في خضمّ تصاعد وتيرة الأحداث في سوريا، تواصل الفصائل المسلحة تقدمها جنوباً من حماة باتجاه حمص، في مسعىً للوصول إلى العاصمة دمشق، معقل قوات الرئيس بشار الأسد.

وقد شهدت مناطق سورية مختلفة تطورات متسارعة، تمثلت بانسحاب قوات النظام السوري من بعض المواقع الاستراتيجية، كما حصل في دير الزور شرق البلاد، وبسيطرة فصائل مسلحة على مواقع أخرى، كما حصل في معبر نصيب الحدودي مع الأردن.

وفي تصريحٍ لصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، أكد مصدر دبلوماسيٌّ روسي أن بلاده لن تتدخل عسكرياً بشكلٍ واسعٍ في سوريا، رغم التطورات المتسارعة. وعند سؤاله عن “الخطوط الحمراء” التي قد تدفع روسيا إلى التدخل، قال الدبلوماسي: “لا خطوط حمراء لدينا”، متوقعاً أن تسيطر الفصائل على حمص، وتتقدم نحو دمشق.

وأعرب الدبلوماسي عن أمله في أن تسفر المحادثات النشطة التي تجريها روسيا مع الطرفين التركي والإيراني عن التوصل إلى توافقاتٍ تطلق مسار تسوية سياسية، تحفظ وحدة أراضي سوريا وسيادتها، وتمنع انزلاق الموقف نحو حرب أهلية واسعة.

وفيما أعلن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” انسحاب القوات الحكومية من مدينة حمص، نفت وزارة الدفاع السورية ذلك، مؤكدةً أن الجيش موجودٌ في حمص وريفها، وقد تم تعزيزه بقواتٍ ضخمة.

من جهةٍ أخرى، أفادت مصادر أمنية لبنانية بأن “حزب الله” أرسل “قواتٍ مشرفة” من لبنان إلى سوريا، بهدف منع مقاتلي المعارضة من الاستيلاء على حمص.

وتشهد حمص حركة نزوحٍ كثيفةٍ للمدنيين من أحياء ذات غالبية علوية وشيعية، وسط مخاوف من اندلاع معركة كبيرة، نظراً لانتشار مجموعاتٍ تابعة لإيران و”حزب الله” فيها.

ويُعتقد أن معركة حمص ستكون شديدةً وحاسمة، كونها تسمح بالسيطرة على الطريق الدولي (M5)، الشريان الاقتصادي الرابط بين دمشق وحلب، والمتضمن عقدة ربط طريق إمداد الميليشيات التابعة لإيران و”حزب الله”.

أما في شرق سوريا، فقد سيطر تحالف مدعومٌ من الولايات المتحدة على مدينة دير الزور، فيما تتقدم “قوات سوريا الديمقراطية” نحو مدينة البوكمال الواقعة على الحدود مع العراق.

وأعلنت وزارة الداخلية الأردنية إغلاق معبرها الحدودي مع سوريا، فيما وردت معلوماتٌ عن سيطرة فصائل مسلحة على معبر نصيب الحدودي.

وفي جنوب البلاد، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يعزز قواته في هضبة الجولان المحتلة، وأنه مستعدٌ لجميع السيناريوهات.

وتأتي هذه التطورات المتسارعة في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف من اتساع نطاق القتال في سوريا، وانزلاق البلاد إلى حربٍ أهليةٍ واسعة.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: المعارضة السورية بشار الأسد حمص دمشق روسيا سوريا قوات المعارضة السورية

إقرأ أيضاً:

من هو أحمد العودة الذي يُهدّد زعامة أحمد الشرع في سوريا؟

نبّهت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية إلى وجود شخصيات قوية من المُقاتلين السوريين تُنافس مكانة قائد العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع، وتحظى بدعم دولي خاصة مع تشكيلها عائقاً ضدّ جماعات جهادية مُقاتلة، وهو ما قد يُعرّض وحدة البلاد للخطر.

وسلّطت اليومية الفرنسية الضوء بشكل خاص على أحمد العودة كشخصية أساسية لا يبدو أنّها تميل إلى مبايعة السلطة الجديدة التي تأسست في دمشق بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) كخطوة أولى على طريق توحيد سوريا.

