بعد الغارة على جنين.. العسكرية الصهيونية من معركة بين الحروب إلى غارة بين المعارك!
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
اشتهر لدى الاستراتيجيين الصهاينة تعبير "معركة بين الحروب" لوصف تلك المنازلات والمواجهات العسكرية التي كان يخوضها جيشهم ضد المقاومتيْن الفلسطينية واللبنانية منذ تسعينيات القرن الماضي (1993، 1996، 2006، 2008 ـ 2009، 2012، 2014، 2021) وقد هدفت تلك المعارك لتحقيق الردع وتقليص الإمكانيات (القصْقصة)، وربما للثأر والاقتصاص وتسديد الحساب أيضًا.
ولكن لوحظ هنا، مع كل مواجهة جديدة اشتداد عود المقاومة وتمرّسها وزيادة بأسها لتسجيل نقاط؛ ليس فقط في الصمود والثبات، بل وفي المبادرة والمناورة والمبادأة. وأصبح العدو الصهيوني يضع الحسابات ويقيم الموازين والمعادلات عند التفكير في توجيه ضرباته في هذا النوع من المعارك، بعد أن كان يستسهلها، وربما اعتبرها في بعض الأحيان مثل ميدان رماية، اتخذ من مجالها "ملطشة" يمارس فيها طيّاروه وجنود مدفعيته هواياتهم ويستكملون فيها تدريباتهم وتطوير مواهبهم.
وعند التدقيق في السلوك القتالي الصهيوني، فإننا نجد الخطّ البياني لأدائه في "النّازل"، من حيث الضعف الظاهر في قواته البرّية تحديدًا، رغم تزودّها بأحدث الوسائل القتالية، وبالتالي ضعف الروح القتالية التي تسجّل نقاطًا جديدة بعد كل مواجهة ومواجهة.
ونتيجة لذلك، لم يعد هناك أيّ استراتيجي عاقل في المستويات السياسية والأمنية والعسكرية عندهم، ينادي مثلًا، بالدخول البرّي إلى قلب مدن ومخيمات قطاع غزة، فضلًا عن أن يقدم على فعل ذلك في لبنان. وفعليًّا، لم يعد لديه من مقدّرات قتالية متفوّقة إلا تلك التي يمارسها عن بعد، سواء عبر الطيران المسيّر أو المأهول، أو عن طريق بطاريات المدفعية البرية أو البحرية، أو تلك الصاروخية.
لا زال العدو الصهيوني يحتاج للإذن الأمريكي حتى في مهمة محدودة كالغارة على مخيم جنين! وهذا يُرينا حجم تبعية الكيان الصهيوني للقرار الأمريكي، بالرغم من تهكمات اليمين المتطرف التي سُمعت في الشهور الأخيرة في النقاش الداخلي الصهيوني،ونحن نعلم أن السيطرة على الأرض هي علامة السيطرة الفعلية. وإن الدروس البليغة المستخلصة من مواجهات تلك المعارك، هو أن يد العدو الصهيوني قد تراخت في قدرتها على بسط سيطرتها. وقد تجلى ذلك في حرب 2006 في لبنان، ثم في حرب 2008 ـ 2009 والمعارك التي تلتها في قطاع غزة. ولم تخن تلك الملاحظة الدقيقة واحد من أهم المراقبين الأذكياء عندما قال بعد حرب (2008 ـ 2009): "إننا تأكدنا اليوم من أن قطاع غزة غدا محررًا، لأن العدو الصهيوني كان يحتلّ أراضي عربية وينسحب منها ثم يعود لاحتلالها متى رغب، ولكن هذه المرة عندما حاول العودة احتلال قطاع غزة لم يتمكن فالاستنتاج الطبيعي هنا أن القطاع غدا محررًا"!.
لا بل، إن التأهب المقاوماتي في الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، جعل حركية الفلسطينيين واللبنانيين تدقّ أستار السياج الحدودي، إلى درجة أن الغزيّين خرجوا من أزقّتهم ليبنوا أبراج مراقبتهم على السياج الحدودي، لا بل إنهم شيّدوا شارعًا على طول ذلك السياج، وأسموه ـ هكذا ـ " شارع جكر"، و"جكر" بالمحكية الفلسطينية تفيد التحدّي الجريء المعاند والمستفز. وقبل أسابيع، أجرى حزب الله مناورة على الحدود تحت أعين الجنود الصهاينة، لا بل إنه أقام قبل أيام خيمتين على الحدود لأغراض الرصد والمراقبة، فُهم منها إظهار التحدي السافر (الأشبه بالـ"جكر" الغزاوي)!.
