أزمة معيشة كانت تعصف بسكان حلب دون ضجيج
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
حلب– لم تكن تخرج النار من تحت الرماد لو لا أن تخلصت حلب من سيطرة النظام السوري وكشف الستار عما كان يعاني الشعب من أزمات اقتصادية تعصف به، وحلب هي المدينة الصناعية والتجارية لسورية ولكن سكانها الآن عاجزون عن تأمين الغاز أو المحروقات للتدفئة ولا حتى الكهرباء والخبز.
يأتي ذلك في ظل تمدد قوات فصائل المعارضة السورية ضمن عملية "ردع العدوان" من إدلب إلى حلب ثم سيطرتها اليوم على حماة واستعدادها للتوجه نحو حمص.
لينا القاضي قالت للجزيرة نت وهي مدرسة متقاعدة إن ارتفاع الأسعار الكبير هو المشكلة الأكبر لدينا "فراتبي الشهري يبلغ 300 ألف ليرة (17 دولار) وسعر اشتراك الكهرباء بالشهر 450 ألف ليرة وسعر جرة الغاز 500 ألف ليرة بينما مخصص للعائلة حسب البطاقة الذكية 4 أسطوانات في السنة.
وأضافت "زوجي يعاني من مرض القلب والكلى، ونحن الأن في فصل الشتاء ولم يتم توزيع المازوت على البطاقة الذكية وليس لدينا قدرة على شراء التدفئة لذلك نعتمد على لف أنفسنا بـ "البطانية" والكهرباء النظامية تأتينا كل 25 ساعة لساعتين فقط".
بدوره عبدو الجمعة وهو أب لثلاثة أطفال قال للجزيرة نت إنه عامل يحصل أسبوعيا على 350 ألف ليرة سورية يدفع منها 200 ألف ثمن حليب ومصروف لطفله الرضيع والخبز على البطاقة الذكية يكفي ليومين فقط، ويضطر بعد ذلك لشراء ربطة الخبز بـ 6000 ليرة.
أحد الأسواق الشعبية في حلب حيث يتسوق الناس لحاجاتهم الضرورية (الجزيرة) اللحمة حلموأما عن اللحمة قال إنها حلم لي ولعائلتي ومحرومين منها، وسعر الدجاجة الواحدة 150 ألف، "لذلك أفضل شراء حليب لطفلي وأحرم نفسي وعائلتي من اللحم، وأما عن الغاز "لا تعرف زوجتي الطبخ عليه فهي تطبخ على النار التي نشعلها بالكراتين والحطب".
إعلانبدور العلي لم تكن أوفر حظ وهي التي تعمل مع أولادها الاثنين حتى تستطيع أن تؤمن احتياجات منزلها الأساسية وأدوية زوجها المقعد في المنزل لأن مدخولها الشهري لا يتجاوز الـ 800 ألف ليرة وتحتاج لضعف هذا المبلغ حتى تستطع أن توفر حاجاتها الأساسية حسبما قالت للجزيرة نت.
وأضافت أن حصة المازوت بالسنة هي 50 لتر وهذه ليست للتدفئة لأنها لا تكفي لمدة أسبوع لذلك تستعمل للطيخ في ظل حصولها على أربع أسطوانات في السنة وإذا أردت شرائها في السوق العادية فإن سعرها مضاعف ولا قدرة لها على ذلك، وللتدفئة تلجأ للبس السميك أو التلحف بالبطانيات.
سعر ربطة الخبر في حلب بلغت 6000 ليرة (الجزيرة)ناصر الجابر الذي يقطع مسافة يوميا بنحو 20 كم يوميا من أطراف مدينة حلب ليصل إلى السوق الشعبي تحت جسر الرازي ويبيع على بسطة خضار ويجني منها شهريا ما يقارب الـ 3 مليون ليرة ليكون أحسن حظا من غيره ولكن هذا المبلغ لا يكفيه إذا أراد شراء طبخة لعائلته بعدما استهلك الكثير من دخله في إيجار التنقل بين قريته والمدنية بحسب ما صرح للجزيرة نت.
وأما عن اللحمة فقال إنه لا يعلم سعرها لأنه منذ عام لم يشتريها لعدم قدرته على ذلك، أما الدجاج فسعر الواحدة يربو على 150 ألف ليرة (نحو 10 دولارات) وهو مبلغ طائل "فأفضل شراء القرنبيط والبطاطا والبندورة وغيرها".
لقمة العيش
محمد سالك عائلته كبيرة ولا يكفيه الخبز الذي يحصل عليه عن طريق البطاقة الذكية وهو ربطتين من الخبز في الأسبوع وهو بحاجة لربطتين يوميا لذلك يضطر لشراء الخبز بسعر السوق بمبلغ يصل حتى 8000 ليرة للربطة الواحدة في ظل مدخول لا يتجاوز الـ 500 ألف ليرة شهريا.
وأشار أن معظم السكان في مدينة حلب الذي يبلغ تعدادهم ما يقارب 2.5 مليون نسمة يعيش أكثر من 80%منهم تحت خط الفقر في ظل عدم وجود فرص العمل وتوقف كثير من المعامل والصناعة بعد التضيق على التجار من قبل المخابرات والذي لا يرضى الدفع يتم اعتقاله بتهم مختلفة حتى يدفع ويخرج.