Syrie : qui est Ahmad al-Audeh, l’autre homme fort qui pourrait mettre en danger l’union du pays ?
➡️ https://t.co/1WqLiNKoVU pic.twitter.com/MQ0NKRbWFT

— Le Parisien (@le_Parisien) January 8, 2025 رسالة العودة للشرع ونقلت عن العقيد نسيم أبو عرة المُتحدّث الرسمي باسم "غرفة عمليات الجنوب"، التي تضم القوات المُسيطرة على منطقة درعا جنوب سوريا بزعامة العودة، قوله "لسنا مُقتنعين بفكرة حلّ الجماعات المسلحة"، مُضيفاً أنّ "لدينا أسلحة ومُعدّات ثقيلة، ويُمكن دمجنا ضمن وزارة الدفاع السورية لكن كجسم عسكري يُحافظ على استقلاليته".
ومن أجل ترجمة الكلمات إلى أفعال، تباهى العودة في 4 يناير (كانون الثاني) 2025 بتنظيم عرض كبير لقواته- التي يُقدّر عددها بحوالي 7000 رجل، كثير منهم ضباط سابقون في الجيش السوري- وذلك ما بين مدينة درعا، قاعدته الرئيسية، ومدينة إزرع التي تبعد 80 كم جنوب دمشق. ولا شك أنّ أحمد الشرع قد تلقى الرسالة من "حليفه"، لكن إلى متى؟ تقول "لوباريزيان".

8. On January 4, 2025, Al-Awda showcased his military strength with a significant parade between Bosra ash-Sham, his main base, and Izra, this a week after HTS marched its forces to Umayyad Sq, and was seen as a signal to Al-Shara’a’s newly formed defense ministry highlighting… pic.twitter.com/7GzViASak0

— Rami Jarrah (@RamiJarrah) January 6, 2025 خطر تقسيم سوريا ورأى الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي رونان تيزوريير، في ذلك نذير صراع ناشئ داخل القوى التي تولّت السلطة في سوريا بعد سقوط الأسد. واعتبر أنّ العودة يُمثّل تهديداً مُحتملاً يُمكن أن يؤدي إلى تقسيم سوريا بشكل دائم، كما يتفق العديد من المراقبين الإقليميين، باعتبار أنّ هذا الرجل القوي هو المُنافس الرئيسي لزعيم البلاد الجديد أحمد الشرع.
ويُواصل العودة القائد السابق لأحد فصائل الجيش السوري الحر في درعا، إرسال إشارات عدم الثقة تجاه قائد القوات القادمة من شمال سوريا أحمد الشرع. ووصف مُراقبون العودة بالمُقاتل ذي المظهر المقلق، والذي غيّر ولاءاته عدّة مرات في السنوات الأخيرة، اعتماداً على اتجاهات رياح القوة، وهو معروف بعلاقاته الجيدة مع روسيا.

3. While his association with Russia and Iran was seen as a pragmatic move to maintain influence in the region Al-Awda essentially benefited Assad and his allies, against Syrians who opposed the Assad regime, and through an agreement allowed both Russia and Iran to place Daraa… pic.twitter.com/mQKOtyX3Lf

— Rami Jarrah (@RamiJarrah) January 6, 2025 ويُثير أحمد العودة جدلاً لأنّ القوات الروسية التي دعمت الأسد، أشرفت في عام 2018 على صفقة سمحت لقوات النظام السوري باستعادة السيطرة نظرياً على محافظة درعا، لكن بدعم من قوات أحمد العودة الذي تمكّن لذلك من السماح لمجموعته المُقاتلة بالاحتفاظ بأسلحتها، وفي الواقع، دعم نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وبينما يُنظر إلى ارتباطه بروسيا وحليفتها إيران على أنه خطوة عملية كانت تهدف إلى الحفاظ على نفوذه في المنطقة، فقد اعتبر الكثير من السوريين ذلك خيانة لشعبه. أوّل من دخل دمشق في بداية ديسمبر (كانون الأول) 2024، وبينما كانت القوات المُناهضة للأسد بقيادة الشرع تتقدّم نحو دمشق، قامت "هيئة تحرير الشام"، التي تتولى زعامة السلطة الآن، بتشكيل عسكري تحالف مناسب مع قوات "غرفة العمليات الجنوبية" بقيادة العودة الذي فكّ تحالفه مع روسيا ونظام الأسد، حاشداً قواته لاختراق العاصمة. وفي 7 من الشهر الماضي وصلت قواته إلى أطراف المدينة، وفي اليوم التالي دخلت دمشق أولاً قبل قوات الشرع.
وانتشر رجال أحمد العودة، الذين يُمكن التعرّف عليهم من خلال عماماتهم المربوطة حول رؤوسهم، حول البنك المركزي السوري وفي عدّة أحياء بالعاصمة. ويتهمهم البعض بنهب المؤسسة المصرفية الوطنية. وقال قائد عسكري سوري "لقد حدثت الفوضى لكننا تمكّنّا خلال فترة وجيزة من السيطرة على المؤسسات الحيوية لضمان حمايتها".

