سمّيت مدينة حمص في العام 2011 "عاصمة الثورة"، قبل أن يخرج المعارضون منها بعد قصف مدمر وحصار خانق من قوات الرئيس بشار الأسد. وقد عادت إلى الواجهة من جديد بعد أن سيطرت فصائل المعارضة على مدينتي الرستن وتلبيسة في ريفها الشمالي خلال تقدمها السريع في الأيام القليلة الماضية مرورا بحلب وحماة، وباتت قوات المعارضة على أبواب المدينة الإستراتيجية في وسط البلاد.
تقع حمص التي تعد ثالث أكبر مدينة في سوريا، في وسط البلاد على طريق يؤدي إلى العاصمة دمشق الواقعة على بعد 150 كيلومترا. وشهدت قتالا عنيفا دمر الأحياء القديمة فيها بشكل كبير، قبل أن تستعيد حكومة الأسد السيطرة عليها بالكامل في العام 2017.
وتضمّ حمص غالبية من المسلمين السنة وتشكل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد أقلية فيها، إضافة إلى أقلية مسيحية.
قبل اندلاع النزاع السوري، كانت حمص التي يقدّر عدد سكانها بنحو 800 ألف نسمة، تعدّ بمنزلة رئة اقتصادية للبلاد، إذ تقع في غربها وشرقها مصافٍ للنفط وحقول للغاز والعديد من المراكز الصناعية.
وتقع المحافظة التي تحمل الاسم ذاته في وسط البلاد، وتمتد حدودها الإدارية من لبنان غربا إلى العراق شرقا، كما تشكل صلة وصل بين شمال البلاد وجنوبها.
إعلانوكانت هذه المدينة من أوائل المدن التي شاركت في مارس/آذار 2011 في الانتفاضة ضدّ الرئيس بشار الأسد الذي تحكم عائلته سوريا منذ أكثر من نصف قرن.
كذلك، كانت حمص أول مدينة تشهد مواجهات مسلحة، عندما تحوّل قمع النظام للمظاهرات الشعبية التي شهدتها، إلى اشتباكات مسلحة.
في ذلك الحين، تحول حي بابا عمرو إلى معقل لما كان يعرف باسم "الجيش السوري الحر" والذي كان مكوّنا من عسكريين منشقين ومدنيين مسلحين، قبل أن يستعيد الجيش السيطرة عليه في مارس/آذار عام 2012.
وفرضت القوات الحكومية منذ يونيو/حزيران 2012، حصارا خانقا حول الأحياء الواقعة في حمص القديمة في وسط المدينة التي تعرّضت بشكل شبه يومي لقصف أدى إلى دمار واسع فيها.
خلال عامين من الحصار، قُتل نحو 2200 شخص في المدينة، واضطر الأشخاص الذين بقوا في حمص القديمة، والذين كانوا معزولين عن العالم من دون كهرباء أو اتصالات، إلى أن يأكلوا أعشابا ونباتات وأطعمة مجففة، إذ كانوا محرومين من الغذاء والدواء.
في مايو/أيار 2014، اضطُرّ معظم عناصر فصائل المعارضة إلى مغادرة المدينة. وتم إجلاؤهم بموجب أول اتفاق بين النظام والمعارضة منذ بداية الحرب.
وفي مايو/أيار 2017، سيطر النظام السوري على المدينة برمّتها بعد إجلاء آخر عناصر المعارضة الذين كانوا متحصّنين في حي الوعر في عملية أشرفت عليها روسيا.
مقتل صحفيينوقد أدت المعارك في حمص إلى مقتل الصحفية الأميركية ماري كولفن (56 عاما) والمصور الفرنسي ريمي أوشلك (28 عاما)، في 22 فبراير/شباط عام 2012. وكانا دخلا حمص بشكل غير نظامي، وقتلا في منزل كان تحول إلى مركز إعلامي للمعارضة في حي بابا عمرو.
