تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عندما تستمع إلى هذا الصوت العذب الذى يغرد فى السماء عند طلوع الفجر تجد نفسك تحلق فى عالم الخيال يجذبك إليها صوت الكروان الذى يأخذك إلى أرض الأساطير والغموض والأسرار وحكايات الحب والغرام وعندها تجد كروان طه حسين يحلق فى السماء يبحث عن تلك الأرواح الهائمة التى تتهامس معه لتسطر قصصا عن العشق والغرام.

هنا فى هذه الأرض الذهبية التى تشع شموخا وعزة ويفوح منها عبق التاريخ.. هنا فى تونا الجبل تلك المنطقة الساحرة التى شهدت أول قصة حب فى التاريخ وهى قصة ايزادروا التى عشقها عميد الأدب العربى طه حسين وكان يزور ضريحها كل يوم، تلك الفتاة اليونانية ابنة السابعة عشرة من العمر والتى ماتت غرقا فى النيل وقدسها الإغريق والمصريين لموتها فى النيل العظيم، وأطلق عليها طه حسين لقب شهيدة الحب وكان حريصا على سماع أبيات الشعر الحزين أو الرثاء والتى تركها والد ايزادورا على باب ضريحها وكان يشعل لها الشموع ويترك الورود والبخور فى قبر ايزادورا كما أوصى والدها.

وكان الدكتور طه حسين بعد عودته من أوروبا وتوليه منصب عميد كلية الآداب قرر أن يذهب إلى تونا الجبل وهناك أقام له صديقه الدكتور الأثرى سامى جبره، استراحته الخاصة به التى كان يأتيها فى فصل الشتاء ويسكن فيها مع زوجته ومرافقه وسائقه فقط وكان لوجود عميد الادب العربى فى تلك المنطقة أثرا كبيرا فى العديد من الاكتشافات، وظهور المنطقه امام العالم، وجعلها قبله للجميع من الكتاب والادباء والمثقفين، والسياسيين، حتى تحولت المنطقة إلى منارة ثقافية، ولدت فيها الكثير من الاعمال وكتبت فيها الكثير من الروايات وشهدت هذه المنطقة ميلاد رواية دعاء الكروان التى ألهمه فى كتابتها صوت الكروان وضريح شهيدة الحب ايزادورا.. وكما استقبلت المنطقة السياسيين والادباء والرؤساء، فقد استقبلت أيضًا أبطال فيلم دعاء الكروان وفى مقدمتهم هنرى بركات وفاتن حمامة وأحمد مظهر وقد تم تصوير مشاهد من الفيلم فى استراحة الدكتور طه حسين.

وهناك استطاع أن يحول الرمال الصفراء إلى منارة للثقافة والفن، وقبلة للزائرين من كبار الدولة وكان سببًا فى الجذب السياحى من مختلف بقاع الأرض، فهناك توجد ايزادورا شهيدة الحب، والساقية الرومانية والسراديب وغيرها من تاريخ جميل تحمله تلك المنطقة.

وفى مذكرات الدكتور سامى جبره، انه عندما كان يتردد الدكتور طه حسين إلى تونا الجبل كثيرا، وجدت ان يكون له المكان الخاص به، فكان إنشاء استراحة الدكتور طه حسين فى عام ١٩٣٥/١٩٣٦ وتتكون من طابقين الدور الاول مكتبة خاصة للدكتور طه حسين وغرفة متسعة والطابق الثانى غرفتين وصالة للمعيشة، وقد جرت بعض الترميمات على الاستراحة مؤخرا، وكان يأتى إليها برفقة زوجته ومرافقه والسائق وكانت تلك الاستراحه تشبه الصالون الثقافى ويلتقى فيها عميد الادب العربى العمال وتقام بها الحفلات الليلية مع عمال الحفائر، كما استقبل فيها العقاد وملوك ووزراء وسفراء ورؤساء وسياسيين أجانب ومصريين.

