تعددت مضامين المقابلة التي أجراها زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، مع قناة "سي أن أن" الأمريكية، وبرزت فيها 3 مضامين مختلفة.

وبالنظر إلى ما ورد في المقابلة، يمكن حصر هذه المضامين برسائل داخلية إلى الشعب السوري بكافة فئاته، ورسائل إلى الدول العربية والعالمية، بالإضافة إلى التطرق للوضع الميداني العسكري.



وحول الوضع الميداني عسكريا على الأرض رفض الجولاني الكشف عن اتجاه القوات التي تتحرك للسيطرة على المناطق، وشددت على ما بعد السيطرة على حماة ليس كما قبلها، في ظل الانهيارات المتلاحقة للنظام.

وشدد على ضرورة الحذر في التحرك الميداني، وعدم التفاؤل مع التركيز على اليقظة بحسب قوله لتجنب الخسائر، وضرورة الانتظار لرؤية النتائج على الأرض أفضل من الحديث عنها.



وكشف عن توحيد الفصائل المقاتلة خلال السنوات الماضية، مستفيدة من دروس مع حدث خلال السنوات الأولى للأحداث في سوريا، وإعادة هيكلتها وخلق حالة من الانضباط والتدريب لخوض المعركة مع النظام مرة أخرى بصورة أكثر تنظيما، فضلا عن نقل "الثورة" من حالة الفوضى والعشوائية، إلى المؤسسية سواء مدنيا أو عسكريا.


أما على صعيد الرسائل الموجهة للمحيط العربي والدولي، فاستعرض الجولاني ما آلت إليه بنية النظام الحالي، رغم الدعم الذي يتلقاه من إيران وحزب الله وروسيا، وأن البنية باتت ضعيفة وحلفاؤه منشغلون بحروب أخرى.

ولفت إلى أن محاولة إحياء النظام من قبل الإيرانيين والروس، لم تفلح لأن النظام كان ميتا بالفعل، ورأى بأن الترحيب العربي والدولي بالأسد وكأنه نجا من الحرب كانت محاولة زائفة.

واعتبر تقييم الدول العربية للوضع في سوريا، بالخاطئ، ومحاولة دول عربية فصل الأسد عن إيران مستحيلة لأنها علاقة تبعية وأن إيران قادرة على الانفصال عنه وليس العكس.

كما وجه اللوم إلى الدول التي صورت النظام بأنه منتصر، بأنها "ظلمت الأطفال والنساء" الذين تعرضوا للاغتصاب في السجون، فضلا عن النازحين والمشردين في أنحاء العالم والغارقين في البحار والقاطنين في خيام النزوح على حدود الدول المحيطة.

أما على صعيد الرسائل المستهدفة للداخل، فكانت في جلها تطمينات للمجتمع السوري، لمستقبل البلاد، وخاصة الخلفية الإسلامية التي جاء منها الجولاني، وتوضيح أن خشية الناس من الحكم الإسلامي، تعود إما للتطبيق الخاطئ أو عدم الفهم الصحيح، والتشديد على أن الحديث عن شكل حكم متناسق مع تقاليد وطبيعة المنطقة وبناء المؤسسات بالدرجة الأولى.

كما أشار إلى ضرورة أن يكون الحكم مؤسسيا وليس حكم أفراد أو وفقا للمزاجية الشخصية، لاتخاذ قرارات تعسفية على يد حاكم واحد.

وبعث برسائل طمأنة إلى الأقليات والمكونات في سوريا، مشيرا إلى قلقهم من مرحلة ما بعد سقوط النظام، وقال إن الطوائف في سوريا تعايشت مئات السنين، ولا يحق لأحد محوها، وشدد على ضرورة وجود إطار قانوني لحماية حقوق الجميع وليس نظاما لخدمة طائفة واحدة كما فعل الأسد.

وفيما يتعلق بالشأن الخاص بهيئة تحرير الشام، فأعاد الإشارة إلى أنها قد تذوب في أي وقت، وليست هي الهدف في مستقبل سوريا، مشيرا إلى وجود مشروع أكبر وهو بناء الدولة السورية.



وأكد حدوث تغيرات على نمطية التفكير لديه بعد أن كان جزءا من تنظيم القاعدة عبر جبهة النصرة مرورا بالتحولات حتى وصلت إلى هيئة تحرير الشام، وكيف أن التنظيمات تتشابه مع شخصية الإنسان في مراحله العمرية المختلفة.