ونُسب القصف الذي أودى بحياتهم إلى القوات السورية، وأمرت محكمة أميركية سوريا في العام 2019، بدفع أكثر من 300 مليون دولار لأقارب الصحفية ماري كولفن. كما دانت الحكومة في دمشق لارتكابها هجوما "غير مقبول" ضد وسائل الإعلام.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
من بن علي إلى بشار.. أبرز الرؤساء الذين خلعتهم الثورات
شهدت البلاد العربية والإسلامية عبر التاريخ عددا من الثورات والاحتجاجات، أبرزها ثورات الربيع العربي التي أشعلت تونس شرارتها عام 2011 وانتهت بإسقاط رئيسها زين العابدين بن علي، واستطاعت ثورات أخرى الإطاحة برؤساء وأنظمة حكم استمرت عقودا طويلة، منها الثورة السورية التي استمرت نحو 14 عاما، وأنهت حكم آل الأسد الذي استمر لأكثر من 60 عاما.
الثورة السورية تمكنت من إسقاط حكم عائلة الأسد الذي زاد عن 6 عقود (الجزيرة) بشار الأسدبشار الأسد سياسي وعسكري حكم سوريا عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد في العاشر من يونيو/حزيران من العام ذاته، وأجريت من أجل تعيينه تعديلات دستورية في زمن قياسي اعتُبرت الأسرع في البلاد، فأصبح بذلك أول رئيس عربي يخلف والده في الحكم بدولة نظامها جمهوري.
طالبت المعارضة السورية الأسد ألا ينهج نهج أبيه في الحكم، ونادت بإصلاحات سياسية واقتصادية، فبدأ نظام الأسد فورا شن سلسلة من الاعتقالات الواسعة، وقمع المعارضة وشدد الرقابة على المواطنين، واتسعت رقعة ممارسات أجهزة الاستخبارات السورية في الخارج، فتأزمت علاقات البلاد مع بعض الدول، أبرزها أميركا ولبنان.
وتأثر الشعب السوري بعد اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011 في تونس ومصر وليبيا واليمن، فانطلقت مظاهرات احتجاجية في 15 مارس/آذار من العام ذاته من العاصمة دمشق ومدن أخرى، وطالب الثوار بالحرية والإصلاح السياسي والتغيير.
رد الأسد على المظاهرات السلمية بالرصاص الحي، واعتقل المتظاهرين والناشطين، فتدهور الوضع الأمني بالبلاد، ثم لجأ الرئيس السوري إلى الدعم الخارجي لقمع الثورة، فحمل الثوار السلاح، وطالبوا بإسقاط النظام السوري، فدخلت البلاد بعدها في حرب سقط فيها مئات الآلاف من القتلى والجرحى.
إعلانوبعد مرور نحو 14 عاما على الحرب التي تدخلت فيها أطراف خارجية عدة، استطاعت المعارضة السورية إسقاط حكم آل الأسد الذي استمر أكثر من 60 عاما، عقب إطلاقها عملية "ردع العدوان" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وفي اليوم الـ11 كانت قد دخلت العاصمة دمشق.
وأعلنت المعارضة يومها السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري وإسقاط نظام الأسد، وذكرت وسائل إعلام غربية أن الأسد غادر البلاد وأسرته، في حين أعلنت روسيا أن الرئيس المخلوع استقال من منصبه.
عمر البشير وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري واستمر في حكم السودان 30 عاما (غيتي) عمر البشيرعمر البشير عسكري سوداني، وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري أطاح بحكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي في 30 يونيو/حزيران 1989، وظلّ بمنصبه 30 عاما شهد فيه السودان تقلبات أمنية وسياسية داخلية وخارجية.
اتهمته المحكمة الجنائية الدولية إلى جانب آخرين عام 2008، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الحرب التي دارت بإقليم دارفور ضد حركات مسلحة، وأصدرت بحقه مذكرة اعتقال بعد تحميله مسؤولية مقتل أكثر من 30 ألف شخص في هجمات شنتها القوات السودانية ومليشيات "الجنجويد" التي دعمتها حكومة البشير آنذاك.
واندلعت في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 احتجاجات ضد سياسات الحكومة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد، إذ ارتفعت أسعار الوقود والمواد الاستهلاكية وندرت، وانخفضت السيولة المالية في البلاد.
وقمعت قوات الشرطة السودانية المتظاهرين، واستخدمت ضدهم الرصاص الحي والغاز المدمع، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، فبدأ الثوار يطالبون بسقوط البشير ونظامه.
