كيف استطاعت الفصائل المسلحة في سوريا العودة ؟
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
باحث في معهد الأمن العالمي والقومي بجامعة جنوب فلوريدا يحلل العوامل المتداخلة التي أسهمت في هذا التغيير الميداني
محموديان: هذا التطور ليس خارج نطاق التوقعات وأنها ليست غير متوقعة ولا غير مسبوقة في الواقع
شهدت سوريا مؤخرًا مكاسب مفاجئة للفصائل المسلحة، أبرزها سيطرة هيئة تحرير الشام على مناطق في حلب، مما أثار تساؤلات حول أسباب هذا التطور ودلالاته على مستقبل الصراع.
ويحلل الدكتور أرمان محموديان، باحث في معهد الأمن العالمي والقومي بجامعة جنوب فلوريدا، في مقال بمجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، العوامل المتداخلة التي أسهمت في هذا التغيير الميداني.
يرى محموديان أن هذا التطور، وإن بدا مفاجئًا، فإنه ليس خارج نطاق التوقعات، وإنها ليست غير متوقعة ولا غير مسبوقة في الواقع، كانت تلوح في الأفق منذ فترة طويلة"، ونتاج عوامل تراكمت على مر السنين ومنها:
أولا: ضعف الجيش السوري:كافح الجيش السوري للسيطرة على حرب أهلية لأكثر من عقد من الزمان، فأدت إلى تراجع قدراته العسكرية ومعنوياته، ورغم استعادة بعض التوازن منذ 2018، لم يتسن للجيش السوري فرصة التعافي بشكل كامل، مما أضعفه أمام التطورات الأخيرة.
ويرى الكاتب أن وجود ونشاط القوى الخارجية وإنشاء القواعد العسكرية وأساليب فرض السيطرة في جميع أنحاء البلاد أثر على معنويات قوات الجيش السوري.
بالإضافة إلى ذلك، قد ساهم الاستهداف المستمر للبنية التحتية العسكرية السورية من قبل الغارات الجوية الإسرائيلية على مدى السنوات الماضية في تفاقم هذا الضعف.
ثانيًا: الإجهاد الروسي في أوكرانيا:شدد محموديان على تأثير "الإرهاق الأوكراني" على روسيا، مبينا أن تركيز روسيا الكامل تقريبًا على الحرب في أوكرانيا، والإجهاد الناجم عن حربها المطولة بها، أدى إلى تراجع دعمها العسكري لسوريا بشكلٍ كبير.
فعندما أعلنت روسيا دعمها للأسد في عام 2015، لعبت دورًا محوريًا في استعادة سلامة البلاد، وكانت الضربات الجوية الروسية حاسمة في تحويل ميزان الحرب الأهلية، مما سمح للحكومة السورية، بدعم من القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية المتحالفة معها، بامتلاك اليد العليا.
وقد قلّت الضربات الجوية الروسية، وتم إعادة نشر الكثير من القوات الروسية النخبة في أوكرانيا، مما أثر سلبا على معنويات الجيش السوري وشجع الفصائل المسلحة على التحرك.
ثالثًا: تراجع دعم "محور المقاومة":شهد "محور المقاومة" تغيرات كبيرة، فقد أثّر الصراع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله سلبًا على قدرة حزب الله على دعم سوريا، حيث أُجبر على إعادة توجيه موارده نحو لبنان.
كما أدت الخسائر الفادحة التي تكبدها حزب الله في الصراع مع إسرائيل إلى إضعاف قدراته العسكرية.
رابعًا: التحديات الداخلية في سوريا:يعاني النظام السوري من مشاكل اقتصادية شديدة ومعاناة واسعة النطاق في إمدادات الخدمات الأساسية، كالكهرباء، مما يزيد من استياء الجمهور ويهدد باستقرار الأوضاع داخليًا.
فمنذ عام 2018، تمكن الأسد من استعادة السيطرة على ما يقرب من 70% من البلاد، ومع ذلك، كافح للحفاظ على السيطرة على المناطق النائية.
وتستمر سوريا في مواجهة تحديات اقتصادية شديدة، ولم تتمكن الحكومة من توفير حتى الخدمات الأساسية مثل إمدادات الطاقة.
فرص بقاء الأسدرغم هذه التحديات، يشير محموديان أنه لم يزل لدى الأسد مسارات للبقاء، بجانب بعض المسارات التي قد تسمح له بالبقاء في السلطة، منها:
الحفاظ على السيطرة على المؤسسات السياسية في دمشق، وإبطاء تقدم الفصائل المسلحة مؤقتا لإتاحة الوقت لإيران وروسيا للدعم، والتنسيق مع تركيا لتجنب انهيار كامل للحكومة السورية.
وتشكل عوامل مثل حذر تركيا من هيئة تحرير الشام (التي كانت مرتبطة سابقا بتنظيم القاعدة الإرهابي)، والمخاوف بشأن المسار المستقبلي للجماعة، وإمكانية استغلال الأكراد السوريين لأي فوضى قد تنجم عن ذلك، عناصر قد تدفع أنقرة نحو تفضيل أهداف محدودة ومستوى معين من خفض التصعيد قريبًا.
وبالتالي، فإن التعاون بين هؤلاء اللاعبين الرئيسين قد يكون بمنزلة شريان حياة لحكومة الأسد، وهو يتنقل عبر المخاطر التي يواجهها.