في المقابل نجد أن السلوك الصهيوني يقوم على الاكتفاء والانطواء (حتى أن خطة شارون للخروج من قطاع غزة وشمال الضفة عام 2005 أُسميت "بخطة الانطواء")، ومنذ ذاك اليوم وحركية الانطواء والانكفاء هي الحاكمة. والذي يستطيعونه الآن هو القتال عن بعد عبر سلاح الجو، أو عبر ما توفره التكنولوجيا من أدوات قتال تُخرج العنصر البشري الصهيوني من ميدان المواجهة. ولسنا بحاجة هنا لإيراد النِسَب والإحصائيات التي تحدثت في العقدين الأخيرين عن انخفاض نسب التجنيد خاصة في الوحدات القتالية، ومعها انخفاض الروح المعنوية.
ولكن ما أثبتته مواجهات نابلس وجنين منذ ما بعد معركة "سيف القدس.. أيار 2021" هو أن اقتحام أي مدينة منهما، من أجل القيام بمهمة كانت تصنّف سابقًا على أنها "اعتيادية"، أصبحت تكلّف مشاركة كل أذرع الجيش والمخابرات والوحدات الخاصة والنخب القتالية، بالإضافة إلى مساهمة رجال السلطة والأمن الفلسطيني المتعاون. وأصبح أيّ دخول لنابلس أو بلاطة أو جنين يحتاج لتوفير أكثر من 200 ـ 400 مقاتل في المهمات العادية وفي الغارة الأخيرة على جنين، التي استمرت (48) ساعة تقريبًا، والتي قِيل إن التخطيط لها استغرق وقتًا ليس قصيرًا، احتاجت إلى (1300) جندي على الأرض، وذلك غير الطواقم الأمنية واللوجستية والتكنولوجية التي غطّت العملية عن بعد. وقد شهدت هذه الغارة نقاط تحول على عدة أصعدة، خاصة على صعيد تبلور "الملاذ الآمن" نسجّلها فيما يلي:
1 ـ التحول من "معركة بين الحروب" إلى "غارة بين المعارك
تميزت القتالية الصهيونية منذ بداياتها بالنفس القصير، مما جعل القتال ينحصر في عدة أيام أو أسابيع قليلة. لذلك وجدنا الصهاينة يلجؤون إلى الهُدَن الحربية في 1948، والتي لم يكن يستغرق القتال قبلها أو بعدها سوى أيامًا أو بضعة أسابيع، مع أنه كان متفوقًا دائمًا في العدد والعتاد. هكذا لم يستغرق القتال في حرب 1956 سوى أيامًا معدودات.
وأكثر ما اشتُهرت به حرب 1967 أنها كانت "حرب الأيام الستة"، أمّا في العام 1973، فلم يستغرق القتال أكثر من أسبوعين، وفي "معركة الكرامة" لم يستغرق 24 ساعة. ويُسجّل لحرب الاستنزاف على ضفتّيْ قناة السويس 1968 ـ 1970، التي أخذت صورة حرب غوّارية (من غارة)، بالإضافة إلى الحروب الغوّارية التي ستخوضها قوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية منذ اجتياح الليطاني 1978، واجتياح بيروت 1982، فصاعدًا، والتي امتدت مواجهاتها لأسابيع وشهور طويلة، الأمر الذي أخذ يُثقل على كاهل مخطّطي ومديري حروب إسرائيل، كما على السياسيين والاستراتيجيين.
وليس من قبيل الصدفة أن ينحو السلوك الحربي الصهيوني، في معارك مع قوى المقاومة التي لديها قدرة على الصمود والمناورة، باتجاه تقليص أيام المواجهة وعدم الذهاب بعيدًا في التورط في حرب مفتوحة مرهقة ومكلفة وغير مضمونة النتائج، لذلك وجدنا العدو الصهيوني يختار "المعركة بين الحروب" التي تتميز بمحدوديتها الزمانية، وفي توجيه الضربات الثأريّة والانتقامية وتقليص القدرات، لكنها البعيدة تمامًا عن الحسم الذي كانت تحظى به حروبها مع الجيوش العربية النظامية.
مع اشتداد عود المقاومة في كل جولة جديدة من جهة، وتراجع الروح القتالية لدى العدو من جهة أخرى، أخذ السلوك الصهيوني يميل إلى تقليص مدة ومجال المواجهة إلى ساعات، أو أيام معدودة بالساعات (24- 48-72) ساعة، وهذا التطوّر الملاحظ جسّده الأداء العسكري في عمليات اقتحام مدن نابلس وجنين، أو حتى في الضربات التي استهدفت "الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة في السنوات الأخيرة، وهي مواجهة أقرب إلى "الغارة" منها إلى "المعركة". ولذلك نجد أن السلوك الصهيوني القتالي في سنوات ما بعد حرب 2014 المديدة (51 يومًا) تغلب عليها هذه المعادلة، فعِوَضًا عن "المعركة بين الحروب" أصبح لدينا اليوم "الغارة بين المعارك" لدرجة يتم الإعلان مسبقًا عن مدّتها وعن مسرحها، كما حصل في الغارة الأخيرة على جنين ومخيمها.
