هوس التنظيف.. كيف تؤثر النظافة المفرطة على الصحة العقلية؟
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
بعد ولادة طفلها الثالث، أعلنت مستشارة التنظيم اليابانية ومؤلفة كتاب "سحر الترتيب"، ماري كوندو، أن نهجها الصارم في الترتيب لم يعد يشكل أولوية بالنسبة لها، وقالت "أدركتُ أن استغلال الوقت مع أطفالي يضمن لي قدرا أكبر من السعادة، وأنه لا مانع من وضع كل لعبهم في صندوق واحد بدلا من ترتيبها وفق تصنيف دقيق للغاية".
وتعتبر كوندو -وهي من أبرز مشاهير اتجاه التخلص من الفوضى والحياة المنظمة تماما- وهو اتجاه عالمي أخذ في الانتشار منذ عام 2019 حتى أصبح رائجا وحقق أكثر من 110.4 مليارات مشاهدة على منصة "تيك توك" معززا ما يسمى "هوس التنظيف" بين الناس.
قد يبدو هذا الاتجاه إيجابيا، لكن خبراء الصحة العقلية يحذرون من هذه الصيحات التي قد تسبب ضررا أكثر من نفعها، ولكن كيف يؤثر اتجاه التخلص من الفوضى على صحتنا العقلية؟ وكيف نتعامل مع صيحات التنظيف بوعي أفضل؟
شعور زائف بالذاتتقول رئيسة جمعية التنظيم الاحترافي، سيان بليسكي، لصحيفة "الغارديان" إن الضغط المستمر لمواكبة هذه الاتجاهات التنظيمية يؤثر سلبا على صحتنا العقلية والجسدية ويعزز الرغبة المستمرة في تحقيق الكمال والطموح إلى هذه المنازل المثالية.
وأضافت بليسكي أن مثل هذه الاتجاهات قد تسبب الإرهاق والشعور باليأس ولا سيما مع عدم القدرة على التمييز بين الطبيعة الخادعة لوسائل التواصل الاجتماعي والأساليب المفيدة أو المناسبة، وتجنبا لمخاطر هذه الاتجاهات التنظيمية، نصحت بالعودة إلى أساسيات التنظيف بدلا من التركيز على الجاذبية الجمالية بتكاليفها المبالغ فيها.
التخلص المفرط من الأشياء إلى هذا الحد لا يعد تصرفا واعيا (شترستوك)ومن جهتها، تشير الطبيبة النفسية، كاساندرا جاي، إلى أن كلا من الاكتناز (صعوبة التخلي عن المقتنيات) والتنظيف المفرط أو الاحترافي يشتركان في تأثيرهما السلبي على الصحة العقلية ويرتبطان بمشاعر القلق والإرهاق.
إعلانوتوضح أن التخلص من الأشياء إلى هذا الحد لا يعد تصرفا واعيا، إذ إن السعي إلى تقليل المتعلقات وتقليصها في صندوق واحد منسق الألوان لا يسبب الإرهاق فحسب، بل قد يؤدي إلى شعور زائف بالذات والإنجاز، وهذا بدوره يؤدي إلى مزيد من التوتر والاغتراب، ويعزز الشعور بالاستنزاف بسبب الحاجة المستمرة إلى التخلص من الفوضى والحفاظ على تنسيق المنزل بطريق تجرده من أي آثار للحياة.
التجرد من الذكريات والعلاقاتبالرغم من أن العيش في مكان غير مرتب قد يؤثر سلبا على العديد من مجالات حياتنا، ويقلل من قدرتنا على التركيز والإنجاز، فإن عالمة الأعصاب الادراكية في جامعة لندن كوليدج، الدكتورة صوفي سكوت، لا توافق على الإفراط في التخلص من كل شيء، إذ إن بعض الأشياء قد تعبر عن ذكريات ذات أهمية عاطفية، أو ترتبط بجزء من هويتنا، لذا لا ينبغي أن نتسرع في التخلص من أشياء قد لا يمكن تعويضها.
التخلص من الفوضى والترتيب بشكل مستمر يؤديان إلى زيادة القلق والتوتر (غيتي)وتضيف سكوت، فضلا عن الندم، هناك خطر يتمثل في أن الشخص الذي يتبنى نهجا صارما في التخلص من الفوضى قد يطبق هذا النهج القاسي في مجالات أخرى من حياته مثل العلاقات الاجتماعية، بدون أن يدرك أنه حتى الأصدقاء "المتقلبين" قد لا يقدرون بثمن في وقت الحاجة، وينقل كتاب ماري كوندو عن إحدى عميلاتها قولها: "لقد تعلمت أن أرى ما أحتاج إليه حقا وما لا أحتاج إليه، لذا نجحت في حسم قرار طلاقي وانفصلت عن زوجي". وفق ما نقله موقع "بي بي سي".
وفيما يلي بعض التأثيرات السلبية للإفراط في التنظيف والتنظيم، وفق ما نشره موقع "هيلث آند مي":
القلق والتوتر: يمكن أن يؤدي التخلص من الفوضى والترتيب بشكل مستمر إلى زيادة القلق والتوتر في سبيل الحفاظ على منزل مثالي طوال الوقت.
