تونا الجبل.. أرض الذهب والحكايات التاريخية واستراحة طه حسين
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عندما تستمع إلى هذا الصوت العذب الذى يغرد فى السماء عند طلوع الفجر تجد نفسك تحلق فى عالم الخيال يجذبك إليها صوت الكروان الذى يأخذك إلى أرض الأساطير والغموض والأسرار وحكايات الحب والغرام وعندها تجد كروان طه حسين يحلق فى السماء يبحث عن تلك الأرواح الهائمة التى تتهامس معه لتسطر قصصا عن العشق والغرام.
هنا فى هذه الأرض الذهبية التى تشع شموخا وعزة ويفوح منها عبق التاريخ.. هنا فى تونا الجبل تلك المنطقة الساحرة التى شهدت أول قصة حب فى التاريخ وهى قصة ايزادروا التى عشقها عميد الأدب العربى طه حسين وكان يزور ضريحها كل يوم، تلك الفتاة اليونانية ابنة السابعة عشرة من العمر والتى ماتت غرقا فى النيل وقدسها الإغريق والمصريين لموتها فى النيل العظيم، وأطلق عليها طه حسين لقب شهيدة الحب وكان حريصا على سماع أبيات الشعر الحزين أو الرثاء والتى تركها والد ايزادورا على باب ضريحها وكان يشعل لها الشموع ويترك الورود والبخور فى قبر ايزادورا كما أوصى والدها.
وكان الدكتور طه حسين بعد عودته من أوروبا وتوليه منصب عميد كلية الآداب قرر أن يذهب إلى تونا الجبل وهناك أقام له صديقه الدكتور الأثرى سامى جبره، استراحته الخاصة به التى كان يأتيها فى فصل الشتاء ويسكن فيها مع زوجته ومرافقه وسائقه فقط وكان لوجود عميد الادب العربى فى تلك المنطقة أثرا كبيرا فى العديد من الاكتشافات، وظهور المنطقه امام العالم، وجعلها قبله للجميع من الكتاب والادباء والمثقفين، والسياسيين، حتى تحولت المنطقة إلى منارة ثقافية، ولدت فيها الكثير من الاعمال وكتبت فيها الكثير من الروايات وشهدت هذه المنطقة ميلاد رواية دعاء الكروان التى ألهمه فى كتابتها صوت الكروان وضريح شهيدة الحب ايزادورا.. وكما استقبلت المنطقة السياسيين والادباء والرؤساء، فقد استقبلت أيضًا أبطال فيلم دعاء الكروان وفى مقدمتهم هنرى بركات وفاتن حمامة وأحمد مظهر وقد تم تصوير مشاهد من الفيلم فى استراحة الدكتور طه حسين.
وهناك استطاع أن يحول الرمال الصفراء إلى منارة للثقافة والفن، وقبلة للزائرين من كبار الدولة وكان سببًا فى الجذب السياحى من مختلف بقاع الأرض، فهناك توجد ايزادورا شهيدة الحب، والساقية الرومانية والسراديب وغيرها من تاريخ جميل تحمله تلك المنطقة.
وفى مذكرات الدكتور سامى جبره، انه عندما كان يتردد الدكتور طه حسين إلى تونا الجبل كثيرا، وجدت ان يكون له المكان الخاص به، فكان إنشاء استراحة الدكتور طه حسين فى عام ١٩٣٥/١٩٣٦ وتتكون من طابقين الدور الاول مكتبة خاصة للدكتور طه حسين وغرفة متسعة والطابق الثانى غرفتين وصالة للمعيشة، وقد جرت بعض الترميمات على الاستراحة مؤخرا، وكان يأتى إليها برفقة زوجته ومرافقه والسائق وكانت تلك الاستراحه تشبه الصالون الثقافى ويلتقى فيها عميد الادب العربى العمال وتقام بها الحفلات الليلية مع عمال الحفائر، كما استقبل فيها العقاد وملوك ووزراء وسفراء ورؤساء وسياسيين أجانب ومصريين.
كما استقبلت الاستراحة أبطال فيلم دعاء الكروان التى كتبها الدكتور طه حسين بها، وكان السبب فى تلك الرواية هو صوت الكروان الذى كان يسمعه عميد الادب العربى كل يوم وهو جالس فى شرفة الاستراحة كما كان الدكتور طه حسين كان دائما يلتقى بالعمال ويجلس معهم، ويقيم لهم حفلات السمر الليلية، وكان ذلك بمثابة واجب دائم، وذلك لان الدكتور طه حسين كان قريبا من العمال ويجلس معهم ويسمع منهم، ويقيم لهم حفلات بسيطه للفن الشعبى والتحطيب ويقدم لهم حفل عشاء فى فناء استراحته.