إعلانونوه إلى أن الشعب أصبح منشغل في تأمين لقمة العيش لأطفاله وتأمين المستلزمات الضرورية من ماء وخبز وغاز وتدفئة وكهرباء والإنترنت ليأتي بعدها الطعام والشراب وكل شيء غالي الثمن فإذا أردت شراء خبز وزيت نباتي وبطاطا والقليل من الخضار تحتاج ما يقارب الـ 100 ألف ليرة بحسب ما قال للجزيرة نت.
يشار إلى أن الدولار يعادل نحو 25 ألف ليرة سورية في السوق الحرة، بينما التسعيرة التي يضعها النظام السوري حاليا فهي 18 ألف ليرة لكل دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البطاقة الذکیة للجزیرة نت ألف لیرة
إقرأ أيضاً:
خبراء للجزيرة نت: هذه أبرز تأثيرات التطورات بسوريا على الإقليم
شهدت سوريا خلال الأيام القليلة الماضية تطورات عسكرية وسياسية متسارعة، تنذر بتأثيرات كبيرة على دول الجوار والإقليم بشكل عام، وربما تحمل العديد من الفرص والتحديات، وتستدعي بحسب محللين إعادة النظر في التحالفات والعلاقات السياسية الإقليمية والدولية.
فما تأثير التغيير السوري على الدول المجاورة وتحديدا فلسطين ولبنان وتركيا، وما هذه المخاطر المحتملة، ولا سيما ما يتعلق بالأطماع الإسرائيلية وأوضاع اللاجئين السوريين؟
تحديات وفرصيقول الكاتب والصحفي الفلسطيني نهاد أبو غوش، إن الحدث السوري في جوهره إيجابي لأنه يعبر عن إرادة الشعب السوري في الحرية والكرامة، ويفتح الباب واسعا أمام بناء سوريا الجديدة وإنهاء عقود من القمع والتعسف والحرب الأهلية.
وأكد للجزيرة نت أن مسار الأمور يعتمد بشكل رئيسي على تعاطي قوى المعارضة، وهل لديها مشروع واضح ومتكامل لمستقبل سوريا؟ وهل تحافظ على وحدتها وصياغة عقد اجتماعي جديد يضمن لكل الفئات والمكونات السورية أن تعيش معا ضمن نظام يحفظ حقوق المواطنين؟
وأوضح أن ذلك يكون بصرف النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والمذهبية والعرقية، ويستعيد دور سوريا الوطنية في محيطها العربي والإقليمي.
أما عن التحديات والفرص بالنسبة لسوريا فيقول الكاتب والخبير بالشأن الإسرائيلي سليمان بشارات، إن أبرزها القدرة على إعادة بناء نظام سياسي متكامل متزن يشارك به الجميع وهذا سيكون أكبر وأصعب تحدٍّ وليس من السهل الوصول اليه، لأن هناك محاولات من قوى خارجية مثل إسرائيل وأميركا تعزز مبدأ الطائفية والعرقية، وفق رأيه.
بشارات: التحدي الأكبر أمام القضية الفلسطينية أنها ستكون وحيدة أمام مواجهة السياسات الإسرائيلية الأميركية (الجزيرة) القضية الفلسطينيةوبالنسبة للقضية الفلسطينية، يرى بشارات في تصريحات للجزيرة نت أنه لا يجب أن نقرأ الأحداث في سوريا بمعزل عما حصل في لبنان، من الاتفاق بين حزب الله وإسرائيل، وضعف حالة الحزب والتراجع الإيراني، وربما حتى الهيمنة الإسرائيلية والأميركية على المنطقة.
إعلانويعتقد الخبير بالشأن الإسرائيلي أن التحدي الأكبر أمام القضية الفلسطينية أنها ستكون وحيدة أمام مواجهة السياسات الإسرائيلية الأميركية، متوقعا أن تكون هناك رؤية ستتوافق فيها أراء الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مع مواقف الصهيونية الدينية في إسرائيل التي يمكن أن تفتح المجال أمام فرض العديد من السياسات الإسرائيلية سواء فيما يتعلق بضم الضفة الغربية وغيرها.
أما الشيء الإيجابي الذي يراه بشارات فهو أن هذه المحطة الصعبة تعمل على إعادة بلورة مفهوم القضية الفلسطينية "لأنها علمتنا ان كل مرحلة ضعف لا تمثل حالة انكسار، ثم تصاغ مرة أخرى للانطلاق".
الدور التركيعلى الجانب التركي، كانت للأحداث المتسارعة في سوريا رد فعل إيجابي من تركيا، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -أمس الثلاثاء- إن بلاده لا يمكن أن تسمح بتقسيم سوريا مجددا، وذلك بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأضاف أردوغان في كلمة بالعاصمة أنقرة، خلال الاجتماع الموسع لرؤساء فروع حزب العدالة والتنمية في الولايات التركية، أن أنقرة لن تسمح بتقسيم سوريا مرة أخرى، أو أن توافق على أن تصبح مجددا ساحة صراع. وشدد على أن "كل اعتداء على استقرار الإدارة السورية الجديدة وسلامة أراضي دولتها سيجدنا نحن وشعب سوريا في مواجهته".
