سياسة متأرجحة.. علاقة متوترة بين ماكرون ونتنياهو وسط أزمات الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على شاشات الإعلام الفرنسي موجّها خطابه إلى الشعب الفرنسي، في خطوة وصفها البعض بأنها محاولة لإعادة صياغة صورته وسط تصاعد الانتقادات الدولية ضده.
استغل نتنياهو اللقاء لإبراز ما وصفه بـ”خطر الإرهاب الإسلامي” الذي يهدد فرنسا وإسرائيل، معتبرًا أن الانتقادات القانونية الموجهة إليه لا تستهدف شخصه فقط بل إسرائيل ككل.
ظهر بنيامين نتنياهو على قناة TF1 الفرنسية نهاية مايو الماضي في أول ظهور إعلامي له في فرنسا منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023.
حرص نتنياهو على توظيف اللقاء لتبرير سياساته العدوانية ضد غزة ولبنان، مركزًا على ما سماه “الإرهاب الإسلامي” الذي يهدد فرنسا وإسرائيل معًا.
برر نتنياهو الحصار على غزة مدعيًا أن إسرائيل تبذل “جهودًا إنسانية”، وقلل من أهمية الانتقادات الدولية ضده واعتبرها استهدافًا لدولة إسرائيل وليس لشخصه.
تزامن ظهوره مع احتجاجات أمام مقر القناة الفرنسية، حيث تجمع المئات للتنديد بمنح نتنياهو منصة إعلامية وسط تصاعد الغضب العالمي ضد سياساته.
الجنائية الدولية تصدر مذكرة اعتقالفي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
أعلنت فرنسا التزامها بالقانون الدولي بحكم عضويتها في نظام روما الأساسي، لكنها عادت لتؤكد أن نتنياهو يتمتع بالحصانة بسبب عدم عضوية إسرائيل في المحكمة.
وضعت مذكرة الاعتقال باريس في موقف حساس بين الالتزام بالقانون الدولي وعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل.
ماكرون ينتقد نتنياهوانتقد إيمانويل ماكرون نتنياهو بشكل علني خلال مؤتمر لدعم لبنان في أكتوبر، واصفًا الحرب على غزة بأنها “نشر للهمجية”.
وصف نتنياهو تصريحات ماكرون بأنها متحيزة، وذكّر بالدور الفرنسي التاريخي في نظام فيشي النازي، في هجوم مباشر على السياسة الفرنسية، وتعكس هذه التصريحات خروجًا عن الخطاب الغربي المعتاد الداعم لإسرائيل بلا تحفظ، ما أثار استياءً لدى الحكومة الإسرائيلية.
محاولات فرنسية لاستعادة الدور في الشرق الأوسطسعى ماكرون، منذ بداية الأزمة في غزة ولبنان، لاستعادة النفوذ الفرنسي في الشرق الأوسط من خلال سلسلة مبادرات.
اقترح ماكرون إنشاء تحالف دولي ضد حماس مشابه للتحالف ضد تنظيم الدولة، وأطلق جهودًا لوقف إطلاق النار وإرسال المساعدات الطبية لغزة.
نظم مؤتمرًا لجمع التبرعات لفلسطين، لكن النتائج كانت دون الطموحات، وقاطعت دول كبرى، بما فيها الولايات المتحدة، المؤتمرات التي نظمتها فرنسا، ما أظهر تراجعًا واضحًا في نفوذ باريس الإقليمي.
سياسة فرنسا تجاه إسرائيلتتميز السياسة الفرنسية تجاه إسرائيل بتباين تاريخي؛ فقد اتسمت في الماضي بمواقف أكثر توازنًا، لكنها تحولت إلى دعم شبه كامل لإسرائيل خلال العقود الأخيرة.
في عهد شارل ديغول، فرضت فرنسا حظرًا على تصدير الأسلحة لإسرائيل عقب حرب 1967، وتغيرت السياسة تدريجيًا مع وصول نيكولا ساركوزي ومن بعده فرانسوا هولاند، ليصبح الدعم الفرنسي لإسرائيل أكثر وضوحًا.
يحاول ماكرون التوفيق بين الدعم الإسرائيلي التقليدي والنقد السياسي لبعض سياسات تل أبيب، ما يجعله في حالة “شد حبال” دائم.
نتنياهو وماكرون وجهًا لوجهتجاوز التوتر بين نتنياهو وماكرون البُعد السياسي ليصل إلى العلاقة الشخصية بينهما.
يظهر نتنياهو كرجل سياسي يسعى لتحقيق أهدافه بأي وسيلة، بينما يحاول ماكرون الحفاظ على صورته كرئيس متوازن، لكنه لا يخفي طموحه الشخصي في لعب دور الزعيم العالمي.
