أستبدل هنا لفظ مسافة لـ«الزمن» فقط لضرورة سياقات المناقشة للطرح، بينما الأصح في تقديري الشخصي أن يتم استخدام الـ«فترة» للزمن، ويطلق لفظ المسافة للمعرفة بين نقطتين تمثلها الأولى نقطة «أ» والثانية نقطة «ب» فنقول ما بين هاتين النقطتين مسافة خمسة من الكيلومترات، أو أكثر أو أقل، بينما نقول في حالة الزمن إن بين هاتين النقطتين فترة زمنية مقدرة بساعة أو ساعتين، أقل أو أكثر.
أما لماذا نحن ممتحنون بين هاتين المسافتين، وفق ما جاء في العنوان؟ فذلك لأننا واقعون في مأزق الإخفاق في كثير من أنشطتنا اليومية بين هاتين النقطتين، والنقطة الأولى هنا هي: مسافة الصفر التي نقف عليها، والفترة الزمنية الصفر التي نبدأ منها، بينما النقطة الثانية هي: التي يقف عليها الآخر، سواء أكان هذا الآخر شخصا أو مؤسسة، أو مسجدا، أو مجلسا، أو مزرعة، أو سوقا، وفي مجموعة كل هذه المسميات وغيرها التي تمثلها النقطة الثانية تظل هي مجموع ونتائج محصلتنا من ممارسات صحيحة أو غير صحيحة، التي نجنيها في المسافتين الفاصلتين بين هاتين النقطتين، وفحوى هذا الإخفاق يتمثل في: تقصيرنا في التزامنا بما نتعهد به على أنفسنا، إخفاقنا في أداء ما أنيط به علينا من مسؤوليات وواجبات، امتهاننا للتبريرات والعلل خوفا من تحملنا المسؤولية، عدم تحلينا بالشجاعة الكاملة للاعتراف بأخطائنا، تحاشينا عن عتب الآخرين من حولنا علينا، نريد أن تكون صورتنا نقية على طول خط سير حياتنا، تحييد مجموعة الأخطاء التي نرتكبها في حق الآخرين وفي حق أنفسنا حتى نبقى أتقياء بلا رتوش، عدم قدرتنا على توظيف مواهبنا، وقدراتنا، ومجموع خبراتنا وتجاربنا، قناعاتنا بأننا كل ما نقوم به لا تشوبه الأخطاء والإخفاقات، ملتزمون بعد تغيير مواقفنا، نرى في ممارساتنا الخاطئة صوابا، ولو كان خطأ.
في أعمارنا الأولى تتلبس حياتنا الكثير من الفوضى، بين هاتين النقطتين: لا نلتزم بالوقت، لا نؤدي ما يطلب منا بصورة صحيحة، نبدي الكثير من الأعذار غير الواقعية، نتجاوز قدراتنا حتى لا نهزم ولو بتعليق، لا يهم إن خسرنا في شيء ما، ليس هناك سقفا محددا لمستويات احترام الآخر، ومع النمو الجسدي والفكري، تبدأ هذه الأخطاء تقل تدريجيا إلى أن تصل نسبها القليلة جدا، لأننا استفدنا كثيرا من أخطاء الماضي حيث أصبحنا نضع لكل شيء حساباته الدقيقة، وكذلك لأن حركتنا بين المسافتين قلت إلى حد كبير، ولعل الأخير هو الأكيد، فاستحقاقات العمر لها حساباتها الدقيقة، لا تقبل المجازفة إطلاقا، ولا تتحملها كذلك، فكم نكون خجولين عندما نخفق في أي أمر بين هاتين النقطتين، مع أن المسافتين لم يطرأ عليهما أي تغيير.
«ممتحنون.. بين مسافتين»: يظل مفهوما معياريا قابل للمقارنة بين كل مشروعات حيواتنا التي نعيشها بدءا منذ لحظة وعينا بكثير من تفاصيل الحياة، وإلى آخر لحظة من أعمارنا، مع نمو المسؤوليات، وتبدل الأدوار، وتزاحم الظروف، والأهم من ذلك إلى أي حد يمكن لكل منا أن يحقق نسبا مرتفعة من النجاح في هذا الامتحان المستمر، فالذي لا يزال يكرر الأخطاء نفسها، لم يستفد إطلاقا من تجربة حياته من هاتين المسافتين الفاصلتين، ومن يحقق نسبا ضئيلة أيضا لم يستفد بالقدر الكافي من تجربة حياته، ومن يحقق نسبا قياسية، فذلك أدرك أن الحياة لا تستحق أن يجازف بأكثر مما قام به، فالقناعات تولد النهايات الرائعة للغايات.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يحقق باستخدام فلسطينيين كدروع بشرية في أنفاق غزة
بعد أن استخدم جنود الجيش الإسرائيلي المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية خلال الحرب في غزة، يجري الآن الجيش الإسرائيلي تحقيقاً في هذه القضية من أجل محاسبة المسؤولين عن ذلك.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أنه تم إدخال فلسطينيين مدنيين في أنفاق للتأكد من أنها غير مفخخة واستخدامهم كدروع بشرية، حيث نشرت منظمة "كسر الصمت، وهي منظمة تُتيح للجنود الإسرائيليين التعبير عن آرائهم والتحقق من شهادتهم، صورة تُظهر جندياً يحرس سجيناً فلسطينياً مكبّل اليدين.
وهذه هي المرة الأولى التي يُقرّ فيها الجيش بوجود "شكوك معقولة" تدفع للاعتقاد بأن الجنود أجبروا المدنيين على المشاركة في العمليات العسكرية.
وفتحت شعبة التحقيقات الجنائية في الشرطة العسكرية تحقيقات بعد نشوء شكوك معقولة بشأن استخدام فلسطينيين في مهام عسكرية خلال العمليات.
وأضاف الجيش الإسرائيلي "لا تزال هذه التحقيقات جارية، وبالتالي لا يمكن تقديم تفاصيل أخرى في الوقت الحالي".
وكان جندي إسرائيلي صرح قبل أشهر بأن وحدته أجبرت رجلاً فلسطينياً على دخول مبنى وأوضح قائلاً: "إذا وُجدت أي أفخاخ، فإنها ستنفجر به وليس بنا".
الجيش الإسرائيلي يقصف فلسطينيين حاولوا الاستحواذ على طائرة دون طيار سقطت في غزة - موقع 24أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم السبت، قصف طائرة دون طيار أطلقها إلى قطاع غزة، واستهداف فلسطينيين حاولوا الاستحواذ عليها في جنوب القطاع.ووُصفت هذه الممارسة بأنها شائعة في الجيش الإسرائيلي لدرجة أنها أُطلق عليها اسم "بروتوكول البعوض"، ولا يُعرف بدقة نطاق ومدى هذه الممارسة التي مارسها الجيش الإسرائيلي.