وفي السادس من أبريل/نيسان 2019، تمكن المحتجون من الوصول إلى موقع القيادة العامة للجيش السوداني، والاعتصام أمامه مطالبين الجيش بالانحياز لإرادة الشعب.
وفي صباح اليوم الـ11 من الشهر ذاته، أعلن المجلس العسكري الذي قاده وزير الدفاع حينذاك عوض بن عوف؛ عزل البشير وفرض حالة الطوارئ وتعطيل العمل بالدستور، لكن بن عوف تنازل عن منصبه بعد يومين، وسلم رئاسة البلاد للفريق عبد الفتاح البرهان.
علي عبد الله صالح تنحى عن الرئاسة في 27 فبراير/شباط 2012 بعد 33 عاما من حكم اليمن (غيتي) علي عبد الله صالحعلي عبد الله صالح سياسي وعسكري يمني، حكم اليمن الشمالي عام 1979، وتعرّض لمحاولة انقلاب عامها لكنها لم تنجح، فقرر الاعتماد بعدها على مقربين منه لإدارة الجيش والمؤسسات الأمنية، وأسند إليهم الوظائف المهمة في الدولة.
وبعد إعلان الوحدة اليمنية عام 1990 ترأس صالح اليمن، إلا أن الأوضاع لم تكن مستقرة في البلاد، وحدثت توترات عسكرية جنوب اليمن وشماله، ثم دخلت البلاد في حرب شاملة انتصرت فيها قوات سُميت "شرعية" بقيادة صالح، وفي 1999 أصبح أول رئيس ينتخبه الشعب اليمني بشكل مباشر.
ومع تصاعد التوترات في اليمن، خرج أهل اليمن للتظاهر مطلع عام 2011، واعتصموا في مختلف مدن البلاد متأثرين بموجة الثورات التي انطلقت في بلاد عربية حينذاك، وطالب المتظاهرون بإسقاط صالح ونظامه.
إعلانوفي 3 يونيو/حزيران 2011، تعرض صالح لمحاولة اغتيال أصيب فيها إصابات بالغة، ونقل على أثرها إلى السعودية لتلقي العلاج، ثم عاد إلى اليمن، ووقع اتفاقية برعاية مجلس التعاون الخليجي وجهات أخرى لنقل السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، والحصول على حصانة من الملاحقة.
وتنحى صالح عن الرئاسة في 27 فبراير/شباط 2012، بعد 33 عاما من حكم البلاد؛ ثلثها كان يحكم فيها اليمن الشمالي وحده، ليقتل أخيرا يوم 4 ديسمبر/كانون الأول 2017 بعد اشتباكات بين الحوثيين وموالين له.
معمر القذافي وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري وحكم ليبيا 42 عاما (غيتي) معمر القذافيمعمر القذافي عسكري وسياسي ليبي، وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري على إدريس السنوسي ملك المملكة الليبية آنذاك عام 1969، وأعلن قيام الجمهورية في ليبيا التي تحول اسمها لاحقا إلى الجماهيرية.
وعُرف عن القذافي ارتباطه القوي بالرئيس المصري جمال عبد الناصر، ودعواته القوية للوحدة العربية، حتى إنه كان من المتحمسين للوحدة الاندماجية مع جيرانه العرب مثل مصر وتونس.
وتوترت العلاقة بينه وبين الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، بسبب تصريحاته ومواقفه ونشاطاته التي اعتبرتها القوى الغربية معادية لها وداعمة "للإرهاب الدولي".
وحكم القذافي البلاد لعقود، واتُّهِم فيها أفراد عائلته بالفساد وإهدار مقدرات البلاد وكبت الحريات، وأدت هذه التراكمات إلى اندلاع الثورة الليبية في 17 فبراير/شباط 2011، وطالبوا الثوار برحيل القذافي ونظامه، وإقامة نظام ديمقراطي تعددي.
وسرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى مواجهات مسلحة بين المحتجين وكتائب القذافي التي اتهمت بقتل آلاف المدنيين، ورفض الرئيس كل الدعوات التي طالبته بالتخلي عن الحكم وأصر على تمسكه بالسلطة، متهما الثوار بالخيانة والعمالة للغرب.
وبعد أشهر من اندلاع الثورة، قتل القذافي في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011 في مسقط رأسه بمدينة سرت، حيث ألقي القبض عليه من ثوار مدينة مصراتة إثر قصف موكبه الذي كان يحاول الخروج من سرت.
زين العابدين بن علي وصل إلى السلطة في تونس بانقلاب على الحبيب بورقيبة وحكم البلاد 24 عاما (الأوروبية) زين العابدين بن عليزين العابدين بن علي سياسي حكم تونس في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1987 بعد انقلابه على الرئيس حبيب بورقيبة الذي كان مريضا، فأعلن نفسه رئيسا للبلاد بدعوى عجز بورقيبة عن الاضطلاع بمهامه الرئاسية.
إعلانأرسى بن علي نظاما عُرف بالسلطوي والقمعي، واتهم بالفساد واستغلال النفوذ في انتخابات عامي 1989 و1994، لكن شرارة الثورة التونسية أشعلها الشاب محمد البوعزيزي الذي حرق نفسه في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 احتجاجا على إهانة كرامته من طرف شرطية تونسية، فخرج التونسيون يطالبون برحيل بن علي.
وفي 14 يناير/كانون الثاني 2011، وبعد أسابيع من اندلاع الثورة، هرب بن علي من البلاد، وبقي في المنفى حتى وفاته في 19 سبتمبر/أيول 2019.
حسني مبارك تنحى عن الحكم في 11 فبراير/شباط 2011 (غيتي) حسني مباركحسني مبارك عسكري مصري، تولى رئاسة مصر عقب اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في أكتوبر/تشرين الأول 1981، أثناء عرض عسكري، ورشح لرئاسة البلاد باستفتاء شعبي، وأعيد انتخابه مرات عدة.
وشارك في فترة حكم السادات في مباحثات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وانتهت بتوقيع الاتفاقية عام 1978، واستطاعت مصر في عهد مبارك استرجاع أراضيها في شبه جزيرة سيناء بما في ذلك منطقة طابا عام 1989.
وفي 25 يناير/كانون الثاني 2011، اندلعت الثورة في البلاد بسبب تردي الأوضاع المعيشية للسكان الذين طالبوا بالعيش الكريم والعدالة الاجتماعية والحرية، واستمر الحراك 18 يوما، لينتهي بإعلان الرئيس مبارك تنحيه عن الحكم في 11 فبراير/شباط من العام ذاته، وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية مقاليد الحكم حتى 30 يونيو/حزيران 2012.
وقُدم مبارك للمحاكمة بتهم تتعلق بقتل المتظاهرين في الثورة، وقضت المحكمة بمعاقبته بالسجن المؤبد، وظلّ في السجن حتى تبرئته عام 2017 من معظم التهم، فخرج من السجن حتى وفاته في 25 فبراير/شباط 2020 بعد معاناة مع المرض.
محمد رضا بهلوي تقلد حكم إيران عام 1941 بعد تنازل والده له وبقي في الحكم 38 عاما (غيتي) الشاه محمد رضا بهلويمحمد رضا بهلوي عسكري إيراني، اعتلى عرش إيران بعد تنازل والده له في 16 سبتمبر/أيلول 1941، ولقب بالشاه محمد رضا. نجا من محاولة اغتيال عام 1949 على يد أحد أعضاء حزب توده اليساري.
إعلانوفي أوائل خمسينيات القرن الـ20، نشب خلاف بين بهلوي ومحمد مصدق أحد أبرز القوميين الإيرانيين والقادة السياسيين في البلاد، فقرر بهلوي الفرار من إيران، ثم عاد لاحقا وأطلق برنامجه الإصلاحي الذي عرف بـ"الثورة البيضاء" عام 1963 بالتعاون مع الولايات المتحدة.
ووجد برنامجه انتقادات واسعة لا سيما من علماء الدين الإيرانيين الذين اتهموه بالتعاون مع الغرب، وتعالت الأصوات الرافضة لبرنامجه، لكن الشاه واجه الانتقادات بتشديد الإجراءات القمعية.
وفي عام 1979، اندلعت الثورة الإيرانية التي نادت بعودة آية الله الخميني الذي كان في المنفى. وفي 16 يناير/كانون الثاني من العام ذاته فرّ بهلوي خارج البلاد، وتوفي في مصر عام 1980.