خطيب الأزهر: ما تجنيه مجتمعات اليوم من فوضى أخلاقية نتيجة أصدقاء السوء
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر الشريف والتي دار موضوعها حول "المنهج القرآني في بناء الإنسان".
وقال الدكتور هاني عودة، في هذه الأيام التي اضطربت فيها سلوكيات المجتمعات، تتجلي أهمية التمسك بالمنهج القرآني في بناء الإنسان، الذي رسمه ووضعه الحق سبحانه وتعالى، في كتابه العزيز، من أجل بناء إنسان ملتزم بواجبه الروحي تجاه ربه، وجانبه السلوكي تجاه مجتمعه، لذا فإن المنهج الإسلامي الذي جاء في القرآن الضمانة الحقيقية لبناء الإنسان، كما أن كثيرًا من المجتمعات التي تقدمت وتحضرت كان ذلك بفضل اقتباسها من هذا المنهج الذي ضمن الله به سبحانه وتعالى الأمان النفسي والمجتمعي للجميع، لأنه منهج متكامل يهدف إلى صلاح الإنسانية وصلاح الإنسانية لا يكون إلا في شمولية وعمومية المنهج.
وأوضح مدير الجامع الأزهر، أن المتأمل للآيات القرآنية في سورة الفرقان، يتحقق لديه معنى التكامل في بناء الإنسان من خلال الجمع بين ثلاثة جوانب، الأول: العقدي وهو علاقة الإنسان بربه وارتباطه الوثيق به، والجانب الثاني: من خلال استعراض آيات الله في الكون، الدالة على عظمة الخالق، والجانب الثالث: وهو الغاية التي يجنيها الإنسان من خلال تمسكه بهذا المنهج الرباني المحقق لسعادة الإنسان في الدنيا وفلاحة في الآخرة، لذلك جاء القرآن الكريم مخبرًا عنهم بالوصف القرآني "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا".
وبين خطيب الجامع الأزهر، إن ما يثار من آراء وأفكار تدعو إلى التحرر من العقيدة والسير خلف الهوى، ما هي إلا دعوات خبيثة تهدف إلى هدم المجتمعات، ولا يتحقق هذا الغرض إلا بتفكك ارتباط الإنسان بمنهجه وعقيدته وتبني الرغبات الفردية، لأن العقيدة هي الضمانة لسلوك منضبط بين الإنسان وبيئته، لهذا فإن المجتمعات التي فسدت، كان فسادها ناتج عن فك ارتباط الإنسان بعقيدته، لذا فإن أولى خطوات هدم الإنسان هى الدعوة إلى فك قيود العلاقة الوثيقة بين الإنسان وخالقه، ساعتها فقط يستطيع تجار الفوضى أن يجنوا ثمار فتنهم التي ألقوا بها في ساحات المجتمعات.
وحذر خطيب الجامع الأزهر من غياب القدوة في نفوس أبنائنا لأن ارتباط شبابنا بهذه النماذج يعد حافزًا قويًا لهم على العمل والرقي بمجتمعاتهم، أما غياب القدوة والمثل فهو بمثابة بداية لضعف الأمل في نفوسهم، ويكون عرضة لأن تجتذبهم الأوهام في غيابات الضلالات التي هي أشد ما نخشاه على شبابنا، ولا تبنى المجتمعات إلا على أكتاف شباب تمتلئ نفوسهم بالأمل والحماس، وعلى كل الأسر أن تعمل جاهدة أن تغرس في نفوس أبنائها النماذج المضيئة من تاريخنا الإسلامي، الزاخر بالنماذج المشرفة في شتى المجالات ومختلف الميادين، وعلى شبابنا أن يتخيروا رفقاءهم، ليكونوا عونًا لهم على العمل والطاعة، فالصحبة الصالحة كنز ثمين علينا أن نبحث عنه، أما رفقاء السوء فهم يؤثرون سلبا على أخلاق وسلوك الإنسان، وكثير من الأفكار الضالة التي وقع فيها شبابنا كانت نتيجة لرفقاء السوء، وما تجنيه كثير من المجتمعات اليوم من عواقب هذه السلوكيات المنحرفة والفوضى الأخلاقية بسبب أصدقاء السوء الذي يتخذهم أعداء مجتمعاتنا ستارًا لبث قنابلهم الفكرية في مجتمعاتنا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلاة الجمعة خطبة الجمعة اليوم الجامع الأزهر أصدقاء السوء الأفكار الضالة المزيد المزيد الجامع الأزهر بناء الإنسان
إقرأ أيضاً:
اليوم.. الليلة الكبيرة لمحبي سيدي صالح الجعفري
يحتفل محبي سيدي صالح الجعفري رضي الله عنه، بالليلة الختامية اليوم الخميس الموافق 9/1/2025، فهو القطب صالح الجعفرى اسمه: صالح بن محمد بن صالح بن محمد بن رفاعي الذي تمتد سلسلة نسبه الشريف لتتصل بسيدنا جعفر الصادق بن سيدنا محمد الباقر بن سيدنا علي زين العابدين بن مولانا الإمام الحسين- رضي الله تعالى عنه وأرضاه- بن الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه، فالجدة الكبرى لمولانا الإمام الجعفري هي السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا ومولانا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم.