بدوره، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحفي على هامش منتدى الدوحة في قطر "أصبحت سوريا بلدا حرا، وشعبها مليء بالأمل، لا يستطيع السوريون السير بمفردهم الآن، فهم ما زالوا بحاجة إلى الدعم، ويحتاجون للدعم من خلال القنوات الدولية، وتركيا ستقف إلى جانب سوريا لحماية سيادتها".
وعن هذا يقول بشارات إن تركيا ستكون الرابح الأكبر فيما يتعلق بورقة اللاجئين السوريين، وهي واحدة من الأوراق التي كانت تؤرق النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي في تركيا، لذلك ربما تجد تركيا في هذا التغيير المنفذ الأساسي لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم وبالتالي تتخلص من أكبر التحديات.
إعلانوأضاف بشارات أن تركيا تعتبر نفسها الحاضنة للقوى المسلحة التي أحدثت التغيير في سوريا، وأصبح هذا بالفعل حديث الشارع والإعلام التركي الذي اعتبره إنجازا كبيرا للدولة التركية، ما يرفع من أسهم وحظوظ أنقرة في قدرتها على بناء التحالفات الإقليمية والدولية وإنشاء تحالفات جديدة، وفق رأيه.
أطماع إسرائيليةمنذ الإعلان عن نجاح فصائل المعارضة السورية في إسقاط نظام الأسد سارع الجيش الإسرائيلي للتوغل البري في القنيطرة، واحتلال قمة جبل الشيخ السوري، والسيطرة على المنطقة العازلة عند خط وقف إطلاق النار بهضبة الجولان، تحت ذرائع أمنية ودفاعية.
ولا تقتصر الأطماع الإسرائيلية في الأراضي السورية على الجولان المحتل ولا المنطقة العازلة، بحسب الكاتب أبو غوش، بل تمتد لتشمل كل مساحة محافظة القنيطرة، وأجزاء واسعة من محافظتي درعا وريف دمشق.
ويرى أبو غوش أنه لم تكن صدفة أن تسارع إسرائيل إلى تدمير أسلحة الجيش السوري ومنشآته، وهي لا تخفي رغبتها في أن تتحول إلى اللاعب الرئيسي لرسم مستقبل سوريا وتحديده.
ويقول إنها بدأت ذلك من مدخل التعامل المنفرد مع المكونات الطائفية والعرقية وبخاصة الدروز والأكراد، إعمالا لمشروعها القديم الجديد وهو تفتيت الدولة الوطنية وتمزيق الشرق العربي إلى كيانات طائفية وعرقية متصارعة ليس في سوريا فقط، بل كذلك في لبنان والعراق لنصبح أمام كيانات درزية وعلوية وسنية، ومارونية، وكردية، وشيعية.
الشوبكي: التحركات العسكرية الإسرائيلية تخشى سيطرة الفصائل على مقدرات عسكرية تابعة للنظام السابق (الجزيرة)بدوره، يقول رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي، إن إسرائيل تدرك جيدا، أنّ هناك حالة من عدم اليقين بشأن سوريا المستقبلية، لذلك بدأت بالتحرك العسكري العاجل والإعلامي، لدفع سوريا الجديدة لاتخاذ موقف ما، يتيح لإسرائيل تثبيت واقع يخدم مصالحها في هذه المرحلة.
إعلانوأضاف للجزيرة نت أن التحركات العسكرية الإسرائيلية جزء منها أمني مرتبط بتخوفات السيطرة على مقدرات عسكرية تابعة للنظام السابق من قبل جهات جديدة.
النفوذ الأميركيلا يزال النفوذ الأميركي في المنطقة أحد أكبر التأثيرات على الوضع الإقليمي، رغم تغير شكله وطبيعته مع مرور الوقت، بحسب الباحث السياسي عماد أبو عواد، الذي قال إنه قبل 25-30 عاما، كان هذا النفوذ يعتمد بشكل كبير على السياسة الناعمة، من خلال العلاقات القوية مع العديد من الأنظمة في المنطقة.
وأضاف للجزيرة نت أن وصول ترامب للسلطة، استبدلت هذه السياسة لتصبح أكثر تهديدية باستخدام سياسة "العصا" حيث ركزت أميركا على حماية الأنظمة مقابل الولاء. إلا أن الهيمنة والسيطرة التي كانت تتمتع بها تراجعت -برأيه- لصالح لاعبين دوليين آخرين مثل روسيا والصين، التي أصبحت تقدم نفسها كبدائل في بناء العلاقات.
ودلل أبو عواد على وجهة نظره ببدء ظهور مشاريع إقليمية جديدة مثل المشروع التركي والإيراني، ومبادرات شرق آسيا، التي تمثل تحديا جديدا للنفوذ الأميركي في المنطقة. كما أن التوجه الأميركي نحو تخفيف وجودها العسكري في بعض المناطق انعكس على نفوذها بشكل ملحوظ.