بوابة الوفد:
2025-04-15@15:19:29 GMT

اﻟﻤﺸـــﻬﺪ اﻟﺜﻘــﺎﻓﻰ اﻟﻌﺮﺑﻰ ﻣﺮﺗﺒﻚ

تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT

الجوائز الأدبية سقطت فى فخ المجاملات والسياسةالعرب أصبحوا مثل الأرملة لا تملك إلا العويلالمطالبة بالتطبيع الثقافى مع إسرائيل هراءتحويل الروايات إلى الدراما فرصة ذهبية للانتشار

ولدت الروائية الدكتورة رشا سمير، أول يناير 1969 بالقاهرة، مصر. حاصلة على شهادة الماجستير فى جراحة الأسنان من جامعة القاهرة. بدأت مسيرتها الأدبية فى سن صغيرة إثر اهتمامها بالقراءة والمطالعة، إذ بدأت فى كتابة الخواطر فى سن الخامسة عشرة.

لكنها لم يصدر لها أى أعمال أدبية حتى عام 1995 حيث نشرت أول مجموعة قصصية لها بعنوان «حوانيت عرافة»، ثم توالت بعد ذلك مجموعاتها القصيرة فى الصدور حتى عام 2011 حيث اتجهت خطواتها إلى كتابة الرواية مستهلةً بروايتها الأولى والتى تحمل عنوان «بنات فى حكايات».

وتعد «جوارى العشق» رواية تاريخية تناقش قضية حرية المرأة، وتدور حول ثلاث نساء ينتممن إلى فترات تاريخية مختلفة: «قمر» وهى جارية من العصر المملوكى و«مهيشد» من حقبة السبعينيات و«أيسل» والتى تنتمى إلى وقتنا الحالى تحديداً فترة ما بعد ثورة يناير.

تكتب سمير فى مجال القصص القصيرة والرواية، حيث صدر لها حتى الآن ست مجموعات قصصية منها «معبدالحب» وأربع روايات أحدثها «للقلب مرسى أخير». وتتبع سمير أساليب متنوعة ومختلفة فى الكتابة. فكانت روايتها الأولى «بنات فى حكايات» ذات طابع اجتماعى، أما روايتيها «جوارى العشق» و«سألقاك هناك» فأخذوا القالب التاريخى. وكذلك خاضت تجربة الأدب الساخر فى مجموعتها القصصية «يعنى إيه راجل؟»، وكانت هذه الرواية الوحيدة التى اتبعت أسلوب الأدب الساخر.. 

الوفد التقت الروائية الدكتورة رشا سمير وهذا نص الحوار: 

- المشهد الثقافى من وجهة نظرى مشهد مرتبك فى عالمنا العربى وبالتالى المصرى.. يوما ما كان ثقل القلم والمحتوى الذى يقدمه هو التقييم الحقيقى للكاتب وسبب نجاحه، أما اليوم فقد تبدل الوضع وأصبحت العوامل التى تحقق شهرة الكاتب خاضعة لأشياء أخرى مثل شبكة العلاقات والشللية داخل الوسط الثقافى، السوشيال ميديا وما أحدثته من ارتباك مؤسف فى انتشار كُتاب لا قيمة لهم وغياب أقلام حقيقية تمتلك الموهبة ولا تمتلك القدرة على التسويق لنفسها، حتى الجوائز سقطت فى فخ المجاملات والسياسة دون النظر أحيانا إلى قيمة الأعمال، لهذا أقيم المشهد بالمرتبك، ولكن يقينى أن العمل الجيد يبقى وأن هناك قراء حقيقيين يدركون قيمة الإبداع الحقيقى.

- بكل صدق أشعر بغصة فى قلبى.. أشعر بالألم الشديد.. وبكل أسف أشعر بأن العرب أصبحوا مثل الأرملة التى لا تمتلك سوى العويل، لقد فقدنا المعنى الحقيقى للمقاومة والاتحاد، ونسينا أن لدينا تاريخًا وحضارة ونمتلك من الثروات ما يجعلنا قادرين على ميلاد «صلاح الدين» من جديد.