توافد المئات على مسجد السيدة نفيسة للاحتفال بمولدها .. صور من حي السيدة زينب إلى الشاشة.. كيف صار كمال الشناوي نجما؟ولد الشيخ صالح الجعفرى رضى الله تعالى عنه- ببلدة "دنقلا" من السودان الشقيق فى الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة 1328 هـ، وبها حفظ القرآن الكريم وأتقنه فى مسجدها العتيق.
رحلته والسفر إلى الأزهر الشريفالإمام الراحل الجعفري قال في وقت سابق: «وقبل مجيئي إلى الأزهر جاء أحد أهل البلد بأول جزء من شرح النووي على صحيح مسلم، فاستعرته منه، وصرت أذاكر فيه، فرأيت سيدي عبد العالي الإدريسي- رضي الله عنه- جالسًا على كرسي، وبجواره زاد للسفر وسمعت من يقول: إن السيد يريد السفر إلى مصر إلى الأزهر، فجئت وسلمت عليه وقبّلت يده، فقال لي مع حدَّة: «العلم يؤخذ من صدور الرجال لا من الكتب» وكررها فاستيقظت من منامي وقد ألهمني ربي السفر إلى الأزهر... »
وقد فهم الإمام الجعفري مغزى الإشارة التي وجهه فيها سيدي عبد العالي إلى السفر إلى الأزهر الشريف لتلقي العلم عن العلماء في مجالسهم، وكان توجهه إلى الأزهر لما فيه من العلوم والمعارف التي يعزُّ وجودها في مكان غيره، فهو جامع العلوم، وقد قص الشيخ في أحد كتبه أنه «رأى السيد أحمد بن إدريس وهو يقول له: الله معك اقرأ فقه المذاهب الأربعة» يقول الإمام الجعفري: فلما أصبحت قصصت الرؤيا على شيخ لي، فقال: إن صحت رؤيتك فتأويلها أنك ستذهب إلى الجامع الأزهر (حيث يدرس الفقه على المذاهب الأربعة) وقد حقق الله تلك الرؤيا.
