بعد ولادة طفلها الثالث، أعلنت مستشارة التنظيم اليابانية ومؤلفة كتاب "سحر الترتيب"، ماري كوندو، أن نهجها الصارم في الترتيب لم يعد يشكل أولوية بالنسبة لها، وقالت "أدركتُ أن استغلال الوقت مع أطفالي يضمن لي قدرا أكبر من السعادة، وأنه لا مانع من وضع كل لعبهم في صندوق واحد بدلا من ترتيبها وفق تصنيف دقيق للغاية".

وتعتبر كوندو -وهي من أبرز مشاهير اتجاه التخلص من الفوضى والحياة المنظمة تماما- وهو اتجاه عالمي أخذ في الانتشار منذ عام 2019 حتى أصبح رائجا وحقق أكثر من 110.4 مليارات مشاهدة على منصة "تيك توك" معززا ما يسمى "هوس التنظيف" بين الناس.

قد يبدو هذا الاتجاه إيجابيا، لكن خبراء الصحة العقلية يحذرون من هذه الصيحات التي قد تسبب ضررا أكثر من نفعها، ولكن كيف يؤثر اتجاه التخلص من الفوضى على صحتنا العقلية؟ وكيف نتعامل مع صيحات التنظيف بوعي أفضل؟

شعور زائف بالذات

تقول رئيسة جمعية التنظيم الاحترافي، سيان بليسكي، لصحيفة "الغارديان" إن الضغط المستمر لمواكبة هذه الاتجاهات التنظيمية يؤثر سلبا على صحتنا العقلية والجسدية ويعزز الرغبة المستمرة في تحقيق الكمال والطموح إلى هذه المنازل المثالية.

وأضافت بليسكي أن مثل هذه الاتجاهات قد تسبب الإرهاق والشعور باليأس ولا سيما مع عدم القدرة على التمييز بين الطبيعة الخادعة لوسائل التواصل الاجتماعي والأساليب المفيدة أو المناسبة، وتجنبا لمخاطر هذه الاتجاهات التنظيمية، نصحت بالعودة إلى أساسيات التنظيف بدلا من التركيز على الجاذبية الجمالية بتكاليفها المبالغ فيها.

التخلص المفرط من الأشياء إلى هذا الحد لا يعد تصرفا واعيا (شترستوك)

ومن جهتها، تشير الطبيبة النفسية، كاساندرا جاي، إلى أن كلا من الاكتناز (صعوبة التخلي عن المقتنيات) والتنظيف المفرط أو الاحترافي يشتركان في تأثيرهما السلبي على الصحة العقلية ويرتبطان بمشاعر القلق والإرهاق.

إعلان

وتوضح أن التخلص من الأشياء إلى هذا الحد لا يعد تصرفا واعيا، إذ إن السعي إلى تقليل المتعلقات وتقليصها في صندوق واحد منسق الألوان لا يسبب الإرهاق فحسب، بل قد يؤدي إلى شعور زائف بالذات والإنجاز، وهذا بدوره يؤدي إلى مزيد من التوتر والاغتراب، ويعزز الشعور بالاستنزاف بسبب الحاجة المستمرة إلى التخلص من الفوضى والحفاظ على تنسيق المنزل بطريق تجرده من أي آثار للحياة.

التجرد من الذكريات والعلاقات

بالرغم من أن العيش في مكان غير مرتب قد يؤثر سلبا على العديد من مجالات حياتنا، ويقلل من قدرتنا على التركيز والإنجاز، فإن عالمة الأعصاب الادراكية في جامعة لندن كوليدج، الدكتورة صوفي سكوت، لا توافق على الإفراط في التخلص من كل شيء، إذ إن بعض الأشياء قد تعبر عن ذكريات ذات أهمية عاطفية، أو ترتبط بجزء من هويتنا، لذا لا ينبغي أن نتسرع في التخلص من أشياء قد لا يمكن تعويضها.

التخلص من الفوضى والترتيب بشكل مستمر يؤديان إلى زيادة القلق والتوتر (غيتي)

وتضيف سكوت، فضلا عن الندم، هناك خطر يتمثل في أن الشخص الذي يتبنى نهجا صارما في التخلص من الفوضى قد يطبق هذا النهج القاسي في مجالات أخرى من حياته مثل العلاقات الاجتماعية، بدون أن يدرك أنه حتى الأصدقاء "المتقلبين" قد لا يقدرون بثمن في وقت الحاجة، وينقل كتاب ماري كوندو عن إحدى عميلاتها قولها: "لقد تعلمت أن أرى ما أحتاج إليه حقا وما لا أحتاج إليه، لذا نجحت في حسم قرار طلاقي وانفصلت عن زوجي". وفق ما نقله موقع "بي بي سي".