لم يكن تأثير الدكتور طه حسين على المنطقة قاصرا على الادب فقط بل كان له اثر كبير فى العديد من الاكتشافات من خلال بعثة جامعة القاهرة، والتى عهدت إلى الدكتور سامى جبره ببدء حفائر منطقة تونا الجبل فى فبراير ١٩٣١، وفى ذلك الوقت اعتمدت الجامعة مبلغ مالى بموافقة عميد الادب العربى وعميد كلية الآداب وقتها الدكتور طه حسين.
وكان لتواجد عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فى منطقة تونا الجبل أكبر الأثر فى إحياء المنطقة، حيث بدأت أعمال الحفائر فيها لتكون بادرة الاكتشافات الأثرية الخالدة.
ويعتبر منزل المهندس الذى يعد من أشهر البيوت فى السينما المصرية، هو استراحة الأديب طه حسين فى قرية "تونا الجبل" بمحافظة المنيا حيث دخل فيلم "دعاء الكروان" ضمن قائمة أفضل ١٠٠ فيلم فى تاريخ السينما المصرية، وهو من بطولة: فاتن حمامة، أحمد مظهر، امينة رزق، زهرة العلا، ميمى شكيب، ومن إخراج هنرى بركات
«أول قصة حب فى التاريخ».. حكاية العاشقة "إيزادورا" فى تونا الجبل
وذكر عن الدكتور طه حسين انه كان حريصا خلال فترة تواجده بالاستراحة على تقديم الشموع لإيزادورا والذى كان أول من أطلق عليها شهيدة الحب حيث تعد "إيزادورا وحابي" أصحاب أقدم قصة حب منذ ٢٠٠٠ عام ومدونة على مقبرة "إيزادورا" هناك، تقول القصة إن إيزادورا ابنة أسرة إغريقية كانت تعيش فى مدينة الشيخ عبادة حاليًا، وكان أبوها حاكما للإقليم المعروف حاليًا بمحافظة المنيا، وكان قصره الكبير موجودًا فى مدينه أنتنيوبولس، حيث يطل على النيل والحقول الخضراء، وقد وقعت فى عشق الضابط المصرى حابى الذى كان يعيش على الجانب الغربى من النيل فى مدينة الأشمونين حاليًا، وماتت غريقه وقام أهلها بكتابة أشعار عنها باللغة اليونانية لا أحد يعرف سببا وفاة إيزادورا حتى الآن، فمنهم من يرجعها أنها ذهبت لحبيبها فى قارب؛ كى تقابله على الضفة الغربية من النيل، إلا أنها غرقت، ومنهم من يؤكد أنها انتحرت حزنا على فراقه وإصرار والدها على رفض هذا الحب، إلا أنه من المتعارف عليه تاريخيا أن والدها صمم على كتابة قصتها التى اكتشفها سامى جبرة بين أعوام ١٩٣٢- ١٩٣٥م، وهى النصوص التى جعلت عميد الأدب العربى يتأثر بها فيجعل استراحته بالمنيا بالقرب منها، ويقوم بإضاءة شمعة فى مقبرتها ويحرق البخور مع صديقه سامى جبرة قائلا قولته الشهيرة "أن نسير لها أمتارًا ونسرج لها أنوارًا".
وتم تحنيط جثتها وعمل مقبرة جميلة لها بمنطقة تونا الجبل، وتقع حاليا على بعد أمتار قليلة من استراحة طه حسين وعندما علم عميد الأدب العربى طه حسين بقصتها بنى استراحة بمنطقة تونا الجبل بجوارها مقبرتها وكتب لها رواية كبيرة تحمل اسم «إيزادورا شهيدة الحب»، وكان كل يوم أثناء إقامته يوقد لها شمعة مثلما كان يفعل حبيبها حابى بل كتب فى هذه الاستراحة روايته الشهيرة دعاء الكروان.
وتظل «تونا الجبل» مدينة الخيال والجمال والأساطير والتى تضم معالم متباينة صعب أن يجمعها مكان واحد، فهى تضم مقبرة «شهيدة الحب» ايزادورا، التى تشبه قصتها ألف ليلة وليلة و«الساقية الرومانية»، وسراديب الغموض «جبانة الأرواح السامية».