 كما استقبلت الاستراحة أبطال فيلم دعاء الكروان التى كتبها الدكتور طه حسين بها، وكان السبب فى تلك الرواية هو صوت الكروان الذى كان يسمعه عميد الادب العربى كل يوم وهو جالس فى شرفة الاستراحة كما كان الدكتور طه حسين كان دائما يلتقى بالعمال ويجلس معهم، ويقيم لهم حفلات السمر الليلية، وكان ذلك بمثابة واجب دائم، وذلك لان الدكتور طه حسين كان قريبا من العمال ويجلس معهم ويسمع منهم، ويقيم لهم حفلات بسيطه للفن الشعبى والتحطيب ويقدم لهم حفل عشاء فى فناء استراحته.

لم يكن تأثير الدكتور طه حسين على المنطقة قاصرا على الادب فقط بل كان له اثر كبير فى العديد من الاكتشافات من خلال بعثة جامعة القاهرة، والتى عهدت إلى الدكتور سامى جبره ببدء حفائر منطقة تونا الجبل فى فبراير ١٩٣١، وفى ذلك الوقت اعتمدت الجامعة مبلغ مالى بموافقة عميد الادب العربى وعميد كلية الآداب وقتها الدكتور طه حسين. 

وكان لتواجد عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فى منطقة تونا الجبل أكبر الأثر فى إحياء المنطقة، حيث بدأت أعمال الحفائر فيها لتكون بادرة الاكتشافات الأثرية الخالدة.

ويعتبر منزل المهندس الذى يعد من أشهر البيوت فى السينما المصرية، هو استراحة الأديب طه حسين فى قرية "تونا الجبل" بمحافظة المنيا حيث دخل فيلم "دعاء الكروان" ضمن قائمة أفضل ١٠٠ فيلم فى تاريخ السينما المصرية، وهو من بطولة: فاتن حمامة، أحمد مظهر، امينة رزق، زهرة العلا، ميمى شكيب، ومن إخراج هنرى بركات

«أول قصة حب فى التاريخ».. حكاية العاشقة "إيزادورا" فى تونا الجبل

وذكر عن الدكتور طه حسين انه كان حريصا خلال فترة تواجده بالاستراحة على تقديم الشموع لإيزادورا والذى كان أول من أطلق عليها شهيدة الحب حيث تعد "إيزادورا وحابي" أصحاب أقدم قصة حب منذ ٢٠٠٠ عام ومدونة على مقبرة "إيزادورا" هناك، تقول القصة إن إيزادورا ابنة أسرة إغريقية كانت تعيش فى مدينة الشيخ عبادة حاليًا، وكان أبوها حاكما للإقليم المعروف حاليًا بمحافظة المنيا، وكان قصره الكبير موجودًا فى مدينه أنتنيوبولس، حيث يطل على النيل والحقول الخضراء، وقد وقعت فى عشق الضابط المصرى حابى الذى كان يعيش على الجانب الغربى من النيل فى مدينة الأشمونين حاليًا، وماتت غريقه وقام أهلها بكتابة أشعار عنها باللغة اليونانية لا أحد يعرف سببا وفاة إيزادورا حتى الآن، فمنهم من يرجعها أنها ذهبت لحبيبها فى قارب؛ كى تقابله على الضفة الغربية من النيل، إلا أنها غرقت، ومنهم من يؤكد أنها انتحرت حزنا على فراقه وإصرار والدها على رفض هذا الحب، إلا أنه من المتعارف عليه تاريخيا أن والدها صمم على كتابة قصتها التى اكتشفها سامى جبرة بين أعوام ١٩٣٢- ١٩٣٥م، وهى النصوص التى جعلت عميد الأدب العربى يتأثر بها فيجعل استراحته بالمنيا بالقرب منها، ويقوم بإضاءة شمعة فى مقبرتها ويحرق البخور مع صديقه سامى جبرة قائلا قولته الشهيرة "أن نسير لها أمتارًا ونسرج لها أنوارًا". 

وتم تحنيط جثتها وعمل مقبرة جميلة لها بمنطقة تونا الجبل، وتقع حاليا على بعد أمتار قليلة من استراحة طه حسين وعندما علم عميد الأدب العربى طه حسين بقصتها بنى استراحة بمنطقة تونا الجبل بجوارها مقبرتها وكتب لها رواية كبيرة تحمل اسم «إيزادورا شهيدة الحب»، وكان كل يوم أثناء إقامته يوقد لها شمعة مثلما كان يفعل حبيبها حابى بل كتب فى هذه الاستراحة روايته الشهيرة دعاء الكروان.

