تتمتع مصر بالعديد من الآثار القبطية والكنائس القديمة التى بنيت من آلاف السنين ولها تراث مميز تحمل فى طياتها فنوناً وعمارة فريدة، تعكس تطور الحضارة القبطية على مر العصور هذه الآثار ليست مجرد أحجار وأبنية، بل هى شاهدة على إيمان أجيال وأيقونة للتاريخ المصرى، وتمتلك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أكثر من 33 ديراً أثرياً فى مختلف محافظات مصر وبخاصة الصعيد بحسب ما هو موثق على الموقع الرسمى للكنيسة القبطية، فتحوى الكنيسة ضمن آثارها القبطية العديد من الأديرة غير المسجلة على موقعها الإلكترونى، تسجل واقع الحياة فى الفترات المختلفة التى عاشتها مصر من خلال أساليب البناء والرسومات على الجدران وغيرها من الفنون.

أسوار «البراموس» تتجاوز 11 مترا

كانت بداية الأديرة القبطية فى منطقة وادى النطرون، حيث جرى إنشاء أول دير وهو «البراموس» والذى تأسس على يد القديس مكاريوس والذى كان أول ناسك يسكن برية شيهيت نحو سنة 330 طلباً للهدوء والسكينة، وهو الذى أسس أول جماعة رهبانية هناك ليكتمل نمو سيق البراموس كجماعة رهبانية مكتملة حول كنيسة يصلون فيها ومغارات الرهبان تنتشر حولها دون أن يكون لها سور نحو سنة 356 ميلادياً، ويحتوى الدير على أسوار شاهقة بنيت بعد الغارة البربرية السادسة التى وقعت سنة 817 ميلاديا يصل ارتفاعها إلى 11 متراً وعرضها إلى مترين ونصف متر وأيضاً القصر ويستخدم للضيافة ومنارتين.

ويلى دير البراموس فى أديرة وادى النطرون دير الأنبا مكاريوس المعروف باسم «دير أبومقار»، وبدأ الدير فى الظهور فى الثلث الأخير من القرن الرابع 385 ميلادياً، حيث بدأ بقلاية الأب مقاريوس ثم تجمع حوله التلاميذ وبنوا قلاليهم على مسافات متباعدة، ثم جرى بناء كنيسة لإقامة الصلوات، إلى أن ظهرت القلالى المتلاصقة وكذلك مخازن وبئر قريب وغرف للمرضى والزائرين، ويمتلك الدير العديد من المعالم الأثرية وهى القوس الأثرى الذى أقيم فى زمن البابا بنيامين الأول البطريرك 38، قبة الميرون والتى أقيمت فى القرن الخامس بأمر البابا ثاؤفيلس الـ23، الحصن، المائدة القديمة، الطافوس، القلالى الأثرية، كنيسة أنبا مقار، كنيسة الشهيد أبسخيرون القلينى، كنيسة الشهداء الـ49، كنيسة القديسين بطرس وبولس.

  «الأنبا بيشوى» الأقدم في مصر والعالم ويرجع تاريخه إلى أواخر القرن الرابع الميلادى ويضم بئر الشهداء والمائدة الأثرية

وتتضمن أديرة وادى النطرون بداية التجمعات الرهبانية، مثل دير الأنبا بيشوى والذى يعد من أقدم الأديرة الموجودة فى مصر والعالم كله، حيث يرجع تاريخه إلى أواخر القرن الرابع الميلادى، وقد أسسه القديس الأنبا بيشوى، كما يمتلك العديد من الآثار القديمة والحديثة منها بئر الشهداء، المائدة الأثرية، الطاحونة الأثرية، الحصن القديم، القلالى القديمة، سور الدير، الطافوس، كاتدرائية دير الأنبا بيشوى، ويحتوى على 5 كنائس، من بينها الكنيسة الأثرية.

«السريان» بوادي النطرون احتضن الرهبان الراحلين من بلادهم بسبب الاضطهادات في سوريا والعراق 

ويأتى دير السريان كآخر الأديرة البرية الأربعة فى وادى النطرون حيث احتضن الرهبان السريان فيه فترة من الزمن، وقد رحلوا من بلدهم بسبب الاضطهادات فى سوريا والعراق وعاشوا فى هذا الدير ثم رجع لمؤسسيه الرهبان الأقباط واحتفظوا باسم الشهرة كما هو.

