تحليل: الديمقراطيات الليبيرالية تواجه أسوأ مراحلها
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
تشكل محاولة الانقلاب التي حصلت الثلاثاء في كوريا الجنوبية مع إعلان الرئيس فرض الأحكام العرفية في البلاد ضربة جديدة للديمقراطيات الليبرالية التي أصبحت هشة إلى حد كبير في مختلف أنحاء العالم.
وانزلقت سيول فجأة إلى حالة من الفوضى السياسية مع فرض الرئيس المحافظ يون سوك يول، الأحكام العرفية بشكل مفاجئ « لحماية » البلاد « من التهديدات التي تشكلها القوى الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المعادية للدولة ».
ألغي هذا الإجراء في اللحظة الأخيرة من قبل نواب المعارضة بدعم من حشد غاضب تجمع أمام الجمعية الوطنية، وباشرت المعارضة التدابير لإقالة الرئيس، فيما تشهد كوريا الجنوبية عودة شبح الدكتاتورية التي ولت منذ ما يقرب من أربعين عاما.
ومع أن ما حدث كان عابرا، إلا أنه يبين وبشكل واضح التهديدات التي تحدق بالنموذج الديمقراطي الذي نشأ بعد العام 1945 وتعزز بعد انهيار الكتلة السوفياتية في نهاية القرن العشرين.
وفي أعقاب عام انتخابي حافل، دعي خلاله أكثر من نصف سكان العالم في سن التصويت إلى صناديق الاقتراع، تثير الانحرافات الاستبدادية التي لوحظت في مناطق مختلفة القلق، كما هو الحال مع تزايد أعمال العنف والتلاعب بالانتخابات، وفقا لما كشف عنه تقرير من منظمة فريدوم هاوس الأمريكية.
وشهد العام 2024 إعادة انتخاب لقادة مستبدين « متشددين »، مثل فلاديمير بوتين في روسيا (بنسبة 87% من الأصوات) أو إلهام علييف في أذربيجان (أكثر من 90% من الأصوات).
كذلك، يواصل قادة ينحون إلى التسلط، سيطرتهم على ما يسمى ديمقراطيات « هجينة »، حتى لو اضطروا إلى التعامل مع معارضة منظمة ومصممة، كما هو الحال في الهند أو تركيا، حيث سجل حزبا ناريندرا مودي ورجب طيب أردوغان تراجعا ملحوظا في الانتخابات التشريعية والبلدية.
وثمة عثرات حتى في بلدان تشهد منافسة انتخابية أكثر انفتاحا، على غرار ما حدث في كوريا الجنوبية الليلة الفائتة، وكذلك في الولايات المتحدة، التي نصبت نفسها حامية للديمقراطية في العالم، حيث أعيد انتخاب دونالد ترامب الشعبوي في نوفمبر.
ووعد هذا الملياردير الذي يحيط نفسه بمحافظين متشددين، بترويض القضاء، ومعاقبة وسائل الإعلام المعادية، وحتى تعيين موظفي الخدمة المدنية وفقا لأيديولوجيتهم.
وفي حال نجح في تنفيذ برنامجه، فإن « الولايات المتحدة ستواجه أعنف هجوم على القوى المعارضة للسلطة والحريات المدنية في تاريخها في زمن السلم »، على ما يبين الباحث الأمريكي لاري دايمند في مجلة الشؤون الخارجية، وهو على ثقة بأن الرئيس العائد سيكون « أكثر عنادا » مما كان عليه خلال ولايته الأولى.
ويقول ماكس بيرغمان من « مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية » لوكالة فرانس برس « نحن في مرحلة خطرة، ليس فقط في الولايات المتحدة ».
وفي أوربا أيضا، تسجل « سياسات متزايدة تثر الاستقطاب والتشرذم » « يصبح معها من الصعب التوصل إلى تسوية والحكم، ما يؤدي إلى سقوط ائتلافات حاكمة »، على ما يؤكد الباحث.
وفي ألمانيا، تفكك التحالف بين الديمقراطيين الاشتراكيين التابعين للمستشار الألماني أولاف شولتس، والليبراليين والخضر، في نوفمبر، ما فتح أزمة سياسية مع انعدام يقين مطلق وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في فبراير.
وفي هولندا، يحاول ائتلاف هش مؤلف من أربعة أحزاب تقوضه الانقسامات، أن يحكم بعد تفكك الائتلاف السابق في نهاية العام 2023.
ويرى برتران بادي، المتخصص في العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية، أن ما يحدث في عالم السياسة ناجم عن « أزمة ثقة غير مسبوقة منذ عام 1945 بين الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام ».
