عادة ما يُعتبر الفحم أحد مصادر الطاقة غير النظيفة، لكن تحوله إلى مصدر محتمل للطاقة النظيفة صدم العلماء، فقد توصلوا إلى أن ملايين الأطنان من رماد الفحم المتبقي من حرق الوقود الأحفوري، الذي يُعد من أكثر المصادر تلويثًا على كوكب الأرض، ويتجمع في البرك ومكبات النفايات، قد تكون أيضًا بمثابة كنز ثمين للعناصر الأرضية النادرة اللازمة لدفع العالم نحو الطاقة النظيفة.

كنز من الوقود الأحفوري في أكثر الأماكن تلوثًا

وحلل العلماء رماد الفحم من محطات الطاقة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ووجدوا أنه يحتوي على  كنز تقدر قيمته بـ 11 مليون طن من العناصر الأرضية النادرة، ما يقرب من ثمانية أضعاف الكمية التي تمتلكها الولايات المتحدة في الاحتياطيات المحلية، بقيمة حوالي 8.4 مليار دولار، وفقًا لبحث حديث أجرته جامعة تكساس في أوستن، ونشرته صحيفة «سكاي نيوز» البريطانية

بريدجيت سكانلون، مؤلفة الدراسة وأستاذة الأبحاث في كلية جاكسون للعلوم الجيولوجية بجامعة تكساس، قالت إن هذا يوفر مصدرًا محتملًا هائلاً للعناصر الأرضية النادرة المحلية دون الحاجة إلى تعدين جديد، مضيفة: «هذا يجسد حقًا شعار من القمامة إلى الكنز، نحن نحاول في الأساس إغلاق الدورة واستخدام النفايات واستعادة الموارد الموجودة في النفايات».

عناصر الكنز النادر

وهذه العناصر الأرضية النادرة هي عبارة عن مجموعة من العناصر المعدنية، التي تحمل أسماء مثل السكانديوم والنيوديميوم والإتريوم، والتي توجد في قلب الأرض، ولها دور حاسم في التكنولوجيا النظيفة، بما في ذلك المركبات الكهربائية والألواح الشمسية وطواحين الهواء.

وعلى الرغم من اسمها، فإن هذه المعادن ليست نادرة في الطبيعة، ولكن قد يكون من الصعب استخراجها وفصلها عن الخام المحيط بها بحيث يصبح الطلب عليها أكبر من العرض.

أسرار جديدة من الوقود الأحفوري

ويقول العلماء إن الصهارات الغامضة في البراكين المنقرضة قد تكون مليئة بالعناصر النادرة المهمة في المستقبل، ومع ابتعاد العالم عن الوقود الأحفوري الذي يتسبب في ارتفاع حرارة الكوكب، فسوف نحتاج إلى المزيد من المعادن النادرة، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على المعادن النادرة إلى سبعة أمثال مستوياتها الحالية بحلول عام 2040، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

ولكن المعروض في الولايات المتحدة يظل ضئيلًا، فالمنجم الوحيد الكبير الذي تمتلكه الولايات المتحدة لاستخراج المعادن النادرة هو منجم ماونتن باس في كاليفورنيا، وتستورد حاليًا أكثر من 95% من احتياجاتها من المعادن النادرة، والتي تأتي الغالبية العظمى منها من الصين، وهو ما يفرض مشكلات تتعلق بسلسلة التوريد والأمن.

ويحتوي رماد الفحم على تركيزات منخفضة نسبيًا من العناصر الأرضية النادرة مقارنة بما يمكن استخراجه مباشرة من الرواسب الجوفية، والميزة هي أنه متاح بسهولة، كما يتم إنتاج حوالي 70 مليون طن من رماد الفحم سنويًا في الولايات المتحدة.

وقال دافين باجدوناس، أحد مؤلفي الدراسة والباحث العلمي في جامعة وايومنج: «هناك كميات هائلة من هذه المواد في جميع أنحاء البلاد، وقد تم بالفعل الاهتمام بعملية الاستخراج المسبقة بالنسبة لنا».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: كنز العثور على كنز العناصر النادرة الفحم الولایات المتحدة الوقود الأحفوری الأرضیة النادرة المعادن النادرة رماد الفحم

إقرأ أيضاً:

الهند تتحول نحو ممارسات التعدين المستدامة

نيو دلهي : البلاد

 تعمل الهند على تحقيق توازن بين زيادة إنتاج الفحم وتقليل المنتجات الثانوية الناتجة عن التلوث بشكل استراتيجي حيث يشهد قطاع التعدين في الهند تحولاً نحو الإستدامة والإبتكار التكنولوجي في حين بدأت البلاد في تطبيق نستختها الخاصة من مفهوم ” التعدين الأخضر” من خلال تصنيف المناجم بنظام النجوم استناداً إلى اطار التنيمة المستدامة الذي حددته الأمم المتحدة .