ولكن أمام خطة الصهاينة الهمج لاحتلال العالم ولفرض السيطرة على الشرق الأوسط، الخطة التى تدعمها أمريكا، تحولوا إلى تتار، مرتزقة ومجرمي حرب، حتى الرُضع والنساء لم يسلما من البطش، ماتت الانسانية أمام صمت العالم.

لا تتصور كم سعادتى وفخرى حين كرمتنى سفارة فلسطين بالقاهرة عقب وفاة الصحفية المناضلة شيرين أبو عاقلة التى كتبت عنها أرثيها بكل حب فى عامودى الصحفى، فهى نموذج للعربى صاحب القضية، ولم تكن المرة الأولى فقد كنت منذ الأمد مناصرة للقضية وكتبت مرارا بشأن هذا الأمر، ولذا جاء التكريم ليضع وساما من النور على صدرى من معالى السفير والمستشار الثقافى للسفارة، اللذين أهديانى شالًا مطرزًا يحمل أصالة المرأة الفلسطينية ونضالها منذ رأت عينيها النور.

أرى أن تناول الأدب العربى للقضية الفلسطينية أمر حتمى وواجب على كل الأقلام العربية، الكتابة عن فلسطين تأريخ لنضال شعب تحمل الأذى والموت والتهجير من أجل قضية ستظل للأبد عالقة فى رقاب كل العرب، منذ صدرت (الطنطورية) للأستاذة رضوى عاشور، ثم سلسلة روايات أستاذنا إبراهيم نصر الله، وأخيرًا الرواية الحائزة على جائزة البوكر (قناع بلون السماء) للأسير الفلسطينى باسم خندقجى.. من هنا وهناك تتوالى الحكايات وتروى القصص لتحفظ تاريخ فلسطين فى الإبداعات وستأتى أجيال لتكمل الحكاية، أن نحكى لأجيال لم تر ولم تعش.. أن نذكر من نسى وأن نصنع من الأنقاض أمجادا جديده، هذا هو مأرب الرواية الفلسطينية.

خلال الحوار

- هذا هُراء.. وطلب مشين أدينه بشدة كإنسانة أولا وكمبدعة ثانيا، كيف؟ بعد كل هذه المذابح التى شاهدناها.. بل وكامرأة عربية تستنكر الألم الذى يقتل نساء فلسطين كل يوم حزنا على أطفالهم الرُضع وأزواجهن الذين يستشهدون كل يوم، إنها محاولات دنيئة لطمس الهوية العربية واحتلال الأرض.. وأخيرا كمثقفة وكصاحبة قلم قدرى أن أكون قدوة لغيرى وأن تخرج الكلمات من قلمى مثل طلقات الحبر لتغير وتضيف وتعلو بالمجتمع.

- من الأذكى للكاتب أن يكون شموليا، وهذه وجهة نظرى التى قد تحتمل الصواب أو الخطأ إلا فى حالة مثل أجاثا كريستى التى تخصصت فى أدب الجريمة وبرعت فيه، لكنها استطاعت أن تحدث تنوعا داخل التخصص الذى اختارته، ولم نمل أبدا من القراءة لها.

لكن وهنا سأتحدث عن نفسى، أنا أبحث دائما عن الاختلاف، فقدمت الرواية الاجتماعية، وقدمت الأدب الساخر وكتبت عن التاريخ الإيرانى وحضارة الأمازيغ وأسعد حقا كلما قابلت قارئا وقال لى بكل الحب: ننتظر رواياتك ونحن على يقين من أن الجديد سيكون مختلفًا عما كتبتيه.

الاختلاف فتح لى بابا مع قراء من مختلف الفئات والمراحل العمرية والدول المختلفة.

