انهيار حمص يقرِّر مصير سوريا..ولبنان أيضاً
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": بات مؤكّداً أنّ هناك قراراً اتخذته قوى دولية وإقليمية يقضي بإحداث تغيير جذري في سوريا، كجزء من التحولات الكبرى التي دخلها الشرق الأوسط بنحو متسارع، منذ انفجار الحرب على مداها في لبنان، قبل نحو 3 أشهر. إلى حدّ بعيد، يبدو الرئيس السوري بشار الأسد وحيداً في ساحة القتال، ومفتقداً أيدعم حقيقي من حليفيه التقليديين: إيران وروسيا، فيما الأتراك يطلقون أيدي حلفائهم.
وسقوط حمص يجعل دمشق في وضع صعب، خصوصاً انّه يتزامن مع سقوط المواقع الحكومية جنوباً في درعا والسويداء. وقطع الترابط بين دمشق والساحليعني محاصرة القوات الحكومية وعزل المنطقة العلوية المدعومة بقواعد عسكرية روسية عن بقية أنحاء سوريا. وانعكاسات هذا الأمر تتجاوز حدود سوريا، وتصيب لبنان بقوة. ففصائل المعارضة، السنّية إجمالاً، ستصبح في هذه الحال هي الممسكة بالحدود مع لبنان، من زاوية جرود الهرمل عكار شمالاً حتى البقاع الغربي جنوباً. وهذا يقطع الترابط تلقائياً بين الداخل السوري و "حزب الله"، أي يقطع طرق الإمداد عن "الحزب"، باختلاف أشكالها وأنواعها. بل، على العكس، سيكون على الضفة الأخرى من الحدود أعداء ل "الحزب". وبالتأكيد، ستتوقف أيضاً تدفقات الأسلحة الإيرانية من منطقة الساحل السوري إلىعكار. أولاً لأنّ طريق البر من طهران إلى الساحل ستكون مقطوعة، وثانياً، لأنّ موسكو والأسد لن يدخلا مجدداً في مغامرة نقل الأسلحة إلى لبنان. وقطع المؤن الإيرانية عن لبنان ستكون له تأثيراته العميقة على الواقع الداخلي اللبناني، لأنّها ستعني تنفيذ القرارين الدوليين 1559 و 1680 بسهولة وتلقائياً، سواء أعلن "حزب الله" التزامه بهما أو بقي يرفض ذلك. ولأنّ هذا الأمر سيتزامن مع فترة ال 60 يوماً الاختبارية لاتفاق
وقف النار بين لبنان وإسرائيل، فإنّ تأثيرات الواقع المستجد ستكون حتمية على تنفيذ الاتفاق. فإذا كان "الحزب" سيدرك أنّ من المتعذر أن يحتفظ بالسلاح فيأي منطقة من لبنان، فالأحرى أنّه سيقتنع بإخلاء جنوب الليطاني وتسليم المنطقة فعلاً إلى الجيش اللبناني، على غرار ما سيفعل في المناطق الأخرى.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
"نيويورك تايمز": ملايين الأفارقة يواجهون مصيرًا مجهولًا جراء انهيار وكالة التنمية الأمريكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الأحد، أن انهيار الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "USAID" على أيدي الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك ترك بالفعل فجوات هائلة في الرعاية الصحية الحيوية وغيرها من الخدمات التي يعتمد عليها ملايين الأفارقة من أجل بقائهم.
واستهلت الصحيفة مقالًا لها في هذا الشأن، نشرته في عدد اليوم، بسرد أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ظلت لعقود من الزمان محورًا منفردًا للمساعدات الخارجية الأمريكية حيث تلقت القارة أكثر من 8 مليارات دولار سنويًا، وهي الأموال التي استُخدمت لإطعام الأطفال الجائعين وتوفير الأدوية المنقذة للحياة وتوفير المساعدات الإنسانية في زمن الحرب.
ولكن منذ أسابيع قليلة، أحرق الرئيس ترامب والملياردير المولود في جنوب إفريقيا إيلون ماسك الكثير من هذا العمل وتعهدا بتدمير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تمامًا.. حسب قول الصحيفة. فمن جانبه، كتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي يوم أمس الأول: "أغلقوها!"، متهمًا الوكالة بالفساد والاحتيال غير المحددين.
وأضافت الصحيفة أن قاضيًا فيدراليًا أوقف يوم الجمعة بعض محاولات ترامب لإغلاق الوكالة في الوقت الحالي ولكن السرعة والصدمة التي أحدثتها تصرفات الإدارة أدت بالفعل إلى الارتباك والخوف وحتى جنون العظمة في مكاتب الوكالة في مختلف أنحاء أفريقيا، وهي من أكبر الجهات المتلقية لتمويل الوكالة. فقد تم فصل العاملين أو إحالتهم إلى إجازات مؤقتة.
