عربي21:
2025-03-14@09:26:55 GMT

بطل برداء أبيض يصمد على جراحه ويرفض التهجير (بورتريه)

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

بطل برداء أبيض يصمد على جراحه ويرفض التهجير (بورتريه)

مشهدان تعلقا به سيبقيان عالقان في الذاكرة لسنوات طويلة، وهو يقف بردائه الأبيض وسماعته الطبية ويداه مرفوعتان إلى الأعلى داخل المستشفى الذي يديره، على مقربة من بوابة الدخول الرئيسية أمام جنود مدججين بالسلاح، وبجواره اثنان من مساعديه بالهيئة ذاتها، وأيضا مشهده وهو يؤم صلاة الجنازة على روح ابنه الشهيد بقلب جريح ومكسور وعيون باكية بحرقة لا توصف، وبردائه الطبي أيضا  وهو يؤدي صلاة الوداع الأخير على ابنه.



حسام أبو صفية المولود في عام 1973 في مخيم جباليا بمدينة غزة لعائلة هجرت من بلدة حمامة قضاء عسقلان، إثر النكبة عام 1948، حاصل على شهادة البورد الفلسطيني في طب الأطفال وحديثي الولادة، واستشاري طب أطفال، عمل في القطاع الصحي بقطاع غزة حتى تقلد منصب مدير مستشفى الشهيد كمال عدوان في قطاع غزة، ذلك المستشفى الذي اقتحمه الاحتلال أكثر من 15 مرة، وقصفه بعدد ضخم من الصورايخ والرصاص ويحاصره دون توقف بأرتال من الدبابات وعربات الجند.

أحد الشخصيات البارزة في القطاع الصحي والطبي ليس في غزة فقط وإنما في فلسطين، يعمل على قيادة الفرق الطبية لتقديم الخدمات الطبية لسكان غزة رغم القصف والحصار والاعتقال واستهداف حياته وحياة أسرته شخصيا.

رفض مغادرة مكانه والتخلي عن مهمته الوطنية والإنسانية رغم تهديد سلطات الاحتلال له، وعقابا له على موقفه الصلب والمبدئي قام الاحتلال باعتقاله في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي خلال اقتحام القوات الإسرائيلية لمستشفى كمال عدوان وإجبار الكادر الطبي على المغادرة.


ولم يلبث الاحتلال أن أطلق سراحه بعد أن قرر الانتقام من الدكتور أبو صفية بطريقة مؤلمة جدا، فما هي إلا ساعات حتى تلقى نبأ استشهاد طفله إبراهيم نتيجة قصف القوات الإسرائيلية لمكان تواجده.
كانت صدمة وجدانية لا توصف فقد ظهر بمقطع فيديو حاملا نعش ابنه الشهيد على كتفيه ودموعه تملأ وجهه.

كما أطل يبحث لفلذة كبده عن قبر بين الشوارع التي غطاها الركام، ودفن ابنه بجوار جدار المستشفى، ثم مستقبلا التعازي ممن حوله.

وقال أبو صفية إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل ابنه لأنه يقدم رسالة إنسانية، وسط الأحداث المؤلمة التي يشهدها شمال قطاع غزة.

وأردف قائلا "كل شيء فقدناه في هذه المستشفى حتى أبنائنا، حرقوا قلوبنا على المستشفى وقتلوا أطفالنا أمام أعيننا لأننا نحمل رسالة إنسانية، ونقوم بدفنهم بأيدينا".

وبعد نحو شهر، أصيب أبو صفية جراء إلقاء قنبلة عليه من طائرة كوادكابتر إسرائيلية أثناء عمله داخل المستشفى، ما أدى إلى إصابته بستة شظايا اخترقت منطقة الفخذ وتسببت في تمزق الأوردة والشرايين.

هذه الإصابة اعتبرها أبو صفية "شرف له"، مشيرا إلى أن إصابته لن تثنيه عن تقديم الخدمات، قائلا "سنظل نقدم ما في وسعنا للفلسطينيين المتضررين من قصف الاحتلال". وتأتي هذه الحادثة في ظل تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على المستشفيات في شمال قطاع غزة، وخاصة مستشفى كمال عدوان، الذي تعرض للاستهداف عدة مرات بالطائرات المسيرة، بالإضافة إلى قصف المناطق المحيطة به، مما فاقم الأوضاع الإنسانية والطبية بشكل كبير.

المستشفى يعاني من وضع كارثي خطير من حيث تراجع الخدمات المقدمة للمرضى، نتيجة تشديد الاحتلال حصاره على المستشفى ومنع وصول إمدادات الوقود والمستلزمات والكوادر الطبية إليه منذ بدء حصار مخيم جباليا، حيث تتكدس أقسام المستشفى الوحيد الذي يعمل من ضمن ثلاثة مستشفيات أغلقت في شمال غزة، بأعداد كبيرة من الشهداء، الذين قضوا نتيجة صعوبة التعامل مع إصاباتهم في حين أن هناك المئات من المصابين ما زالوا ينزفون، مع منع الاحتلال نقل المصابين إلى مستشفى الشفاء المعمداني في مدينة غزة.


الاحتلال الإسرائيلي يمارس حرب إبادة وتطهير عرقي ضمن خطة الجنرالات التي صادق عليها المستوى السياسي في شمال قطاع غزة وبالتحديد في مخيم جباليا، حيث تقضي الخطة بحصار المخيم وتجويع السكان ودفعهم للنزوح إلى جنوب القطاع لكن إصرار السكان على الثبات وعدم الرضوخ لمحاولات التهجير، دفع بالجيش إلى ارتكاب مجازر دامية بحق النازحين داخل مراكز الإيواء والسكان المتواجدين في منازلهم، حيث يعمل على تدمير المنازل فوق رؤوس ساكنيها، إلى جانب قصف مراكز الإيواء بالقذائف المدفعية، وتنفيذ عمليات إعدام بحق عدد من الشباب الذين تم اعتقالهم من داخل مراكز الإيواء، إلى جانب انتشار جثث الشهداء في شوارع مخيم جباليا والمناطق المحيطة.

وبدعم أميركي، يشن الاحتلال منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حربا على غزة خلفت أكثر من 150 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي حين تجاوز عدد قتلى القطاع الصحي 1050 فردا، منذ بدء الحرب لإسرائيلية على غزة، يشهد القطاع استهدافا ممنهجا تسبب في خروج 34 مستشفى و80 مركزا صحيا عن الخدمة، كما تم تدمير 134 سيارة إسعاف وحرم عشرات الآلاف من المرضى من العلاج.

وضع كارثي، يحاصر الكوادر الطبية والصحية في دائرة من اليأس، ورغم ذلك يحاولون قدر استطاعتهم أمام وضع يأس تماما، لا يسمح إلا بتقديم الخدمة العلاجية ضمن حدها الأدنى.

لكنهم رغم مكابدة التعب والجوع والحصار وقلة الإمكانيات يحاولون ويفعلون المستحيل لإنقاذ أبناء شعبهم الذين يتعرضون للإبادة.

ويمضي حسام أبو صفية، مع رفاقه، بثبات وبقناعة لا تتزحزح على درب من سبقوه من الأطباء الشهداء إياد الرنتيسي، وعدنان البرش، وآلاف من موظفي الصحة في قطاع غزة، يتكئ على عصاه بعد إصابته يتفقد المرضى ويداوي الجرحى رافضا أخذ قسط من الراحة، فكل دقيقة هناك جرحى وشهداء ودماء ودموع.

وأبو صفية لن يغادر أبدا حزنه على والده، ورغم مظاهر القوة التي تبدو عليه أثناء القيام بواجبه، فأنت تسمع قلبه يئن من الوجع وألم الفقد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه غزة الفلسطيني الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال حسام ابو صفية بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه عالم الفن سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مخیم جبالیا أبو صفیة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

مراسل «القاهرة الإخبارية»: حالة مجاعة تستشري الآن في قطاع غزة

قال يوسف أبو كويك مراسل قناة «القاهرة الإخبارية» من غزة، إنّ حالة التجويع التي تحدث في قطاع غزة هي سياسة إسرائيلية ممنهجة مارسها الاحتلال الإسرائيلي طيلة فترة العدوان على القطاع، موضحا أنه مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار شدد الاحتلال الإسرائيلي من حالة الإغلاق المفروضة على غزة.

وأضاف «أبو كويك»، خلال رسالة على الهواء، أنّ اليوم لاتزال كل معابر القطاع مغلقة بعد 10 أيام على هذا القرار ولم يسمح الاحتلال الإسرائيلي بدخول أي من الشاحنات المحملة سواء بالمساعدات الإنسانية والإغاثية أو تلك المحملة بالاحتياجات الأساسية على مستوى القطاع الخاص أو ما يحتاجه القطاع الصحي أيضا. 
 

الاحتياجات الأساسية لمائدة رمضان

وتابع: «هناك حالة مجاعة تستشري الآن في قطاع غزة، إذ أن هناك نقص حاد في كل مخزونات السلع وارتفاع الأسعار ونحن في شهر رمضان المبارك يفتقد الفلسطينيين كل الاحتياجات الأساسية لمائدة رمضان، كما أن النقص الحاد بات أيضا في غاز الطهي وكميات الوقود التي سمح الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا بتوريدها إلى القطاع».

مقالات مشابهة

  • 9 شهداء اليوم الخميس.. ارتفاع حصيلة شهداء حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة
  • جيش الاحتلال يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • بالقتل والتجويع.. الاحتلال يستمر في خرق الاتفاق وسط عجز دولي
  • حماس تطالب بالتحرك العاجل لوقف جرائم العدو في غزة
  • «القاهرة الإخبارية»: المجاعة تستشري الآن في قطاع غزة
  • مراسل «القاهرة الإخبارية»: حالة مجاعة تستشري الآن في قطاع غزة
  • جنرالان للاحتلال يدعوان لخيار ثالث في غزة يستثني التهجير واستئناف الحرب
  • صحة غزة: وصول 12 شهيدا إلى مستشفيات القطاع آخر 24 ساعة
  • 4 خيارات إسرائيلية لمستقبل قطاع غزة لا يضمن أيّ منها أمن الاحتلال
  • 4 خيارات إسرائيلية لمستقبل قطاع غزة لا يضمن جميعها أمن الاحتلال