- الرواية التاريخية موجودة منذ الأمد، على سبيل المثال المبدع جورجى زيدان واحد من أهم رواد كتابة التاريخ فى العالم العربى، تربينا على رواياته العظيمة ولازالت هى من أهم مصادر الكتابة التاريخية، ولكن دعنى أقول إن التنميط الأدبى فى مصر يصنع ما نستطيع أن نطلق عليه فى بعض الأحيان بما يسمى (الموضة الروائية) نتيجة أن يكتب أحد المبدعين رواية عن موضوع ما فيلاقى رواجا، من بعده تتلقفه أيدى باقى الروائيين للاستفادة من هوجة هذا النجاح، كتابة التاريخ فجأة تحول إلى موضة أدبية، أتذكر أننى يوم كتبت (جوارى العشق) منذ عشرة أعوام فتحت بابا للكتابة عن المماليك وبعد نجاح الرواية انهمرت الإصدارات من بعدى، نفس الشيء بالنسبة للكتابة عن الصوفية التى تحولت إلى موضة بعد (قواعد العشق الأربعون) لأليف شافاق.

- مما لا شك فيه أن الترجمة جزء هام جدا من انتشار المبدع ونجاحه، وبالنسبة للأوطان الترجمة هى الطريقة الأكيدة لتوصيل أصوات الشعوب وأفكارهم بل وتاريخهم.. فنحن نكتب لنصرخ فى وجه العالم، نبحث عن قارئ فى الداخل وهو بديهى ثم نبحث عن الترجمة ليصل ما نكتبه للعالم بأسره، فلولا الترجمة ما عرفنا شيئًا عن عادات وتقاليد وحياة شعوب حولنا ولماتت الأفكار فى الصدور، الغرب يحاول طول الوقت تجاهل أهمية الشرق وحضارته وتاريخه.

لكن كما ذكرت من قبل، لازالت الترجمة بمعناها الحقيقى بعيدة كل البعد عن الشرق.

هناك عيب واحد يشوب بعض الترجمات وهو فقدان روح النص، وهو ما يحدث عندما تكون الترجمة ركيكة وفى الغالب تفقد الترجمة روح الكاتب التى يضفيها على النص باللغة التى يجيدها. 

- سؤال رائع.. فما قاله أستاذنا يوسف إدريس هو لُب القضية الشائكة التى تربك كل النصوص، فالكاتب المتمكن قادر دائما على اصطحاب القارئ معه فى رحلة داخل نصه الأدبى، رحلة تجعله يرى المكان بعينيه، يشم ويسمع ويتذوق كل ما جاء بالنص كما عاشه الكاتب، يسكن الغرف مع الأبطال، يتجول بين الأزقة، يدخل معاركهم وينتصر لأحلامهم.

العظيم نجيب محفوظ كان الأكثر تمكنا من ناحية وصف المكان ونقل صورة ذهنية حية لكل من يقرأ رواياته.

لذا أعتقد أن هوية رواياتى يشكلها الأماكن والأبطال واللغة معا، لكن المكان هو البطل الرئيسى فى أغلب رواياتى، على سبيل المثال (سألقاك هناك) كانت إيران هى المكان الذى تدور فيه الأحداث وبالتالى صنعت نوع من السحر للقارئ الذى استطاع من خلال الوصف أن يرى مكان لم يذهب إليه وعاش تفاصيله وبالتالى وقع القراء فى غرام الرواية، وهو ما حدث مؤخرا مع «المسحورة» التى كانت سيوة والمغرب هما بطلاها، وكل من قرأها قال لى بالحرف الواحد:

«ارتحلنا معك عبر الصحراء من المغرب وحتى سيوة، فرأينا الأماكن بعينيك» ولازال القراء يطالبوننى باصطحابهم إلى رحلة لسيوة ليروا معى الأماكن التى كتبت عنها.

