تشهد سوريا تطورات متسارعة بعد التقدم الكبير الذي أحرزته المعارضة في مناطق مختلفة من البلاد، مما أدى إلى انهيار سريع لقوات النظام السوري في بعض الجبهات الاستراتيجية.

وجذبت هذه التحولات اهتمامًا إقليميا ودوليا واسعا، حيث أعربت العديد من الدول عن قلقها بشأن تداعيات هذه التطورات على استقرار المنطقة ومستقبل سوريا، ومنهم من أيدك فصيل على الأخر ومنهم من يترقب بقلق.



العراق: قلق على أمن الحدود وتأثيرات إقليمية
العراق، الذي يشارك سوريا حدودًا طويلة ويعاني من تبعات الأوضاع في الجارة سوريا منذ سنوات، كان له موقف بارز في ظل هذه التطورات. خلال اجتماع ثلاثي عقد في بغداد بمشاركة وزراء خارجية العراق وسوريا وإيران، عبّر العراق عن قلقه العميق إزاء ما يحدث على الساحة السورية.

وأكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أن أمن سوريا يشكل جزءا لا يتجزأ من أمن العراق والمنطقة بأسرها، أشار حسين إلى أن التصعيد الحالي يهدد الاستقرار الإقليمي ويزيد من احتمالية تسلل الجماعات المسلحة عبر الحدود المشتركة، وهو ما يمثل خطرًا مباشرًا على الأمن العراقي.

ويحاول العراق، إيجاد التوازن في علاقاته مع إيران والولايات المتحدة، يسعى أيضًا إلى لعب دور الوسيط في تخفيف التصعيد عبر تشجيع الحوار بين الأطراف المختلفة في سوريا.

وفي وقت سابق من اندلاع المعارك ترددت أنباء حول دور الجماعات العراقية الشيعية الموالية لإيران في دعم النظام السوري وتوسع نفوذ إيران في المنطقة عبر إرسال مقاتلين من فصائل شيعية عراقية، مثل الحشد الشعبي، إلى سوريا للمشاركة في القتال إلى جانب القوات الحكومية السورية ضد المعارضة.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)


إيران.. دعم متواصل للنظام السوري
في ضوء التطورات الأخيرة في سوريا، تتبنى إيران مواقف نشطة لدعم نظام الرئيس بشار الأسد، حيث أعلن مسؤول إيراني كبير أن طهران تعتزم إرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا، بالإضافة إلى زيادة عدد مستشاريها العسكريين لدعم الرئيس الأسد في مواجهة المعارضة.

وأوضح المسؤول، الذي لم يكشف عن هويته وفق تقارير إعلامية، أن إيران قد اتخذت جميع الخطوات اللازمة لزيادة دعمها العسكري لسوريا، والذي يشمل تقديم دعم استخباراتي ودعم متعلق بالأقمار الاصطناعية.

وفي الأول من كانون الثاني /  ديسمبر 2024، خلال زيارة إلى دمشق، صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن الوضع في سوريا "صعب"، لكنه عبر عن ثقته التامة في قدرة الحكومة السورية على التصدي للتحديات، مشيرًا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها الحكومة السورية مثل هذه الظروف.

وجاءت تصريحات عراقجي خلال زيارته لسوريا ضمن تأكيدات مستمرة من إيران بأنها ستظل تدعم بشار الأسد في مواجهة المعارضة، وهو ما يتناسب مع استراتيجية إيران الإقليمية لدعم حلفائها في المنطقة.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
إسرائيل: قلق من تحول ميزان القوى وتزايد النفوذ الإيراني
وتراقب دولة الاحتلال عن كثب التطورات في سوريا، حيث تعتبر أي تغييرات في ميزان القوى تهديدًا مباشرًا لأمنها، وكشفت تقارير إسرائيلية، عن قلق متزايد في تل أبيب، ناجم عن الأحداث المتسارعة والمتطورة على الساحة السورية، وسط تلويح بعملية عسكرية برية، سيقوم بها الجيش الإسرائيلي لإنشاء منطقة عازلة في مناطق جنوب غرب سوريا.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في تقرير ترجمته "عربي21"؛ إنّ "تقدم المعارضة السورية بسرعة إلى الجنوب والشرق، يخلق سلسلة من التهديدات لإسرائيل"، موضحة أن التهديدات تتمثل في سقوط الصواريخ، وربما الأسلحة الكيميائية في أيدي مسلحي المعارضة.