2 ـ مخيم جنين من "انتفاضة مسلحة" إلى "نواة ملاذ آمن"
شهد مخيم جنين في العامين الأخيرين (بعد معركة سيف القدس ـ أيار 2021) حركية مقاوماتية أخذت بالنمو والاتساع، وقد ساعدت البنية السوسيولوجية المخيماتية، بالإضافة لطبيعة الخلفية النضالية التاريخية للمخيم ولمنطقة جنين عمومًا، في إنضاج الظاهرة الآخذة بالتبلور والتطور والتعميم أيضًا، ولتصبح نموذجًا قابلا للتكرار والاستلهام في هذه المنطقة وتلك.
وقد تميزت عملية الملاحقة الأمنية الصهيونية للمجموعات المسلحة في المخيم بالعمل المركز الذي يتطلب بالدرجة الأولى معلومات استخبارية دقيقة، كما تميزت أدوات عمل العدو، بالاعتماد على ما يمكن أن توفره التكنولوجيا الحديثة من قدرة على السيطرة. ولم يعد يفي بالغرض اعتماده على جنود نظاميين عاديين، ولا على معدات وناقلات عادية، بل أخذ يعتمد على نخبة عسكرية من الوحدات الخاصة التي تتمتع بتدريبات وقدرات خاصة.
إن وجود حدود للقوة الصهيونية، وقيود خارجية تعمل على تقييدها وتحديدها (بالإضافة إلى عوامل المواجهة الأرضية في الميدان طبعًا) هو مما يعطي أملًا في إمكانية ميلاد الملاذ الآمن، وذلك إذا ما حُوفظ على التراكم النضالي القائم بعناد وانضباط وانتظام.حدث ذلك بعد أن غدا كل دخول لقواته يتعرض لاشتباك مسلح، وأصبح تنفيذ الوحدات الخاصة في عرباتهم محفوفة بالمخاطر، وفي غالب الحالات يتمترس جنود الوحدات الخاصة في عرباتهم المدرعة أو المموّهة جيّدًا، ويكون نزولهم منها محسوبًا بالدقائق، ويقومون بتنفيذ مهماتهم بصورة خاطفة وسريعة لأن أي إطالة زائدة للوقت معناه حدوث ظل تنفيذي، يترتب عليه علوق مرتكبيه في كمين واشتباك غير محسوب العواقب من قبل وهو ما يجلب المزيد من المتاعب. وهذا ما كان حدث فعلًا في الغارة على جنين يوم الاثنين 3\7، عندما حدث التطور الجديد في تسجيل نجاح المقاومين بتفجير عبوة جانبية في إحدى مركباتهم ووحدات جيشهم المدرعة، مما تسبب في حدوث ارتباك بسبب الإصابات والعطل والمحاصرة. وقيل إن هذا الحادث هو الذي عجّل في تنفيذ الغارة التالية، بالإضافة إلى التطور المقاوماتي الآخر المتعلق بتصنيع قذائف صاروخية هي الأولى من نوعها في الضفة، وكان قد تم إطلاقها من منطقة جنين أيضًا على إحدى المستوطنات.
وبالرغم من كثرة اقتحام مدن نابلس وجنين للاعتقال أو الاغتيال، غير أنها تميزت مع مرور الزمن بالكثير من التعقيد، مما يجعل من السيطرة الصهيونية على المكان سيطرة لحظية ووظيفية، وأخذ هذا، مع مرور الوقت يمنح المقاومين المسلحين هامشًا أوسع من الإحساس بالسيطرة على المكان مع أنهم يدركون تمامًا أنهم داخلون في "لعبة موت" سافرة، وهي حالة متناسلة عما كانت توفره ظاهرة "المُطارَد" التي اشتهرت منذ انتفاضة 1987، والتي كانت "وفّرت" في حدود معينة نوعًا من "الملاذ الآمن" والتي كانت تعني الفضاء الأمني والفيزيائي الجغرافي والديموغرافي الذي يتحرك فيه المطارد.
من هنا، فإن التطور الأخير في جنين يبشّر بأننا أمام بداية تبلور ميلاد "ملاذ آمن" حقيقي وليس مجازي، لأول مرة في الضفة الغربية، وأولى علائمه ليس فقط زيادة أعداد المسلحين وحملة البنادق الذين يملؤون المكان، بل وأيضًا انطوائية حركة العدو، هذه الانطوائية التي نتوقع زيادتها مع كل خسارة جديدة، وباعتقادنا إن نجاح تحقّق الملاذ الآمن يعتمد بالدرجة الأولى على حجم الخسائر التي يمكن أن تلحق بالعدو، لأنه لا يتحمّلها، فلو أن كل غارة أو عملية اقتحام تُواجَه بمقاومة منظمة ذات توزيع جهد وأدوار، بحيث يعود العدو محمّلًا بقتلاه وجرحاه وتعطيل مركباته ومعدّاته، وربما اغتنام جزء من عتاده وذخائره، ولم لا نقول وقوع بعض جنوده أسرى، فإن كل ذلك سوف يجبره إجبارًا على عدم العودة والتموضع خارج المدن.