وفيما يلي بعض التأثيرات السلبية للإفراط في التنظيف والتنظيم، وفق ما نشره موقع "هيلث آند مي":

القلق والتوتر: يمكن أن يؤدي التخلص من الفوضى والترتيب بشكل مستمر إلى زيادة القلق والتوتر في سبيل الحفاظ على منزل مثالي طوال الوقت.

الإخفاق في اتخاذ القرارات: يتطلب الإفراط في التخلص من الفوضى اتخاذ العديد من القرارات بشأن ما يجب الاحتفاظ به أو التخلص منه، وقد يؤدي هذا إلى ما يعرف بـ"إجهاد القرار"، مما يقلل من قدرتك على اتخاذ خيارات فعالة في مجالات أخرى من حياتك، وقد يؤثر على وظيفتك الإدراكية بشكل عام.

إعلان

العبء المعرفي: يمكن أن يؤدي التركيز المفرط على الترتيب والتنظيم إلى العبء المعرفي، حيث يصبح عقلك مثقلا بالحاجة المستمرة لإدارة وتصنيف العناصر، مما يؤثر على تركيزك ووضوح ذهنك.

التأثير العاطفي: إن السعي إلى الكمال في التخلص من الفوضى قد يؤدي إلى الإحباط وخيبة الأمل وخاصة مع عدم القدرة على تلبية التوقعات، وقد يؤثر هذا الضغط العاطفي سلبا على الصحة العقلية، مما يعزز الشعور بعدم الكفاءة وانخفاض احترام الذات.

كيفية التعامل مع التنظيم بطريقة أكثر وعيا

إن الحفاظ على نظافة المنزل وترتيبه عادة ما يعبر عن الصحة العاطفية، وحتى لا نخلط بين التنظيف كإجراء ضروري لتعزيز الحالة المزاجية وبين ممارسات التنظيف المفرط التي تتطلب تكريس معظم ساعات اليقظة للتنظيف، يقدم الخبراء مجموعة من النصائح، ومنها:

التوازن والاعتدال: تعزز وسائل التواصل الاجتماعي الشعور بالسوء تجاه منازلنا، لهذا ينبغي على كل شخص أن يحافظ على نظافة منزله بالطريقة التي تناسب ظروفه وحياته، وفي هذا الشأن تقول أستاذة علم الأوبئة بجامعة كولومبيا، إيلين لارسون، لموقع "واشنطن بوست"، إن بعض المهام المنزلية ضرورية جدا، فمثلا أي سطح أو عنصر يستخدم لإعداد الطعام مثل الإسفنج وأسطح العمل وألواح التقطيع، يجب تنظيفه جيدا بعد كل استخدام. وبالطبع، تحتاج المراحيض وأحواض الحمامات إلى التنظيف المتكرر أيضا، لكن العديد من المهام الأخرى هي في الحقيقة من أجل الجمال ويمكن إنجازها على فترات. تقليل المقتنيات: ينبغي أن نعرف أن كل ما نأتي به إلى منزلنا يستهلك بعضا من وقتنا وطاقتنا ومساحتنا، وكلما قلت الأشياء كان تنظيمها أسهل. تنظيف بدون إجهاد: لا تضغطي على نفسك لتنظيف منزلك دفعة واحدة أو الالتزام بمعايير يضعها المؤثرون. أهداف قابلة للتحقيق: يمكنك وضع خطة لتنظيم منزلك تعتمد على مهام يومية أساسية، وخطة أخرى للمهام الأكبر مع ضرورة الانتهاء من كل مهمة قبل الانتقال للمهمة التالية. إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الصحة العقلیة فی التخلص من

إقرأ أيضاً:

لا تتناولها ليلا.. أطعمة تؤثر على نومك

أظهرت الأبحاث أن الكافيين، سواءً كان على شكل قهوة أو شاي أو حتى شوكولاتة، مسبب مؤكد لاضطراب النوم .

