أعظم من خلق الله.. مكانة النبي عند ربه عز وجل
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد خصه الله سبحانه وتعالى بمكانة عظيمة ومقام رفيع بين جميع خلقه. فمكانته عند ربه عز وجل هي مكانة فريدة، يتفرد بها عن سائر البشر، ويظهر ذلك جليًّا في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد عظمة هذا المقام.
مقام النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريمالله تعالى قد بيّن في كتابه الكريم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل له فضلًا عظيمًا لا يدانيه أحد.
كما أن الله عز وجل قد جعل له شفاعة يوم القيامة، وهي شفاعة خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (صحيح مسلم). فهذا الحديث يدل على تفضيله على جميع خلق الله في يوم القيامة.
الرفعة والفضيلة التي خصه الله بهامن أعظم فضائل النبي صلى الله عليه وسلم هي الرفعة التي خصه الله بها في مكانته، فقد رفعه الله فوق كل خلقه في الدنيا والآخرة. في معراج النبي صلى الله عليه وسلم، الذي هو حدث عظيم في السيرة النبوية، صعد به الله إلى السماوات العلا حيث فرض عليه الصلاة، وجعل له علاقة خاصة مع ربه عز وجل، مما يدل على مكانته العظيمة عند الله.
قال تعالى في سورة الإسراء: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَىٰ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (الإسراء: 1). هذه الحادثة لا تقتصر فقط على كونها حدثًا فريدًا، بل تعكس مدى قرب النبي صلى الله عليه وسلم من ربه، وخصوصيته في التعامل مع الله.
أقوال العلماء في مكانة النبي صلى الله عليه وسلمأكد علماء الأمة الإسلامية على أن النبي صلى الله عليه وسلم له مكانة عالية عند الله عز وجل لا ينافسه فيها أحد من الأنبياء أو البشر، فقد جاء في فتوى دار الإفتاء المصرية أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعظم خلق الله تعالى، وأن مكانته عند الله تتجلى في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وفي بيان لمجمع البحوث الإسلامية، أكّد العلماء أن هذه المكانة لا تتوقف فقط على ما ورد في القرآن والسنة، بل تظهر كذلك في المعاملة الخاصة التي خصه بها الله، مثل رفع مكانته في الصلاة على الله، وجعل يوم الجمعة يومًا مباركًا له، فضلاً عن منح شفاعته للمؤمنين يوم القيامة.
مكانة النبي صلى الله عليه وسلم في شفاعة يوم القيامةمن أظهر مظاهر مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه عز وجل هي شفاعته العظمى يوم القيامة، فقد ورد في الحديث الصحيح: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق الأرض عنه، وأول شافع، وأول مشفع" (صحيح مسلم). وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم سيكون أول من يشفع للمؤمنين في يوم القيامة، وسيكون شفاعته شفاعة عظيمة يتوسل بها المؤمنون لتحقيق النجاة.
إن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه عز وجل هي مكانة فريدة وعظيمة، جعلت له موقعًا رفيعًا في قلوب المسلمين وفي تاريخ الإنسانية، فالله تعالى قد رفعه مكانًا عظيمًا وجعل له مقامًا لا ينازعه فيه أحد من خلقه، وما علينا إلا أن نقدر هذه المكانة العظيمة وأن نتمسك بسنته وأن نحبّه كما يحبّه الله تعالى، وأن نسعى دائمًا لإتباع طريقته المباركة في حياتنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النبي صلى الله عليه وسلم محمد الله مكانة مکانة النبی صلى الله علیه وسلم یوم القیامة الله تعالى ه الله
إقرأ أيضاً:
لغتنا الجميلة
#لغتنا_الجميلة
د. #هاشم_غرايبه
إن جمال اللغة العربية يتجلى في سعة استعمالات الألفاظ، وأجملها وأبلغها ما جاء في القرآن الكريم.
لو أخذنا استعمالا ت لفظة (الرؤية) في كتاب الله، سنجد لها استعمالات شتى، وكل أدى المعنى المختلف ببلاغة ودقة.
ففي قوله تعالى في سورة التكاثر: ” كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ . لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ . ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ”، وردت الرؤية في المرة الأولى بمعنى الإدراك العلمي المعرفي، فتحققت يقينيا عندما بلغ عقل المرء مرحلة اليقين بوجود الله، بعد أن وجد الدلالات المادية في كل ما حوله تنبئ بذلك، فيصدق بما أنبأ به الله من وجود الجحيم، ووصل به هذا اليقين وكأنه يراها عيانا.