ويعتبر أن « ثمة اضمحلالا تدريجيا للعرض السياسي. في فرنسا أو الولايات المتحدة، كان ما اقترحه ماكرون أو (كامالا) هاريس، يهدف فقط إلى منع منافسيهما من الوصول إلى السلطة ».
وكثيرا ما يكون مناخ انعدام الثقة مفيدا للأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة، والتي عززت صفوفها بوضوح في الانتخابات التشريعية الأوربية في يونيو، وكذلك في الانتخابات الوطنية في ألمانيا وفرنسا وهولندا أو قبل هذا العام في إيطاليا والمجر.
وفي رومانيا من المتوقع أن يتولى مرشح اليمين المتطرف، الذي جاء في المركز الأول في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، السلطة يوم الأحد.
ونتيجة لذلك يصدق الكثير من الناخبين شعارات مثل مكافحة الهجرة واستعادة قدرتهم الشرائية.
وهم يفضلون بشكل متزايد الشخصيات التي تعكس شكلا من أشكال السلطة، مثل المجري فيكتور أوربان أو دونالد ترامب.
ويقول مدير المجلة الجيوسياسية « لو غران كونتينان » جيل غريساني لفرانس برس « يشهد العالم والمجتمعات تحولا كبيرا. ولم تعد العولمة الليبرالية توفر الإجابات لملايين الأشخاص القلقين بشأن هذه التغييرات الجذرية أحيانا في طريقة العيش مع الآخرين، أو التنقل أو الإنتاج ».
ويخلص إلى أن « النتيجة هي أن هناك طلبا قويا بشكل متزايد لوقف التغيير ».
عن (فرانس برس)
كلمات دلالية المتحدة الهند الولايات تركيا سياسية كورياالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المتحدة الهند الولايات تركيا سياسية كوريا الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
كوريا الشمالية تصنع أكبر سفينة حربية بقدرات خارقة
أظهرت صور جديدة التقطتها الأقمار الاصطناعية لأكبر سفينة حربية لكوريا الشمالية على الإطلاق.
وكشفت الصور التي التقطتها شركتا الأقمار الاصطناعية المستقلتان، ماكسار تكنولوجيز وبلانيت لابس، السفينة قيد الإنشاء في حوض لبناء السفن على الساحل الغربي لكوريا الشمالية، على بُعد نحو 60 كيلومترا جنوب غرب العاصمة بيونغيانغ.
وذكرت شبكة "سي إن إن"، أن محللين يعتقدون أن الصور تُظهر استمرار بناء الأسلحة والأنظمة الداخلية الأخرى للسفينة، التي يُرجح أنها فرقاطة صواريخ موجهة، مصممة لحمل الصواريخ في أنابيب إطلاق عمودية لاستخدامها ضد أهداف برية وبحرية.
كما أشار المحللون إلى أن السفينة، على ما يبدو، مُجهزة برادار متطور، قادر على تتبع التهديدات والأهداف بسرعة ودقة أكبر من القدرات الكورية الشمالية التي عرضتها سابقا.
ويبلغ طول السفينة الحربية نحو 459 قدما (140 مترا)، مما يجعلها أكبر سفينة حربية يتم تصنيعها في كوريا الشمالية، وفقا لتحليل أجراه جوزيف بيرموديز جونيور وجنيفر جون في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
وللمقارنة، يبلغ طول مدمرات البحرية الأميركية من فئة "أرلي بيرك" نحو 505 أقدام، في حين يبلغ طول فرقاطات البحرية الأميركية من فئة "كونستليشن" التي لا تزال قيد الإنشاء 496 قدما.
وقال كيم دوك كي، وهو أميرال كوري جنوبي متقاعد، إنه يعتقد أن موسكو ربما تُزوّد الفرقاطة الكورية الشمالية بالتكنولوجيا اللازمة لأنظمة الصواريخ.
وانخرط نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في تحديث سريع لقواته المسلحة، حيث طوّر مجموعة من الأسلحة الجديدة، واختبر صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على الوصول إلى أي مكان تقريبا في الولايات المتحدة.
وفعل كيم ذلك على الرغم من عقوبات الأمم المتحدة التي فرضت قيودا صارمة على وصوله إلى المواد والتكنولوجيا اللازمة لتطوير تلك الأسلحة.
ويرى محللون أن العلاقات الوثيقة مع روسيا منذ بداية حرب أوكرانيا قد تساعد كوريا الشمالية على تجاوز عقوبات الأمم المتحدة، وبالتالي تطويرها للمزيد من الأسلحة والقدرات العسكرية الحديثة.