الوطن:
2025-01-11@09:06:28 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: إيتاء الزكاة (1)

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: إيتاء الزكاة (1)

جلس سيدنا جبريل الأمين عليه السلام، أمام سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يراه الصحابة الأجلاء رضوان الله تعالى عليهم فى صورة رجل غريب، وها هو سيد الخَلق، صلى الله عليه وسلم، يخبره عن الإسلام فى كلام شريف جامع، فيقول: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيمَ الصلاة، وتُؤتى الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلاً».

فأول الإسلام أن ينطق المرء بشهادة «أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وسلم».

وأول شىء بعد الشهادة هو إقامة الصلاة، والصلاة عبادة خالصة لله تعالى، وإقامتها تقتضى توفية حقوقها وأركانها، ثم بعد ذلك يأتى إيتاء الزكاة، والزكاة قدر قليل من المال يخرجه الغنى لثمانية أصناف من البشر هم المذكورون فى قول المولى سبحانه وتعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» [التوبة: 60]؛ أى: تُخرج زكاة المال لثمانية أصناف، الصنف الأول هم الفقراء، والثانى المساكين، والثالث العُمّال (الموظّفون) المكلّفون بجَمعها، والرابع الأشخاص الذين تُراد استمالة نفوسهم إلى الإسلام، حتى نُنقذ مهجهم من النار، والخامس العبيد لعتقهم من رقِّ العبودية، والسادس المدينون الذين لزمتهم ديون فى غير معصية الله تعالى ولا يجدون المال الذى يدفعونه لدائنيهم، والسابع فى سبيل الله، وهو مَصرف واسع المدلول، فيشمل تجهيز الجيوش للدفاع، ويجوز صرفه على طلبة العلم، ويجوز صرفه على مريد الحجّ، وقال بعض العلماء: إنه يشمل جميع وجوه الخير.

والثامن هو ابن السبيل، وهو المسافر الذى انقطع عن ماله فى سفره، فيُعطى من الزكاة ما يساعده على بلوغ موطنه، حتى لو كان غنيّاً فى بلده. وقد اشترط العلماء فيه ألا يكون سفره فى معصية.

وهذا معناه أن الزكاة تقتضى من المسلم أن يكون له دور اجتماعى بين أبناء مجتمعه، بحيث يتفقّد أحوالهم، ويعلم المستحقين للزكاة منهم، ويحدّد وجه استحقاق كل منهم، وأن يكون مدركاً للأحوال العامة فى مجتمعه ووطنه وأن يُشارك فيها بشيء من زكاة ماله من خلال سهم فى سبيل الله، ومن هذا السهم تُبنى الجسور، والقناطر، والحصون، والمساجد، ويكفّن الموتى، وغير ذلك من وجوه الخير.وهذا الدور الاجتماعى الذى يعين فيه الغنى الفقراء، سواء أكانوا من مجاوريه وأبناء بيئته وحيِّه أم كانوا من الغرباء، ويُشارك فى إعمار وطنه ببناء ما يحتاجه أبناؤه من جسور وقناطر ومساجد وحصون وتجهيز جيوش، أقول هذا الدور الاجتماعى جعله شرع الله تعالى عبادة يتعبّد الإنسان بها ربَّه تعالى، بل هو أحد أركان هذا الدين الشريف.وهذا يبين مدى رعاية شرع الله تعالى للبشر وعنايته بهم، حتى إنه جعل ذلك عبادة يتعبد بها المسلم ربَّه ويتقرّب بها إليه.وها هنا مسألة لا بد من الانتباه إليها، وهى أن البعض قد يظن أن الزكاة ركن يأتى بعد الصلاة، وذلك لأنه معطوف عليها بالواو فى قوله، صلى الله عليه وسلم: «وتقيمَ الصلاة، وتُؤتىَ الزكاة»، والحق أن العلماء قالوا: إن الواو العاطفة لا تقتضى ترتيباً ولا مَعيَّة؛ أى: ليس ما بعدها تالياً لما قبلها ولا معه فى نفس الوقت، بل إنها تقتضى أن المعطوف بها والمعطوف عليه مجتمعان فى هذا الأمر، وليس شرطاً أن يكون هذا منهما معاً فى نفس الوقت، فإذا قلتَ مثَلاً: (جاء زيد وعمرو) لا يعنى هذا أن مجىء عمرو متأخر عن مجىء زيد، ولا يُفهم أيضاً أنهما جاءَا معاً، بل المعنى أن المجىء حصل منهما، دون النظر إلى سبق أحدهما على الآخر أو مجيئهما معاً.