وحول تصنيفه بالإرهاب وجه تساؤلا إلى الدول الغربية حول معنى ماهية الإرهابي، وتأكيده على القوى الكبرى شنت حروبا وتضمنت أعمالا إرهابية عبر قتل المدنيين وتدمير البيوت على رؤوس السكان، والتهجير القسري، وطرح أسئلة حول الجهة التي يمكن أن تحاسبها، نافيا في الوقت ذاته قيامهم بمثل هذه الأفعال وأن عملهم العسكري دفاعا عن الأرض والشعب السوري.

وبرز في حديثه الانفتاح على الحوار مع القوى التي صنفت الهيئة بالإرهاب، وأن التصنيف يعتمد على توجهات سياسية لخدمة أجندات معينة.

وأثارت المقابلة وما جاء في فيها تفاعلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعلق مشاركون بالقول:

مع ان أمريكا تضع جائزة 10 مليون دولار على رأس #الجولاني
ترسل قناة سي إن إن لعمل مقابلة نفخ معه!
هذا يذكرنا بسراج حقاني المطلوب أيضا وعلى رأسه مكافأة مليونية بينما هو وزير ويتجول بين قواعد أمريكا ويستضيفه حلفائها
بما يذكرنا أيضا بسرعة انهيار جيش افغانستان امام #طالبان#ردع_العدوان pic.twitter.com/9b4uaNqqWH — المهيب (@abu3antar17) December 6, 2024

لا تركن والله ماهم حولك وقد بعث الجولاني برسالة تطمينيه لاسرائيل ان وجهتهم هي اسقاط بشار فقط وقد ضهر في مقابلة ع قناة CNN الامريكية يطمن الجميع وخص بذالك رسائل تطمينية لامريكا ان لاقلق وهدفه تغيير نظام جديد والانفتاح على كل المنطقة ليعم السلام على كل الجوار والمحيط. pic.twitter.com/myM6OJTVkO — Amar Abu hadi عمار ابو هادي بديل٢ (@AmarAbuhadi1000) December 6, 2024

مقابلة سي أن أن مع أحمد الشرع "الجولاني" كانت مقابلة سألت أسئلة تقلق الغرب، وكانت الإجابة جيدة https://t.co/wy9COyj6Z7 — ربيع (@rabiih) December 6, 2024

بصراحة بعد مقابلة الجولاني البارحة صار عندي مخاوف. لما سألته المذيعة عن الحكم الإسلامي المتشدد جوابه كان على منوال "من يخاف من الشريعة فهو إما لا يفهمها بشكل صحيح أو أنه رأى تطبيق خاطئ لها" وبعدين قال "نتحدث عن حكم يتوافق مع طبيعة وتقاليد المنطقة". — Dembe (@DembeTheCool) December 6, 2024

تخيل معي ..!
مقابلة على قناة CNN الأمريكية مع الجولاني
الذي استبدل المسمى لأحمد الشرع!!
أمريكا تجري مقابلة مع شخص أعلنت عن مكافئة
تقدر ب ١٠ مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنه!!

نحن في عالم مجنون!! — بلقيـس بريدة (@Balqes75) December 6, 2024

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الجولاني سوريا الأسد سوريا الأسد المعارضة الجولاني المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

سقوط سوريا أم سقوط النظام؟ "العبرة بالمنطلقات والنهايات

ما زال العقل السياسي العربي يعيش ضمن المنهج الذي سماه المفكر المصري عصمت سيف الدولة بمنهج « التجربة الخطأ »، باعتباره منهجا يحتكم فقط للواقع وليس إلى أسس ومنطلقات يبني بها واقعه ومستقبله، فما بالك أن يتنبأ به أو يتحكم فيه. وفي الحالة السورية المستجدة (تغيير النظام) نحن أمام ثلاثة تناقضات حَدِّيَّة تشير إلى غياب منطلقات وأسس راسخة في التعامل مع الواقع لدى رواد الفكر العربي المعاصر والحركات السياسية التي تتأثر بهذا الفكر.
لكن قبل الخوض في هذه التناقضات نرتئي أن نضع السقوط المدوي للنظام السوري والانهيار السريع لمؤسساته وبخاصة مؤسسة الجيش، في إطارها النقدي الصريح والصحيح من جهة، وفي السياق العام الذي تمت فيه عملية التغيير من جهة أخرى: أي أن نجيب عن سؤال كيف تداعى النظام ومؤسساته بهذه السرعة، خاصة وأن السياق الإقليمي والدولي العام سياق دقيق وفيه حسابات عديدة ومتعددة الأطراف؟؟
معلوم أن النظام السوري هو آخر نظام بعثي في المنطقة، وهو نظام كان عليه أن يقيم حكمه بالحديد والنار وبإحصاء أنفاس الأفراد والمؤسسات لكي يضمن استمراره وسط أفول العقيدة والأيديولوجية البعثية في النسق الفكري والسياسي العربي، ففي كل هذا كانت لنظام الأسد مساوئ داخلية متعلقة بالحريات وحقوق الانسان، وهي إن كانت مهمة لفهم غايات الحراك الذي جسدته المعارضة السورية، إلا أنها ليست هي العامل الحاسم والمؤثر الذي أسقط دمشق ونظام حكمها.
آية هذا أن النظام السوري رغم أخطائه وجرائمه قد بقي مساندا للمقاومة في لبنان وفلسطين، ومواقفه من الكيان الإزرائيلي مواقف مشرفة وقوية ولها مفعولها السياسي؛ فحتى حركة حماس التي قطعت علاقتها مع نظام الأسد سنة 2012، انتهى بها الأمر إلى الاعتذار والاعتراف ببشار الأسد رئيسا على كافة التراب السوري سنة 2022؛ وهو موقف ما كان ليتم لولا دعمه المباشر للمقاومة وإسناده لها ماليا وعسكريا.
وفق هذا المعطى يتوجب فهم الموقف السوري واستيعاب أولا: أبعاده المقاومة والممانعة كأبعاد فرضها موقعه الجغرافي المثاخم لإيران وللعراق وتركيا، مثلما فرضها توجهه البعثي ذو الخلفيات القومية التي من طبيعتها رفض الكيان الإزرائيلي داخل الجسد العربي؛ ثم استيعاب ثانيا: أبعاده الاستبدادية التي فرضتها من جهة أولى عزلة توجهه البعثي داخل النسق الفكري والسياسي العربي، لأن العزلة تقود الحركات والدول إما إلى الاستسلام أو إلى الانتحار؛ ومن جهة ثانية ما أسهمت فيه الأخطاء التي وقعت فيها المعارضة السورية ذاتها حين استقوائها بالخارج منذ أحداث ما عرف بالربيع العربي.. لهذا فإننا نميل إلى أن هذا الانهيار معزو بدرجة كبيرة إلى مواقف هذا النظام من الكيان الإزرائيلي (نتبنى هنا الترجمة الإنجليزية ISRAEL بدل النسبة إلى إسرائيل النبي) ودعمه الواضح للمقاومة خاصة وأن هناك محورا آخر قد أخذ في التشكل بعد عودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية وإحداث تقارب سوري إيراني مع النظام السعودي.. لقد كان خطاب بشار الأسد في القمة العربية الأخيرة المقامة بالرياض قبل حوالي شهر من اليوم، مليئا بالرسائل التي من شأنها إثارة انتباه إزرائيل وخلق تهديد جدي لمصالحها، لأنه خطاب ذكَّرها بأصولها النازية والإجرامية التي تقابل حسن نية العرب بمزيد الإجرام كما حث الدول العربية إلى الاجتماع على كلمة سواء في الانتقال إلى مرحلة التنفيذ بدل التوقف على الكلام والإدانة، فمن جملة ما قاله: « إن أداتنا هي اللغة وأداتهم هي القتل، نحن نقول وهم يفعلون، نقدم السلام فنحصد الدماء، بقاء النتائج على حالها يستدعي إبقاء الأدوات المستخدمة ذاتها، تغيير النتائج هو ما نسعى إليه جميعا فيتطلب استبدال الوسائل والاليات (…) أما الأدوات فباعتقادي إننا نمتلكها مجتمعين شعبيا ورسميا عربا ومسلمين دولا وشعوبا، وما نحتاجه هو القرار باستخدامها في حال رفض الكيان التجاوب (…) وتحديد خياراتنا هنا : هل نغضب مرة أخرى هل ندين هل نناشد المجتمع الدولي أم نقاطع وهو أضعف الإيمان ».
ضمن ما سبق يبقى من حقنا أن نتساءل لماذا سقطت سوريا بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت بالذات، ألم يكن هذا السقوط المفاجئ والسريع وبدون أدنى مقاومة لدولة من حجم سوريا إيذانا بوجود عمل استخباراتي كبير قد دُبر بليل ولم يكن وليد اللحظة التي انطلق فيها مسار المعارضة نحو دمشق، وهو عمل اشتركت فيه على ما نحسب مجموعة من القوى الإقليمية والدولية أولها إزرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، وهي ضربة استخباراتية لا تقل أهمية وقوة عن الضربات التي وجهتها إزرائيل لحزب الله في الشهور الأخيرة: يعني هذا أن انهيار نظام بشار قد تمت فيه توافقات مع جنرالات في الجيش بتقديم رشاوى وضمانات ليتخلى الجيش عن مواقعه بهذه السرعة، كما حدث تماما مع عراق صدام حسين.. وقد لعب الاعلام دورا كبيرا في هذه المعركة.
لنعد الآن إلى التناقضات التي تعبر عن غياب المنطلقات في العقل السياسي العربي:
أولا: يتشكل هذا التناقض الأول بداية مع سؤال: هل نحن مع السلمية أم مع حمل السلاح ؟؟ ففي هذا يبدو أن المشاريع الإصلاحية في الوطن العربي والإسلامي تتبنى التغيير السلمي وتدعو إليه في أدبياتها وفي واقعها ولكنها تكون مجبرة لتنقلب عليه في سياقات أخرى، وأقول مجبرة لأن فكرة السلمية عندها لا تتأسس على منطلقات فكرية بقدر ارتهانها لظروف واقعية تجبرها على التعبير عن سلميتها (من ذلك مثلا التجربة التركية الحديثة التي اتسمت بالسلمية في السياق العلماني الذي يحرسه الجيش، لكنها انتهت اليوم بتجنيد المعارضة المسلحة في سوريا في واضحة النهار؛ أو ما تعبر عنه تجارب بعض الحركات وقياداتها في الوطن العربي من دعم للمعارضة المسلحة بالرغم من تبنيها للعمل السلمي)
ثانيا: العلاقة مع القوى الأجنبية: تفضي هذه العلاقة إلى تناقض حَدِّيٍ من نوع آخر؛ ففي الوقت الذي ترفض فيه بعض المعارضات في الوطن العربي تعامل أنظمتها مع قوى أجنبية وتنعتها بفقدان القرار السيادي والاستقلالية، تقع هي ذاتها في نفس المحظور حين تتعامل مع نفس القوى الأجنبية بمبررات عدة، وهي في كل هذا إما أنها لا تدرك أن التعامل مع الأجنبي من موقع المعارضة أفظع وأدعى لفقدان الاستقلالية من التعامل معه من منطلق السلطة ومؤسساتها، لأن الأجنبي حينما يدعمك وأنت بدون سلطة ومؤسسات فإنه يقيد ويطوق كل حركتك سواء كانت مالية أو سياسية أو عسكرية أو حتى فكرية؛ أما إذا كان هدف المعارضات هو البحث عن السلطة بأي طريقة كانت فإن الأمر سيكون وبالاً عليها وعلى بلدها، لأنه لا يمكن لطالب السلطة إلا أن يحمل في ثناياه كل أنواع الأمراض النفسية من عُجب وكبر واستعلاء، وهي أمراض تتحول مع تملك مؤسسات المجتمع والدولة إلى استبداد وظلم وعمالة للخارج.
ثالثا: في العلاقة مع الدين: إذا كانت المجتمعات العربية كلها تدين بدين الاسلام، وأن وجودها الحضاري كمجتمعات لم يتحقق إلا بالإسلام وفي ظل الإسلام، فإن الإسلام لا يتبنى مفهوم المعارضة بالشكل الذي تتلقفه الحركات الإصلاحية والثورية، لأن هذا المفهوم الذي يتماهى مع الطرح الغربي يحمل في بنيته STRUCTURE الداخلية جينات التبعية الفكرية للغرب الذي سَكَّ مفهوم المعارضة السياسية من واقع الممارسة السياسية الغربية التي لا ترى فاعلية للإنسان إلا ضمن مجال السياسة بمفهومها الخاص LA POLITIQUE وليس بمفهومها العام LE POLITUQUE، فتكون التبعية بذلك مزدوجة: فكريا عبر تقبل أدوات التغيير التي يطرحها الغرب ويمد المعارضة بها كالسلاح والمال والتضليل الإعلامي، وسياسيا عبر الإعلاء من مركزية السلطة في التغيير حتى تبقى شعوب المنطقة، في رحلة بحثها عن تملك السلطة، تحت رحمة التدخلات الأجنبية. وفي هذا الباب لا يمكن أن تخفى الأهمية الاستراتيجية للمنطقة العربية بالنسبة للعالم أجمع.. أما على النقيض من مفهوم المعارضة فإن النموذج الاسلامي الذي تعمل المعارضات السياسية في ظل نسقه، يتبنى مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يرتفع في تقديري إلى درجة الفقه المتكامل، لأنه يمتلك من المفاهيم والإجراءات والضوابط ما يجعله غير مرتبط بالسلطة ولا متسيبا مع صالحها المتضاربة، بقدر ما يجعله يدور مع القيام على الأمر بما يصلحه : أي ممارسة الإصلاح وفق سياسة شرعية لا تخضع للأهواء وتضاربات المصالح التي تكون عادة موجودة في الواقع سواء كان داخليا أم خارجيا.
وفق هذه المقدمات والمنطلقات يمكننا أن نذهب بكل اطمئنان إلى أن التجربة السورية الحديثة ستكون بعد حكم بشار الأسد مدخلا واضحا (وهذا ما لا نتمناه) إلى :
أولا: اقتتال المعارضة وصراعها فيما بينها ليس للأسباب التي ذكرناها أعلاه فقط، بل لغياب الوحدة الفكرية بين مكوناتها التي لا يمكنها وهي تخضع لأجندات خارجية إلا أن تعبر عن ذاتها واقعيا بالتشرذم والتضارب كانعكاس لتضارب القوى الدولية المتصارعة على المنطقة.
ثانيا: تقسيم سوريا إلى ثلاث دول أو مناطق متعددة الولاءات والحكومات: ومنها الشمال الشرقي الغني بالنفط الذي تديره حاليا الجماعات الكردية ذات التوجه اليساري الماركسي، والذي يحتضن بعض القواعد الأممريكية.. والوسط الخاضع للأتراك، ثم إدلب في الشمال الغربي وجزء من حلب واللاذقية وحماة التابعة لهيئة تحرير الشام التي تضم مجموعة من الفصائل الخاضعة لتنظيم القاعدة. هذا دون أن ننسى مطمح ضم الجولان لإسرائيل الذي سيكون من غير شك مقدمة لاستكمال مشروع الشرق الأوسط الجديد، كمشروع ينذر بسقوط دول أخرى وخاصة دول الطوق الفلسطيني..
ثالثا: الغياب التام لأي إسناد للمقاومة الفلسطينية بعد الضربات التي تلقاها حزب الله في لبنان وإيران مع سقوط بشار الأسد، وهو أمر سيقود حتما لاستكمال مسلسل التهجير القسري ليس لأهل غزة فقط، بل لأهالي الضفة كذلك. كما يقود هذا الأمر إلى تبني خيار التطبيع بالنسبة لباقي الدول العربية كخيار استراتيجي قد يذهب إلى حد التجريم القانوني لمحاولات الاعتراض عليه.
رابعا: أن المعارضة السورية أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن تقبل بالدور الذي ترسمه الولايات المتحدة وإزرائيل، بالانكفاء على الجبهة السورية دون الالتفات إلى ما يقع فلسطين، والحد من النفوذ الإيراني في المنطقة؛ وإما أن تتدخل الولايات المتحدة في سوريا بشكل غير مباشر عبر إذكاء النعرات الطائفية والحزبية، أو بشكل مباشر بدعوى محاربة الإرهاب.
فهل سقطت سوريا أم سقط النظام؟؟؟ سؤال سيجاب عنه في غضون الأيام والشهور المقبلة.

مقالات مشابهة

  • العراق .. قيادة عسكرية كبيرة تصل الي الحدود مع سوريا
  • الجولاني يتعهد بحل قوات النظام السوري الأمنية
  • بعد سقوط الأسد.. الشائعات تغزو منصات التواصل الاجتماعي
  • سقوط سوريا أم سقوط النظام؟ "العبرة بالمنطلقات والنهايات
  • اعتُقلت 14 عاما بسبب تدوينة.. أول ظهور لطل الملوحي بعد تحريرها من سجون الأسد
  • سرّ شاهين.. المسيّرة التي حسمت معركة ثوار سوريا
  • رويترز: فصائل المعارضة أبلغت تركيا مسبقا بعمليتها التي أسقطت الأسد
  • خطر كبير يهدد النظام الصحي في ألمانيا.. ما علاقة سوريا؟
  • أول تعليق من حزب الله.. “ما يحدث في سوريا تحول كبير وخطير”
  • "حزب الله": ما يحدث في سوريا تحول كبير وخطير