وأكد مسؤولون إسرائيليون، أن استقرار النظام السوري، رغم عدائهم له، يعد أكثر تفضيلًا من فوضى قد تمنح إيران مزيدًا من النفوذ على حدود إسرائيل الشمالية.





روسيا.. هل يتخلى الحليف؟
وفي ضوء التطورات الأخيرة في سوريا، أصدرت السفارة الروسية في دمشق بيانًا تدعو فيه المواطنين الروس إلى مغادرة البلاد عبر الرحلات التجارية المتاحة، نظرًا للتوترات العسكرية المتصاعدة.

من جهة أخرى، أفاد مصدر مقرب من الكرملين لوكالة "بلومبيرغ" بعدم وجود خطة لدى روسيا لإنقاذ الرئيس السوري بشار الأسد، في ظل تقدم المعارضة المسلحة وسيطرة بعض الجماعات على مناطق استراتيجية مثل حلب.

وفي سياق متصل، أكدت روسيا دعمها للقيادة السورية في مواجهة الهجمات التي تشنها مجموعات وصفتها بأنها "إرهابية" تتلقى دعمًا من الخارج. وأشارت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إلى أن هذه المجموعات لم تكن لتجرؤ على ذلك دون تحريض ودعم من قوى خارجية تهدف إلى تصعيد العنف في سوريا.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)

بالإضافة إلى ذلك، أفاد الكرملين بأنه على تواصل دائم مع السلطات السورية ويعمل على تقييم الوضع هناك. وأشار المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إلى أن نطاق المساعدة الروسية سيعتمد على هذا التقييم.

تجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت قد قدمت وعودًا بتقديم مساعدات عسكرية إضافية لسوريا لدعم الجيش السوري في منع المسلحين المعارضين من السيطرة على محافظة حلب في شمال غرب البلاد.

في المجمل، تتبنى روسيا موقفًا داعمًا للقيادة السورية، مع التأكيد على ضرورة تقييم الوضع الميداني قبل اتخاذ أي خطوات إضافية، حيث قامت مؤخرا بسحب أسطولها البحري من سوريا.



تصريح يخص رعايا دولتي الصين وروسيا في سوريا #إدارة_الشؤون_السياسية #حكومة_الإنقاذ_السورية #الثورة_السورية #حلب pic.twitter.com/4LSSpE7r1X — إدارة الشؤون السياسية - سوريا (@syriadpa) December 6, 2024
تركيا ودعم المعارضة
تركيا، التي تعد من أبرز داعمي المعارضة السورية، أكدت على ضرورة إيجاد حل سياسي شامل ينهي الصراع ويحافظ على وحدة سوريا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دعا خلال خطاب حديث إلى تعزيز مسار أستانة كآلية لوقف التصعيد والتفاوض بين الأطراف المتنازعة.

رغم هذه التصريحات الداعمة للحل السلمي، تشير تقارير ميدانية إلى أن تركيا زادت من دعمها اللوجستي لفصائل المعارضة المسلحة التي تحرز تقدمًا في مناطق الشمال. هذا الدعم يأتي في إطار استراتيجية أنقرة لمنع إنشاء كيان كردي مستقل على حدودها الجنوبية.

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان؛ إن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، تجاهل دعوة تركيا قبل أشهر من أجل تحديد مستقبل سوريا، لكن أنقرة لم تتلق ردا إيجابيّا.

وفي تعليقه على عمليات المعارضة التي وصلت إلى حمص، قال أردوغان؛ إن "المعارضة السورية تواصل تقدمها، فالهدف بعد إدلب وحماة وحمص هو دمشق، ونتمنى تواصل هذه المسيرة بلا حوادث".