وبِناءً على هذا نفهم أن عطف إيتاء الزكاة على إقامة الصلاة معناه أن المسلم بمجرد إسلامه بنطقه الشهادتين صار مأموراً بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ما دام لا يمنعه مانع من هذه العبادات، فهى كلها على قدم المساواة.وهذا معناه أن الزكاة التى هى لون من مساعدة البشر عبادة كالصلاة والصيام والحج، وهذا يبين مدى رُقى هذا الدين الشريف ورعايته للإنسان وعنايته به

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: رسول الله صلى الله عليه وسلم أركان الإسلام صلى الله علیه وسلم الله تعالى ه تعالى

إقرأ أيضاً:

أحمد ياسر يكتب: هل تعود إيران إلى سوريا؟

مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية في الجغرافيا السياسية المعقدة للشرق الأوسط ما بعد الأسد

انهار نظام الأمن الإيراني على جناحها الغربي.

لقد تراجع حضور إيران في الشرق الأوسط بشكل كبير مع سقوط بشار الأسد… والسؤال الآن هو، في ظل الظروف الحالية، هل من الممكن أن تعود إيران إلى سوريا؟

لقد انتهى حكم بشار الأسد  بعد أكثر من نصف قرن، وبدأ عصر جديد في سوريا، والأمر المهم بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو فقدان حليف قديم ومهم للغاية في العالم العربي.

لقد مدت حكومة البعث السورية يد الصداقة للحكومة الثورية الجديدة منذ بداية انتصار الثورة الإيرانية وكان العداء المشترك مع إسرائيل وإلى حد ما مع الولايات المتحدة، وعداء الجانبين لصدام حسين وحكومة البعث في العراق، من العوامل الرئيسية في الصداقة بين إيران وسوريا، والتي وصلت إلى مستوى التحالف الاستراتيجي.

في ثمانينيات القرن العشرين، سارعت سوريا إلى مساعدة النظام الثوري للجمهورية الإسلامية بقطع صادرات النفط العراقية عبر البحر الأبيض المتوسط وتزويد إيران بالأسلحة والذخيرة.

ورغم أن الحكومة البعثية  في سوريا كانت عدوة للجماعات الإسلامية، فإن هذا لم يمنعها من الاتحاد مع إيران الإسلامية الشيعية، كما لم تكن الطبيعة العلوية لحكام سوريا البعثيين خالية من التأثير في التحالف مع إيران الشيعية. ومنذ ثمانينيات القرن العشرين، توصل البلدان إلى إطار للتعاون ضد إسرائيل في لبنان.

كانت سوريا الطريق الرئيسي للمساعدات الإيرانية لحزب الله في لبنان، وكان انتصار حزب الله في طرد القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في عام 2000 ثم إيقاف الجيش الإسرائيلي في حرب الـ 33 يومًا في عام 2006 أمرًا لا يمكن تصوره دون المساعدة السورية، وعندما تورط نظام الأسد في حرب أهلية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وما بعده، سارعت إيران إلى مساعدته وتمكنت من إنقاذ الأسد من الإطاحة به لمدة 14 عامًا على الأقل.

ولولا المساعدات الاقتصادية والعسكرية الإيرانية، وخاصة نشر قوات الدفاع عن الحرم الشريف، وبالطبع، لولا الدعم الروسي منذ عام 2015، لكان استمرار حكم الأسد مستحيلًا. ولكن الآن سقط نظام الأسد وحزب البعث في سوريا، وخسر العلويون مكانتهم السياسية والأمنية في البلاد.

ولم تخسر إيران حليفًا مهمًا فحسب، بل شهدت أيضًا صعود تيارات سياسية وعسكرية معادية بشدة للجمهورية الإسلامية، وهي معادية بشدة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، سواء في النسخة القومية (مثل الجيش السوري الحر) أو النسخة الإسلامية (من تحرير الشام والجماعات الجهادية الأجنبية التابعة لها إلى جماعات الإخوان المسلمين مثل فيلق الشام). كما أصبحت سوريا الآن ملاذًا لبعض الحركات السنية المسلحة في إيران التي كانت قريبة إيديولوجيًا أو عملياتيًا من الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة.