رحلة الشيخ الأولى إلى الأزهر الشريفلقد صحَّ العزم مِن الشيخ صالـح الجعفري- رضي الله عنه- على أن يُجاهد في سبيلِ العلمِ ، فشمَّر عن ساعدِ الجدِّ، وبدأ رحلته إلى مصر- بلد الأزهر الشريف- وقد كانت رحلة شاقة، وذلك لطول المسافة ووُعورة الطريق بين مصر والسودان آنذاك، وقد أشار شيخنا الإمام الجعفـريُّ- رضى الله عنه- إلى هذه الرحلة الطويلة في قصيدته التي مدح فيها آل البيت- رضي الله عنهم أجمعين- وأسماها "البُـردَة الحَسَنِيَّـةُ الحُسَيْنِيَّـة" في مدح آل خير البرية فقال:
سَـرَيْتُ مِنْ بَـلَـدٍ أَسـعَى إلى بَـلَـدٍ
حتَّى أَتيتُ إلَيهِمْ في دِيَـارِهِمِ
وبِتُّ في جَبَـلٍ مِنْ بَعـدِهِ جَبَـلٌ
أرجو الإلـهَ شُهُودًا في جمالهم
وهكذا كانت رحلة الإمام الجعفري إلى مصر، وكان عمره آنذاك عشرين عامًا تقريبًا، وكان قد أنجب ولدًا هو سيدي عبد الغني، وبنتًا هي السيدة «فتحية»، ولما وصل إلى مصر التحق بالأزهر الشريف ولازمه ملازمةً تامةً، فَمِنْ أجلِ طلبِ العلمِ هاجرَ مِن بلده وموطنه وترك أهله وولده، فلم يكن ليضيع لحظة بغير استفادة علم أو معرفة من علماء الأزهر الأعلام في ذلك الوقت.
وقد وصف الإمام الجعفري بنفسه صورة ليومٍ من أيامِ حياتِهِ في الأزهر فقال: «كان الشيخ يوسف الدجوي- رحمه الله- يقرأ الدرس في الأزهر من بعد صلاة الفجر إلى الساعة السابعة والنصف، وكنا نحضر عليه، وبعد انتهاء الدرس نخرج من الأزهر ونذهب إلى مسجد سيدنا الإمام الحسين، فنجد الشيخ محمد السمالوطي جالسًا يدرّس فنجلس عنده حتى الثامنة، وبعد انتهاء درسه نعود مرة أخرى إلى الأزهر حيث تبدأ دروس الفقه، وفي فترة الأجازة كنا نحضر دائمًا عند الشيخ السمالوطي في مسجد الإمام الحسين.
بداية عمله في الأزهرولم يقتصر الإمام الجعفري- رضي الله عنه- على واجبات وظيفته، بل قام بالتدريس والوعظ في جنبات الأزهر، وجذب إليه القلوب بما أفاض الله- تعالى- عليه من العلم النافع، والموعظة المخلصة الصادقة فأقبل عليه طلاب العلم من داخل الأزهر وخارجه،إلى أن جاءت مناسبة أظهرت جدارة الشيخ العلمية، واستحقاقه لهذه المكانة العظيمة..
كان ذلك عند وفاة شيخه العلاّمة الشيخ يوسف الدجوي سنة 1365هـ، وقد اجتمع أبناء الأزهر وكبار العلماء لتوديع عالمهم الجليل، فاحتشدوا في موكب مهيب، ولكن تعالوا بنا نستمع إلى ما حدث من أحد شهود العيان، وهو عالم من كبار علماء البيان، وعَلم يُشارُ إليه بالبنان، ذلكم الدكتور محمد رجب البيومي -رحمه الله - أستاذ الأدب والبلاغة بجامعة الأزهر يقول: «ومن مواقفه التي بلغ التأثير فيها روعته الخالبة موقفه في رثاء أستاذه الكبير الشيخ يوسف الدجوي- رضي الله عنه- فقد كنا طلابًا في كلية اللغة العربية، ونادى الناعي منذرًا بوفاة الشيخ الكبير، ومحددًا ميعاد الجنازة، فسارعتُ إلى توديعه، وكان المشهد مؤثرًا، تتقدمه جماعة كبار العلماء برئاسة أستاذهم الأكبر مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر الشريف، وحين بلغ الموكب نهايته عند القبر انتفض الشيخ صالح خطيبًا، يرثي أستاذه، فبدأ مرثيته مستشهدًا بقول رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم أفاض في إيضاح منزلة العالِم الفقيد، وأشاد ببعض مواقفه الجريئة أمام المبتدعة والملاحدة، وما أن انتهى الخطيب من مرثاته، حتى سأله عنه الأستاذ الأكبر معجبًا، ثم بادر بتعيينه مدرسًا في الجامع الأزهر. وارتقى الشيخ صالح الجعفري - رضى الله عنه - منبر الجامع الأزهر الشريف خطيبًا، إلى جانب عمله كمدرسٍ للعلم بالأزهر.