في الغارة على جنين الشهر الماضي، التي قيل إنه جرى التحضير لها منذ مدة (مع أن جنين ومخيمها عرضة لغارات مستمرة) كان وزير دفاعهم "غالانت" قد أعلن بأن هدف الغارة، حرمان المقاومين الفلسطينيين من الفوز بملاذ آمن، خاصةً أن الكلام عن ظاهرة حمل السلاح لمقاومة العدو الصهيوني في جنين ومخيمها وقراها قد تضاعفت وقفزت من العشرات إلى المئات، وقيل أن في المخيم نفسه يوجد (170) مسلحًا. وعند النظر إلى نتائج الغارة سنجد أن الصهاينة لم يتمكنوا من المس بهذا الجسم المسلح، فلم يقع بين أيديهم سوى اثنين من المحسوبين من المسلحين، لكن مهارتهم برعت في التخريب المادي في الأبنية والشوارع.
أما على صعيد المس بمقومّات الملاذ الآمن، فقد وجدنا العدو يفشل في "حسم" الاشتباك، سواء في اعتقال أو تصفية المسلحين المقاومين، كما سبق ونجح في هذا الأمر عام 2002، حيث كان هناك يومها انتفاضة الأقصى، وكان شارون، وكانت عملية السور الواقي، وكان الثمن البشري في طرفي المواجهة باهظًا أيضًا.
من جهة أخرى، وجدنا المقاومين المسلحين بأعدادهم المتكاثرة، قد خرجوا من المواجهة موفوري العدد، كما اجتازوا تمرينًا عمليًّا في الإمساك بالأرض، الأمر الذي يجعلنا نقول أننا هنا أمام حالة ميلاد "ملاذ آمن" لأول مرة في الضفة الغربية، مع أننا نعتقد أن ظروف نشأته في مدينة نابلس أوفر حظًّا وأكثر مؤاتاة من حيث توفر الكثافة الديموغرافيّة التي يمكن أن تساعد في إنجاحه ميدانيًّا، ثم في مقدرة الديموغرافيا على حمل نفسها في حال تعرضت لحصار طويل الأمد كحال غزة. ولكننا نتلمس في جنين ومخيمها، مع هذه المأثرة الكفاحية والنضالية، إمكانية إنجاح وإنجاز "الملاذ الآمن".
وحتى تنجح هذه التجربة، ويصبح هناك مكان ممكن للمقاومة في الضفة الغربية أن تراكم فيه خبراتها وتجاربها وتساهم في تنظيم صفوفها، ولجوء كل المقاومين (المحكوم عليهم بالإعدام الميداني بسبب تنفيذهم العمليات) وتفتح لهم آفاقًا وحياة جهادية واعدة، فإننا نقترح ما يلي:
1 ـ زيادة الرقعة الديموغرافية لمخيم جنين وأحياء المدينة المحيطة به، وذلك من خلال بناء المشاريع الإسكانية، خاصة وأن هناك حاليًّا مساعدات سخية تم تقديمها من بعض الدول، بالإضافة إلى المساعدات المحلية التي تعكس تضامنًا كبيرًا. ولا بأس أن تستوعب هذه المشاريع جزءًا من سكان بلدات محافظة جنين الكبيرة [قباطية، سيلة الحارثية، اليامون، عرابة، يعبد، طوباس..] من أبناء الأجيال الجديدة والأزواج الشباب. فقد أثبتت تجربة الملاذ الآمن في قطاع غزة، أن العامل الحاسم في نجاحه وتثبيته هو الكثافة الديموغرافية. فالديموغرافيا هنا، تَحُلّ من الناحية الفيزيائية الصِّرفة محلّ العوامل الجغرافية المؤاتية للعمل المقاوم كالجبال أو الغابات أو المستنقعات والأنهار والمسطحات المائية.
2 ـ قيام المجموعات المسلحة بتنظيم صفوفها جيّدًا وتطوير أدائها، والأهم هنا التركيز على الروح الانضباطية والسرية الشديدة، والابتعاد عن وسائل التواصل التكنولوجي التي هي مصائد كشف وانكشاف، خاصةً وأننا لا نملك إمكانية السيطرة عليها. وعلى المقاومين التمتع بمناقبية عالية بالبُعد عن الاستعراضية والتحرر من مرض العصر (حب الظهور)، ثم العمل الدؤوب على تطوير وسائل المقاومة، وجعل المعرفة بها وخدمتها والتمترس عليها ومراكمتها ذخرًا استراتيجيًّا.