ولا أنكر أن اللغة التى أكتب بها وهى عربية فصحى لكنها سلسة وقريبة من القارئ وهو ما شكل مدخلا آخر لهوية رواياتى. 

- الدراما تدخل كل البيوت أما الرواية فتدخل على استحياء بعض البيوت، نحن شعوب لا تقرأ بنهم ولكننا نشاهد الدراما بنهم شديد، لذا تعتبر تحويل الروايات إلى دراما فرصة لانتشار العمل والكاتب بشكل أكبر، وعادة ما تنتقل الروايات إلى قائمة الأكثر مبيعا بعد تحولها إلى دراما لأن المشاهد عادة ما يذهب للبحث عن الرواية عقب نجاح المسلسل ليقوم بعمل مقارنة بين ما شاهد وما سيقرأ.

المشكلة أن هناك العديد من الروايات التى تغيرت ملامحها عقب تحويلها للدراما وتم تغيير أحداثها بما يلائم الشاشة ففقدت بريقها بل وتحولت فى بعض الأحيان إلى «مسخ أدبى».

- فى رأيى أن الذكاء الاصطناعى لن يكون منافسا قويا فى مجال الأدب إلا لإنصاف الموهوبين، وفى بعض المجالات، على سبيل المثال جمع المعلومات من الأدوات المهمة فى كتابة الرواية التاريخية وأعتقد أن أغلب الكتاب سوف يلجأون إلى الذكاء الاصطناعى بهذا الصدد على الرغم من أننى لم أفعل ذلك فى رواية «المسحورة» إلا فى معلومة واحدة لم يكن لها أى وجود على النت ولم أجد لها إجابة لديه أيضا، مما جعلنى ألجأ للمراجع وكانت بالفعل أفيد، لا تنسى أننا نحن من يغذى الذكاء الاصطناعى بالمعلومات وأنه يلجأ لما هو مدون على الجوجل للرد على الاستفسارات وبالتالى هو لازال غير متمرس فى الجزء العربى، من المؤكد أنه سيكون إضافة مستقبلا فى البحث وفى الترجمة، لكن بصمة الكاتب ومشاعره ونبض أحاسيسه من غير الممكن أن يكون لها بديل إلكترونى، لذا فأنا لا أخشى منافسته. 

- الرواية أدب ممتع وغزير، نوع راق من الأدب وأنا بالفعل أتفق مع أستاذى جابر عصفور فيما قاله، أننا نعيش زمن الرواية وأضيف أن الرواية هى عنوان كل الأزمنة، لأنها تعبير حالم عن كل الأماكن وكل المجتمعات وبالتالى كل الأزمنة.

على سبيل المثال «الحرافيش» عبرت عن عصر الفتوات والقوة كما عاشه العظيم نجيب محفوظ إلا أن الحرافيش كانت ولازالت وستظل محط إعجاب كل الأجيال فى كل زمان، لأنها خلدت لحكايات الشارع آنذاك، فمنا من تشكل له ماض، ومنا من يعتبرها إلهامه، ومنا من سيعتبر منها ويكتب منها حاضر وواقع جديد للفتوات.

بالنسبة لى الرواية التاريخية هى متعة لا تنتهى ورحلة مشوقة أرتحل فيها مع الكاتب وأتعلم منه وأرى أماكن بعينيه ومن خيالى لم يكن من السهل الوصول إليها.

- الإرهاب سمة تاريخية منذ الأمد متمثلة فى الإرهاب الفكرى والجسدى وإرهاب الأقليات وإرهاب أصحاب الأرض والحق.

أنظر إلى فترة التحولات التى طرأت على شبه الجزيرة العربية وقت دخول واستيطان الفكر الوهابى، انظر إلى ما حدث بالأمس فى فترة الثورة الإيرانية التى أرفض وبشدة تسميتها بالثورة الإسلامية، انظر إلى حسن الصباح وكيف احتل عقول الشباب وحكم العالم باطشا بكل الحكام حوله عن طريق شباب آمنوا بأنه يمتلك مفتاح الجنة، انظر إلى ما يحدث فى أفغانستان وما تلاقيه المرأة هناك.