أكد د.أحمد فاروق الجهمى عميد كلية الآداب الأسبق أن مشروع إعادة وترميم استراحة مركز البحوث والدراسات الأثرية كلية الآداب جامعة المنيا "استراحة طه حسين" من المشروعات الهامة التى قامت بها كلية الآداب جامعة المنيا حيث إنه فى عام ٢٠١٧ بعد موافقة مجلس إدارة مركز البحوث والدراسات الأثرية برئاسة د. جمال الدين أبو المجد رئيس الجامعة وقتها وعضوية كل من أ.د محمد جلال حسن نائب رئيس الجامعة لشئون خدمه المجتمع ود.أحمد فاروق الجهمى عميد كلية الآداب ود. حسن سند عميد كلية السياحة والفنادق ود. سامى أبو طالب عميد كلية الفنون الجميلة عام ٢٠١٧ ود.جمال صفوت سيد مدير المركز على بدء مشروع الحفائر الأثرية بالموقع المخصص للجامعة بتونا الجبل.
قام مجلس الإدارة بزيارة الاستراحة فى شهر يونيو ٢٠١٧ والوقوف على آخر المستجدات وقد كلف رئيس الجامعة د. أحمد فاروق الجهمى عميد كلية الآداب بالإشراف على مراحل التطوير والذى بذل جهودا كبيرة فى هذا الشأن حيث تابع مع مدير المركز مراحل التطوير والتجديد وقام بتخصيص مبلغ ٦٠ ألف جنيه لتدعيم رصيد المركز والصرف على عملية التجديد وخلال شهر سبتمبر تم الانتهاء من كافة عمليات التجديد والتطوير للاستراحة.
وخلال شهر فبراير من العام التالى ٢٠١٨ قامت أول بعثة أثرية من جامعة المنيا بالعمل بمنطقة حفائر تونا الجبل وأسفر العام الأول للحفائر عن اكتشاف خبيئة كاملة للمومياوات زادت على الـ٦٠ تابوتًا وقطعه ذهبية من إكليل على شكل تاج.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: تونا الجبل طه حسين أعمال طه حسين عمید الادب العربى عمید الأدب العربى عمید کلیة الآداب الدکتور طه حسین تونا الجبل
إقرأ أيضاً:
أعيان زمزم يطالبون عميد بلدية مصراتة بتوضيح موقفه من قرار الضم
ليبيا – أكد مبارك ارحيل، عضو المجلس الوطني الانتقالي السابق وأحد أعيان منطقة زمزم، أن أهالي المنطقة مستمرون في تنظيم المظاهرات اليومية احتجاجًا على قرار حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة بضم منطقتهم إلى بلدية مصراتة.
تصريحات مبارك ارحيلارحيل أوضح، في تصريحات خاصة لموقع “لام“، أن الأهالي أقاموا خيمة للاعتصام والتظاهر المستمر حتى تتراجع الحكومة عن قرارها، مشيرًا إلى أن حكومة الدبيبة متمسكة بقرارها، لكن الأهالي عازمون على مواصلة احتجاجاتهم.
وطالب الحكومة بسحب القرار، داعيًا أعيان مدينة مصراتة إلى عدم دعمه، كما دعا عميد بلدية مصراتة، محمود السقوطري، إلى توضيح موقفه من القرار، مؤكدًا أن لديهم وثائق تثبت أن السقوطري هو من طلب من الحكومة ضم بلدية زمزم إلى مصراتة.
خلفية القرار والاحتجاجاتفي نوفمبر 2024، أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة قرارًا بضم عدد من المناطق، من بينها زمزم، إلى بلدية مصراتة. أثار القرار احتجاجات واسعة من أهالي زمزم الذين طالبوا باستقلالية بلديتهم، رافضين الانضمام إداريًا إلى مصراتة، رغم تأكيدهم احترامهم للمدينة وسكانها.
من جانبه، أعرب عميد بلدية مصراتة، محمود السقوطري، عن دعمه لقرار الحكومة بضم المجالس البلدية منتهية الولاية القانونية، معتبرًا أن القرار يهدف إلى تحسين الخدمات المحلية وتنظيم الإدارة. لكنه أشار أيضًا إلى أن إجراء الانتخابات المحلية هو الحل الأنسب والنهائي لهذه الإشكاليات.
أبعاد الجدل والآثار المحتملةقرار الحكومة بضم مناطق مثل زمزم إلى بلديات كبرى أثار مخاوف من تصعيد التوترات الاجتماعية والإدارية. كما أثار الجدل بشأن تأثير تغيير الحدود الإدارية على التنمية المحلية والتمثيل السياسي في تلك المناطق.
ويرى مراقبون أن هذا القرار قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات إذا لم يتم حله بالتوافق مع أهالي المناطق المعنية.
اختتم مبارك ارحيل تصريحاته بمطالبة حكومة الدبيبة بالتراجع عن القرار، مشددًا على أهمية احترام إرادة سكان زمزم وإعطائهم الحق في تقرير مصيرهم الإداري.