شهد مخيم جنين في العامين الأخيرين (بعد معركة سيف القدس ـ أيار 2021) حركية مقاوماتية أخذت بالنمو والاتساع، وقد ساعدت البنية السوسيولوجية المخيماتية، بالإضافة لطبيعة الخلفية النضالية التاريخية للمخيم ولمنطقة جنين عمومًا، في إنضاج الظاهرة الآخذة بالتبلور والتطور والتعميم أيضًا، ولتصبح نموذجًا قابلا للتكرار والاستلهام في هذه المنطقة وتلك.3 ـ في العلاقة مع السلطة: هناك إشكالية حقيقية في هذه المسألة، لأن فلسفة وعقيدة السلطة السياسية والأمنية تقوم على أساس محاربة المقاومة، وتأمين الوجود الاحتلالي وصيانته من أي "تعديات" فلسطينية، وليس العكس! هذا بالإضافة إلى أن حركة فتح (حزب السلطة) لم تعد تتصرف كحركة سياسية لديها برنامجًا محددًا تقترحه على شعبها وناسها، بل غدت (قبيلة سياسية) موغلة بالغرائزية التي ترى أن كل شيء غيرها إنما هو على حسابها، وهذا بالضبط هو سلوك "الضرّة" بالمعنى الاجتماعي، فلو كان غيرها يقطّر عسلًا، فهو بالنسبة لها المرار العلقم بعينه، وهنا ممكن ما أصبحت تمثله حركة فتح خاصة بعد المواقف السلبية المؤسفة التي سجلت في أعقاب الغارة على جنين. وهذا ما يجعل العلاقة بين السلطة وحزبها وقوى المقاومة الأخرى، حسب طبيعة تعريف الأدوار، علاقة تصادمية أو على الأقل سلبية.
وهنا نشير إلى أن مخيم جنين بالخصوص، تميّز منذ الانتفاضة الأولى بوجود وحدة حال داخلية، وتضامن داخلي مرتفع (وهي سمة تطبع مجتمع المخيمات عمومًا، حيث يتضامن أهل المخيم بالعادة في وجه أي سلطة من خارج المخيم). ومن المفيد هنا أن يتم تشكيل قيادة ميدانية جديدة للمخيم ذات صفة: اجتماعية - خدماتية - مقاوماتية، قد يكون بعضها علني وبعضها الآخر نصف علني أو سرّي. وإذا ما برهنت هذه القيادة على جدارتها، وتجاوزت شروط عمل مؤسسات السلطة بالإمكان نقل النموذج إلى مدينة جنين ذاتها، وفي حال نجح فيها، فبالإمكان تعميمه لاحقًا في قرى ومدن ومخيمات الضفة الغربية.
لكن نشدّد هنا على ضرورة تحلّي المقاومين بالمناقبية النضالية المطلوبة، خاصة وأن نضالهم يستهدف أصلًا تحرير شعبهم ووطنهم والسعي في خدمته، لا الترفّع أو الاستعلاء عليه أو تحميله الجمايل والمنيّة، ومن المهم هنا عدم التورّط في أي خلافات داخلية. وإذا كان هناك من خلافات يسعى إلى حلّها، فتجربة ثورة 1936، خاصة في منطقة جنين، التي كانت شهدت نزيفًا داخليًّا نَفَذَ خلاله الاستعمار البريطاني إلى نسيجنا الوطني، وأحد أسباب تلك الحالة كان وجود بعض قيادات المجاهدين الأقل ثقافة وحكمة وتميزت بالجهل والطيش والأميّة. ففي صراع كصراعنا مع العدو الصهيوني ينبغي عدم التورط مطلقًا في نزاع داخلي لأن العدو والخبثاء يدخلون ويتسلّلون من خلاله.
3 ـ السعي لإيجاد بنية تحتية مقاوماتية، كحفر الخنادق أو الملاجئ والسراديب وتوفير أي احتياجات أو مقدرات مادية لازمة.
4 ـ إنشاء بنية تحتية تخدم المقاومة بحيث يكون هناك جهاز رصد وتعقب وجمع المعلومات والملاحظات تعتمد على العنصر البشري المدرب، بالإضافة إلى جهاز رصد تكنولوجي لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية (السايبر) ورصد الاتصالات السلكية واللاسلكية إذا ما أمكن ذلك. والقيام بالفحص والتدقيق في كل عناصر الواقع الجديدة الطارئة. والعمل على دراسة سلوك العدو ورصد فعالياته وأساليبه، وبالإمكان الاستفادة كثيرًّا من تجربة المقاومة في قطاع غزة وكيفية محافظتها على أمن ملاذها الآمن.
5 ـ غرفة عمليات مشتركة يكون عنوانها التعاون والتنسيق وبناء الخطط المشتركة والترحيب بكل طاقة وطنية حقيقية والعمل على استيعابها والإفادة منها. وعدم جعل الروح التنافسية تطغى على أولوية إنجاح العمل وسلامته ونجاعته، وتغيب روح الاحترام والتقدير والحرص والتضامن والتعاضد، فالله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كالبنيان المرصوص.