كما تضم الأديرة الأثرية القبطية دير الأمير تادرس الشاطبى والذى يعتبر من أقدم الأديرة بالمنطقة والتى لم تنل حظاً من المعرفة وهو يقع بالقرب من دير الشهيد العظيم مارمينا الشهير بـ«المعلق» بأبنوب، ويرجع إنشاء هذا الدير إلى القرن الرابع الميلادى، وكانت به حركة وحياة رهبانية حتى وقت قريب، وسمى باسم «دير الأمير»، ويُذكر أن القديس العظيم الشهيد الأمير تادرس الشطبى قد استراح فى هذا المكان وهو فى طريق رحلته إلى شطب للقاء والده، وقد زار الدير أيضاً القديس العظيم البابا أثناسيوس، البطريرك الـ20 من بطاركة الكنيسة القبطية، الملقب بحامى الإيمان، وذلك أثناء هروبه إلى صعيد مصر.

وتأسست الأديرة منطقة القلالى التى عرفت فيما بعد باسم «جبل الجلالة» على يد القديسين الأنبا أنطونيوس والأنبا أمون، ولقد ورد ذكرها فى كتاب يعرف باسم آباء الصحراء، حيث تجمع الرهبان حول الأنبا أنطونيوس يعيشون فى مغائر نحتوها لأنفسهم فى الجبل، وصارت المغارة هى الحجرة أو الوحدة التى يعيش فيها الراهب فى عزلة تامة عن العالم، وهذا ما يعرف بالقلاية، وحينما صار الجبل ممتلئاً بالمغائر (القلالى) أطلق عليه قبل القلالى أو جبل القلالة، والذى صار يعرف الآن بجبل الجلالة أو جبل الجلالى، لم يكن هناك فى ذلك الوقت ما يجمع الرهبان فى مكان واحد مغلق، ولكن فى عام 2003 أجرى الدير ترميماً كاملاً وشاملاً وبعض الحفريات، إذ جرى التوصل إلى بعض الاكتشافات المهمة لحياة الرهبان فى ذلك الزمان، وكيف بدأت أول نبتة ديرية فى هذا المكان وهو ما يمثل بداية نشأة دير القديس أنطونيوس فى نهاية القرن الثالث الميلادى وبداية القرن الرابع الميلادى، حيث جرى اكتشاف وادٍ يبلغ طوله ما يقرب من 150 متراً وعرضه 25 متراً وعمقه 2٫5 متر.

وتضم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أقدم كنيسة حجرية فى العالم وهى دير الأنبا شنودة المتوحد المعروف باسم «الدير الأبيض»، وترجع تسميته بالدير الأبيض إلى كونه مبنياً بالحجر الجيرى الأبيض، ويعود تاريخه إلى النصف الثانى من القرن الخامس الميلادى 441 ميلادياً، ويقع عند حافة الصحراء الغربية غرب سوهاج بنحو 7 كيلومترات، وإلى الشمال من مدينة أتريب نحو 3 كيلومترات، يحده من الشرق الطريق العام ومن الغرب سفح الجبل الغربى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الآثار القبطية السياحة الدينية العائلة المقدسة وادى النطرون الأنبا بیشوى دیر الأنبا

إقرأ أيضاً:

حرب إسرائيل على المعالم الأثرية محاولة لإبادة هوية غزة الثقافية وتاريخها

واقتفى "المرصد" -في حلقته بتاريخ (2024/4/14)- أثر ما ارتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المعالم الأثرية في قطاع غزة، في عملية تخريب ممنهج طالت عشرات المواقع والمباني التاريخية والدينية التي تحوّلت إلى ركام.

وتعد هذه العملية واحدة من أوسع عمليات التخريب لإرث ثقافي فلسطيني وإنساني ضخم، ومحاولة مكشوفة لإبادة الهوية الثقافية العريقة لمدينة غزة، إذ طال الدمار المساجد والكنائس والمتاحف والمراكز الثقافية والمكتبات العامة.

يقول مدير دائرة المواقع والتنقيب في وزارة السياحة والآثار الدكتور حمود الدهدار إن غزة واحدة من أهم وأقدم مدن العالم، وتعود إلى العصر الكنعاني.