وتظل «تونا الجبل» مدينة الخيال والجمال والأساطير والتى تضم معالم متباينة صعب أن يجمعها مكان واحد، فهى تضم مقبرة «شهيدة الحب» ايزادورا، التى تشبه قصتها ألف ليلة وليلة و«الساقية الرومانية»، وسراديب الغموض «جبانة الأرواح السامية».

أكد د.أحمد فاروق الجهمى عميد كلية الآداب الأسبق أن مشروع إعادة وترميم استراحة مركز البحوث والدراسات الأثرية كلية الآداب جامعة المنيا "استراحة طه حسين" من المشروعات الهامة التى قامت بها كلية الآداب جامعة المنيا حيث إنه فى عام ٢٠١٧ بعد موافقة مجلس إدارة مركز البحوث والدراسات الأثرية برئاسة د. جمال الدين أبو المجد رئيس الجامعة وقتها وعضوية كل من أ.د محمد جلال حسن نائب رئيس الجامعة لشئون خدمه المجتمع ود.أحمد فاروق الجهمى عميد كلية الآداب ود. حسن سند عميد كلية السياحة والفنادق ود. سامى أبو طالب عميد كلية الفنون الجميلة عام ٢٠١٧ ود.جمال صفوت سيد مدير المركز على بدء مشروع الحفائر الأثرية بالموقع المخصص للجامعة بتونا الجبل. 

قام مجلس الإدارة بزيارة الاستراحة فى شهر يونيو ٢٠١٧ والوقوف على آخر المستجدات وقد كلف رئيس الجامعة د. أحمد فاروق الجهمى عميد كلية الآداب بالإشراف على مراحل التطوير والذى بذل جهودا كبيرة فى هذا الشأن حيث تابع مع مدير المركز مراحل التطوير والتجديد وقام بتخصيص مبلغ ٦٠ ألف جنيه لتدعيم رصيد المركز والصرف على عملية التجديد وخلال شهر سبتمبر تم الانتهاء من كافة عمليات التجديد والتطوير للاستراحة. 

وخلال شهر فبراير من العام التالى ٢٠١٨ قامت أول بعثة أثرية من جامعة المنيا بالعمل بمنطقة حفائر تونا الجبل وأسفر العام الأول للحفائر عن اكتشاف خبيئة كاملة للمومياوات زادت على الـ٦٠ تابوتًا وقطعه ذهبية من إكليل على شكل تاج.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: تونا الجبل طه حسين أعمال طه حسين عمید الادب العربى عمید الأدب العربى عمید کلیة الآداب الدکتور طه حسین تونا الجبل

إقرأ أيضاً:

"الجبل" بالفجيرة تنوع ثقافي وإبداعي

افتتحت أمس الأول الدورة الرابعة من مهرجان الجبل الثقافي الذي نظمته جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية في استراحة الجبل بمدينة دبا الفجيرة، بحضور الشيخ أحمد بن حمد بن سيف الشرقي.

أقيم المهرجان تحت شعار "حوار الإنسان والطبيعة"، وأكد الدكتور حمد البقيشي، حرص الجمعية على تعزيز مكانة الفجيرة كوجهة ثقافية بارزة على الصعيدين العربي والدولي، وإظهار التنوع الثقافي والحضاري الذي تتمتع به الإمارة.
واستهل الحفل بتكريم شخصية المهرجان، الكاتب والإعلامي مراد عبدالله البلوشي تقديراً لمسيرته الإبداعية واحتفاءً بتجربته الرائدة في مجالي الثقافة والإعلام، عقب ذلك تم تكريم "نادي الكتاب بالإمارات" الذي حل ضيف شرف على المهرجان، وتسلم درع التكريم عبدالله الظنحاني العضو المؤسس للنادي، حيث عبر في كلمته عن امتنانه لهذا الاحتفاء والتقدير من قبل إدارة المهرجان للنادي الذي يحتفي اليوم بمرور 10 سنوات على تأسيسه.
كما تم تكريم نخبة من المثقفين والمشتغلين بالثقافة والتراث.
وتضمنت فعاليات المهرجان، استعراضات تراثية قدمتها فرقة دبا الحربية، أعقبتها جلسة "فن وطرب" أحياها الفنان هزاع الظنحاني، تلتها قراءات شعرية بعنوان "بوح الجبل"، شارك فيها الشعراء: هبة شريقي، سعيد بن سبيل الظنحاني، عبدالعزيز باروت، عائشة بن دوستين "صوغة"، وأدارها الشاعر محمد خميس السويدي.
وقدم المهرجان مساحة لمناقشات إثرائية بعنوان "الجبل والمبدع التأثر والتأثير" بمشاركة الكاتب والباحث جميع الظنحاني والكاتب علي سعيد الطنيجي، وأدارتها الكاتبة موزة الزيودي، وتناولت علاقة المبدع بالطبيعة ومدى تأثره وتأثيره بمحيطه البيئي.
واشتمل كذلك على زاوية للفنون التشكيلية والخط العربي بمشاركة الفنانة التشكيلية بسمة الظنحاني، وركناً للكتب احتوى على عدد من إصدارات مكتبة جمعية الفجيرة الثقافية، كما شهد توقيع كتاب "الأخلاق الفاضلة" للكاتب حمد الزحمي، إضافة إلى تنظيم معرض للتراث الإماراتي بالتعاون مع مركز غرس للتمكين الاجتماعي بإشراف المهندسة فاطمة الحنطوبي المدير التنفيذي للاستدامة بالجمعية.
في ختام المهرجان، قرأت الدكتورة فاخرة بن داغر البلوشي نائب رئيس جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية نص "وثيقة الجبل الثقافية" التي تمثل رسالة المشاركين في مهرجان الجبل الثقافي، وهي الالتزام الواعي بأهمّية الثقافة المستدامة، وبدورها الجوهريّ في بناء وعي الأجيال وتشكيله، وتحفيزها على الإبداع والمشاركة في إنجاز تنمية شاملة ومستدامة مرتبطة بالثقافة المجتمعيّة، والانخراط الإيجابيّ في الحقول والأنشطة الثقافيّة المتنوعة.
وعبر رئيس "الفجيرة الثقافية" الدكتور الخبير خالد الظنحاني، عن سعادته بنجاح المهرجان الذي تم في أحضان الطبيعة الجبلية بتفاصيلها الساحرة، وهو ما يعزز علاقة المبدع بالمكان وجمالياته، وخصوصاً المشهد الجبلي بكل رمزياته، وكل ما يمنحه من أفكار وخيالات، مؤكداً أن المهرجان يلعب دوراً حيوياً في تعزيز الحراك الثقافي في الدولة والإمارة، ويسهم في تعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على التراث الوطني، كما يعزز التواصل بين الأجيال المختلفة.

مقالات مشابهة

  • أسما إبراهيم: شخص قريب مني لعب في دماغي وكان سبب طلاقي
  • خبيرة كوارث: بناء غزة ليس مستحيلا إذا سمحت إسرائيل وكان لدى بقية العالم الإرادة
  • سقط من مكان مرتفع أثناء العمل.. رحيل عميد الخط العربي في العراق
  • منحوتة في الجبل ومقر للاحتفال بالأعياد| أسرار عن مقابر بني حسن الفرعونية.. شاهد
  • صيد نادر في بحر صور.. سمكة تونا يتهافت عليها المواطنون (صورة)
  • عميد كلية أصول الدين: وسطية الأمة هي السبب في انجذاب الكثيرين إلى الإسلام
  • زعفران عمان يحصد 6 كيلوجرامات في الموسم الأول بالجبل الأخضر
  • مقتل شاب يمني على يد الشرطة الأمريكية
  • "الجبل" بالفجيرة تنوع ثقافي وإبداعي
  • تعيين الدكتور حسين رشاد مديرا عاما لمحميات مصر الشمالية