ويبقى مستقبل سوريا رهنا بتطورات الأوضاع الإقليمية وتفاعل الأطراف المؤثرة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سوريا هيئة تحرير الشام الجيش السوري أوكرانيا الأسد إسرائيل حزب الله الجیش السوری
إقرأ أيضاً:
عاجل - الفصائل المسلحة تحرق قبر الرئيس السوري السابق حافظ الأسد بمدينة القرداحة في محافظة اللاذقية
في تطور لافت، تداول ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم الأربعاء 11 ديسمبر 2024، مقطع فيديو يُظهر قيام عناصر مسلحة بإشعال النيران في قبر الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، في محافظة اللاذقية شمال غربي البلاد. هذه الحادثة تأتي بعد أيام قليلة من سقوط نظام بشار الأسد، وإعلان السيطرة على دمشق من قبل الفصائل المعارضة.
الحادثة في بلدة القرداحةقبر حافظ الأسد، الذي يقع في مسقط رأسه في بلدة القرداحة في محافظة اللاذقية، كان هدفًا لعملية حرق من قبل المسلحين. الضريح العائلي الذي يضم قبر الرئيس الراحل حافظ الأسد، بالإضافة إلى قبور أفراد آخرين من العائلة، من بينهم باسل الأسد، ابن حافظ، يعد واحدًا من أبرز المواقع الرمزية لعائلة الأسد. يُعتبر هذا الضريح مركزًا لزيارة مؤيدي النظام السوري الذين يضعون إكليلًا من الزهور تقديرًا لإرث العائلة الحاكمة.
في الفيديو المتداول، تظهر النيران التي أُشعلت حول القبر، في خطوة وصفها البعض بأنها تعبير رمزي عن سقوط النظام ورفض لهيمنة عائلة الأسد على البلاد لعقود. وُصفت الحادثة في بعض التعليقات بأنها "نار الأرض ونار جهنم"، في إشارة إلى الانتقام من النظام الذي حكم سوريا بقبضة من حديد.
التحولات الميدانية والسياسيةجاءت هذه الحادثة بعد أربعة أيام من سقوط نظام بشار الأسد، في وقت حساس ومفصلي في تاريخ سوريا. وفي وقتٍ مشابه، التقى وفد من قوات المعارضة في المنطقة العلوية، وهي معقل النظام السوري، مع شيوخ العشائر في القرداحة، حيث حصلوا على دعمهم للمضي قدمًا في تغيير السلطة الحاكمة. هذا اللقاء يشير إلى أن المعارضة تسعى لاستغلال الفوضى السياسية التي تلت سقوط النظام لتوطيد علاقاتها مع فئات واسعة من الشعب السوري، خاصة من مناطق كانت تدين بالولاء لعائلة الأسد.
إزالة تمثال حافظ الأسدفي خطوة أخرى، كشف السكان المحليون في القرداحة عن إزالة تمثال حافظ الأسد، والد بشار، قبل وصول وفد قوات المعارضة. هذا العمل يُعد من أبرز الرموز التي تشير إلى تحول مفصلي في الوعي الشعبي، حيث يُعتبر التمثال رمزًا لسلطة عائلة الأسد التي حكمت سوريا لأكثر من خمسة عقود. من خلال هذه الإجراءات، يحاول السكان المحليون والفصائل المعارضة إرسال رسالة قوية مفادها أنهم يتجهون نحو بناء سوريا جديدة خالية من رموز النظام السابق.
الحادثة وتأثيراتهارسالة للمتابعين: النهاية الحتمية للنظامإن حرق قبر حافظ الأسد وإزالة تمثال والفعاليات السياسية الأخرى تعكس تبدل المزاج العام في سوريا بعد سقوط النظام. فهي تمثل خطوة رمزية قوية من الفصائل المعارضة التي تهدف إلى القضاء على كل ما يرمز إلى عائلة الأسد، بما في ذلك الرموز الثقافية والسياسية التي تمثل حكمها الاستبدادي. كما يظهر أن الفصائل المسلحة تستغل حالة الضعف في سوريا بعد تفكك السلطة المركزية لتوسيع نفوذها السياسي.
آثار على المستقبل السياسيالحادثة قد تكون بداية لموجة جديدة من العنف والصراع، حيث يسعى كل طرف إلى فرض سيطرته على الأرض. فمن جهة، الفصائل المعارضة تسعى إلى تعزيز مكانتها على حساب النظام البائد، ومن جهة أخرى، قد يُشكل دعم العشائر في مناطق القرداحة دافعًا لبقية المناطق العلوية لاتباع نهج مماثل.
إن هذا التغيير في المشهد السوري يعكس المدى الذي وصلت إليه الخصومات الطائفية والميدانية، وهو ما سيزيد من تعقيد الحلول السياسية والتوصل إلى تسوية سلمية في المستقبل.
خاتمةحرق قبر حافظ الأسد في القرداحة وإزالة تمثاله يشيران إلى بداية مرحلة جديدة في سوريا بعد سقوط النظام. هذه الحادثة تمثل تحولًا عميقًا في الصراع السوري الذي استمر لسنوات، وتركز الضوء على المستقبل المجهول للبلاد في ظل انقسامها بين مختلف القوى الفاعلة على الأرض.