وعلاوة على ذلك، انهار نظام الأمن الإيراني على جناحها الغربي…مع خسارة سوريا، خسرت إيران العديد من الفرص والقدرات الجيوسياسية:

أولًا، مسار مساعدة إيران لحزب الله؛ إن حزب الله، الذي شهد تدمير قدراته البشرية والعتادية بعد عام من الحرب المستمرة مع إسرائيل، سيواجه الآن مسارًا أكثر صعوبة لإعادة بناء قدراته البشرية والعسكرية.

ثانيًا، لقد فقدت إيران أيضًا وجودها العسكري والاستخباراتي في سوريا، والذي منحها ميزة في المواجهة مع إسرائيل وحتى الولايات المتحدة،  لم تعد إيران قادرة على الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط وباتت أقل قدرة على المنافسة مع تركيا.. جزء من محور المقاومة، الذي نظر إلى سوريا كمنصة لتسليح الضفة الغربية، يرى الآن خسارة قدرة مهمة.

كان محور المقاومة ينوي تسليح الضفة الغربية ضد الاحتلال الإسرائيلي من خلال طريق سوريا والأردن، ولكن الآن فقدت هذه القدرة، التي كانت مصدر قلق كبير لإسرائيل.، بالإضافة إلى ذلك، لم تعد جبهة مرتفعات الجولان، التي كان من الممكن أن تكثف الضغوط على إسرائيل إلى جانب جنوب لبنان، موجودة اليوم. ثالثًا، قد تشعر إيران بالقلق بشأن الجبهة العراقية.

ورغم أنه من المبكر القول إن التطورات في سوريا تشكل تهديدًا للعراق، إلا أن العراق يضم أقلية سنية، بعضها كان من بين من أطلقوا فتنة داعش، ومن الممكن أن ترغب الحركات الجهادية في سوريا في التدفق إلى العراق، لكن هذا التهديد قد يؤثر على العراق، وبالتالي على إيران.

ورغم قوة الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي، إلا أن الحقيقة هي أنهما سيواجهان مشاكل كثيرة إذا ما شنت موجات من الهجمات من قبل الميليشيات الجهادية، خاصة وأن الولايات المتحدة أعلنت انسحابها من العراق. ومن الواضح أن الانسحاب الأميركي من العراق سيشجع ويشجع الجهاديين السنة، ولا تستطيع الحكومة العراقية أن تعتمد على الدعم الأمريكي في منع "داعش رقم 2". ومن الممكن بشكل خاص أن يقرر الجولاني نفسه والقوات الحاكمة الحالية في سوريا إرسالهم إلى المسلخ العراقي للتخلص من القوى المتطرفة.

ويجب أن نتذكر أيضًا أنه إذا رافقت الهجمات التي تشنها القوات الجهادية من سوريا على العراق هجمات إسرائيلية على العراق، فإن فرص النجاح ستكون أكبر.

في مثل هذا الوضع، هل من الممكن أن تعود إيران إلى سوريا؟ هناك بعض التكهنات بأن إيران قد تعيد بناء وجودها ونفوذها في سوريا… أحد الخيارات بالنسبة لإيران هو الأكراد.

وللحديث بقية….

مقالات مشابهة

  • الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
  • حكم الدعاء في الصلاة بالمأثور وبغير المأثور بالشرع الشريف
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: ما جهر قوم بالمحرمات إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله.. ومحبة الله مشروطة بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم
  • من لزم الصلاة على النبي في ثاني جمعة من رجب .. نال ما تمنى
  • الإفتاء تحسم الجدل في صحة الصلاة بالحذاء
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-1-2025 في محافظة البحيرة
  • الإفتاء: أكدت السنة النبوية حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم للتزين
  • أمين الفتوى يوضح حكم صلاة المرأة بـ "البنطلون".. فيديو
  • حكم صلاة تارك الزكاة.. الإفتاء توضح
  • أحمد ياسر يكتب: هل تعود إيران إلى سوريا؟