انتقل الخلاف بين الرجلين من الغرف المغلقة إلى التصريحات العلنية، حيث لا يخفي أي منهما استياءه من سياسات الآخر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ارتكاب جرائم الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحصار على غزة الحرب على غزة السابع من أكتوبر الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المحكمة الجنائية الدولية بنيامين نتنياهو تصريحات ماكرون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي مانويل ماكرون محكمة الجنائية الدولية ضد حماس الإرهاب الإسلامي الاعلام الفرنسي
إقرأ أيضاً:
ثلاث رسائل رئيسية في زيارة ماكرون للبنان
كتب ميشال ابو نجم في" الشرق الاوسط": ثلاث رسائل أساسية يحملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القصيرة للبنان الجمعة، وهي الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما بعد حادثة تفجير المرفأ صيف عام 2020؛ وتتناول "سيادته على أراضيه، وإصلاحه اقتصاده لتوفير التنمية والازدهار، والمحافظة على وحدته".
تريد باريس أن تكون إلى جانب لبنان اليوم وغداً، كما كانت بالأمس، وهي تعتبر، وفق المصادر الرئاسية، أن لبنان "بلد أكبر من حجمه"، وأنه "يتحلى، في الشرق الأوسط اليوم، بقيم سياسية ورمزية واستراتيجية". وتعتبر هذه المصادر أن "انخراط فرنسا إلى جانب لبنان، اليوم، يمكن أن يتم في ظروف أفضل بعد انتخاب عون وتكليف سلام، وبسبب التطورات التي حصلت في الإقليم". وباختصار، تريد باريس أن "تساهم في بزوغ لبنان الجديد".
يحتل ملف «السيادة» الأولوية في المقاربة الفرنسية، التي تذكر مصادرها بما قامت وتقوم به باريس لمساعدة الجيش اللبناني، إن بالتجهيز أو بالتدريب، أو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقامة لجنة المراقبة.
وتركز فرنسا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بفرض الرقابة على حدودها، والسيطرة على كامل أراضيها، معتبرة أن ذلك يعد "جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ القرار 1701". وتضيف المصادر، المشار إليها، أن ثمة "فرصة للبنانيين لإظهار أنهم قادرون على ترميم سيادتهم". أما بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، فقد قالت المصادر الرئاسية إن باريس تريد أن يتم وفق البرنامج الموضوع له، داعية إسرائيل، و"حزب الله" أيضاً، إلى الالتزام به.
ثمة عنصر آخر أشار إليه قصر الإليزيه، في معرض العمل لسيادة لبنان، ويتمثل في تركيز وزير الخارجية الفرنسي، عند زيارته لدمشق ولقائه أحمد الشرع، على "ضرورة احترام السيادة اللبنانية، وفرض الرقابة على الحدود، ومنع التهريب، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها"؛ وهي المسائل نفسها التي تناولها ميقاتي في زيارته إلى سوريا مؤخراً.
تقيم باريس فاصلاً بين عودة السيادة وبين دعوة "حزب الله" للتحول إلى حزب سياسي مثل بقية الأحزاب العاملة في لبنان، وهي تدرج هذا التحول في إطار المحافظة على وحدة لبنان. وتقوم القراءة الفرنسية على اعتبار أن "حزب الله" فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، وخسر استراتيجياً بسبب سقوط نظام الأسد، ويصعب عليه اليوم التزود بالسلاح كما كان الحال في السابق.
وبالنظر لكل هذه التحولات، فقد ذكرت مصادر "الإليزيه" أن الرئيس ماكرون "شجع دوماً (حزب الله) على التحول إلى حزب سياسي، وأنه كان جزءاً من طاولة الحوار التي ترأسها ماكرون في عام 2020، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التخلي عن سلاحه، والدخول بشكل كامل في اللعبة السياسية" اللبنانية. وترى باريس أنه "بدلاً من ميزان القوى الذي كان سائداً في السابق، فإن المطلوب أن يدخل (حزب الله) في عقد سياسي حكومي، ما يمكن من عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي، ويحافظ على وحدة جميع اللبنانيين".
أما الرسالة الثالثة التي يحملها ماكرون، فعنوانها "رغبة باريس في الاستمرار في مواكبة اللبنانيين ومساعدتهم على القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة منهم"، التي تمر بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعد شرطاً لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني.
وتعتبر فرنسا أن لا مساعدات للبنان "من غير ترميم الثقة الدولية به"؛ الأمر الذي يحتاج إلى توفير الشفافية و«تنظيف» الاقتصاد. والأهم من ذلك، أن باريس التي تريد العمل من أجل إنهاض الاقتصاد اللبناني، تصر على إجراء الإصلاحات من أجل أن تكون قادرة على تعبئة الأسرة الدولية من أجل مساعدة لبنان. ولدى سؤالها عما إذا كانت فرنسا تحضر لمؤتمر دولي، على غرار الذي دعت إليه الخريف الماضي لدعم الجيش واللبنانيين، لم توفر إجابة واضحة، بل فهم أن فرنسا لن تتردد في القيام بكل مع هو مفيد من أجل مساعدة لبنان.
وأشارت المصادر الفرنسية، أكثر من مرة، إلى العمل المشترك الذي تقوم به باريس بالتشاور والتنسيق مع السعودية، وأيضاً مع الولايات المتحدة، بما في ذلك فريق العمل الذي سيصل إلى البيت الأبيض في «حقائب» دونالد ترمب، مؤكدة أن التشاور "مستمر" مع واشنطن، وأن الطرفين "توصلا إلى رؤية مشتركة" بالنسبة للبنان.