في يومه العالمي.. 7 علماء مسلمين من ذوي الهمم أثروا في التاريخ
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
في اليوم العالمي لذوي الهمم، احتفل مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بإسهامات العلماء المسلمين الذين تحدوا إعاقاتهم وأثروا في مجالات متعددة من العلوم والمعرفة، ليكونوا مصدر إلهام للأجيال القادمة، هؤلاء العلماء لا تقتصر عظمتهم على إنجازاتهم العلمية فحسب، بل على قدرتهم على التغلب على التحديات الجسدية التي واجهوها، وتحقيق التفوق والإبداع في مجالاتهم المختلفة.
لم تمنعهم الإعاقة من التفوق والإبداع: تعرف على 7 علماء مسلمين من ذوي الهمم أثروا في الحياة المعرفية ووجدان الناس على مر العصور
1. الإمام التابعي محمد بن سيرين - مصمم على النجاح
يُعد الإمام محمد بن سيرين من كبار أئمة الفقه والحديث وعلم الفرائض. ورغم الصعوبات التي مر بها، استطاع أن يصبح أحد أبرز العلماء في عصره. اشتهر بتفسير الأحلام وكان له دور كبير في علم الفقه والحديث، وترك بصمة لا تُمحى في تاريخ العلم الشرعي، مُثبتًا أن العزيمة والإرادة يمكن أن تتغلب على كل العقبات.
2. الإمام التابعي عطاء بن أبي رباح - إعاقة حركية وإمامة علمية
كان الإمام عطاء بن أبي رباح إمامًا كبيرًا من أئمة أهل مكة، وكان يُلقب بمفتي الحج. على الرغم من إعاقته الحركية، إلا أنه لم يتوقف عن التأثير في العلم الشرعي، حيث كان يتوافد إلى مجلسه آلاف من طلاب العلم من مختلف الأمصار. أُثبت أن الإعاقة لا تمنع التفوق، بل قد تكون دافعًا للابتكار والإبداع.
3. الإمام التابعي عبد الرحمن بن هرمز - إعاقة حركية وعلم القراءات
عُرف الإمام عبد الرحمن بن هرمز بكونه من أبرز علماء القراءات، وكان أحد شيوخ الإمام نافع المدني وأعلم الناس بأنساب العرب. ورغم إعاقته الحركية، سطع اسمه في علوم القرآن الكريم، وأصبح مقصدًا لطلاب العلم في مجال القراءات.
4. الإمام الدوري - كف البصر وإبداع في علم القراءات
الإمام الدوري هو أول من جمع القراءات وصنف فيها، وكان راوياً للإمامين أبي عمرو والكسائي. بفضل علمه العميق وتفوقه، أصبح مقصداً للقراء والعلماء، رغم أنه فقد بصره. لقد أظهر لنا أن التحديات الحسية يمكن أن تكون حافزًا للتفوق العلمي.
5. الإمام قالون - وراوي قرآني
كان الإمام قالون أحد الأئمة المبدعين في علم القراءات، ويُعتبر من العلماء الذين ساهموا في نقل وتفسير القرآن الكريم. وهو معروف بروايته القرآنية التي تحمل اسمه، مما يدل على عظمته في هذا المجال رغم التحديات التي واجهها في حياته.
6. الإمام الشاطبي - كف البصر وإبداع في علوم القراءات
الإمام الشاطبي هو أحد كبار أئمة علم القراءات، وصاحب متن الشاطبية، الذي يُعد من أهم المتون في هذا المجال. ورغم أنه فقد بصره، فإن ذلك لم يمنعه من التفوق والإبداع في علوم القرآن والحديث والتفسير. حياته علمت الأجيال أن العزيمة القوية لا تقف أمامها أية صعوبات.