6 ـ الإمساك بزمام المبادرة والمبادأة والمناورة، ومغادرة السكون ومراوحة المكان، وذلك بعدم انتظار قيام العدو بغاراته التي ينال منّا فيها ويستنزفنا باستمرار ما بين اغتيال أو اعتقال أو تخريب. ويدخل في ذلك انتهاج سياسة توسيع الملاذ الآمن باستمرار، خاصة وأن منطقة جنين في المنطقة الأقل تواجدًا استيطانًا (ومن المعروف أن السياسة الرسمية الصهيونية عندما تريد أن تنتقم من أعمال المقاومة الفلسطينية، فإن الانتقام الأهم يكون في مصادرة الأرض- التي هي علّة الصراع- ويبدو أن الحكومة الصهيونية وأحزابها اليمينية المسعورة، أخذت تعلن نيتها عن البدء ببناء بؤر استيطانية في منطقة حنين كعقاب لها). وهنا، على المجموعات المقاومة المنظمة أن تجهض أولًا أي محاولة استيطانية من هذا النوع في مهدها، وثانيًا، أن تنظم غارات مدروسة على المستوطنات القائمة والسعي لإخلائها وترحيلها ضمن برنامج مقاوماتي مدروس، وهذه عملية تحتاج إلى مناورة دائمة ودائبة وبدون توقف، لأن التوقف يعني مراوحة المكان وانتظار العدو ليقوم هو بالمناورة والمبادأة والغارة.
3 ـ التضامن الشعبي الواسع شرط لنجاح فعل وطني مفتوح
لقد أثبتت التجربة الطويلة تحت الاحتلال أنه يعود لعامل التضامن الشعبي الشامل الدور الأساسي والحاسم في منح الأحداث الكبيرة صفة الديمومة والانفتاح لأيام وأسابيع وشهور وسنين طويلة، وهذا ما كانت برهنته تجربة الانتفاضة الأولى عام 1987، وما تبعها من هبّات وانتفاضات حتى أيامنا هذه.
ولقد سجّل التضامن الشعبي والأهلي الأخير مع مخيم جنين درجات نضالية متقدمة، ترشّح الحالة وتشحنها باتجاه الدخول في فعل وطني مفتوح، يحمل سمات الديمومة والاستمرارية، وذلك في حال تدحرجت المواجهات المحدودة الحالية إلى مواجهة وطنية شاملة. وقد ظهر ذلك جليًّا في مظاهر تضامن مشحونة بكل حميّة وحميمية وطنية، كان منها: سيل المساعدات الإغاثية التي تم جمعها في مختلف المدن والقرى والمخيمات، ثم توجه الوفود الرسمية والشعبية، خاصة تلك التي تمثّل المؤسسات الأهلية والجماهيرية على مدى أيام وأسابيع. وبلغ التضامن درجة أن تنهض السلطة ورئيسها العاجز الكسول عن القيام بواجباته الوطنية، والذي لا يتحرك من مكتبه مطلقًا إلا مرة في السنة ـ أحيانًا ـ لمشاركة الأخوة المسيحيين في بيت لحم في عيد رأس السنة الميلادية، حتى هذا الرئيس وجد نفسه مأخوذًا، بل قل مجبورًا على إعلان التضامن مع مخيم جنين، خاصة بعد التحريض والإهانة التي كان تعرض لها وفد من قيادات حركة فتح (يصنّف من الوجوه الأقل فسادًا والأكثر قبولًا) كانت طردت من قبل أهل المخيم عندما جاءت لتشارك في جنازات الشهداء وللتضامن مع المخيم، وذلك لموقف فتح وسلطتها المتفرج إن لم يكن المتواطئ أثناء على المخيم.
ولم يأت التضامن مع مخيم جنين هذه المرة لمجرد الإشادة والتبجيل وإلقاء الخطب الحماسية وقصائد الشعر، بل جاء للمساندة الفعلية المادية والمعنوية، وذلك بالانشحان النفسي والذهني الوطني المتماهي والمتماثل مع الحالة النضالية التي جسّدتها لحظة التجلي الكفاحي للمخيم ورجاله ونسائه وأطفاله وشبّانه المقاومين.