يذكر أن عملية التعدين الأخضر، التي تشمل التعدين مع الحد من تدهور البيئة وهي تتطلب تبني تقنيات التعدين المتقدمة وفقاً لما جاء في بيان أصدرته الحكومة الهندية مؤخراً حيث تفتخر الهند بوجود إثنين من أكبر عشرة مناجم للفحم في العالم والتي تستخدم بعض الآلات المتقدمة للتعدين من أجل التحول إلى التعدين الأخضر. وهي تستفيد من “آلة التعدين السطحية”، وهي تقنية متطورة تستخرج الفحم وتعالجه دون الحاجة إلى التفجير مما يعزز عمليات التعدين الصديقة للبيئة.

كما يتضمن التعدين الأخضر تنفيذ ممارسات وتقنيات صديقة للبيئة مثل استخدام مصادر الطاقة المتجددة وإعادة تدوير مخلفات المناجم، وتقليل استهلاك المياه، واعتماد تقنيات الإستخراج المستدامة لتقليل تأثيره البيئي. ومن الممارسات المهمة التي يتم تبنيها في عملية التعدين الأخضر استصلاح المناطق المستنفدة من التعدين وإجراء تشجير مكثف في المناطق المحيطة من مناطق الفحم باستخدام النباتات المحلية.

وذكر البيان أن الشركات المملوكة للدولة أو ما يسمى وحدات القطاع العام ، بدأت تشارك الآن جهوداً مخلصة ومتواصلة للحد من آثار تعدين الفحم من خلال خطط إغلاق المناجم المصممة والمعتمدة بعناية والتي تتضمن تفاصيل دقيقة لأنشطة إغلاق المناجم حيث تم تنفيذ هذه الخطط بنجاح في المناجم المفتوحة في ولايات كل من ماديا براديش، وجهاركاند، وتيلانجانا الهندية.

وفي إطار المبادرة الوطنية للهيدروجين، تجري ايضاً محادثات حول إعادة استخدام مناجم الفحم المتوقفة لإنتاج الهيدروجين الأخضر. وسيكون ذلك حلاً فعالاً من حيث التكلفة لمعالجة مشكلات توافر الأراضي والمياه العذبة، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية اللازمة لإنتاج الهيدروجين. كما سيوفر هذا النهج فرص عمل للمجتمعات التي كانت تعتمد سابقًا على الفحم.

في اطار التوجه نحو ممارسات التعدين المستدامة، تبنت شركة سيسا ستيرلايت المحدودة حلولًا تعتمد على التكنولوجيا الحيوية بما في ذلك التخلص من مخلفات المناجم وإعادة استخدام مياه المناجم بعد عملية الاستخلاص. كما يتم تبني تقنيات متقدمة مثل مثبطات الضباب الحمضي، وأنظمة التحكم في الغبار، والمصفّفات الكهروستاتيكية، وأجهزة التنظيف، وأنظمة تهوية العمليات، وأنظمة التحكم في التلوث بشكل متزايد من قبل شركات التعدين، خاصة الشركات في القطاع الخاص.

علماً أن اعتماد التعدين الأخضر يغير الطريقة التي يتم بها تنفيذ عمليات التعدين في جميع مراحلها حيث تُصنف هذه الممارسات بشكل رئيسي من ضمن سبعة مجالات رئيسية في سلسلة التوريد التعدينية بما في ذلك التحكم في الغبار المتطاير، وتقليل انبعاثات الغازات المسببة في الإنحباس الحراري العالمي، والتحكم في الضوضاء، وإدارة المياه، وممارسات إعادة التدوير وإعادة الاستخدام، وإدارة المخلفات، وممارسات تثبيت مكبات النفايات علماً أن التوسع السريع في تبني الواسع النطاق لإدارة سلسلة التوريد الخضراء في الهند خطوة مرحبًا بها على واسع النطاق .