احذر تناول الزبادي في رمضان قبل النومالتوتر وقلة النوم .. أسباب غير متوقعة تسبب الإمساك

 ولكن إذا كنتَ تتقلب في فراشكَ ليلًا، فهذه الأطعمة ليست الوحيدة في نظامك الغذائي التي قد تُسبِّب الأرق. فهناك أطعمة أخرى تتناولها قبل النوم قد تُؤثِّر أيضًا على نومك، وذلك حسب رد فعل جسمك.

على سبيل المثال، لا يدرك الكثيرون أن تناول وجبة دسمة قبل النوم مباشرة قد يكون صعب الهضم ويؤدي إلى حرقة المعدة وارتجاع المريء،

 كما تقول كاري غابرييل، أخصائية التغذية في لوس أنجلوس. وتضيف: "قد يعاني الأشخاص المصابون بنوع مزمن من ارتجاع المريء، يُعرف باسم اضطراب الارتجاع المعدي المريئي (GERD)، من مشاكل أكثر في النوم".

السكريات 

الإفراط في تناول السكر مرتبط بالعديد من المشاكل الصحية، كما أنه قد يُصعّب النوم. قد تبدو العصائر بمثابة وجبة خفيفة لذيذة وصحية، لكن دراسةً  تناولت المشروبات المُسوّقة للأطفال في المملكة المتحدة وجدت أن متوسط ​​محتوى السكر في الحصة الواحدة من العصائر المُغلّفة (حوالي ملعقتين ونصف) أعلى من العصير. حوالي 40% من المنتجات التي خضعت للاختبار تحتوي على ما يقارب 4 ملاعق صغيرة من السكر.

 فبذلك أن السكريات المُكررة قد تُسبب تقلباتٍ سريعةً في مستويات الجلوكوز في الدم، مما قد يُؤدي إلى زيادة الأدرينالين ويُصعّب النوم.

الجبن


وفقًا لمايو كلينك، تحتوي الأجبان القوية أو القديمة، مثل الشيدر  والبارميزان، على كميات عالية من حمض التيرامين الأميني، الذي يزيد من معدل ضربات القلب. تقترح غابرييل: "إذا كنت تبحث عن وجبة كريمية قبل النوم، فجرب إضافة زبدة اللوز إلى بعض البسكويت". تحتوي هذه الأطعمة على المغنيسيوم، الذي أظهرت الأبحاث أنه قد يساعد في تخفيف الأرق.

الأطعمة الحمضية 

يمكن للأطعمة الحمضية أن تُهيّج بطانة المعدة وترفع مستويات الحموضة في الجسم، مما يُسبب عسر الهضم وحرقة المعدة وارتجاع المريء، وكلها عوامل قد تُؤثر على النوم". على الرغم من احتوائها على مستويات عالية من فيتامين ج والحديد والليكوبين، تُعتبر الطماطم (بما في ذلك الأطعمة التي تحتوي على الطماطم مثل العصير والصلصة) شديدة الحموضة، ويجب تجنبها إذا كنتَ عُرضةً لحرقة المعدة، وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية ، وفقًا لموقع ميدلاين بلس . تجنّب أي شيء يحتوي على الطماطم: الصلصات والعصير، وكما ذُكر، البيتزا.

مقالات مشابهة

  • الغرابلي: كيف تحذر الدول مواطنيها من زيارة ليبيا بينما تدعو لتوطين الأفارقة بها؟
  • عالم ترامب إلى الفوضى والفشل
  • كيف يؤثر صيام رمضان على الصحة النفسية؟
  • لا تتناولها ليلا.. أطعمة تؤثر على نومك
  • اللواء تامر الشهاوي: "إدارة التوحش" استراتيجية ممنهجة للتنظيمات الإرهابية
  • كيف يؤثر رمضان على صحتنا النفسية؟.. «الأسبوع» تحاور الدكتور أحمد فوزي صبرة
  • كيف يؤثر الدخل المرتفع على مستويات التوتر والرضا عن الحياة؟
  • شروط ومطالب… لبنان على موعد مع الفوضى السياسية!
  • انتبه.. عدم تناول هذه الأطعمة في رمضان يؤثر على صحتك
  • البراءة لموظف “مجنون” ببلدية أولاد جلال من التزوير ووضعه إجباريا بمستشفى الأمراض العقلية