وتواصل فصائل مناهضة للنظام السوري، الجمعة، تقدمها نحو مركز مدينة حمص وسط البلاد، ذات الأهمية الاستراتيجية على الطريق المؤدي إلى العاصمة دمشق.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)


مصر: قلق بشأن الأمن القومي واستقرار المنطقة
وأبدت مصر، التي لها علاقات مع النظام السوري وبعض فصائل المعارضة، قلقًا بالغًا حيال التطورات الأخيرة في سوريا، خاصة بعد التقدم الملحوظ للمعارضة السورية في عدة مناطق استراتيجية.

وأعلنت القاهرة في تصريحات رسمية عن مخاوفها من تحول الوضع في سوريا إلى فوضى شاملة تؤثر على الأمن القومي المصري وتزعزع استقرار المنطقة العربية ككل.

وتعتبر القاهرة أن أي انهيار للنظام السوري قد يفتح الباب لتفاقم الأوضاع وتعمل على تعزيز التنسيق الأمني مع جيرانها، وخاصة مع العراق والأردن، لمنع انتقال النزاع إلى أراضيها.

صحيفة «وول ستريت جورنال» تكشف عن حث مسؤولين مصريين وأردنيين بشار الأسد على مغادرة سوريا وتشكيل حكومة في المنفى pic.twitter.com/KJMJtrE9L4 — شبكة رصد (@RassdNewsN) December 6, 2024

الأردن.. تأثيرات مباشرة
الأردن، الذي يعاني من تبعات النزاع السوري على أراضيه منذ اندلاعه، أعرب عن قلقه المتزايد حيال تصاعد الوضع في سوريا. لا سيما أن الأردن يواجه تداعيات كبيرة نتيجة اللاجئين السوريين الذين يقيمون على أراضيه، وكذلك المخاوف من تطور الوضع إلى تهديدات أمنية عبر الحدود.

وعبر المسؤولون الأردنيون، عن مخاوفهم من أن تقدم المعارضة في المناطق الحدودية قد يفتح المجال لتمدد الجماعات المتطرفة إلى الداخل الأردني. الأردن يعتبر أن التصعيد السوري يمثل تهديدًا للأمن الداخلي واستقرار المملكة، ويؤكد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي يحمي مصالحه الوطنية.

ومن ناحية أخرى أعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية إغلاق معبر جابر الحدودي المقابل لمعبر نصيب السوري "بسبب الظروف الأمنية المحيطة في الجنوب السوري".

وذكرت وزارة الداخلية الأردنية، في بيان، أنه سيتم بموجب القرار السماح للأردنيين والشاحنات الأردنية بالعودة إلى أراضي المملكة.

وأظهرت لقطات مصورة متداولة على منصات التواصل الاجتماعي بسط فصائل المعارضة في الجنوب سيطرتها على معبر نصيب الحدودي، وذلك بعد إعلان تشكيل غرفة "عمليات الجنوب" في القنيطرة ودرعا.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
الولايات المتحدة: قلق من التصعيد وخطط لحماية مصالحها
الولايات المتحدة أعربت عن قلقها بشأن التغيرات السريعة في سوريا، حيث ترى في تقدم المعارضة تهديدًا جديدًا قد يؤثر على قواتها المنتشرة في شمال شرق البلاد.

وصرح مسؤولون أمريكيون، بأن واشنطن تتابع التطورات عن كثب، وتنسق مع حلفائها في المنطقة لضمان حماية مصالحها وأمن قواتها.

وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاغون" باتريك ريدر، أن الولايات المتحدة الأمريكية تتابع عن كثب تطورات "الاشتباكات" بين فصائل المعارضة وقوات نظام بشار الأسد في سوريا، قائلا؛ إن واشنطن ليست منخرطة في الأحداث الحالية.

وقال ريدر: "نراقب الوضع عن كثب بالطبع، وأكرر أنه لا دور للولايات المتحدة الأمريكية فيما يحصل شمال غربي سوريا حاليّا"، داعيا جميع الأطراف إلى "خفض التصعيد وحماية الأقليات في المنطقة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سوريا المعارضة العراق إيران بشار الأسد مصر العراق إيران سوريا مصر الاردن المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعارضة السوریة فصائل المعارضة تقدم المعارضة النظام السوری فی المنطقة بشار الأسد المعارضة ا فی سوریا عن قلق عن کثب إلى أن تقدم ا

إقرأ أيضاً:

بعد انهيار نظام الأسد.. تفاصيل وأحداث متسارعة تغيّر المشهد السوري

بعد 12 يومًا من التصعيد العسكري المكثف، أعلنت المعارضة السورية بقيادة "هيئة تحرير الشام" دخول قواتها إلى دمشق وفرار الرئيس السوري بشار الأسد، لينهي 24 عامًا من الحكم وسط تغيرات درامية في المشهد السوري.

مشهد الأحداث: من الانطلاق إلى السيطرة

شهدت سوريا تغيّرات متسارعة بدأت في 27 نوفمبر عندما أطلقت "هيئة تحرير الشام" وفصائل حليفة هجومًا ضد القوات الحكومية انطلاقًا من محافظة إدلب. 

حققت المعارضة تقدمًا سريعًا، حيث سيطرت على أجزاء استراتيجية من حلب وقطعت طريق "دمشق-حلب" الدولي، ما أدى إلى شل حركة القوات الحكومية.

أبرز المحطات الزمنية:

27 نوفمبر: بدء هجوم المعارضة، سقوط 141 قتيلًا في يوم واحد.28 نوفمبر: قطع الطريق الدولي بين دمشق وحلب.30 نوفمبر: السيطرة على معظم أحياء حلب والمطار الدولي.1 ديسمبر: خروج مدينة حلب بالكامل من سيطرة القوات الحكومية لأول مرة منذ عام 2011.7 ديسمبر: السيطرة على مدينة حمص الاستراتيجية والاقتراب من دمشق.8 ديسمبر: إعلان المعارضة دخول دمشق وهروب الأسد.التداعيات الإنسانية

خلفت المعارك نزوحًا واسعًا، إذ أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم من الأطفال، اضطروا لمغادرة منازلهم. 

في الوقت نفسه، شهدت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة قصفًا مكثفًا من الطيران الروسي والسوري، مما أدى إلى مقتل المئات.

الموقف الدولي

مع تسارع الأحداث، حذرت القوى الدولية من تأثير التصعيد على استقرار المنطقة. في حين أكدت إيران وروسيا دعمهما "غير المشروط" للنظام السوري، شهد سبتمبر الماضي تصعيدًا إسرائيليًا هو الأكبر منذ 13 عامًا، حيث استهدفت إسرائيل مواقع متعددة في سوريا، مما أضعف الجبهة الحكومية.

الهروب والنهاية

في الثامن من ديسمبر، أعلنت المعارضة هروب الأسد ودخول قواتها دمشق، ما يمثل بداية مرحلة جديدة في الصراع السوري، وعلى لسان رئيس الحكومة السورية، محمد الجلالي، تم إعلان الاستعداد لتسليم المؤسسات لأي قيادة تختارها إرادة الشعب.

 المشهد

ما جرى يعكس تحولًا كبيرًا في الشرق الأوسط، حيث بدأت الأنظمة التي بدت منيعة بالانهيار تحت ضغوط متعددة. 

فبعد دعم روسي وإيراني استمر 13 عامًا، وجدت الحكومة السورية نفسها دون الحليفين الأساسيين اللذين أنهكتهما صراعات أخرى.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: إسرائيل دمرت القدرات المتبقية للجيش السوري
  • خبير عسكري: قدرات الجيش السوري كانت كفيلة بإيذاء إسرائيل
  • مرحلة جديدة من التوغل الإسرائيلي في سوريا.. تصعيد عسكري أم تغيير استراتيجي؟
  • إيران: لا وجود عسكري لنا في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • خريطة محدثة توضح تقدم فصائل المعارضة السورية
  • ما الذي يكشفه انهيار النظام السوري عن المنطقة العربية؟
  • انهيار النظام السوري ضربة لـ"محور المقاومة"
  • إيران.. قنوات اتصال مباشرة مع المعارضة السورية لتجنب التوتر الإقليمي
  • بعد انهيار نظام الأسد.. تفاصيل وأحداث متسارعة تغيّر المشهد السوري
  • إيران تكشف رد فعل الأسد على انهيار الجيش السوري