ظاهرة الإرهاب هى ظاهرة تنمو وتترعرع فى غياب التعليم والثقافة، فعندما تنطفئ أنوار المعرفة تنتشر خفافيش الجهل، محاربة التطرف بالفن والأدب وإرساء تقاليد الدين السمح من واجب الدول والمؤسسات والوزارات.

- كما سبق وذكرت هناك حالة من «الارتباك» الذى يخيم على المشهد الثقافى منذ فترة، ربما منذ أصبح للسوشيال ميديا تأثير سلبى على المبدعين الحقيقيين، المبدع الذى يسعى لتقديم قيمة ومحتوى ويبذل مجهودًا يحترم فى الكتابة أصبح فى كفة وفى الكفة الأخرى من يشترون بالنقود متابعين ويقدمون محتوى تافهًا غيب عقول الشباب، وبكل أسف مالت كفة التفاهة ليصبح المبدع الحقيقى فى أزمة، لكن دعنى أؤكد لك أن هناك قارئًا يتفهم ويعقل من الشباب والكبار.

لا أدعم فكرة أنها مجرد خطوة وأن من سيقرأ التافه لابد وأن ينتقل لقراءة القيم فى يوم من الأيام، للأسف لا، فمن يبدأ بالتافه سيظل حبيسه للأبد، لقد تربينا على أدب نجيب محفوظ وتشارلز ديكنز وشكسبير فأصبحنا مبدعين، لكن أقولها مرة أخرى الأدب الجيد يبقى، أما الغث فسوف يتوارى ويموت مع موت الهوجة.

- «جوارى العشق» هى الرواية التى عرفت رشا سمير بجمهورها، على الرغم من كونها ليست أولي رواياتى إلا أنها الأبقى والأهم من حيث عدد الطبعات فقد وصلت إلى طبعتها الرابعة عشر، وهى أيضا عنوانى مثلما كانت الثلاثية هى عنوان أستاذنا نجيب محفوظ أو «إنى راحلة» عنوان ليوسف لسباعى، لأن لكل كاتب رغم النجاحات والإخفاقات عنوان أهم يخلق بينه وبين القارئ الجسر الأول.

الخط العريض للرواية هو «الحرية».. حرية الإنسان ومفهوم «الجارية» فى تاريخ مصر منذ عصر المماليك ومرورا بالسبعينيات ووصولا إلى ما بعد ثورة يناير، كيف أن «الجارية» ليست وظيفة ولا صفة بل هى حالة، حالة تهوى إليها المرأة التى تتحول إلى سجينة فى بلاط عشق الرجل الذى أحبته حتى يلغى كيانها ويطفئ روحها.

- فكرة «المسحورة» بدأت منذ تعرفت على الأمازيغ كشعب يعيش فى المغرب خلف جبال الأطلس، وقتها كنت قد سمعت عنهم ولم أقرأ فى تاريخهم ولم أكن أعلم الكثير، استهوتنى لغتهم وعاداتهم وقررت أن أكتب عنهم، حملت معى كتبًا عنهم من المغرب لأبدأ الكتابة ثم نسيت الموضوع بعد عودتى للقاهرة، بعدها شاهدت مسلسل «واحة الغروب» وأعادنى المسلسل إلى قراءة الرواية من جديد، ودون أن أقرر وجدت نفسى أبحث أكثر فى حياة السيويين لأكتشف أنهم أمازيغ، هنا بدأ الربط فى رأسى، لتختمر فكرة رواية تبدأ من المغرب وتنتهى فى سيوة، بدأت الكتابة دون أن أسافر إلى سيوة، ثم شاء القدر أن أزورها لأقع فى غرام الواحة وأهلها الطيبين.

عدت لأكتب عنهم وأروى ما عشته وما لم أقرأه فى الكتب.

- بالقطع كان هناك تحد كبير فى الكتابة عن هذه الحضارة المختلفة بل وفى الكتابة عن سيوة كمنطقة لم نعرفها إلا من خلال رواية (واحة الغروب) لأستاذنا بهاء طاهر والذى قمت بكتابة شكر خاص له فى الرواية.. 

الحضارة الأمازيغية وعادات الأمازيغ معروفة فى المغرب وقابلت هناك أمازيغ ووجدتهم شعوبا مسالمة بعكس الصورة المأخوذة عنهم، أحضرت معى مراجع عنهم من المغرب كما قام أصدقائى المغاربة بدعمى بالكتب والمعلومات، الصعوبة والاختلاف يأتيان من كونى أول كاتب مصرى يدخل هذه المنطقة غير المأهولة، والحمد لله تم هذا بنجاح، فما أسهل أن تكتب عن شيء مألوف أو موضوع متكرر، وما أصعب أن تطأ بقلمك حقل ألغام لا تعرف جغرافيته.. وجدت صعوبة فى الاستعانة بالمصطلحات الأمازيغية التى لم تكن مكتوبة فى كتب سوى فى المغرب أما فى سيوة فهى لغة منطوقة فقط وبالتالى مطابقة اللغتين والوصول لمعلومات صحيحة كان بمثابة تحد كبير، أربع سنوات من الكتابة ومعلومات غزيرة أعتبرها أهل سيوة الآن تاريخهم محفوظا فى كتاب.

- أنا من عشاق الأساطير وارتبطت طفولتى بحكايات أمى وهى تروى لنا عن الأساطير المصرية واليونانية والإغريقية والإيرانية، ومن هنا جاء عشقى لهذه الحالة الحالمة التى تغلف الأسطورة، وعليه قررت الاستعانة بمجموعة من الأساطير المصرية والأمازيغية والإيطالية القديمة فى بناء الدراما والسرد، ففى بداية كل فصل هناك أسطورة تمهد لأحداث الفصل وفى نهايته جملة 

«أو.. هكذا تقول الأسطورة» 

ومن هنا كانت الأسطورة هى الحارس والدليل لبطل الرواية ليوناردو طوال رحلته.

- أتفق مع هذا الرأى بشكل كبير.. الجوائز مما لا شك فيه خطوة يسعى إليها كل كاتب، ليس لتأكيد إبداعه لأن قيمة الإبداع فى الحقيقة لا علاقة لها بحصول الكاتب على جائزة، وأكم من أدباء نالوا جوائز لا يستحقونها ولا سمت بقيمة أعمالهم، وأكم من مبدعين لم يفوزوا بجوائز ولكن بقى إبداعهم عبر السنين معبرا عن مجهود وقيمة لم يستطع أصحاب الجوائز أن يطالوها.

هناك تسيس مما لاشك فيه، وهناك عوامل إنسانية وهناك علاقات وشللية وهناك مجاملات وغيرها، إلا أن هذا لا ينفى أن الجائزة ترفع مبيعات الكتاب لأن القارئ العادى يتصور أن قيمة العمل تأتى من الجائزة وهذا ليس عيبًا.

هناك أدباء صرحوا عقب فوزهم بجوائز أن لديهم أعمال أقوى تستحق الفوز.. 

على الصعيد الآخر هناك أديب ليبى عالمى هو هشام مطر استحق الفوز بجوائز عالمية لأنه أديب بحق، ولا يمكن إنكار استحقاقه الفوز.

- لم أبدأ بعد فى كتابة رواية جديدة، إلا أننى أبحث عن موضوع مختلف عن كل ما سبق وكتبت، فنجاح كل رواية يزيدنى قلقا ويجعل العمل التالى أكثر صعوبة وتحديًا أكبر.