والجدير بالذكر أن الهند أحرزت تقدمًا ملحوظًا في كل من هذه المجالات ضمن تعدين الحديد والفحم والمنغنيز على سبيل المثال، اعتمدت شركة هندوستان زنك المحدودة إجراءات تعبئة خلفية بالمعجون، حيث يتم استخدام المخلفات والإسمنت والماء لتكوين مادة تشبه المعجون يتم ضخها مرة أخرى إلى الفراغات الموجودة تحت سطح الأرض الناتجة عن التعدين، بهدف التحكم في النفايات الناتجة عن عمليات التعدين.

وفقاً لمجلة “رينيوفال واتش” أصبحت شركة نيفيلي ليجنيت المحدودة أول كيان في القطاع العام في الهند يحقق قدرة على توليد الطاقة الشمسية تزيد عن 1 جيجاواط مع هدف الوصول إلى إجمالي قدرة للطاقة المتجددة تبلغ 6,031 ميجاواط بحلول عام 2030م . كما تعمل شركة كول إنديا المحدودة على تطوير مشاريع للطاقة الشمسية مع خطة لإنتاج 3 جيجاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2023-2024 في حين تعتزم الشركة استثمار حوالي 426  مليار روبية هندية في الطاقة الخضراء والبنية التحتية ذات الانبعاثات المنخفضة للتعدين الأحفوري لتحقيق أهداف الهند للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.

كما يلاحظ أن الدفع الكبير نحو التعدين المستدام في يحظى بتفويض حكومي قوي حيث تخطط شركات الفحم والليغنيت الهندية لاستثمار أكثر من 150 مليار روبية هندية لإضافة قدرة تبلغ 5560 ميجاواط من الطاقة المتجددة من اجل تحقيق هدف الوصول إلى 500 جيجاواط من الطاقة غير الأحفورية بحلول عام 2030م.   وقد أجرت المكتب الهندي للمناجم العام الماضي مسحًا شمل 293  منجمًا لدراسة إمكانية تركيب محطات للطاقة المتجددة في مواقع التعدين في جميع أنحاء البلاد وخلص المسح إلى أن إجمالي القدرة المثبتة لمحطات الطاقة المتجددة في هذه المواقع (من الرياح والطاقة الشمسية) بلغ 583  ميجاواط.

حالياً، يتركز اعتماد ممارسات التعدين المستدام بشكل رئيسي بين الشركات الكبرى في الصناعة ولكن مع مرور الوقت ومع توفر تقنيات أكثر بتكلفة معقولة من المتوقع أن تصل هذه التقنيات إلى اللاعبين الأصغر أيضًاحيث تتجه صناعة التعدين في الهند نحو التحول الأخضر، سواء من خلال اعتماد تقنيات أكثر نظافة وكفاءة أو اللجوء إلى حلول الطاقة المتجددة أو إدارة عمليات إغلاق المناجم بشكل صحيح لتجنب ترك الأراضي مهملة وغير مستغلة.

كما تتوافق هذه الإجراءات  مع العديد من أهداف التنمية المستدامة مثل المياه النظيفة والصرف الصحي، العمل المناخي، الوصول إلى الطاقة المستدامة، والاستهلاك والإنتاج المسؤولين. ورغم أن تحقيق التنمية المستدامة والخضراء يمثل تحديًا كبيرًا في صناعة التعدين، فإن التقدم التكنولوجي، والسياسات الوطنية، واستعداد شركات التعدين، كما هو واضح في الهند، يمثل مزيجًا مثاليًا لتحقيق الفصل الناجح بين النمو الاقتصادي وتدهور البيئة.

مقالات مشابهة

  • نداء أممي لجمع 4 مليارات دولار لدعم غزة والضفة
  • معلومات الطاقة: إنتاج حقول النفط في الولايات المتحدة يسجل مستوى قياسيا
  • الأمم المتحدة تدعو لجمع 4 مليارات دولار لدعم غزة
  • الأمم المتحدة تطلق نداء لجمع أكثر من 4 مليارات دولار لمساعدة غزة والضفة
  • الأمم المتحدة تنادي لجمع أكثر من 4 مليارات دولار لمساعدة غزة والضفة الغربية
  • الولايات المتحدة تقدم قرضًا بقيمة 20 مليار دولار لأوكرانيا
  • عبد العاطي: الشركات الأوروبية مهتمة بالاستثمار في الطاقة النظيفة بمصر
  • أستاذ هندسة: أسوان عاصمة الطاقة النظيفة.. ومصر تقود قاطرة التنمية في إفريقيا
  • الهند تتحول نحو ممارسات التعدين المستدامة
  • مسؤولون أمريكيون يناقشون مزايا رفع مكافأة 10 ملايين دولار عن الجولاني