أسامة ريان يكتب: عندما تتصدى «مقدمة» كتاب العميد للساخطين
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عندما تم تكليف عميد التنوير د. طه حسين بتدريس مادة "الحضارة اليونانية" لطلاب الآداب بالجامعة المصرية، لم يرُقه ما يُقدم فى هذه "المادة"، فتصدى – كعادته - مجددًا. فقام بجمع عدة نصوص من الأدب اليوناني، ومنها فى قالب شعرى مسرحى لعديد من أعلامه (يوربيدس، سوفوكليس وغيرهم) وزودها بشروحٍ، صنفها فى كتابٍ بعنوان "صحف مختارة من الشعر التمثيلى عند اليونان"، فقامت الدنيا ولم تقعد، كالعادة، وكأنها امتداد لمعركة "الشعر الجاهلي".
وجاءت مقدمة الكتاب فى صورة رد قاسٍ على من سخطوا على انتهاجه هذا النهج مع طلابه بكلية الآداب، فى سبيله إلى حثهم على البحث والتجديد، بالتأكيد للتنوير. فكانت هذه المقدمة فى سمتٍ هجومي، صور فى طياته قصور تعليمنا ومعارفنا عن الدراية أولًا بأنفسنا ! ويقصد هنا معرفتنا بعصر الفراعنة ومنجزاته الحقيقية، التى سَرَت عبر التاريخ متشحة بغلالات الأغارقة فكرا وفنًا وفلسفة، ثم بعد ذلك للرومان.
ويقارن أثناء هذا العرض بالقصور فى تدريس ما يخص الفتح الإسلامى من خلال مؤرخين عرب فقط، مما يجعل هذه الدراسات فى حاجة دائمة إلى تحقيق. ولعل أكثر ما أثار ثائرة عميد التنوير هو نبرة اللوم والتشنيع التى أشاعها "كبار" حثوا الطلاب على مقاطعة هذا الدرس، فجاءت عبارته قاسية، نحو "أوَلَيس من المخجل أن توفِد أوروبا وفودَها إلى مصر لدرس الآثار، حتى إذا عادت هذه الوفود جلست مجالس الأساتذة فى المدارس الأوربية، وجلس المصريون منهم مجالس الطلب والاستفادة" !
وبدت دهشته جلية فى التأكيد على أنه لا ينتقد درس التاريخ الإسلامي، بل إنه يؤكد على أهمية درسه من خلال فهم التاريخ اليونانى بفلسفاته وفنونه –وعزز ذلك بأمثلة- لما لها من دورٍ مؤسِس فى حضارة العالم، ومنه البلاد الاسلامية للدفع بها إلى الأمام فى كافة المجالات.
ثم يوجه اللوم لمن تعلقوا باللغة العربية فقط وأقدموا على التصدى لتدريس نصوص تمثيلية إغريقية، فيقول محذرا، ولعله ساخرا "وأما الذين لم يحسنوا إلا العربية، فقد أقدم بعضهم مجازفًا ونكل بعضهم معذورًا، فإن اللغة العربية مع الأسف معدمة كل الإعدام فى هذه المادة - يقصد نصوصًا تمثيلية إغريقية- وليس يُتاح لمن لم يعرف لغة أوروبية أن يُشفى نفسه من تاريخ اليونان الرومان".
والمقدمة وحدها هى درس فى السمو بالعقل والطموح الأصيل للأخذ بأسباب التنوير التى كرس لها عميد آدابنا، رائد التنوير فى ثقافتنا د. طه حسين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: طه حسين
إقرأ أيضاً:
النائب علاء عابد يكتب: وحدة سوريا.. أمن قومي عربي
يعد مصطلح «الأمن القومى العربى» أحد المشتركات الجامعة بين العرب والذى يفترض تعاوناً وثيقاً بين الدول العربية على أساس مواجهتها تحديات خارجية متشابهة وبالتالى فإن عليها أن تتعاون لرد هذه التحديات، وتعزيز التعاون وبناء علاقات سياسية واقتصادية متبادلة ومتوازنة تراعى مصالح الطرفين.
على مر التاريخ، كانت سوريا جزءاً من العمق الاستراتيجى للأمن القومى المصرى.
يعود هذا الترابط إلى الأدوار الحضارية والسياسية المشتركة التى جمعت البلدين منذ العصور القديمة، وبلغت ذروتها فى عهد الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958.