وقد طوّر الفلسطينيون عبر تجربتهم الطويلة تضامنياتهم المؤثرة التي تتطابق فيها صور المعاضدة والمناصرة، عاكسةً وحدة الحال، فكأن ما يتعرّض له المخيم أو الواقع الفلاني هو ما يتماثل مع المتضامنين شخصيًّا من حيث التعرّض له. لذلك، سنجد هنا من الصور المؤثرة زيارات وفود ذوي وأمهات الشهداء القدامى في مواساتهم لذوي وأمهات الشهداء الجدد، ثم صور كفالة الأسر، وترميم البيوت، والمساجد، والمباني. والأكثر من ذلك، قيام المجاهدين في أماكن أخرى بتقدّم الصفوف وتنفيذ العمليات وتقديم أرواحهم قرابين في مؤازرة إخوانهم وأهلهم في مخيم جنين وهو يتعرض للقصف والاقتحام والتخريب، والقتل، والإرهاب، والاعتقال.
لقد أثبتت تجربة النضال الفلسطيني بأن أحد أهم مكوّنات وأركان الأمة "الشعب" بالإضافة إلى الدين، اللغة، العادات، التقاليد، الجغرافيا، والتاريخ المشترك: "العدو المشترك". وفي حالتنا مثّل العدو المشترك بوتقة الصهر الروحية، والذهنية والوجدانية والجودية. ومنذ العام 1948، كان أحد أهم عناصر سيكولوجيا اللجوء، الالتئام الجماعي والتعبير الموحّد كذات واحدة في وجه كل عنصر غريب طارئ وخارجي يمكن أن يعترض أو يتدخل أو يعتدي على الوجود الجماعي الفلسطيني، وقد تجلّى ذلك وتمظهر أكثر شيء في المخيمات، التي كنا نجد أهلها يأتلفون دائمًا رغم ألوانهم السياسية والجهورية في مواجهة كل متدخل من خارج المخيم. وعُرف مخيّم جنين من بين مخيمات الأرض المحتلة بهذه الميّزة الوحدوية، خاصة منذ الانتفاضة الأولى.
ومن الأهمية بمكان هنا أن تقوم القوى السياسية الحية، بالإبداع في تطوير وتنمية وتوسيع ميكانيزمات التضامن الشعبي وجعله فعلًا وطنيًّا، وواجبًا إسلاميًّا وإنسانيًّا له أطره وصوره المستمرة والدائمة، لأنه في الحقيقة ينطوي على "فعل الصمود"، الذي يتعدى أن يكون مجرّد تطبيب نفوس وجبر خواطر. ولذلك، كنا وجدنا سلطات الاحتلال تلاحق نشطاء التضامن وتزجّهم في الاعتقال الإداري لسنين طويلة لمجرد قيامهم بواجبات من نوع زيارة ذوي شهيد أو جريح أو أسير. من هنا، فإن الاستثمار في إبداع وسائل تضامن جديدة تلائم وتكافئ تطورات الواقع هي من الأولويات التي ينبغي أخذها بالحسبان عند التفكير الأوسع في تطوير العمل المقاوم، خاصة وأننا نرشّح هذا العمل لمزيد من التطور والتنامي واشتداد العود إلى حيث إمكانية إنجاز ملاذه الآمن، وهو ما يستوجب توسيع دوائر التضامن والاعتناء بالحاضنة الشعبية، والظهير الجماهيري.
4 ـ الاحتلال بالرغم من كل تناقضاته لا يستغني عن "الإذن الأمريكي"!
كان من الملفت للنظر، وبالرغم مما بين إدارة الرئيس بايدن وحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة من تشنجات وخلافات غدت معلومة معروفة، قيام حكومة نتنياهو بإعلام الإدارة الأمريكية عن الغارة المنوي شنّها على جنين، قبل القيام بها بعشرة أيام، وقيل إن السماح الأمريكي اشترط هذه المرة من بين ما اشترط أمرين: تحديد مدة تنفيذ العملية بوقت قصير، ثم عدم ارتكاب بطش وقتل كبير في صفوف المدنيين.
وبالفعل وجدنا نتنياهو. في مؤتمره الصحفي بالاشتراك مع أركان حربه، يسدي شكره العلني الجزيل للولايات المتحدة التي غطّت العملية كالعادة، وأعلنت إعلانها المتكرر والوقح عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"! كما وجدنا جيشهم يُعلن سلفًا بأن المدة الزمنية التي سوف تستغرقها العملية لن تزيد عن 36-48 ساعة. وهكذا كانّ!
وإن كان هناك دروس وعبر من كل ذلك، فإننا نوجز بعضها فيما يلي:
1 ـ إن الانحياز الرسمي الأمريكي خصوصًا والغربي عمومًا للعدو الصهيوني هو انحياز أعمى ووقح يكيل بمكاييل عديدة ولا يحترم أي قوانين أو أعراف، وذلك عندنا يعلن في كل مناسبة شبيهة " حق" إسرائيل في ممارسة العدوان والقتل والعنف والإرهاب، ويسميه- بلا أي خجل، هكذا- دفاعًا عن النفس- ما هو إلا انحياز سافر ومكشوف وبلا أي قناع، ويجعل موقفها المعادي لنا ولحقوقنا ولدمائنا موقفًا سافرًا ونابيًا ونافرًا وخارجًا عن أي لغة دبلوماسية. ليكن ذلك في علمنا، إذا ما أردنا تحديد معسكر الأعداء.
