الجزيرة:
2024-12-12@04:39:48 GMT

سجناء محررون يروون قصصا مروعة في سجن حلب المركزي

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

سجناء محررون يروون قصصا مروعة في سجن حلب المركزي

إدلب – "العذاب النفسي كان أصعب من الجسدي بكثير، وهذا لا يمكن أن تمحوه ذاكرتي مهما مرت الأيام، فاسمي كان الرقم 1100، ولا أنسى كيف كنت أمزق ملابسي حتى أمسح دم الجرح في رأس تلك الطالبة الجامعية التي لم يبق شعر في رأسها من شدة التعذيب"، هكذا افتتحت هالة أم ربيع (اسم مستعار) حديثها للجزيرة النت بعد أن تمكنت المعارضة السورية من فك أسرها من سجن حلب المركزي.

وأضافت أنها اعتقلت على حاجز يعرف بحاجز "البطاطا" في مدينة حماة عام 2019 بتهمة الإرهاب، ونقلت إلى فرع الأمن العسكري بحلب لتقضي فيه سنة ونصف السنة، ومن ثم في أمن الدولة 3 سنوات، وبعدئذ إلى السجن المركزي في حلب الذي حررت منه يوم 29 نوفمبر/تشرين الأول المنصرم.

ولادة جديدة

تستذكر المتحدثة اعتقال وتعذيب فتاة تبلغ من العمر 16 عاما قضت تحت التعذيب، ولم يمضِ على زواجها سوى شهرين قبل اعتقالها مع طالبة جامعية وسيدة مسنة وطبيبتين اتهمتا بعلاج الثوار، وذكرت أنه عندما كانت أي سجينة تموت تحت التعذيب تلفّ "ببطانية" ويضعونها معهم في الغرفة قبل أن يأخذوها لاحقا إلى مكان مجهول.

وتستحضر أم ربيع خلال حديثها كل السجينات في المعتقلات، وتتمنى تحرير كل السجناء خاصة المعتقلين في سجن صيدنايا المعروف بسوء سمعته.

إعلان

وتصف لحظة وصول قوات المعارضة السورية إلى السجن بقولها "لم نكن لنصدق أن هذه حقيقة، وأننا سنرى الضوء، كانت الفرحة كبيرة، زغردنا وكبرنا، وتمنينا لو نستطيع أن نعانقهم ونقبلهم". وأضافت "كانت الفرحة أكبر بخروجنا رغم أنف النظام على يد الثوار. وصلت إلى أهلي، كأني ولدت من جديد".

الياسين يقول إنه رأى من أشكال التعذيب في سجن صيدنايا ما لا يمكن أن تمحوه الذاكرة (الجزيرة) تعذيب على مراحل

يصف صافي الياسين (49 عاما) -للجزيرة نت- لحظة خروجه من السجن بعد وصول قوات المعارضة إلى داخل مدينة حلب بقوله "كأنه يوم ولادتي، وكأنه أول يوم من عمري، السعادة لا يمكن وصفها، ولا يمكن أن يكون لها مثيل".

وكان الياسين الذي عمل في مجال الحدادة وصناعة القوارب البحرية للصيادين قد اعتقل بتاريخ 7 مايو/أيار 2011، إذ حضرت قوة عسكرية كبيرة من قوات الجيش السوري إلى قريته الواقعة في بانياس، واعتقلته على خلفية إنشاده في المظاهرات، لينقل إلى الملعب البلدي في مدينة اللاذقية، ومن ثم إلى الأمن العسكري، "وهنا بدأت رحلة التعذيب الجسدي والنفسي الكبير طوال ما يقارب 14 عاما"، حسب وصفه.

ويضيف أن "المرحلة الثانية تمثلت بنقلي إلى دمشق حيث تم التحقيق معي في أكثر من فرع، وبعدها قضيت عاما كاملا في سجن الرعب صيدنايا"، ويقول إن التعذيب به "كان بما لا يمكن وصفه أو كتابته، فما رأيته من مشاهد لا يمكن أن تمحوها ذاكرتي حتى الموت. ولا يمكن أن أنسى ذلك المسن المضرج بالدماء، وبعد فترة توفي".