7. الإمام قتادة بن دعامة - صمم وعالم موسوعي
كان الإمام قتادة بن دعامة من أئمة القراءات والمحدثين والمفسرين. ورغم فقدانه للبصر، إلا أنه أصبح من كبار العلماء في مدينة البصرة في علم الحديث والقراءات. إضافة إلى ذلك، كان لديه معرفة واسعة في أنساب العرب وأيامهم، مما جعله مرجعًا أساسيًا في عدة مجالات علمية.
علماء مثل هؤلاء يجسدون القوة الحقيقية لإرادة الإنسان، التي لا تُقهر أمام أي عائق، سواء كان جسديًا أو نفسيًا. إن إسهامات هؤلاء العلماء في الحياة المعرفية تعد دليلاً حيًا على أن التفوق لا يعتمد على القدرات البدنية بقدر ما يعتمد على الإصرار والعقل المتقد. في اليوم العالمي لذوي الهمم، نحن نحتفل بهذه النماذج التي أثبتت أن الإعاقة هي مجرد تحدي يمكن تجاوزه بالتفوق والإبداع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ذوى الهمم العلماء المسلمين الإمام فی علم
إقرأ أيضاً:
أزمة مسلمين لا أزمة إسلام
في تعريفه للدين يقول محمد الطاهر بن عاشور: "الدين: العقيدة والملة وهو معلومات وعقائد يعتقدها المرء فتجري أعماله على مقتضاها، لذلك سمي دينا، لأن أصل معنى الدين المعاملة والجزاء".
غير أن كثيرا من النخبة لا تفصل بين الدين بما هو عقيدة وأحكام وشرائع، وبين تعبيرات الناس التدينية، وهي تعبيرات مرتبطة بمدى فهمهم لتلك العقيدة وبمدى عزمهم على التزام تلك الشرائع، وأيضا بمدى قدرتهم الذهنية على تأويل النص الديني بما يجعل معتنقيه قادرين على معالجة قضايا عصرهم وعلى صناعة مجدهم الحضاري؛ فيكونون منافسين لأمم أخرى متقدمة ولا يكونون في وضعية من التخلف والتبعية يهينون أنفسهم ويهينون معتقداتهم.
تلك النخبة، سواء كانت منتمية لحضارات أخرى أو كانت منتمية لحضارتنا الإسلامية، تطرح سؤالا حول إن كان الإسلام هو سبب تخلف المسلمين، وتشير مباشرة إلى أن الغرب الليبرالي أو العلماني بشرقه وغربه، قد استطاع تحقيق تفوقه الحضاري في مختلف المجالات دون أن يكون مرتبطا بكنائسه ومعابده، وهم بهذه الإشارة يُقدمون ضمنيا إجابة واضحة على السؤال أعلاه مفاده أن الإسلام يعاني أزمة حضارية أو هو سبب أزمة المسلمين الحضارية.
هذا السؤال ليس جديدا، بل إنه سؤال مُستعادٌ تستدعيه أزمات العالم الإسلامي وصدماته الحضارية.
حملة نابليون على مصر سنة 1798، أحدثت صدمت في الوعي العربي الإسلامي، وهي أول عملية غزو للشرق الأوسط منذ الحملات الصليبية الثماني التي امتدت من 1095 إلى سنة 1291، كانت الحملة لأسباب سياسية وعسكرية واقتصادية في سياق منافسة إنجلترا على الشرق الأوسط خاصة أمام ضعف الخلافة العثمانية، غير أن تلك الحملة لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل كانت بالأساس استعراضا حضاريا على مستوى التقنية والعلوم والفنون والآداب، وحتى على مستوى صورة المرأة الإفرنجية في علاقتها بالرجل وفي دورها كذات واعية وفاعلة ومشاركة بكفاءة وجدارة.