ووفق حديث الدهدار لـ"المرصد"، فإن غزة تضم أكثر من 70% من المعالم الأثرية على مستوى قطاع غزة، كاشفا عن تضرر 316 موقعا تاريخيا وتراثيا جراء الحرب الإسرائيلية.

ودمر الاحتلال بشكل كامل 11 مسجدا تاريخيا من أصل 14، إضافة إلى تدمير متحف قصر الباشا الذي يضم قطعا أثرية تعود للشعب الفلسطيني وإلى ما قبل العهد العثماني، حسب الدهدار.

وكشف مدير دائرة المواقع والتنقيب في وزارة السياحة والآثار عن عمليات بحث جارية عن أي قطع أثرية وتاريخية خاصة بالمتحف، الذي كان يضم أكثر من 70 ألف قطعة أثرية.

إعلان

بدورها، قالت مديرة متحف قصر الباشا ناريمان خلة إن القصر يعود إلى نهاية الدولة المملوكية وبداية الدولة العثمانية، وكان يستخدم لحكم غزة.

وأوضحت خلة لـ"المرصد" أنه تم افتتاح متحف القصر في عام 2010، وكان يضم العديد من القطع الأثرية التي تعود إلى العصور اليونانية والبيزنطية والرومانية وغيرها، مشيرة إلى أن الاحتلال دمر المكان وجرفه خلال توغله في حي الدرج شرقي غزة أواخر 2023.

من جانبه، أكد الكاتب والروائي يسري الغول أن الاحتلال الإسرائيلي عمد إلى تدمير المكون الثقافي لتزييف الوعي التاريخي للمواطن الفلسطيني ووجوده على هذه الأرض المحتلة.

الموت تحت الأقدام

وتناول "المرصد" في قصته الثانية جرائم الحروب التي لا تنتهي بالتقادم، إذ يمر هذا العام نصف قرن على نهاية حرب فيتنام، غير أن نتائج تلك الحرب لا تزال مستمرة حتى اليوم.

ولا تزال تحصد الألغام حياة كثيرين، والمواد الكيميائية التي أُمطرت بها الحقول تشوّه الأجساد وتفتك بالأرض. وفي وقت يتهدد فيه الموت تحت الأقدام ملايين المدنيين، تتعثر جهود نزع الألغام بسبب نقص التمويل، وتخلي المنظمات الدولية عن تلك المهمة.

وفي إحيائها اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام، نبهت الأمم المتحدة إلى أن 100 مليون شخص حول العالم مهددون بخطر مخلفات الحروب والذخائر غير المنفجرة.

وتمتد خريطة الألغام عبر مناطق واسعة من العالم، إذ يستمر في دول البلقان مسح الحقول والغابات بعد مرور 30 عاما على نهاية الحرب.

وبينما تشكل ملايين القنابل العنقودية التي زرعتها إسرائيل في لبنان قاتلا صامتا يتربص بالمدنيين، تتسبب الألغام في أفغانستان في موت كثيرين وإعاقة أعداد لا تحصى، خصوصا من الأطفال.

14/4/2025

مقالات مشابهة

  • طبع كتاب تاريخي بعنوان "القليوبية من وهج الحضارة إلى ضوء الحاضر"
  • «صيحة»: توثق اغتصاب «8» نساء واختطاف «25» فتاة بمعسكر زمزم
  • زينة الكنائس القبطية في أسبوع الآلام.. طقوس تتجاوز الشكل إلى الروح
  • "أهمية موقع مصر عبر العصور".. ندوة تثقيفية بجامعة قناة السويس لطلاب المدارس بمعهد الدراسات الأفروآسيوية
  • الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أسبوع الآلام: طقس مختلف وروحانية خاصة
  • لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل على مواقع التواصل (فيديو)
  • من أدغال إفريقيا.. صلوات البصخة المقدسة في الكنيسة القبطية بدولة غانا
  • حرب إسرائيل على المعالم الأثرية محاولة لإبادة هوية غزة الثقافية وتاريخها
  • الذهب في الثقافات المختلفة.. رمز للثراء والقداسة عبر العصور
  • أجنبية توثق شعورها بالأمان في المملكة ..فيديو