أبحث عن عمل يليق بقرائى الذين ينتظروننى سنوات بشغف لا ينقطع ودعم لولاه ما كنت ولا نجحت رواياتى.. فالشكر دائما من قلبى لقرائى.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رشا سمير جراحة الأسنان جامعة القاهرة على سبیل المثال فى الکتابة نجیب محفوظ من المغرب إلا أن

إقرأ أيضاً:

دقائق ملطخة بالدماء.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة "بودى" شهيد الغدر بالشرابية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فى حى الشرابية الشعبي، شمال القاهرة، تحولت بهجة عيد الفطر إلى مأتم مفجع، بعد أن اغتيل الشاب عبد الرحمن أيمن زكي، البالغ من العمر ١٧ عامًا، والمعروف بين جيرانه بـ"بودي"، بطعنة نافذة فى الرقبة أمام أعين المارة، الجريمة المروعة وقعت فى شارع درب السكة بمنطقة عزبة بلال، لتخيم حالة من الحزن والغضب على الحى بأكمله.
لم يكن "بودي"، طالب الصف الثانى الثانوي، يعلم أن محاولته الشجاعة لتهدئة نزاع مسلح بين عائلتين ستكون السبب فى نهايته المأساوية، فشهامته التى دفعه إليها خوفه على سلامة أبناء منطقته، قوبلت بغدر وحشى أزهق روحه البريئة فى لحظة.

دقائق أخيرة ملطخة بالدماء

بدأت الدقائق الأخيرة فى حياة عبد الرحمن عندما خرج من منزله فى ثالث أيام العيد متوجهًا إلى متجر بقالة قريب لشراء بعض المستلزمات.
والده، الذى قطع إجازة العيد وعاد من عمله، يروى بحسرة: "لقيت عبد الرحمن صاحى وفرحان بلبس العيد.. كان لابس ترينج أسود جديد، بيضحك وبيقولى يا بابا هجيبلكوا تسالى علشان نقعد سوا.. وأخته ندى كانت جاية تزورنا، وكان مبسوط جدًا بالتجمع العائلى فى أجواء العيد".

لكن الفرحة لم تدم طويلًا، فبينما كان "بودي" فى طريقه إلى السوبر ماركت، تصادف مع مشاجرة دامية بين عائلتين بسبب خلافات سابقة، وبدافع من شجاعته، توجه إلى أحد الشباب المتورطين فى الشجار، والذى كان يحمل سلاحًا أبيض وخرطوشًا، قائلًا له: "أنت لسه خارج من السجن وداخل تتخانق تاني؟" وحاول إقناعه بالعدول عن العنف.

لكن نصيحة "بودي" قوبلت بغضب هستيري، الشاب، الذى تبين لاحقًا أنه يحمل نفس اسم المجنى عليه الأول، "عبد الرحمن أشرف سعد" وكذا يكاد يتفق فى نفس اسم شهرته "بودا"، ولكن شتان الفارق بين الاثنين.

فالمتهم صاحب السجل الإجرامى الحافل ثار فى وجه المجنى عليه "بودي" ووجه إليه وابلًا من الشتائم، ثم أطلق عليه خرطوشًا، لكن لسوء حظ الضحية، كانت الطلقات قد نفدت بالفعل بسبب كثرة إطلاق النار فى المشاجرة.

عندها، أصر المتهم على إحضار "سنجة" وباغته بطعنة قاطعة فى الرقبة، ليسقط "بودي" على الفور غارقًا فى دمائه وسط صرخات المارة الذين شاهدوا الجريمة المروعة.

المتهم له سجل اجرامي

لم يكن المتهم "بودا" غريبًا على أهالى الشرابية، فهو معروف بسجله الإجرامى المليء بالسوابق، وكان مصدر قلق دائم للكثيرين، إحدى الجارات، التى فضلت عدم ذكر اسمها خوفًا من بطشه، أكدت: "إحنا اشتكينا منه كذا مرة.. بس محدش كان بيعمل حاجة.. كل مرة يطلع من السجن ويرجع أسوأ من الأول".

