآلاف من الجنيهات لحماية موظفيها".
وقال أحد مصادر الصناعة: "كان النشاط ضد المنظمات الدفاعية موجودا دائما، لكن مستوى الدمار الذي نشهده الآن مثير للقلق - في المقام الأول لشعبنا".
وفي خضم القلق المتزايد إزاء حجم المشكلة، يفهم أن وزارة الدفاع البريطانية أعدت قائمة تضم اثنتي عشرة جامعة حجزت فيها شركة BAE Systems وشركات أخرى فعاليات أو محاضرات أو محادثات أو معارض وظيفية، لكنها ألغت هذه الفعاليات بسبب النصح المقدم لها أو مخاوفها الخاصة.
ويعتقد أن القائمة تضم جامعة إدنبرة وجامعة ليفربول، وجامعة مانشستر وجامعة شيفيلد وجامعة كارديف وجامعة وارويك، حسب التقرير.
وقال كرافن: "يقول منظمو هذه الفعاليات لبعض شركاتنا: ننصحكم بعدم الحضور لأن الاحتجاجات أو التحركات من المرجح أن تحدث". وأضاف أنه "من الواضح أن جميع شركاتنا تهتم بموظفيها ولا تريد تعريضهم للترهيب أو المضايقة. وهذا لا يرقى إلى الحظر الرسمي، ولكن التأثير الناتج هو الاستبعاد".
في شباط/ فبراير من العام الماضي، كان من المقرر أن يحضر ممثلون من شركة BAE Systems منتدى مهنيا لطلاب الهندسة في جامعة كارديف. وتم نقله إلى الإنترنت بعد رد فعل عنيف من الطلاب.
وقد تم إجراء هذا التغيير "لتمكين مناقشة أكثر تركيزا على الفرص المتاحة"، وفقا لرسالة بريد إلكتروني من خدمة المشورة المهنية بالجامعة، Student Futures، كما أوردها موقع The Cardiffian الإخباري.
وقال مصدر الصناعة إن حجم الاحتجاجات كان يؤثر على التوظيف وتصورات القطاع، الذي يعمل به حاليا 164000 شخص بشكل مباشر، وفقا للأرقام التي جمعتها مجموعة ADS.
وقال مصدر ثانٍ في الصناعة إن بعض الجامعات أصبحت الآن "بيئة معادية حرفيا"، مضيفا: "هذا له نتيجة حرمان الشباب من الوصول إلى الوظائف المحتملة وحرمان قاعدتنا الصناعية الدفاعية من الوصول إلى المهارات والمواهب".
وأضافوا أن "نتيجة نهج 'اليقظة' هذا هي أن تستفيد شركات الدفاع الأجنبية وأعدائنا المحتملين في وقت تتزايد فيه بيئة التهديد الخارجي".
وقال كرافن إن ما يحدث في الجامعات "غير مفيد" على خلفية نقص المهارات والتهديدات المتزايدة. وقال إن شركات الدفاع فشلت في شغل 10 آلاف وظيفة كل عام خلال السنوات الثلاث الماضية.
في العام الماضي، نظمت الجماعات المؤيدة للفلسطينيين احتجاجات في مصانع الدفاع، وحثتهم على إنهاء علاقاتهم مع إسرائيل ووقف جميع تجارة الأسلحة والدفاع والإمدادات معها.
وبحسب الصحيفة، فإن شركة BAE Systems لا تزود الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة مباشرة، على الرغم من أنها تنتج مكونات لطائرات إف-35 المقاتلة، والتي باعتها الولايات المتحدة لإسرائيل.
على نحو مماثل، تصدر شركة ليوناردو مكونات إف-35 إلى الولايات المتحدة وليس مباشرة إلى إسرائيل. ينتج فرعها في المملكة المتحدة أشعة الليزر المستهدفة للطائرات. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الليزر تستخدم في طائرات إف-35 التي اشترتها إسرائيل واستخدمتها في غزة.
وعززت الشركة متعددة الجنسيات الأمن في مواقعها بالمملكة المتحدة، بما في ذلك في إدنبرة، حيث تحيط الأسلاك الشائكة الآن بمكاتبها بعد تحطيم النوافذ وقطع الكابلات.
وقال روبرتو سينجولاني، الرئيس التنفيذي لشركة ليوناردو، إن استثمار الشركة ومشاركتها في الجامعات في المملكة المتحدة وإيطاليا تأثرت أيضا بضغوط من الجماعات الناشطة.
وأضاف "عندما نحاول الاستثمار في الجامعات أو تنظيم فعاليات للطلاب، غالبا ما نرى أقلية من الطلاب يحتجون بأنهم لا يريدون أن تستثمر صناعة الطيران والدفاع في الجامعة".
وأشار إلى أن هذه "وجهة نظر متحيزة"، مضيفا: "لا أحد يحب الحرب، لكن المحتجين يحتاجون إلى النظر في حقيقة أنهم قادرون على التجمع والاحتجاج بحرية، والوصول إلى الإنترنت، وأن هذه الحرية لا يمكن اعتبارها أمرا مفروغا منه".
وحذر: "بعد 70 عاما من السلام في أوروبا، بدأ الأوروبيون يتوقعون حالة من الهدوء والأمن. لكننا بحاجة إلى العمل للدفاع عن السلام، فهذا لا يحدث تلقائيا".
وقال إن أي دولة أوروبية لا تنتج ما يكفي من المواهب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لتلبية الطلب على الأشخاص المهرة المطلوبين "لحماية السلام".
ولفت إلى أنه "في حين أن غالبية الطلاب يدركون قيمة العمل الذي يقوم به قطاع الدفاع والأمن، فإنهم يفقدون فرص الاستماع إلى الصناعة بسبب الأفعال الصاخبة والمخيفة التي تقوم بها أقلية صغيرة. إن بعض الجامعات تمارس الرقابة الذاتية، وهو ما قد يصبح في الأمد البعيد قضية لأمن أمتنا".
في كانون الأول/ ديسمبر، ذكرت صحيفة "التايمز" أن الشركات الصغيرة تكافح مع الخدمات الأساسية مثل الخدمات المصرفية والتأمين لأنها تعمل في مجال الدفاع.
وقالت المتحدثة باسم ADS إن حماية الحق في الاحتجاج "جزء من سبب وجود صناعاتنا"، لكنها أضافت: "الاحتجاج السلمي لا يمتد إلى مستويات الدمار وتدمير الممتلكات والترهيب التي نشهدها في جميع أنحاء صناعاتنا".
وقال متحدث باسم شركة BAE Systems إن أدوار الخريجين والمتدربين لديها توفر "وظائف ذات قيمة عالية. وتلعب دورا مهما في دعم دفاع وأمن الأمة. نحن نحترم حق الجميع في الاحتجاج سلميا".
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية، "نواصل التواصل على نطاق واسع مع شركائنا في الصناعة لتسليط الضوء على أهمية وفوائد العمل في قطاع الدفاع".