2 ـ لا زال العدو الصهيوني يحتاج للإذن الأمريكي حتى في مهمة محدودة كالغارة على مخيم جنين! وهذا يُرينا حجم تبعية الكيان الصهيوني للقرار الأمريكي، بالرغم من تهكمات اليمين المتطرف التي سُمعت في الشهور الأخيرة في النقاش الداخلي الصهيوني، ومنها قول أحد غلاتهم (بن غفير) وهو يرد على التدخل الأمريكي في مسألة الإصلاحات القضائية؛ بأن إسرائيل ليست الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة! مع أنها كذلك فعلًّا، وربما أكثر من ذلك!
3 ـ إن وجود حدود للقوة الصهيونية، وقيود خارجية تعمل على تقييدها وتحديدها (بالإضافة إلى عوامل المواجهة الأرضية في الميدان طبعًا) هو مما يعطي أملًا في إمكانية ميلاد الملاذ الآمن، وذلك إذا ما حُوفظ على التراكم النضالي القائم بعناد وانضباط وانتظام.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية احتلال اجتياح مخيم جنين احتلال فلسطين اجتياح مخيم جنين رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدو الصهیونی الضفة الغربیة جنین ومخیمها بالإضافة إلى فی قطاع غزة منطقة جنین مخیم جنین التی کان فی الضفة ل العدو خاصة فی أکثر من یمکن أن ذلک فی فی حرب ة التی أیام ا عموم ا فی حال إذا ما
إقرأ أيضاً:
ما أهمية قاعدة “عاموس” الصهيونية التي استهدفها حزب الله؟
يمانيون – متباعات
في تطور لافت، أعلن حزب الله اليوم الأربعاء تنفيذ هجوم جوي بطائرات مسيّرة على قاعدة “عاموس” العسكرية التابعة للكيان الصهيوني، في عملية جديدة تضيف مزيداً من الضغط على الاحتلال الصهيوني في إطار المواجهات المستمرة.
وتعد قاعدة “عاموس” واحدة من المنشآت العسكرية الحيوية في شمال الكيان الصهيوني، حيث تقع على بُعد 55 كيلومترًا عن الحدود اللبنانية، غرب مدينة العفولة. وتعتبر هذه القاعدة بمثابة مركز استراتيجي في استعدادات جيش الاحتلال، فهي تمثل محطة مركزية في تعزيز نقل وتوزيع القوات اللوجستية في المنطقة الشمالية، وكذلك في دعم أنشطة شعبة التكنولوجيا الخاصة بالجيش الصهيوني.
أنشئت القاعدة في الأصل من قبل قوات الانتداب البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت بمثابة امتداد لمهبط الطائرات “مجدو” الخاصة بالطائرات الخفيفة. ومع مرور الوقت، أصبحت القاعدة نقطة تجمع وتوزيع حيوية للجنود الصهاينة، لا سيما في دعم قوات الاحتياط من خلال استقبالهم وتوزيعهم في فترات الأزمات العسكرية. وقد كانت حتى عام 2016، مركزًا لاستقبال وتجهيز جنود الاحتياط، وفي فترة لاحقة أصبحت مقرًا للكتيبة المشاة الميكانيكية التابعة للواء غولاني.
وفي عام 2018، بدأت سلطات الكيان الصهيوني بتوسيع وتجديد القاعدة لتواكب احتياجاتها العسكرية الحديثة، وأصبح بمقدور القاعدة استيعاب أكثر من 2000 جندي وضابط، بالإضافة إلى مئات الموظفين الذين يتولون مهام النقل والخدمات اللوجستية. كما شملت أعمال التجديد بناء مركز صيانة متطور لأسطول الشاحنات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، وكذلك تحديث أنظمة الطاقة الشمسية التي تُستخدم في القاعدة.
وتعد قاعدة “عاموس” اليوم من أبرز المواقع العسكرية التي يوليها جيش الاحتلال الصهيوني اهتمامًا بالغًا، حيث تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات التنقل السريع لقوات الاحتلال في المنطقة الشمالية، والتي تحظى بأهمية بالغة في حال نشوب نزاع أو مواجهة مع حزب الله.
ويشير الهجوم الأخير على القاعدة إلى تصعيد نوعي في العمليات العسكرية التي ينفذها حزب الله ضد البنى التحتية العسكرية التابعة للكيان الصهيوني، ويعكس قدرة الحزب على ضرب مواقع حساسة تقع في عمق الأراضي المحتلة.
وقد يعزز هذا الهجوم من موقف حزب الله في مواجهة الاحتلال، ويشكل تحديًا جديدًا للجيش الصهيوني في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط العسكرية عليه من جبهات متعددة.