ومع ظهور الحجم الحقيقي للتداعيات، تساءلت الحكومات الأفريقية عن كيفية سد الفجوات الهائلة التي نتجت عن وقف التمويل لدى الخدمات الحيوية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، والتي كانت حتى الأسابيع الأخيرة تمولها الولايات المتحدة. وقد شهدت جماعات المساعدة وهيئات الأمم المتحدة التي تطعم الجائعين أو تؤوي اللاجئين تقليص ميزانياتها إلى النصف، أو ما هو أسوأ من ذلك.
وتابعت "نيويورك تايمز" تقول إن الأفارقة العاديين هم من سيدفعون الثمن الأعظم، حيث يعتمد الملايين منهم على المساعدات الأمريكية من أجل البقاء. ولكن العواقب يتردد صداها أيضًا عبر قطاع المساعدات الذي كان بمثابة ركيزة أساسية من ركائز المشاركة الغربية مع أفريقيا لأكثر من ستة عقود. ومع انهيار الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، اهتز هذا النموذج بالكامل بشدة.
وقال موريثي موتيجا، مدير برنامج أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، في لقاء أجراه مع الصحيفة:" إن هذا أمر دراماتيكي وذو عواقب وخيمة، ومن الصعب أن نتخيل التراجع عنه"، واصفًا انهيار الوكالة بأنه"جزء من تفكك النظام الذي أعقب الحرب الباردة"..
وأضاف:" في وقت ما، كان الغرب هو المسيطر في أفريقيا. لم يعد الأمر كذلك ".
ويقول خبراء إن التراجع المفاجئ للوكالة سوف يكلف العديد من الأرواح من خلال خلق فجوات هائلة في الخدمات العامة، خاصة في مجال الرعاية الصحية، حيث كانت الوكالة الأمريكية تغطي الكثير من مواردها.
ففي كينيا وحدها، سيفقد ما لا يقل عن 40 ألف عامل في مجال الرعاية الصحية وظائفهم، كما يقول مسئولون في الوكالة. وفي يوم الجمعة، بدأت العديد من وكالات الأمم المتحدة التي تعتمد على التمويل الأمريكي في تسريح جزء من موظفيها. كما تقدم الولايات المتحدة معظم التمويل لمخيمين كبيرين للاجئين في شمال كينيا يأويان 700 ألف شخص من 19 دولة على الأقل.
ومن بين أكثر من 10 آلافا موظف في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في جميع أنحاء العالم، سيبقى 300 فقط بموجب التغييرات التي تم نقلها إلى الموظفين مساء الخميس الماضي في حين سيبقى 12 فقط في أفريقيا.
وقال كين أوبالو، عالم السياسة الكيني في جامعة جورج تاون في واشنطن:" إن التحدي الأكثر إلحاحًا للعديد من الحكومات ليس استبدال أعضاء الموظفين الأمريكيين أو الأموال، بل إنقاذ أنظمة الرعاية الصحية التي بنتها أمريكا وأضحت اليوم تنهار بسرعة".
وأضاف أوبالو:" أن كينيا، على سبيل المثال، لديها ما يكفي من الأدوية لعلاج الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية لأكثر من عام. ولكن الممرضات والأطباء الذين يعالجونهم يتم السماح لهم بالرحيل، والعيادات تغلق أبوابها".
ومضت "نيويورك تايمز" تؤكد أن الأمر قد لا يتوقف عند هذا الحد ؛ حيث يُرجح أيضًا أن تحدث صدمات اقتصادية أوسع نطاقًا في بعض أكثر بلدان العالم هشاشة.. ونقلت عن تشارلي روبرتسون، الخبير الاقتصادي المتخصص في أفريقيا، قوله: إن المساعدات الأمريكية تمثل 15% من الناتج الاقتصادي في جنوب السودان و6% في الصومال و4% في جمهورية أفريقيا الوسطى.. وأضاف:" قد نرى الحوكمة تتوقف فعليًا في عدد قليل من البلدان، ما لم تتدخل دول أخرى لاستبدال الفجوة التي خلفتها الولايات المتحدة ".
وفي المراكز الرئيسية في كينيا وجنوب أفريقيا والسنغال، صُدم مسئولو المساعدات الأمريكية عندما وجدوا أنفسهم مصنفين على أنهم "مجرمون" من قبل السيد ماسك ثم أُمروا بالعودة إلى الولايات المتحدة، وفقًا لثمانية موظفين ومتعاقدين في الوكالة الأمريكية تحدثوا جميعًا بشرط عدم الكشف عن هويتهم خوفًا من الانتقام، في حين منحت إدارة ترامب جميع موظفي الوكالة إعفاءً من دفع الضرائب خلال الفترة المقبلة.