أما المرحلة الثالثة، حسب كلامه، فيذكر أنها "كانت عندما نقلنا إلى سجن عدرا الذي قضيت به شهرا. ومن ثم نقلنا إلى سجن السويداء حيث قضيت 6 سنوات، ومن ثم إلى سجن حلب المركزي الذي قضيت به أيضا 6 سنوات وبضعة أشهر".

ويصف الياسين -الذي صدر بحقه حكم بالسجن 31 عاما- اللحظات الأخيرة بقوله "في 28 و29 نوفمبر/تشرين الأول الماضي، بات صوت الاشتباكات قريبا، وفي كل ساعة يقترب أكثر وأكثر، وبعدها ساد الهدوء، وسمعنا أصوات التكبير".

إعلان

"كنا ما يقارب 5 آلاف سجين، بدأنا بخلع النوافذ وتكسير الأبواب للخروج، وحتى الضباط والحرس لبسوا اللباس المدني، وخرجوا معنا مستغلين خروجنا من السجن حتى لا يقبض عليهم الثوار، وعندما أصبحنا خارج السجن وجدنا الثوار، وسمعنا منهم خبر تحرير حلب، فذهبت إليهم وأخبرتهم أنني من بانياس، فتواصلوا مع أشخاص من بلدتي وأوصلوني إلى أحد الأصدقاء"، كما يقول الياسين.

يوم غير متوقع

تحدث ماهر (اسم مستعار) عن تجربته في السجن، للجزيرة نت، لكنه رفض الكشف عن اسمه خوفا على أهله الذين يقطنون في العاصمة دمشق.

يذكر اليوم الأول لاعتقاله في السابع من نوفمبر/تشرين الأول 2017، عند أحد الحواجز في مدينة حمص، حيث اتهم "بتمويل الإرهاب"، ثم اقتيد إلى فرع الأمن السياسي في الفيحاء وقضى فيه 4 أشهر، ثم نقل إلى فرع المخابرات الجوية في المزة بدمشق، وقضى فيه عاما كاملا قبل أن ينتهي به المطاف في سجن حلب المركزي.

يقول ماهر إنه لم يكن العذاب الذي تعرض له خلال تنقله بين الأفرع الأمنية وحده ما بقي عالقا بذاكرته، "رغم أن كل دقيقة كانت عبارة عن اقتراب الأجل، من شدة التعذيب وأساليبه الوحشية التي لا يمكن حتى للحيوان أن يتحملها"، بحسب وصفه.

ويضيف "لكن الذي لا أنساه هو أنني عندما كنت بفرع المزة، حيث جاءت حافلة وأحضرت سجناء نقلوا إلى زنزانتي، وكان من بينهم معتقل يشبه زوج أختي، ترددت في البداية وقلت في نفسي، هذا ليس أيمن، مستحيل أن يكون هو، فهو لم يكن مبتور القدمين، اقتربت منه وسألته عن اسمه لأقطع الشك باليقين، ولكن الفاجعة الأكبر كانت أنه فاقد للعقل".

تعرف ماهر على نسيبه من الوشم المنقوش على يده بعبارة رضاك يا أمي، وبجانبه أول حرف من اسمه ومن اسم أخته. حاول أن يذكره بنفسه لكن دون جدوى.

لم يتوقع محدثنا أن يخرج يوما من سجن حلب، لكن "عندما اقترب صوت إطلاق الرصاص جدا من السجن بدأنا جميعنا بالتكبير، ولم نكن نصدق أبدا أن هذا الحلم أصبح حقيقة، بعد 7 سنوات قضيتها في السجن دون أن أخضع لمحاكمة، كنت منسيا كأنني لست إنسانا لأني مجرد رقم".

إعلان

"خرجنا من السجن بعد أن كسرنا الأبواب وعانقنا الثوار، وسجدنا لله، وتم تأميننا حتى وصلت إلى منزل أختي التي تسكن في إدلب مع عائلتها، والتي كانت هي أيضا معتقلة سابقا لمدة 5 أشهر في فرع المخابرات الجوية بتهمة التظاهر".