صور "الملاك" بملابس العيد تشعل الحزن على السوشيال ميديا

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى صور مؤثرة للضحية عبد الرحمن، يرتدى فيها الترينج الأسود الذى كان يرتديه فى آخر لحظات حياته، مبتسمًا ببراءة لم يكن يعلم أنها ستكون الأخيرة.
دموع الأم المصدومة ورجاء الأب المكلوم.

فى مسرح الجريمة، حيث بدأت تتكشف ملابسات الواقعة التى هزت الرأى العام، كانت دموع الندم والحسرة هى اللغة السائدة، والدة عبد الرحمن لم تستطع النطق أو الحركة من هول الصدمة، لم تتمكن سوى من تكرار سؤال واحد يمزق القلوب: "لماذا قتل ولدي؟ إنه كان طفلًا صغيرًا".

أما الأب، الذى بدا عليه الإعياء والقهر، تحدث بصوت خافت: "كان ابنى البكري، وبرغم صغر سنه كان يعولنى أنا وأمه وإخوته الصغار، كان ظهرى وعكازى فى الحياة، لماذا حرمونى منه؟ لم أشبع منه، ولم أكن أتوقع يومًا ما أن أراه غارقًا فى دمائه، إنه كان ملاكًا بين البشر".


وختم حديثه برجاء ملح: "أريد القصاص، وأنا واثق فى عدالة القضاء المصري. أطالب بأقصى عقوبة للمتهم الذى سلب منى أعز ما أملك".


حلم العيدية المبتور ووداع بنظرة أخيرة


الشقيقة الصغرى لعبد الرحمن روت بقلب دامٍ كيف كان شقيقها يستعد لفرحة العيد، حيث أحضر أوراقًا نقدية جديدة ليوزعها كعيدية على الأطفال، لكن القاتل لم يمهله ليحقق هذه الفرحة.
وأشارت إلى طيبة قلبه وحبه للآخرين، قائلة إنها تتذكر نظرته الأخيرة إلى السماء وابتسامته وتقبيله لهم جميعًا، وكأنه كان يشعر بنهاية قريبة، عندما سألته: "إيه؟ أنت مسافر ولا إيه؟ ده أنت رايح تجيب عيش من ع الناصية وجاي"، ابتسم وقال لها: "خدى بالك من نفسك" لم تكن تعلم أنها كانت وصيته الأخيرة.
بعد وقت قصير، وصلهم خبر إصابته ونقله إلى المستشفى، لكن سرعان ما تحولت الطمأنينة إلى فزع وحزن عندما رأوا جسده الغارق فى الدماء على سرير المستشفى، وروحه قد صعدت إلى بارئها.
وختمت حديثها بالبكاء: "عايزة حق أخويا من اللى قتله، أخويا كان ملاك بين البشر".
 

مقالات مشابهة

  • ظهير أيسر بتروجت يرحب بالإنتقال إلى الأهلى
  • افتتاح معرض ديارنا للحرف التراثية والصناعات اليدوية بالمتحف الزراعى بالدقى
  • عبدالرحمن الأبنودى.. الناى الذى أنشد للناس والوطن
  • الفاشر.. او على السودان السلام
  • اتحاد القيصر ينظم لقاء أدبي عربي حول الكتابة الإبداعية الخاطرة نموذجا وأسس التحكيم
  • مجمع البحوث الإسلامية: لا تقل هذه الكلم .. تطردك من رحمة الله
  • دقائق ملطخة بالدماء.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة "بودى" شهيد الغدر بالشرابية
  • كريمة أبو العينين تكتب: الظالمون كم يعيشون!!
  • استثمار المآسي !
  • تحقيق جديد لواشنطن بوست ينسف الرواية الإسرائيلية عن مذبحة مسعفي رفح