الصدمة تلك، أنتجت سؤالا مباشرا يومها: لماذا تقدم الغرب وتخلف المسلمون؟
وكان الجواب على ثلاث مدارس في فكر المصلحين: موقف لا يرى استئنافا حضاريا للمسلمين إلا بالعودة إلى سيرة الصالح نقتدي بهم ونقلدهم، وموقف مناقض لا يرى مواكبة للعصر إلا بتقليد الغرب وأتباعه في "حلوه ومُرّه"، وموقف ثالث حاول أن يكون توفيقيا بين هويتنا كعرب مسلمين وبين منتجات الحضارة الغربية في التنظيمات والصنائع والفنون.
بعد أكثر من قرنين وربع، ما زال العرب والمسلمون يقيمون في نفس الترتيب الحضاري، وما زالوا يتعرضون إلى حملات غزو حقيقي كما حصل في أفغانستان وفي العراق، وما زالت قضية فلسطين جرحا نازفا شاهدا على صمود أهله من ناحية، وشاهدا أيضا على هوان العرب والمسلمين وعلى عجزهم وتبعيتهم وفقرهم؛ رغم وفرة عددهم ورغم ما أنعم الله عليهم به من موقع جغرافي ومن ثروات طبيعية.
ورغم ما رسمته المقاومة في طوفان الأقصى من صورة مدهشة عن الإنسان العربي المسلم حين يعول على نفسه؛ فيبدع في مواجهة أعداء الحياة ويبدع في تقديم ترجمة أخلاقية لعقيدته ويبدع في مفاوضة العدو بشموخ ومبدئية واقتدار، فإن عموم المشهد في عالمنا الإسلامي والعربي خصوصا هو مشهد لا يسعفنا لنُصَنّف ضمن الشعوب المتحضرة سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستوى العلمي أو على المستوى السياسي، فنحن ما زلنا في تبعية كاملة هي أشدّ إذلالا مما كنا عليه في مختلف مراحل تخلفنا، وخاصة منذ نشأة الدويلات القُطرية بعنوان "الدولة الوطنية".
نحن المسلمين نقدم محاضرات حول الأخوّة في الإسلام وحول العدل وحول الحرية وحول المساواة وحول العلم والقوة والعزة والرحمة، ولكننا نمارس الظلم والاستبداد والنهب، ونكشف عن منسوب عال من التعصب والغلظة والكراهية، ونرهن أوطاننا لقوى الاستعمار، ونعطي أموالنا لأعداء أمتنا، ونعين الصهاينة على إخوتنا المقاومين، وننقاد بوعي وبغير وعي لتنفيذ مخططات الأعداء؛ فإذا بنا نقتل بعضنا ونمارس التنكيل والتعذيب لنقدم حجة لأعدائنا حين يقولون بأن المسلمين هم أشد وحشية من الصهاينة، وبأنهم ليسوا جديرين لا بديمقراطية ولا بحرية، وبأنهم لا يمكن أن يكونوا شركاء في بناء حضارة إنسانية حتى وإن رددوا ما جاء في قرآنهم: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" (آل عمران: 110).
إن المسلمين اليوم إذ صنعوا أزمتهم الحضارية أساؤوا لأنفسهم، وأساؤوا إلى الإسلام حين جعلوا رأيا عالميا واسعا يتساءل حول مدى جدية القول بأن الإسلام هو المُنقذ للبشرية وأن رسوله إنما هو رحمة للعالمين.
إن المسؤولية الأخلاقية والتاريخية والشرعية كبيرة جدا على علماء المسلمين وعلى نخبهم وقادتهم، فإن كنا عجزنا عن المساهمة في الثورة العلمية، فلماذا نعجز عن الاستفادة من هذه الثورة لنساهم في ثورة معرفية إنسانية التزاما ببعض من خصائص "خير أمة" وهي "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر".
فأنّى لنا ذلك، وقد حوّلنا جغرافيا أوطاننا، كما حولنا مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، إلى "بؤر توتر" حقيقية لا افتراضية؛ نخوض فيها معارك مهلكة ويتداول العالم مشاهد من ممارساتنا البدائية والوحشية ومشاهد من بؤسنا وفقرنا وخراب عمراننا.
x.com/bahriarfaoui1