صدى البلد:
2025-04-27@05:17:53 GMT

هند عصام تكتب: مقبرة إنتي وشيدو

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

مازال العالم يقف أمام عبقرية وجمال كل قطعة أثرية حائر مذهولا مع كل اكتشاف عبر التاريخ ، فالقدماء المصريين حضارة لا تستثنى أى شيىء من دون تدوين حضارتها من خلال جدران  المقابر والمعابد فضلاً عن البارديات والاثار و التماثيل وبعض الأشياء الثمينة ، وقد أهتم المصريين القدماء برعاية موتاهم للحفاظ على أسرار تاريخهم و  جثمانهم من التلف من خلال إنشاء العديد من المقابر، والتى كانت ليس مجرد مكان للدفن، لكنها كانت قصور أبدية ينعم فيها الميت بحياة جيدة عندما تعود له الروح مرة أخرى فى العالم الآخر.


ولذلك نجد أن وراء كل قطعة أثرية تاريخ مُحيّر للعلماء والمؤرخين،في  الكشف عن هويتها وتاريخها ولذلك يكرِّس العلماء  سنوات من حياتهم في محاولة إلقاء الضوء على أصول الاكتشافات الأثرية، ليؤكدو لنا وللعالم  بلا شك أن الحضارة المصرية القديمة ما زالت تبوح بأسرارها لنا عبر التاريخ وتؤكد أنه لا تزال هناك كنوز قديمة، تحتفظ بالكثير من أسرار التاريخ ، وأن أرض مصر لا تزال عامرة بأسرار التاريخ و بالآثار والكنوز الثمينة المندثرة تحت الرمال ومن بين هذه المناطق الأثرية منطقة آثار دشاشة بمركز سمسطا والتي تحوي مقبرتي "أنتي وشدو".
والتي يعود تاريخ اكتشافهما إلى عام 1898 وذلك  بعدما زار العالم الإنجليزي فلنلدر بتري المنطقة وقام بعمل حفائر بالموقع، وقام بنشر تلك المقابر، بمساعدة شخص مصري يدعى "عمران خليل"، ثم جاءت البعثة الأسترالية في بداية التسعينات من القرن الماضي بالعمل بالمنطقة، وإعادة نشر تلك المقابر، وذلك بإشراف عالم الآثار المصري نجيب قنواتي، وفى عام 2005 قام فريق الترميم بمنطقة آثار بني سويف بإعادة عملية ترميم المقبرة، على أسس علمية حديثة وبمواد ترميم مناسبة، لتظهر في شكلها الحالي.
ويقال  أن مقبرتي إنتي وشيدو واللتان تعودان للأسرة الخامسة، وتقعان أعلى الجبل الغربي بمركز سمسطا على ارتفاع 40 متراً من سطح الأرض بمنطقة آثار دشاشة، من أهم المقابر الموجودة بالموقع، لاحتوائها على مناظر هامة تمثل الحياة اليومية، ومناظر عسكرية خاصة بالمصري القديم، ومن أشهر الشخصيات التي دُفنت بالمنطقة المدعو "أنتي" الذي كان يشغل وظيفة المشرف على مهمات إقليم "نعرت" أي إقليم الشجرة، وشغل أيضا وظيفة المشرف على كل الحصون الملكية، وشغل وظيفة حاكم المقاطعة وأخذ لقب المعروف لدى الملك" وهو لقب شرفي ساد في تلك الفترة، كما يعتبر المدعو "شدو" من الشخصيات الهامة التي دُفنت بالمنطقة، حيث تقلد وظائف هامة في نهاية عصر الدولة الحديثة منها: حاجب القصر الملكي، والمشرف على الحقول، ولقب بالسمير الوحيد للملك.
أما عن التخطيط المعماري لمقبرة «إنتي» فهي تبدو كأنها نفق أو كهف، لكونها منقورة في الصخر، وتتكون من صالة عرضية بها 3 أعمدة مربعة وأخرى طولية، بالإضافة إلى حجرة الدفن، مع إضافة مبان من الحجر في واجهة المقبرة ما يشبه المصطبة، وأشهر المناظر والنقوش المسجلة عليها، المنظر الوارد على مقصورة المقبرة الذي يمثل منظر اقتحام الجيش المصري لأحد الحصون الأجنبية الأسيوية، والتى تبدأ بحشد رماة السهام المصريين الذين لعبوا دورًا مهمًا، حيث يظهر أحد الرماة وهو يصوب قوسه على أحد الرجال فوق قمة المدينة، كما يُظهر مشهد آخر لجنود المشاة ومعهم فؤوس حربية طويلة، وهم يهاجمون أعداءهم الذين أصيبوا بالأسهم التى لم تكن كافية للإجهاز عليهم.وأشار إلى أنه ورد على الحائط الشرقي جنوب المدخل منظر يمثل زوجة صاحب المقبرة، وعلى الحائط الجنوبي تم تمثيل صاحب المقبرة مع زوجته، وعلي الحائط الغربي تم تسجيل منظر إحضار الماشية بواسطة رجلين، ومنظر آخر لصاحب المقبرة مع زوجته وابنته، ثم منظر لصاحب المقبرة في منظر إبحار على قارب، وبالنسبة للمناظر الواردة على الجدار الشمالي فيوجد منظر صيد ثم منظر جمع نبات البردي وصناعة قارب، ثم منظر عجل صغير يرضع من أمه، ومنظر آخر لصيد الأسماك بواسطة مجموعتين من الرجال، وقد ورد على مقصورة المقبرة منظر لصاحب المقبرة وزوجته يستقبلان أفراد العائلة والقرابين المختلفة.
و "أما لمقبرة شيدو فهي أصغر نسبيا من مقبرة أنتي، وتتكون من صالة عرضية صغيرة ثم رواق به 4 درجات سلم، ومنه إلى الصالة الأخرى التي يحمل سقفها ثلاثة أعمدة على حوائطها كتابات، ونقوش هيروغليفية، يظهر بها صاحب المقبرة مرتدياً الشارات الرسمية والصولجان، ثم منظر صيد الأسماك بواسطة صاحب المقبرة، وجرى تسجيل منظر لإعداد الطعام على الحائط الغربي، فضلا عن قيام صاحب المقبرة بالصيد في الأحراش على الحائط الجنوبي، وفي النهاية نجد بئر الدفن

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سمسطا هند عصام المزيد المزيد على الحائط

إقرأ أيضاً:

د. رهام سلامة تكتب: البابا فرانسيس رجل سلام في زمن الحياد المزيف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في زمنٍ تصاعدت فيه أصوات الصمت، وتخاذلت فيه قوى الضمير عن أداء واجبها الأخلاقي، سطعت شخصية نادرة في المشهد العالمي: البابا فرنسيس، الرجل الذي لم تكن رسالته مقتصرة على جدران الفاتيكان، بل امتدت لتلامس جدران الألم البشري، في غزة، وفي بيت لحم، وعلى كل شبر يئن تحت ظلم الاحتلال والعدوان.

عرفت انه استاذًا جامعيا ويعشق الفلسفة.. سعدت بلقائه مرتين.. الأولى أثناء زيارته للقاهرة وفي أثناء مؤتمر السلام الذي نظّمه الأزهر الشريف في عام 2017، والثانية في الفاتيكان عندما استضافنا في دار الضيافة الملحقة بمقر سكنه في اثناء حضوري لمؤتمر عن المشتركات بين الإسلام والمسيحيه والذي نظمه المعهد الملكي للدراسات الدينية برئاسة الأمير الحسن بن طلال بالتعاون مع مركز الحوار في الفاتيكان.

رأيت فيه رجلا حكيمًا ولطيفًا والأهم رجل دين بمعنى الكلمة.. إن ابرز محطاته بالنسبة لنا في الأزهر الشريف والمهتمين بالحوار بين الاديان هي وثيقة الاخوة الإنسانية، إلا أنني سأعرض بعض الملامح العظيمة والتي وجدتها في غاية الأهمية والسمو وتستحق ان نسلط الضوء عليها.  

25 مايو 2014 كان تاريخًا لا يُنسى. ففي مشهد فاجأ العالم، وخالف كل بروتوكول، توقّف البابا فرنسيس فجأة عند الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل حول الشعب الفلسطيني، وانحنى للصلاة أمامه. لم يكن ذلك جدارًا عاديًا، بل رمزًا للقهر والعزلة والاحتلال، وقد بدا البابا في تلك اللحظة وكأنه يصلّي على «حائط مبكى» جديد، لكن هذه المرة لأجل شعب يُحاصر، لا لأجل سلطة تُكرّس الاحتلال.

على الجدار، كانت عبارات كتبها الفلسطينيون تطالب بالحرية، وبجانبه رُفعت الأعلام الفلسطينية، ورفرفت الكرامة في لحظة نادرة من الإنصاف الروحي. لم تكن تلك زيارة بروتوكولية، بل شهادة حية، وموقف نبويّ في وجه صمت العالم.

حينها، دعا البابا القادة الفلسطينيين والإسرائيليين للصلاة معًا في الفاتيكان من أجل السلام، مؤكدًا أن “السلام معقد، ولكن العيش بدونه هو عذاب دائم”. وفي وقت صعّدت فيه إسرائيل إجراءاتها القمعية، رفض البابا الانحياز إلى الأقوى، وأصر على أن للفلسطينيين حقًا في وطنٍ ذي سيادة.

لم ينسَ نتنياهو تلك اللحظة. فجن جنونه، وأصرّ على ترتيب زيارة فورية للبابا إلى نصب “ضحايا الإرهاب الإسرائيلي”، في محاولة للتعتيم على رمزية الوقوف أمام الجدار. لكن البابا كان قد قال كلمته، بالصمت، وبلغة العيون، التي قرأها العالم، وارتعدت منها حسابات السياسة.

عشر سنوات مرت، غادر البابا الحياة، لكنه بقي شاهدًا على واحدة من أبشع جرائم العصر: الإبادة البطيئة لشعب غزة، دون تمييز بين مسجد وكنيسة، ولا بين طفلٍ ومسن. ورغم مرضه، تابع البابا تفاصيل الحياة تحت القصف، وسأل كهنة غزة يوميًا عن الماء، والغذاء، والدواء، في وقت كان فيه كثيرون من الزعماء العرب والمسلمين يتساءلون: “أليست هذه حربًا بين طرفين؟”.

قالها البابا دون مواربة: “هذه ليست حربًا، بل وحشية”. وانتقد بصراحة “غطرسة الغازي” و”قصف الأطفال”، بل وصف ما يجري بأنه “مجزرة يجب أن يُحقّق فيها قانونيًا”، مؤكدًا في كتابه الأخير الرجاء لا يخيب أبدًا أن ما يحدث في غزة “يحمل سمات الإبادة الجماعية”.

في كلمات وداعه، كان البابا على سريره، يُقاوم المرض، ويهمس بالحق، ويصلي من أجل أولئك الذين “يفتقدون للغذاء والماء وحتى الأمل”.

فرانسيس لم يكن مجرد زعيم روحي، بل صوتًا نقيًا في زمن الغبار، رجلًا لم يسقط في فخّ التوازنات السياسية، بل اختار الاصطفاف مع الإنسان، أيًا كان دينه أو موطنه.

إن العالم بعد البابا فرنسيس، أشدّ وحدةً، وأفقر إنصافًا، لكنه سيذكره دومًا كأبٍ روحانيٍّ خاض في السياسة حين صمت السياسيون، ووقف مع فلسطين حين هرب الآخرون إلى الحياد المزيّف.

د. رهام سلامة؛ مديرة مركز الأزهر لمكافحة التطرف

مقالات مشابهة

  • وفيات يوم السبت الموافق 26 ابريل 2025
  • إلهام أبو الفتح تكتب: ارحموا من في الأرض
  • رأي.. رنا الصباغ تكتب: الأردن وجماعة الإخوان المسلمين.. هل المخاطرة مدروسة؟
  • د. رهام سلامة تكتب: البابا فرانسيس رجل سلام في زمن الحياد المزيف
  • اكتشاف هياكل عظمية لنساء تكشف عن حياتهن الصعبة خلال العصور الوسطى المبكرة
  • عصام هلال: القوات المسلحة المصرية سطرت ملحمة ستظل علامة مضيئة في التاريخ
  • هالة الشمس تتوهج في سماء عسير وترسم منظرًا بديعًا.
  • في ظاهرة فلكية نادرة.. هالة الشمس تتوهج في سماء عسير وترسم منظرًا بديعًا
  • د.نجلاء شمس تكتب: سيناء.. قصة أرض لا تُنسى ولا تُهمَل
  • 100 عام من مهاتير محمد صاحب نهضة ماليزيا الذي لم يفلت من قسوة التاريخ