وفي الرؤية الثانية كانت الرؤية العيان يوم القيامة، وحينها يوقن بها الناس جميعا، سواء من صدّق بها في حياته الدنيا أو كذّب، لكن هذا لا يعني المساواة في مصير الطرفين، فمن أيقن بوجودها واتقاها ينجو منها، وأما من تأخر يقينه الى أن رآها عيانا سيصلاها.
الرؤية أساساً متعلقة بحاسة البصر، وتتم بانطباق صورة المرئي على شبكية العين، لكن النظر هو آلية استعمالها، أي توجيه العين نحو المراد رؤيته مع فتح الجفنين، وقد تتحقق الرؤية أو لا تتحقق لموانع متعددة مثل انعدام الضياء الذي بانعكاسه على العين يتحقق الإبصار، ثم انتقال الصورة الى الدماغ عن طريق العصب البصري تتحقق الرؤية، وبمطابقة الصورة مع ما يماثلها في الذاكرة يتم تفسير هذا المرئي ويدعى ذلك الإدراك، لكن إن تعطلت واحدة من الآليات الآنفة فلا تتم الرؤية، فيقال عندها: أمعنت النظر لكني لم أر الشيء.
الإدراك إجراءات متسلسلة تتم عقليا، لكن منشأها حسي، وطريقه أحد الحواس الخمس، وإحداها البصر، ويتم بمطابقة الصورة ما يماثلها في قاعدة البيانات (الذاكرة) المخزنة في كل فرد.
استعمالات الرؤية في كتاب الله جاء واسعا، فقد جاءت أحيانا بمعنى استعمال حاسة البصر: “فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا” [النمل:44]، فقد نظرت بلقيس الى الصرح الممرد، ولأنها رأته شيئا صافيا، دلها إدراكها الخاطئ أنه ماء، فالخطأ كان في الإدراك، عند مطابقة الصورة مع ما يماثلها في الذاكرة لتفسيرها.
وقد تكون بالإدراك العقلي من غير اللجوء الى استخدام حاسة البصر، مثل قوله تعالى: “أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكذّبُ بِالدِّينِ” [الماعون:1]، فالرؤية هنا تكون تصورا لموقف.
وتكون بمعنى التخيل : “أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيل” [الفيل:1]، فهذا سؤال عن حدث حصل في زمن قديم ولا يمكن أن يكون المخاطب قد رآه، لكن التساؤل هنا جاء للقطع بصدقية الحدث كون راويه هو الله، بحيث تكون الثقة بحصوله بدرجة رؤيته له.
وعندما تأتي بتصور الرؤية لحدث جلل يفوق هوله كل وصف، وسيحدث في زمن قادم: “وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ” [الأنعام:27]، وجاء فعل الرؤية هنا مسبوق بـ ( لو) الشرطية، لكن الجواب هنا المفترض أن يكون: لقلت كذا أو فعلت كذا، حذف، وفي ذلك قمة البلاغة في ترك الخيال مفتوحا لتصور كل الإحتمالات، لأن ما سيحدث يجل عن الوصف وتقصر اللغة عن بيانه.
وقد تكون بالتفكُّر والرأي، كما في قوله تعالى: “قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ” [غافر:29].
وقد تكون بما يعقله الفؤاد، مثل قوله تعالى: “مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى”.
وقد تكون الرؤية هي رؤيا في المنام: “قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ”، وفي هذه الآية جاءت استعمالات متعددة: معنى (أرى) هنا هي رؤيا المنام التي تعتبر للأنبياء إيحاء من الله وليست أضغاث أحلام كما هي لعامة البشر، أما (فانظر) فقد جاءت بمعنى التفكير فهي عملية عقلية وليست رؤية بصرية، وجاءت (ماذا ترى) سؤالا عن الرأي، وهو أيضا ليس حسّيا بل قرار ناتج عن تدارس للموضوع عقليا.
ومن أبلغ ما جاء باستعمالات الرؤية أيضا قوله تعالى: “وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ” [الأعراف:198]، فجاءت (تراهم) بمعنى تجدهم، و(ينظرون) بمعنى يوجهون عيونهم، و(لا يبصرون) بمعنى لا يدركون ما يرونه، وبذلك نفهم مدلولات الألفاظ الثلاثة: الرؤية والنظر والبصر.