من منظور «الأمن القومى العربى»، تعتبر سوريا حاجزاً مهماً أمام محاولات الهيمنة الأجنبية على المشرق العربى، ومن هنا فإن استقرار سوريا ينعكس إيجاباً على استقرار الإقليم العربى ككل.
ومع اندلاع الحرب السورية، برزت تحدّيات متعددة لمصر، أبرزها انتشار الجماعات الإرهابية مثل «داعش»، وتهديد تلك الجماعات للأمن القومى العربى.
سياسياً، دعت مصر إلى تبنى عملية سياسية شاملة فى سوريا، مؤكدة أن هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سوريا تتطلب تكاتف جهود كل أبنائها، كما تواصل مصر متابعتها للتطورات التى تشهدها سوريا الشقيقة، والتى تتطلب تكاتف جهود كل أبنائها لتدشين عملية سياسية وطنية سورية خالصة دون إملاءات أو تدخلات خارجية، تحافظ وتدعم وحدة واستقرار سوريا وشعبها بكل مكوناته وشرائحه، وتتبنى مقاربة شاملة وجامعة لكافة القوى الوطنية السورية، وتنسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، بما يفسح المجال أمام مشاركة كافة السوريين فى رسم المستقبل وإعادة بناء مؤسسات الدولة فى سوريا، وعودتها لاستعادة المكانة التى تستحقها فى النظامين العربى والدولى.
وتحرص مصر دائماً على التواصل مع الأشقاء فى سوريا، لإنجاح العملية السياسية الشاملة التى تحقق طموحات الشعب السورى الشقيق، وتقطع الطريق على أى محاولة لاستغلال الأوضاع الحالية للمساس بسيادة سوريا ووحدة أراضيها.
بعد إذاعة التليفزيون السورى رسمياً، الأحد الماضى، إعلان الفصائل السورية المسلحة أنها حررت دمشق، أكدت مصر دعمها الكامل للدولة السورية والشعب السورى وسيادته ووحدته، ودعت كافة الأطراف السورية بكل توجهاتها إلى الحفاظ على مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، وذلك من خلال توحيد الأهداف والأولويات وبدء عملية سياسية متكاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلى، واستعادة وضع سوريا الإقليمى والدولى.
وواصلت مصر العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السورى، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، والتوصل للاستقرار.
فى ذات الوقت أدانت مصر دخول قوات إسرائيلية إلى المنطقة الحدودية التى تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن بقية سوريا، للمرة الأولى منذ خمسة عقود، بما يمثل احتلالاً لأراضٍ سورية، ويعد انتهاكاً صارخاً لسيادتها ومخالفة صريحة لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وهو ما يخالف القانون الدولى وينتهك وحدة وسلامة الأراضى السورية، وطالبت مصر مجلس الأمن والقوى الدولية بالاضطلاع بمسئولياتها واتخاذ موقف حازم من الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، بما يضمن سيادتها على كامل أراضيها.
كما أدانت الاستهداف المتعمّد الذى تشنّه إسرائيل ضد البنية التحتية العسكرية فى سوريا، وقصف وتدمير العديد من المواقع والقواعد والأسلحة والمعدات والأنظمة العسكرية فى مختلف أرجاء سوريا، بالإضافة إلى قيام الجيش الإسرائيلى بتكريس وجوده غير الشرعى وتوسيع نطاق سيطرته فى الأراضى التى احتلها داخل العمق السورى.
وقد رفضت مصر استغلال إسرائيل الانشغال الداخلى فى سوريا وحالة الفراغ التى تشهدها، لتقويض مقدرات الدولة واحتلال الأراضى، وأن هذه الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا بمثابة إمعان فى الانتهاك الممنهج للقانون الدولى، وإصرار على سياسة الغطرسة فى المنطقة، محذّرة من المخاطر الوخيمة المتوقّعة عن السياسات الإسرائيلية غير المسئولة.
كما طالبت مصر مجلس الأمن والمجتمع الدولى والقوى الفاعلة دولياً بالاضطلاع بمسئوليتها فى وقف هذا التصعيد الإسرائيلى الخطير فى سوريا، واحترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضى السورية.
أقولها لكل مصرى غيور على بلده، الرئيس القائد عبدالفتاح السيسى، قاد مصر بحكمة واقتدار وسط أمواج متلاطمة إقليمياً ودولياً، والذى أدى إلى حماية الأمن القومى، وتحقيق السلامة والأمان للشعب المصرى والحفاظ على أرضه وحدوده.
رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب