جداريات التراث الواحاتى تزين مداخل المدن والعاصمة الإدارية
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
تعتبر مدينة الخارجة بالوادي الجديد صديقة للبيئة، نتيجة الحفاظ على نظافة وجمال شوارع وميادين وأحياء المدينة من خلال رسم الجداريات العملاقة على أسوار ومداخل المدينة بخامات صديقه للبيئة، فضلا عن تزيين مدخل العاصمة الإدارية بجداريات تحكي تراث الواحه بريشة الفنان أحمد السعداوي.
تابع اللواء دكتور محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد اكثر من مره مدخل العاصمه الاداريه قبل افتتاحه فضلا عن أعمال تطوير ورفع كفاءة الممشى السياحي شمال مدينة الخارجة، يرافقه جهاد متولي رئيس المركز، حيث وجّه بإنشاء جداريات فنية لإضفاء مظهر حضاري لمدخل المدينة، وتخصيص مساحة من الممشى كمرسم للأطفال وإجراء مسابقات فنية بين طلاب المدارس، كما شدد على طلاء واجهات المنازل بالمناطق المحيطة والمُطلة على الممشى؛ حفاظًا على المظهر الجمالي، ومراجعة صلاحية أعمدة الإنارة بطول الممشى.
واستجابة للمبادرة التى طرحها المحافظ برسم الجداريات الفنية تسابق فنانو ومبدعو المحافظة فى إنتاج الأعمال الفنية الابداعية التى تعكس تراث الواحات القديمة وتروى ملامح من روتين الأسرة الواحاتية ، وتتمثل أغلبها فى تصوير ملامح البيئة الواحاتية وتراث واحات الوادي الجديد القديمة، وترتكز على أهم مكونات المجتمع الواحاتى كالنخيل والبيت الواحاتى والبيئة التى تمزج بين الصحراء والخضرة الزراعية ، حيث تجسد اللوحة بتضاريسها ومعالمها والتي ابدع في تجسيدها الفنان احمد السعداوي ابن مدينة الداخله والذي جسدها بأبعاد وزوايا تعكس رؤيته الخاصه الذى رسمها حيث تنتشر مئات الأعمال الفنية التى تحكى تراث الواحات القديمة فى الوادى الجديد وتجسد أهم ملامح البيئة الواحاتية وفصول من الروتين اليومى لسكان الواحات حيث تعتمد على مكونات الطبيعة من رمال وخشب ومواد لاصقة.
وساهمت الأجهزة التنفيذية المختصة بالمحافظة فى دعم انتشار هذا الفن الابداعى من خلال عدد من الفعاليات، حيث نفذت مديريه الشباب والرياضة الممثلة فى إداره تمكين الشباب دورات تدريبية فى مجال المهن الحرفيه علمنى حرفه ، وشملت التدريب على الرسم من داخل قاعه مركز التنميه الشبابية، والتى تتضمن وحدة للتدريب على فن الرسم من خلال عدة مراحل تتمثل فى ورشة التشكيل ، وقسم والتلوين وعن المواد المستخدمه فيه، كما نظم قطاع التعليم بالمحافظة عدد كبير من ورش العمل الإبداعية تحت إشراف إدارة الموهوبين والتوجيه الفنى لتدريب طلاب المدارس على رسم اللوحات الفنية.
كما شاركت طالبات ومعلمات مدرسة مدرسة الخارجة الثانوية الفنية للبنات بمحافظة الوادي الجديد أعمال زخرفة أسوار المصالح الحكومية بلوحات فنية فرعونية ضمن أعمال المشاركة المجتمعية لقطاع التعليم في تزيين مدينة الخارجة، وتم تجميل وتزيين سور محطة مياه الخارجة برسومات فنية متميزة وبإشراف متميز لمدير إدارة المدرسة والذين ابدعوا فى تزيين وتجميل سور محطة المياه ليظهر بأجمل الصور والرسومات الفرعونية والثياب الطلائية وأزهى الألوان العصرية المتناغمة وذلك بالتعاون مع الوحدة المحلية بالخارجة لاقت ترحيبا كبيرا من جانب المواطنين، خاصة أنها ساهمت في إضافة مظهر حضاري وجمالى بشوارع المدينة .
كما تزخر الواحات بالعديد من الأسماء التى اشتهرت فى فن الرسم والنحت ومنهم الفنان أحمد السعداوي وعلى ماهر والراحل بدر عبد المغنى والراحل حامد سرور والراحل إسماعيل مخلوف، بالإضافة إلى الفنان عيد جانب الذي أسس مدرسة فنية لتدريب تلاميذ المدارس على الرسم بالرمال وساهم فى إنتاج العديد من اللوحات والجداريات التى تزين اسوار ومداخل مدينة الخارجة ، وكذلك الفنانة سماح ترك ابنة مدينة موط بالداخلة والتى شاركت فى العديد من المعارض الفنية بأعمال فنية متنوعة من بينها لوحات رملية وغيرهم من الفنانين الذين يبدعون فى هذا التخصص الفنى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الوادى الجديد جداريات الخارجه المزيد المزيد مدینة الخارجة
إقرأ أيضاً:
أمجد مصطفى يكتب: 50 عاماً على الميلاد الجديد لكوكب الشرق
لم تكن سيدة تٌغَنِّى... لم تكن مجرد صوت مبهر.
لم تكن أم كلثوم مجرد صوت عظيم، ولا مجرد مطربة، بل كانت موهبة فاقت كل المواهب، وصاحبة إمكانيات قلَّ نظيرها. هى مؤسسة ثقافية متكاملة، تعلمت وأتقنت كيف تختار ما تقدمه للناس. اختارت «الأطلال»، «مصر تتحدث عن نفسها»، «رباعيات الخيام»، «القلب يعشق كل جميل»، «أروح لمين»، «أراك عصى الدمع»، «ثورة الشك»، «سلو قلبى»، «من أجل عينيك»، «هذه ليلتى»، و»ولد الهدى». كلمات وألحان شكلت تجربة فنية فريدة، أكدت أن أم كلثوم لم تكن مجرد مطربة، بل كانت متذوقة للشعر بكل ما يحمله من صور ومعانٍ، فاختياراتها تعكس ثقافة واسعة، وعقلية تتحدى الزمن، وفكراً يسبق عصرها.
أم كلثوم التى يقال انها رحلت قبل نصف قرن، ما زال صوتها يصدح بالغناء، لأنها فى الحقيقة لم ترحل قبل نصف قرن، بل كتبت لها شهادة ميلاد جديدة، لأنها دخلت اختبارًا جديدًا لصوتها، هو اختبار الخلود الابدى.
أصبح صوتها يهز الأرض ويطرب الأذن والقلوب عبر أجيال وأزمنة مختلفة. نعم إنها وحدت المذاج العام. لأنها كما ذكرت، لم تكن مجرد صوت يغنى، بل كانت أكاديمية للفنون منحت شهادات التفوق لكل من عمل معها، سواء على مستوى العزف أو التلحين أو التأليف.
هى التى اختارت أن تغنى «مصر تتحدث عن نفسها» من شعر حافظ إبراهيم وألحان رياض السنباطى، وقالت فيها:
وقف الخلق ينظرون جميعاً
كيف أبنى قواعد المجد وحدي
وبناة الأهرام فى سالف الدهر
كفونى الكلام عند التحدى
أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق
ودرته فرائد عقدى
إن مجدى فى الأوليات عريق
من له مثل أولياتى ومجدى
أنا إن قدَّر الإله مماتى
لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى
ما رمانى رامٍ وراح سليماً
من قديم عناية الله جندى
كم بغت دولة عليّ وجارت
ثم زالت وتلك عقبى التعدي
إننى حرة كسرت قيودى
رغم أنف العدا وقطعت قيدى
أتُرانى وقد طويت حياتى
فى مراس لم أبلغ اليوم رشدى
أمن العدل أنهم يردون الماء صفواً
وأن يُكدَّر وردى؟
أمن الحق أنهم يطلقون الأسد منهم
وأن تقيد أُسدي؟
نظر الله لى فأرشد أبنائي
فشدوا إلى العُلا أيَّ شد
إنما الحق قوة من قوى الديان
أمضى من كل أبيض هندى
قد وعدت العلا بكل أبى من رجالى
فأنجزوا اليوم وعدى
وارفعوا دولتى على العلم والأخلاق
فالعلم وحده ليس يجدى
نحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء فيه
وعثرة الرأى تُردى
فقفوا فيه وقفة الحزم وارموا جانبيه
بعزمة المستعد.
كما غنت من شعر أحمد رامى وألحان السنباطى «مصر التى فى خاطرى»:
مصر التى فى خاطرى وفى فمى
أحبها من كل روحى ودمى
يا ليت كل مؤمن بعزها يحبها حبى لها
بنى الحمى والوطن، من منكم يحبها مثلى أنا؟
نحبها من روحنا ونفتديها بالعزيز الأكرم
من عمرنا وجهدنا.
غنت للرسول الكريم من شعر أحمد شوقى وألحان السنباطى «ولد الهدى»:
ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والملأ الملائك حوله
للدين والدنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهى
والمنتهى والسدرة العصماء
القوة الناعمة
أم كلثوم وضعت حجر الأساس للقوة الناعمة عندما غنت لكل القضايا الوطنية، للحرب والسلام. أبرز هذه الأعمال أغنية «بالسلام إحنا بادينا» من كلمات بيرم التونسى وألحان محمد الموجى، والتى كانت ممنوعة من الإذاعة فترة طويلة ثم استُدعيَت لتصبح رمزاً للسلام. كما دعمت المجهود الحربى داخلياً وخارجياً.
أم كلثوم وزيارتها لفلسطين
ذهبت أم كلثوم إلى فلسطين وهى ما زالت فى مرحلة الشباب، وغنت هناك دون أن تخشى ردود فعل الصهاينة واليهود فى ذلك الوقت، ولتلك الزيارة قصة تستحق الذكر.
كوكب الشرق من يافا وحيفا إلى القدس
كانت أم كلثوم حريصة على الغناء لفلسطين وقدمت لها أعمالاً مثل «أصبح عندى الآن بندقية... إلى فلسطين خذونى معكم» وغيرها. حرصت على زيارة فلسطين قبل الاحتلال، وأحيت عدداً من الحفلات فى مدنها، وفى إحدى زياراتها أُطلق عليها لقب «كوكب الشرق» بعدما غنت القصائد لها وتبرعت لدعم قضيتها.
كانت مدينة يافا محطتها الأولى فى عام 1931، بعدما وصلت إلى مينائها عبر سفينة. هناك، أحيت حفلة ساهرة فى قاعة أبولو، التى ازدانت واجهتها المركزية بتمثال لها. كان فى انتظارها الآلاف من كل أنحاء فلسطين، حيث استعدت يافا طيلة أسبوع لاستقبال كوكب الشرق، وقامت نقابة البحارة بتنظيم تلك الزيارة مقابل مائتى ليرة عن كل حفل.
استناداً إلى الأرشيف، نشرت الصحف الفلسطينية فى فترة الانتداب إعلاناً احتفالياً بعنوان: «أعياد الطرب والسرور فى مدن فلسطين العامرة بتشريف المطربة الفنانة بلبلة الشرق والأقطار العربية».
مثلما فعلت فى يافا، أحيت أم كلثوم حفلات فى القدس وحيفا عامى 1931 و1935. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «بريد اليوم»، عبّر مواطنون من القدس عن تفاعلهم الكبير معها خلال حفلة غنت فيها أغنية «يا بشير الأنس»، التى أبكت الجمهور.
وفى حيفا، استقبلها رئيس البلدية، حسب بيك شكرى، مع وجهاء المدينة. غنت داخل سينما «عين دور»، بحضور أعداد كبيرة من الجمهور، الذين توافدوا من مختلف المدن الفلسطينية، رغم ارتفاع أسعار التذاكر والأزمة الاقتصادية التى كانت تعصف بالبلاد.
وفقاً لمؤرخين فلسطينيين، حازت أم كلثوم على لقب «كوكب الشرق» من قلب مدينة حيفا، عندما صرخت إحدى الفلسطينيات قائلةً: «أم كلثوم، أنت كوكب الشرق»، بعد تأثرها بأدائها أغنية «أفديه إن حفظ الهوى».
تشير الوثائق إلى أن أم كلثوم تبرعت بجزء من أجرها لصالح دعم جهود منع تهجير اليهود إلى فلسطين، قبل إعلان قيام دولة إسرائيل.
أم كلثوم هو الصوت الوحيد الذى جعل أصحاب الشعر الأبيض يذهبون فى اتجاه الراديو فى وقت واحد، ليلتفوا حوله. وهى التى جعلت الشباب يسمعون لغة غنائية مختلفة عن التى تربوا عليها.
هى الصوت الذى وحّد العرب من المحيط إلى الخليج فى الخميس الأول من كل شهر.
ختاماً، أن كل الأذواق توحدت خلف صوت أم كلثوم، فهى لم تكن مجرد مطربة، بل كانت رمزاً خالداً للفن والثقافة والوطنية، وصوتاً يُخلّد فى ذاكرة العرب جميعاً.