#Syrie : qui est Ahmad al-Audeh (Ahmed al-Awda), l’autre homme fort qui pourrait mettre en danger l’union du pays ? https://t.co/IdN2FvVEyh cc @ThomasPierret

— Ronan Tésorière aka Ron T. (@RonTesoriere) January 8, 2025 وأضاف المتحدث باسم القوات الجنوبية أنّ رجاله قاموا لفترة من الوقت بتوفير الأمن لعدّة سفارات عربية، واصطحبوا دبلوماسيين متمركزين في دمشق إلى فندق كبير في العاصمة كملجأ لهم. كما شجّعوا على المرور الآمن للدبلوماسيين إلى الحدود السورية مع الأردن. دور استراتيجي للعودة وفي هذا السياق المُشتعل، التقى العودة بالزعيم الجديد للبلاد، أحمد الشرع، في 12 ديسمبر (كانون الأول) خلال اجتماع بين مُناهضي الأسد، لكنّه لم يُشارك في الاجتماع الذي ترأسه الأخير في 25 من الشهر نفسه مع قادة عدّة مجموعات مسلحة أخرى قالوا إنهم قبلوا حلّها.
وبالنسبة للمُتخصصين في شؤون المنطقة، فإنّ للعودة موقع ضروري في المشهد السياسي المستقبلي للبلاد، خاصة أنّ لديه علاقات دولية كبيرة، ويرى فيه البعض "رافعة استراتيجية مهمة"، كما يؤكد توماس بيريت، الباحث المتخصص في الشأن السوري في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي.
وعلى المستوى الإقليمي، يُمكن أن يُمثّل العودة قوة مُضّادة حقيقية، وأن يكون على رأس كيان مستقل يتمتع بحكم شبه ذاتي إذا كانت القوة المركزية في دمشق ضعيفة للغاية. ويُمكن للاعبين الدوليين الرئيسيين بعد ذلك أن يندفعوا إلى دعمه، خاصة أنّ العودة شكّل دائماً عائقاً أمام المُتمرّدين الإسلاميين منذ عام 2014، وفق بيريت.






مقالات مشابهة

  • تركيا تستبعد أي دور فرنسي بملف الأكراد في سوريا
  • تطورات الحادث المأساوي الذي وقع بالمسجد الأموي في سوريا
  • فيدان: سنرد عسكريا إذا استمرت تهديدات المقاتلين الأكراد بشمال شرق سوريا
  • تحرير الشبارقة أصبحت قوات المليشيا داخل مدينة ود مدني تحت مرمي نيران مدفعية الجيش
  • وزير الخارجية والهجرة يبحث مع نظيره التشادي تطورات الأوضاع في البلاد
  • من هو أحمد العودة الذي يُهدّد زعامة أحمد الشرع في سوريا؟
  • مجلس الأمن يناقش الوضع في سوريا
  • عاجل | أ ف ب عن قائد قوات سوريا الديمقراطية: اتفقنا مع السلطة الجديدة في دمشق على رفض مشاريع الانقسام
  • الدفاع الروسية: القضاء على 1460 عسكريا أوكرانيا خلال 24 ساعة
  • رئيس وزراء اليونان: هناك ارتباط واضح بين تطورات الأوضاع في سوريا وغياب الاستقرار في ليبيا