وبحسب بيان الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد المعتقلين في سجون سوريا منذ مارس/آذار 2011 حتى أغسطس/آب 2024 بلغ 136 ألفا و614 شخصا، بينهم 3 آلاف و698 طفلا و8 آلاف 504 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات لا یمکن أن من السجن ومن ثم فی سجن

إقرأ أيضاً:

اعتقل عام 1982.. المقدسي وليد بركات حر بعد سقوط النظام السوري

القدس المحتلة- بعد 4 عقود ونيف من تغييبه خلف قضبان سجون النظام السوري تحرر المقدسي وليد بركات الذي ينحدر من قرية النبي صموئيل شمال غربي القدس، وأطل على أهله في المملكة الأردنية الهاشمية كهلا بعدما دخل السجون السورية شابا بعمر 26 عاما.

وينشغل وليد حاليا في ترتيب وضعه القانوني واستصدار أوراق رسمية جديدة كونه خرج من السجن دون أن يحمل معه أي وثيقة تثبت هويته.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"الخوذ البيضاء" يطلب تدخلا أمميا لتحديد مواقع سجون الأسد السريةlist 2 of 2بعد 53 عاما.. عائلة مقدسي اعتقل بسوريا تترقب أخبارهend of list

لم تتمكن الجزيرة نت من الحديث مع بركات، لكنه قال في حديثه لشبكة العاصمة الإخبارية من الأردن إن أمنيته كانت أن يتم الإفراج عنه معززا مكرما دون منّة من أحد، موضحا "طلعنا معززين مكرمين، كانوا لما بدهم يطلعوا واحد يذلوه قبل ما يطلعوه، ذليناهم وطلعنا".

وأضاف أن الحياة كتبت له مرات عدة في السجن بعد أن كان قريبا من الموت، وأنه عرف حكمه المؤبد بعد 30 سنة من سجنه.

من جهته، يقول ابن شقيقته المقيم في الأردن خليل بركات إنه تلقى مساء يوم الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري اتصالا من أمن الحدود يخبره فيه الضابط أن وليد موجود لديهم بعدما وصل إلى الحدود السورية الأردنية بعد تحرره.

وليد بركات بعد وقت قصير من وصوله الأردن محررا من السجون السورية (الجزيرة) جسد منهك

"أملك منذ سنوات طويلة صورة عن جواز سفر خالي، وتوجهنا إلى الحدود وقام الأمن ببعض الإجراءات، ثم تم تحويل المحرر لإحدى مديريات الأمن واستلمناه في اليوم التالي، تعاملت معنا الأجهزة الأمنية الأردنية بسلاسة، ولا بد من الإشادة بمهنيتها وحسن استقبالها له" أضاف بركات.

إعلان

وأشار خليل بركات إلى أن خاله وصل الحدود منهكا جسديا بعدما أوصلته قوات المعارضة إليها فور إفصاحه عن جنسيته، مضيفا أن "لوليد عائلة كبيرة في الأردن ستحتضنه إلى الأبد بعد سنوات الغياب القسري عنها".

وأضاف أن وليد مكث 14 عاما في الحبس الانفرادي، وأن العائلة لم تكن تعرف بالضبط أين هو، هل هو معتقل في سوريا أم تركيا أم لبنان حتى أُدرج اسمه عام 1996 ضمن المعتقلين الفلسطينيين في السجون السورية بإحدى الصحف من خلال جهود بذلتها مؤسسات حقوق الإنسان الدولية.

وقال إن العائلة باتت توصل له أخبارها من خلال بعض السوريين الذين يتواصلون معه هاتفيا فينقلون له أخبارنا وينقلون لنا أخباره.

حاتم بركات: اعتقل عمي وليد عام 1982 وأمضى 14 عاما في الاعتقال الانفرادي (الجزيرة) لقاء يتيم

أما ابن شقيقه حاتم بركات -الذي يعيش في الضفة الغربية- فقال إن عمه وليد ولد في 31 ديسمبر/كانون الأول 1956، وتزوج عام 1981 ورزق بطفلة عام 1982، وعام 1982 اعتقل وزُجّ به في السجون السورية وغُيّب خلف قضبان 4 منها، هي تدمر والمزة والعدرا وصيدنايا لمدة 42 عاما.