الإخفاق في اتخاذ القرارات: يتطلب الإفراط في التخلص من الفوضى اتخاذ العديد من القرارات بشأن ما يجب الاحتفاظ به أو التخلص منه، وقد يؤدي هذا إلى ما يعرف بـ"إجهاد القرار"، مما يقلل من قدرتك على اتخاذ خيارات فعالة في مجالات أخرى من حياتك، وقد يؤثر على وظيفتك الإدراكية بشكل عام.
إعلانالعبء المعرفي: يمكن أن يؤدي التركيز المفرط على الترتيب والتنظيم إلى العبء المعرفي، حيث يصبح عقلك مثقلا بالحاجة المستمرة لإدارة وتصنيف العناصر، مما يؤثر على تركيزك ووضوح ذهنك.
التأثير العاطفي: إن السعي إلى الكمال في التخلص من الفوضى قد يؤدي إلى الإحباط وخيبة الأمل وخاصة مع عدم القدرة على تلبية التوقعات، وقد يؤثر هذا الضغط العاطفي سلبا على الصحة العقلية، مما يعزز الشعور بعدم الكفاءة وانخفاض احترام الذات.
كيفية التعامل مع التنظيم بطريقة أكثر وعياإن الحفاظ على نظافة المنزل وترتيبه عادة ما يعبر عن الصحة العاطفية، وحتى لا نخلط بين التنظيف كإجراء ضروري لتعزيز الحالة المزاجية وبين ممارسات التنظيف المفرط التي تتطلب تكريس معظم ساعات اليقظة للتنظيف، يقدم الخبراء مجموعة من النصائح، ومنها:
التوازن والاعتدال: تعزز وسائل التواصل الاجتماعي الشعور بالسوء تجاه منازلنا، لهذا ينبغي على كل شخص أن يحافظ على نظافة منزله بالطريقة التي تناسب ظروفه وحياته، وفي هذا الشأن تقول أستاذة علم الأوبئة بجامعة كولومبيا، إيلين لارسون، لموقع "واشنطن بوست"، إن بعض المهام المنزلية ضرورية جدا، فمثلا أي سطح أو عنصر يستخدم لإعداد الطعام مثل الإسفنج وأسطح العمل وألواح التقطيع، يجب تنظيفه جيدا بعد كل استخدام. وبالطبع، تحتاج المراحيض وأحواض الحمامات إلى التنظيف المتكرر أيضا، لكن العديد من المهام الأخرى هي في الحقيقة من أجل الجمال ويمكن إنجازها على فترات. تقليل المقتنيات: ينبغي أن نعرف أن كل ما نأتي به إلى منزلنا يستهلك بعضا من وقتنا وطاقتنا ومساحتنا، وكلما قلت الأشياء كان تنظيمها أسهل. تنظيف بدون إجهاد: لا تضغطي على نفسك لتنظيف منزلك دفعة واحدة أو الالتزام بمعايير يضعها المؤثرون. أهداف قابلة للتحقيق: يمكنك وضع خطة لتنظيم منزلك تعتمد على مهام يومية أساسية، وخطة أخرى للمهام الأكبر مع ضرورة الانتهاء من كل مهمة قبل الانتقال للمهمة التالية. إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الصحة العقلیة فی التخلص من
إقرأ أيضاً:
تحذير من جفاف يؤثر على ثلاثة أرباع أراضي العالم
بات ما يزيد قليلاً عن 75 بالمئة من أراضي العالم "أكثر جفافاً بشكل دائم" على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، اليوم الاثنين، تزامنا مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.
وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40% من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (انتاركتيتكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذّرة من أنّ هذا التحول يمكن أن يؤثر على ما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100.
أظهر التقرير، الذي يشير إلى "تهديد وجودي" تفرضه مسارات يتعذر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، وهي المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4,3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.
جاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر كوب 16 الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوما بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة للجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.
يحذر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40,6% من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37,5% قبل 30 عاما.
كما يحذر من أن المناطق الأكثر تضررا تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.
وقال إبراهيم ثياو الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر"على عكس الجفاف، فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار، يمثل القحط تحولاً دائمًا لا هوادة فيه".
وأضاف أن "المناطق المناخية الأكثر جفافًا، التي تؤثر الآن على أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم، لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض".
وأضاف التقرير أن التغييرات تعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتي تغير هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.
وقال بارون أور، كبير العلماء في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر أن هذا قد تكون له "تأثيرات كارثية محتملة تؤثر على الوصول إلى المياه والتي قد تقرب الناس والطبيعة أكثر من نقاط التحول الكارثية".
وتشمل آثار نقص المياه المزمن، تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقًا للعلماء.
وبحسب التقرير، يعيش بالفعل 2,3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى "أسوأ سيناريو" يتمثل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
ولمواجهة هذا الاتجاه، حث العلماء الأعضاء على "دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية"، وتحسين إدارة التربة والمياه، و"بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفا".