في زحام محكمة الأسرة حيث يتنقل الصمت بين جدرانها الثقيلة، وقفت «مها» مع أولادها الـ3، كل منهم يحمل في عينيه سؤالًا واحدًا: متى سيعود الأب؟ كانوا هناك، صغارًا في أعمارهم ولكن كبارًا في أحزانهم، ينتظرون أن تفتح أبواب المحكمة ليجدوا فيه الأمان والحنان، لكن كل ما كان أمامهم هو محكمة تقف فيها والدتهم شجاعة ولكن متعبة، تتنقل بنظراتها بين أولادها الذين ضاقت قلوبهم من انتظار الأب الذي اختار أن يغادر حياتهم، لتطلب الطلاق بسبب قسوته على حد تعبيرها بعد 15 عامًا فما القصة؟

مها تنهي رحلة الانتظار بدعوى طلاق 

عيناها مليئتان بالدموع التي تمنعها من السقوط، فكل لحظة تمر هي لحظة انتظار جديدة، وكل لحظة أمل تحترق بنار الواقع المرير، لأنها لم تطلب الكثير بعد أن تأكدت من أن أبواب قلب زوجها أغلقت إلى الأبد، ونظرات أطفالها لا تخفي ألمهم، ولكنهم لا يعرفون كيف يسألون عن سبب غيابه، ولا كيف يجيبون على أسئلتهم التي تبقى معلقة في الهواء، وفقًا لحديث مها صاحبة الـ36 عامًا مع «الوطن».

في اللحظات الفاصلة، يختلط الألم بالصمت وكادت الكلمات تختنق في حلق «مها» وهي تروي معاناتها، وهي فقط تعرف كم كان من الصعب أن تقف هنا، في هذا المكان، وهي تشعر أن زوجها الذي كان في يومٍ ما قدوة لأولادهم قد اختار أن يبتعد عنهم بشكل قاسي، وأنه رغم مرور الأشهر، لا يزال هناك أمل ضئيل يلوح في الأفق، أمل قد لا يأتي أبدًا، بعد أن هجرهم بعد 15 عامًا من الزواج عاشتهم في سعادةِِ مزيفة على حد تعبيرها.

مَّرت السنوات على الزوجة في سعادة كاذبة، كان كل شيء يبدو وكأنه يعيش في سلام، عائلة متماسكة وحياة مستقرة، حتى جاء اليوم الذي قررت فيه مواجهة الحقيقة التي كانت تخشى أن تأتي منذ سنوات، فبعد 15 عامًا من الزواج، قررت مها أن تتخذ قرار الطلاق بعد أن شعر قلبها في تلك اللحظة أن حياتها كانت مليئة بالفراغات التي لا تنتهي، وكان زوجها، الذي كان يومًا ما الحبيب والمساند، أصبح شخصًا آخر، لا يعرف الحنان ولا يعرف الرحمة، فقبل سنة و8 أشهر اتخذت قرار الانفصال بعد أن رفض الطلاق، لكنه عكر صفو حياتها، على حد حديثها.

الأب تجرد من حنانه 

اكتشفَت مها أن زوجها بدأ يبتعد عن كل شيء، حتى عن أولادهما، وأنهم ليسوا دائمًا أولوية في حياتها، «أتكلمت معاه كتير عن إن الولاد لازم يحسوا بوجوده وحنانه خصوصًا إني معايا بنتين ودايمًا بيسألوا عليه وبيغيروا من البنات التانيه وتعاملات والدهم معاهم، وعلى الرغم من قسوته عليهم لكن سبحان الله الولاد بيحبوه حب مش طبيعي لدرجة إن الناس اللي مش عارفه شخصيًا مش بيصدق جحوده عليهم، وده بسبب إن أنا من صغرهم مفهماهم إنه مشغول»، وفقًا لحديثها.

وعندما تحدثت معه عن ضرورة أن يتحمل مسؤولياته كأب، فاجأها برده الجاف الذي زاد من آلامها: «أنا مش عايزك ولا عايز عيالك وكفاية عليكي إني بأكلك وأكلهم غير كده محدش ليه عندي»، كانت هذه الكلمات بمثابة الصاعقة التي ضربت قلبها، لم يكن هذا هو الشخص الذي أحبته يومًا، ولم يكن هذا هو الأب الذي احتاجه أطفالها، ومع مرور الأيام، أصبحت الزيارات إلى منزل الزوجية مجرد ذكرى.

دعوى لإجبار الأب على رؤية أطفاله الـ3

قررت مها أن ترحم نفسها من أسئلة أطفالها عن عدم وجود والدهم في المنزل، فتركت له المنزل وبعد مشادات عديدة شهد عليها الأهل والجيران طلبت الطلاق لكنه رفض حتى لا تطلب مستحقاتها، فقررا الانفصال، لكن الأمر ازداد تعقديًا بهذا الحل، لأنه منذ عام و8 أشهر لم يحدثه قلبه بأن يرى أطفاله، ورفض بشكل قاطع أن يرى أولاده أو حتى يسمح لهم بزيارة منزلهم، فقررت أن تلجأ إلى محكمة الأسرة وأقامت ضده دعوى طلاق للضرر حملت رقم 324، ودعوى رؤية لتجبره أمام القضاء برؤية أطفاله الـ3.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محكمة الأسرة طلاق طلاق للضرر دعوى رؤية بعد أن

إقرأ أيضاً:

وزيرة الأسرة: المغرب سيعرف تزايدا لشيخوخة الساكنة إلى ثلاثة أضعاف وسيشهد تراجعا في عدد الأطفال

أوضحت نعيمة بن يحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أن عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى، أظهرت معطيات جديدة فرضت التعامل معها بخيارات نوعية واستراتيجيات حديثة لم تكن من قبل مطروحة.

وأكدت المسؤولة الحكومية، اليوم الثلاثاء، في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أن « المتغيرات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية والقيمية أفرزت تحديات جديدة لا يمكن مواجهتها دون فضاء أسري داعم للحقوق، وضامن لحماية جميع أفراد الأسرة، وملبي كذلك لاحتياجاتهم المتنوعة، ومساهم في الآن ذاته للحد من كل أشكال العنف والتمييز، وما ينتجه ذلك من مظاهر اجتماعية، ومن مساس بحقوق الأفراد وقدرتهم على المشاركة المواطنة في تدبير الشأن العام والخاص ».

وشدّدت بن يحيى على أن « الأسرة تحظى بأولوية ضمن الإصلاحات المهيكلة التي تقوم بها الحكومة تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، حيث أكدت مختلف التوجيهات والخطب على محورية الأسرة لتحقيق الاستقرار والتماسك الاجتماعي في إرساء الدولة الاجتماعية، وتحسين الاستهداف وتعزيز التمساك الأسري الذي يعد من روافد الوقاية من المخاطر الاجتماعية ».

وبخصوص المتغيرات التي كشفت عنها عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى، قالت إن الأخيرة أبانت عن كون « الأسر المغربية تعرف ارتفاعا من معدل النمو السنوي المتوسط، والذي بلغ 2,4 في المائة، كما انخفض حجم متوسط الأسر بحيث انتقل من 6,4 فردا سنة 2014، إلى 3,9 سنة 2024 ».

وأبرزت في مداخلتها تفاعلا مع أسئلة فرق الحركة الشعبية، والتجمع الوطني للأحرار، والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أنه « من المتوقع أن يعرف المغرب تزايدا لشيخوخة الساكنة إلى ثلاثة أضعاف، وتراجعا بالتوازي مع ذلك على مستوى عدد الأطفال ».

وأشارت بن يحيى، إلى أنه من « أبرز التحولات السوسيو ديمغرافية المسجلة في عملية الإحصاء الأخيرة، ارتفاع نسبة الأسر التي تعيلها وترأسها النساء، حيث انتقلت من 15,2 في المائة، إلى 19,2 في المائة ».

وفي الصّدد نفسه، أفادت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أنه « أمام المعطيات الجديدة، بادرت إلى إعداد برامج سياسية اجتماعية من أجل أسرة متماسكة وصامدة ومنتجة في ظل بيئة دامجة وداعمة للحقوق، ومبنية على ترسيخ منظومة القيم داخل الأسر، مع إرساء آلية لترسيخ قيم الحوار والتعاون والوساطة واقتراح تصور لمواكبة المقبلين على الزواج، وخلق بدائل تدعم الرعاية الأسرية والمؤسسات، وتخفف من عبئها على الأسر والنساء، إلى جانب الحرص على تعزيز الحماية القانونية للأسر في مختلف وضعياتهم وخصوصياتهم، بما في ذلك تنويع أشكال العمل والمرونة وغيرها، توخيا لتحقيق التوازن بين الحياة الأسرية والحياة المهنية ».

وقالت إن « هدف السياسة الأسرية يروم إلى توفير إطار ملائم لتحقيق التقائية ونجاعة وفعالية مختلف مبادرات القطاع العام والخاص والمجتمع المدني، الرامية للنهوض بالأسرة على المستوى الاقتصادي والأسري والاجتماعي والقيمي والقانوني وغيره، وتعزيز الأوراش الاجتماعية، وخصوصا ورش الحماية الاجتماعية وتحسين استهداف الأسر وإطلاق دينامية جديدة للأسر المنتجة والمقاولة، ومواكبة الأسرة المستفيدة من الدعم في إطار عملية التمكين ».

كلمات دلالية الأسرة التضامن مجلس المستشارين نعيمة بن يحيى

مقالات مشابهة

  • زوجة تطالب بالطلاق بعد احتجاز أطفالها وحرمانها من حقوق بـ1.9 مليون جنيه
  • سيدة فى دعوى طلاق: طردنى من منزل الزوجية لرفضى توقيع تنازل عن حقوقى الشرعية
  • قضية الطفل ياسين.. استشاري يوضح لـ«الأسبوع» التأثيرات النفسية على الضحايا
  • ضمان حقوقهم أولوية قصوى.. كيف تعامل القانون مع جرائم إيذاء الأطفال؟
  • زوجة في دعوى خلع: مش قد مسئولية وعايز البواب يربي عياله
  • تركيا تعلن أسماء الشركات التي ستقدّم خصومات للشباب المقبلين على الزواج! القائمة تضم 20 علامة تجارية
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • 5 حالات يحق للزوجة فيها طلب التطليق من زوجها.. الهجر والضرب الأبرز
  • طمعوا فى فلوسى.. شكوى زوجة بدعوى حبس ضد زوجها وشقيقه
  • وزيرة الأسرة: المغرب سيعرف تزايدا لشيخوخة الساكنة إلى ثلاثة أضعاف وسيشهد تراجعا في عدد الأطفال