"تم اعتقاله من قبل القوات السورية في مطار دمشق بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول 1982، وتعرض لعقوبة العزل الانفرادي في سجن تدمر لسنوات طويلة، وفيه ذاق أبشع صنوف التعذيب، قبل أن تفتح قوات المعارضة أبواب السجن وتحرر السجناء وينطلق فورا باتجاه الحدود مع الأردن" أضاف حاتم.

لم يتعرض وليد لأشعة الشمس طوال فترة عزله انفراديا، وتحول داخل السجون إلى رقم يُنادى به كباقي الأسرى، وقال حاتم إن اللقاء اليتيم الذي جمعه مع أحد أفراد أسرته كان عام 2005 عندما سافر والد حاتم وشقيقته إلى سوريا والتقيا به بسجن المزة في دمشق، ولم يتمكن أحد من زيارته لاحقا.

وبعد 42 عاما من اعتقاله سألت الجزيرة نت حاتم عن التهمة التي وجهت إلى عمه والتي كانت كفيلة بسلخه عن العائلة طوال 4 عقود فأجاب أن الاعتقالات كانت عشوائية إبان الحرب على لبنان، ولا يعرف أحد حتى الآن ما الجرم الذي ارتكبه هذا الشخص ليزج به في السجون مدى الحياة.

"طلعنا معززين مكرمين" #شاهد ما قاله المقدسي وليد بركات من قرية النبي صموئيل، بعد 42 عاماً من التغييب القسري في سجون النظام السوري pic.twitter.com/qB32jvBYBc

— شبكة العاصمة الإخبارية (@alasimannews) December 10, 2024

إعلان عمر جديد

وعن أبرز ما قاله عمه وليد في الساعات الأولى من تحرره، أشار حاتم إلى أنه متفاجئ، وكان فاقدا الأمل من إمكانية التحرر من السجن يوما، خاصة أن كثيرا من المعتقلين الذين كانوا في سنه فارقوا الحياة، فيما كتب الله له أن يشهد يوم تحرره دون "منّة من أحد" يوما ما.

وبصوت خافت يغلب عليه الحزن تحدث هذا الشاب عن عمه قائلا إنه فارقه عندما كان طفلا يبلغ من العمر 12 عاما، واليوم سيلتقي به وهو بعمر الـ56 عاما "فكم تغيرت أنا وكم كبر عمي، دخل السجن في عصر وخرج في عصر مختلف تماما، حتى أن اللهجة التي يتكلم بها سورية".

وختم حاتم حديثه للجزيرة نت بالقول إن ابنة عمه وليد التي رأت عيناها النور قبل اعتقاله بأشهر كبرت وتزوجت وأنجبت، ولديها الآن أحفاد، وإنها تتحضر الآن للتوجه من الضفة الغربية إلى الأردن للقاء والدها.

مقالات مشابهة

  • كوابيسٍ من التعذيب والظلم.. كيف عاش الأطفال في قلب أبشع السجون السورية؟
  • بتهمة الفساد.. السجن 11 عاماً لمسؤول سابق في الاتحاد الصيني
  • اعتقل عام 1982.. المقدسي وليد بركات حر بعد سقوط النظام السوري
  • سائق اردني قضى 17 عاما في السجون السورية يروي التفاصيل
  • حاولوا اغتصابها في الجزائر.. عجوز تُرسل عصابة خطيرة إلى السجن
  • قصة سهيل حموي الذي قضى 32 عاما في السجون السوريّة... إليكم ما كشفه
  • قصة وحقيقة الشاب اليمني الذي خرج من سجون بشار الأسد فاقداً للذاكرة بعد 12 عاماً قضاها معتقلاً ومخفياً
  • رسائل هاكان فيدان خلال مؤتمر السفراء الذي تنظمه الخارجية التركية بخصوص سوريا
  • كانت في منزلها... إبنة الـ25 عاماً أُصيب برصاصة طائشة
  • سجن صيدنايا.. غرف وأقبية "سرية" لا يمكن الوصول إليها